الثلاثاء، 3 نوفمبر 2015

مجلة السنونو ( العدد الثالث ) - قصص قصيرة - الغجرية.رائحة كريهة.تقشّف - سوزان ابراهيم

مجلة السنونو ( العدد الثالث ) - قصص قصيرة
الغجرية.رائحة كريهة.تقشّف - سوزان ابراهيم
الغجرية
          غجرية تعشق الفضاءات المفتوحة، والشموس التي لا تغرب. ترقص، تدقّ الأرض بقدميها فتوقظ كلَّ حبة تراب، وكلَّ قطرة ماء غافية لتثير قوة الخصب فيها. غجرية لا تحمل جواز سفر ولا تأشيرة دخول. تهوى الأقوياء وابتسامات الصغار.
          حين نزلت في مملكته فتنت الناس وجذبت عقولهم، فأقسم الملك الميمون أن ينفيها خارج الحدود، لكنّ واحداً من مستشاريه المخلصين حذّره قائلاً:
          ـ قد تنقلب الرعية علينا أو يثورون مطالبين بعودتها. ثمّ تابع بكثير من المكر:
          ـ دعها يا سيدي، فلترقص.. فلتغنِ.. قالوا إنّها تحب الأقوياء!! حسنٌ.. أمهلني بعض الوقت وسترحل من تلقاء نفسها!!.
*    *    *

رائحة كريهة

           على عرشه العاجي محاطاً بالطنافس والرياش، جلس الملك الوقور. جنبات القصر عامرة بالنفائس وغرائب البلدان وعجائبها. رياحين وأزهار وأشجار أكاسيا تسوّر التحفة المعمارية. كان يجوب القاعة الملكية حائراً آمراً بفتح الأبواب والنوافذ. جلس على الأريكة المذهبة يفكر، والجواري الحسان حوله، لكنّه ما زال يشمّ رائحة كريهة في القصر. توالت عمليات التنظيف والتلميع ورشّ العطور وإزالة كل ما يثير الشبهة، لكن دون جدوى. حين نفذ صبر الملك، دعا مجلسه للانعقاد والتشاور. كلٌّ أدلى بدلوه محاولاً التبرير أو التكهن بمصدر الرائحة. أثار صمت الحكيم حفيظة الملك فأمره بالكلام. رفع الحكيم سبابته بهدوءٍ مشيراً إلى رداء الملك:
          ـ إنّها البطانة يا مولاي.
*    *    *

تقشّـف

             فجأةً توقف عن قراءة المطالب والشكاوى، والغضب يستبد بكل قسماته، ثمَّ قرر مخاطبة الجماهير في ساحة المقاطعة الرئيسية.
          في اليوم الموعود احتشد الناس على جانبي الطريق المفروش بالسجاد الأحمر الفاخر. حين مرّ موكب الحاكم تعالت الهتافات وزغردات النساء اللواتي رحن ينثرن الأرز والزهور وماء الورد بينما انهمك الرجال في نحر الخراف.
          اعتلى حاكم المقاطعة المنبر شاكراً للناس محبتهم وترحيبهم الحار ثمَّ قال:
          أيها الناس الطيبون، لقد أثارتني مطالبكم وهزّت أعماقي، لكن الجميع يعلم ما تعانيه المقاطعة من أزمات، فجراد الجفاف من أمامكم ومؤامرات المقاطعات الأخرى من ورائكم وما من مهرب أمامنا سوى شدّ الأحزمة والعمل على زيادة الإنتاج وضغط النفقات ونبذ الهدر.
          بعد فترة قصيرة غصّت الشوارع المحيطة بقصر الحاكم بالناس وهم يحملون أكاليل الورود و اللافتات البراقة، يطلقون الحمائم البيضاء والبالونات الملونة في السماء احتفالاً بعيد ميلاد الحاكم، لكنّهم لم ينسوا شدّ الأحزمة على بطونهم.
     
WEBMASTER : AA-ALSAAD
This Web Site Programmed and Written By ABD ALMASSIH JAMIL ALSAAD ..... Copyright 2003 (C) SCOPNET  All Rights Reserved 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق