السبت، 12 مارس 2016

مجلة السنونو ( العدد الحادي عشر ) - قصة قصيرة كلهن أخواتك ( بقلم : عبد المعين الملوحي )

مجلة السنونو ( العدد الحادي عشر ) - قصة قصيرة 
كلهن أخواتك ( بقلم : عبد المعين الملوحي )

كلهن أخواتك
بقلم: عبد المعين الملوحي
 
كالعادة، افتتحت العيد، كما افتتحته الملايين، بزيارة المقابر، بدأت بمقبرة جورة الشياح، على طريق حماة، ومضيت إلى مقبرة باب تدمر، وانتقلت إلى مقبرة باب الدريب، ومن هناك سرت إلى مقبرة باب التركمان. في كل مقبرة إنسان هو جزء من قلبي، أو إنسان أنا جزء من قلبه..
وكنت أسرع في انتقالي من مقبرة إلى مقبرة، فليس حسناً أن تؤجل زيارة واحد من الموتى حتى تملأ الشمس الدنيا، وإلا كانت زيارتك رفعاً لعتاب، والموتى مثل الأحياء تماماً لا يحبون أن تزورهم في أوقات لا تليق بمقاماتهم..
ثم أتهم ينتظرونك، وقد اخذوا للعيد أحسن ثيابهم، وأجمل زينتهم، حتى الدود، - وهو قليل كما تعلمون - كف قليلاً عن أكل ما بقي منهم، وقد رآهم يلبسون ويتزينون ويحتفلون.
وفي باب الدريب شهدت حادثة عجيبة: في هذه الأرض العربية، في أرضنا، يعيش ناس كثيرون ذوو قلوب كبيرة، قلوب إنسانية تسع الكون كله، وتملأ الدنيا كلها، كان يكفي أن أقص عليكم الحادثة دون تعليق، ولكنا - ويا للأسف - قليلو الثقة بذكاء بعض الناس، ولعل لعشرتنا الطويلة لبعض أصناف من هؤلاء الناس أثراً في عدم ثقتنا بذكائهم.
جاء رجل يلبس ثوباً ويضع عقالاً، يهرع إلى المقبرة ويهرول وراءه طفل في الحادية عشرة من عمره، أما الرجل فكان بين الأربعين والخامسة والأربعين، وكان يمسك بين يديه حزمة كبيرة من الآس، ووقف عند مجموعة كبيرة من القبور الصغيرة، قبور الأطفال، لكأن حفار القبور أراد أن يجعل للأطفال الموتى حديقة خاصة، فجمعهم في مكان واحد، عشرين قبراً او ثلاثين لثلاثين طفلاًُ..
وما زال الطفل يركض وراء أبيه حتى بلغه وهو يلهث وقال له: أبي أين قبر أختي؟
وجعل يغرس فوق كل قبر من القبور الصغيرة غصناً من أغصان الآس، وأعاد الطفل السؤال:
أبي! وأعاد الطفل السؤال:
أبي! أين قبر أختي؟
وتلفت الرجل يبحث عن قبر معين فلم يجده.
وقال الوالد وهو ما يزال يغرس الآس فوق القبور، ويتلفت فلا يجد القبر الذي يريد:
- لا أعرف... كلهن أخواتك.
وأعطاه حزمة من الأغصان وقال له: اشكل.
وجعلا يغرسان الأغصان فوق القبور حتى لم يبقَ هنالك قبر دون غصن آس.
تلك هي إنسانية رجل من أبناء شعبنا.. ذلك هو قلبه الكبير، ألم يقل مرة اخ شاعر في رثاء أخيه مالك:
لقد لامني عند القبور على البكا
صديقي لتذراف الدموع السوافك
فقال: أتبكي كل قبر رأيته
لقبر ثوى بين اللوى فالدكادك؟
فقلت له: إن الشجا يبعث الشجا
فدعني فهذا كله قبر مالك
نعم إن القبور كلها قبور إخواننا، أخواتنا، قبور أهلنا..
ومن اجل ذلك زرنا وسيزور من بعدنا كل ما في بلدنا من مقابر، من أجل ذلك وضعنا وسيضع من بعدنا أغصان الآس على كل ما في بلدنا من قبور.
طوبى للموتى في هذا البلد الطيب.

 
 
 
WEBMASTER : AA-ALSAAD
This Web Site Programmed and Written By ABD ALMASSIH JAMIL ALSAAD ..... Copyright 2003 (C) SCOPNET  All Rights Reserved 

مجلة السنونو ( العدد الحادي عشر ) - خاطرة أمي سنديانتي ( بقلم : ماري خاشوق )

مجلة السنونو ( العدد الحادي عشر ) - خاطرة  
أمي سنديانتي ( بقلم : ماري خاشوق )

أمي سنديانتي
بقلم: ماري خاشوق
*  السنديان.. شجر كبير.. أغصانه متفرعة هنا وهناك... وجذوره متغلغلة منتشرة في جوف الأرض... متمسكة بكل قوة بالتراب...
*  السنديان... عظيم من عظمة الله... مقدس مبارك صامد لا يعرف الخوف ويهزأ بكل العواصف العاتية والرياح الهوجاء.. ما دامت قممه الشامخة تلامس صدر السماء وتسمع وشوشة الملائكة...
*  السنديان.. جبار حنون.. عنيد رحوم.. ولصفاته الكثيرة هذه صار السنديان رمزاً للأب في الأسرة...
*     *     *     *     *
وأنا؟!... " أمي هي سنديانتي..."
- عرفتها شابةً صغيرة... حكم عليها الزمن أن تكون لي أماً وأباً.
 أماً حنونة تغمرني ببحر حبها وحنانها وتخاف عليّ من النسيم العليل وتنفّذ لي كلّ طلباتي حتى قبل أن أطلبها. وفي نفس الوقت يتراءى لي وجهها الآخر – وجه الأب الشرقي – يملي علي لائحة الممنوعات ويرسم لي كل خطوةٍ سأخطوها ويحيطني بسياج من الرعاية والعناية. ولسان حالها دائماً يقول لي:
" لا تتركي ألسنة الناس تلتهمني... ولا تجعليني لقمةً سائغة في أفواههم"
- عيناها المتقلبتان حكتا لي أشياء وأشياء.. عن رحلة عمرها.. عذابها.. كل ما فيها تكلم.. أما فمها فلا... كذلك كنت أشعر بدموعها تتسرب من مسام جلدها بصمت وهدوء أما عيناها فلا..
*     *     *     *     *
*  أمي هذه... بستانية ماهرة... زرعت في نفسي الأخلاق الحميدة الفاضلة.. أرضعتني حب العلم مع حليبها ولبنها.. ورحنا نتقاسم الدرب معاً خطوةً خطوة...
-           تسهر معي وتدرس.. تنجح وترسب... نصعد معاً إلى قمم الجبال العالية ثم نهوي إلى الثمالة... ثم يومض الأمل طفلاً ويشع نور النجاح... وفجأة تنتصب سنديانتي شامخةً إلى جانبي لنتابع رحلة الحياة من جديد...
-                     كانت تحوّل قوتي ضعفاً... وفشلي نجاحاً.. تنتشلني من أمواج الحياة العاتية... وتكون لي رباناً ماهراً لنصل معاً على مرفأ الأمان والنجاة...
-           مرت الأيام وكبرنا معاً... ومن صمودها تعلمت التحدي.. وأنّ خير ما نغسل به فشلنا ونداوي به جراحنا ونخرس شوقنا إلى ما كنا نحب أن نكون ويكون: " هو العلم".
-                     من حنانه تعلمت العطاء دون مقابل وان خير ما نعطيه من حياتنا وأيامنا دون خوف من نكران الجميل: " هو العلم".
-                     لذلك أنا ماضية في رحلة العلم هذا وبسرعة – وإن كانت سنواتها طويلة وكثيرة – سأمضي وأنا أعاهدك:
* أن أكون النور والضوء الذي سيبدد الظلمة ويزيل العتمة من زوايا حياتك وأجعلها مضاءة مشرقة.
* أن أكون سنديانة صغيرة صمودها من حبك... وعزتها من كبريائك.. وشموخها من تواضعك...
رحلتنا لا زالت مستمرة... وزورقنا تتلاطمه الأمواج... لكن من كان الله معه وفي قلبه لن يعرف الخوف ولا اليأس....
*     *     *     *     *
سنوات على طولها ستمر... كوني واثقة مطمئنة.. سنصل ونلتقي في الميناء.. عندها سألوّح لك بقلبي قبل يدي صارخة فرحة باكية سعيدة:
" أماه! لقد تحقق حلمنا.. ونجحت وأصبحت.. كما تريدين ورفعت اسمك عالياً..
وأضم السنديانة بكل قوة وحنان.. وماذا يهمني من الدنيا كلها؟ ما دامت السنديانة (أمي) معي وأنا بين أحضانها.

 
 

 
WEBMASTER : AA-ALSAAD
This Web Site Programmed and Written By ABD ALMASSIH JAMIL ALSAAD ..... Copyright 2003 (C) SCOPNET  All Rights Reserved 

مجلة السنونو ( العدد الحادي عشر ) - خاطرة رسالة إلى أمي ( بقلم : سميرة رباحية طرابلسي )

مجلة السنونو ( العدد الحادي عشر ) - خاطرة  
رسالة إلى أمي ( بقلم : سميرة رباحية طرابلسي )

رسالة إلى أمي
بقلم: سميرة رباحية طرابلسي
 
في زمن لا كالزمن نشعر بأننا تائهون وحيدون، يعصر الألم اجسادنا بلا مسوغ وتلهوبنا الغربة كالدمى تتجسد فينا وعبره خواطر كالجمر، تتناثر ضمن أوراقنا المبعثرة.. فنروح ننادي لا كالنداء.. ننادي دون أن ينزف أي جرح في قلبنا ونطير إلى أقرب حب يسكن فينا.
أهتف إليك يا أمي لأخبرك عن تلك الوحدة التي تنتابني في عالمي الفسيح، ثمة أحد يشاطرني إياها، تلك الوحدة تجعلني أرتب أوقاتي لأتجاوز الدقائق والساعات وأولد من جديد معك في مد واسترسال وطاقة حنين لسنين جافة طويلة عجفاء وأنت تتجولين في يوم أصيل اشتدّ قيظه بأرضنا الغالية حيث يتوسد البطش فيها، في الجولان الحبيب وفي عهدتك الصرّة الغالية ومحتوياتها المتجذرة في أرض من تراث يمتد آلاف السنين.
ألا ليتني ألمسها من بعيد لأتبرك بالقليل من عظام أخي الشهيد وأنت تفتشين بصبر وتأن لعل الأيام تسعفك وتترفق بك السماء بعد جفاف طال أمده، وشتاء اكتنز أسى وبؤساً فتهتدي إلى مقبرة العائلة.
هنا من عزلتي أسافر في ذاكرتي الظمأى لرائحة الخبز الذي تقاسمناه معاً، ولصدى الحكايا التي تفترش زوايا جسدي وفي غمار دويها الذي لم يحجب عني ألم الهرب عن مضارب بيتي وعشيرتي صحوت على خبايا نفسك المنهكة القائلة: بأن الوطن كحبة القلب في بدنك وكنبض الشريان التاجي.
وها أنت أنت ذا... وأنت تحملين عبق التراب في الوطن المهشم وتوحد المكان الذي يوشوش بأسراره في قلبك المعذب تتماهين معه بأمطاره وشمسه بشموخه وأطلاله الحزينة دون وداع، تتماهين مع صرتك مؤاخية بين ذاتك والعالم لعل الأيام تجعلنا نحن المبعدين نتفق وننبذ خلافاتنا ونمشي صفاً واحداً في أرضنا الغالية التي تتسع للجميع.
أراك من بعيد تطلبين بلسماً لجراحك المكلومة لتحفري بيديك حفرة تريدين لعظام أخي جمعاً ولماً ليصبح وهو الشهيد ابناً للطبيعة وجزءاً منها ولتستقر صرتك بصمت وحيدة فيراك الخالق دون ادعاءات مع وشوشات أوراق الشجر الجرداء، ورائحة النعناع اليابس، وأشجار السرو الهرمة المكلومة، وخفق أجنحة الطيور التي تحط في تحفز محيية مصفقة بأجنحتها فرحة بعودة أهل الجولان وهم يجتمعون ليوم واحد في السنة لرؤية أولادهم وأحبابهم من وراء الجدار الشائك، يحيون التل العالي الذي اتصلت مئذنته ببوابة السماء، ويعاينون الكنيسة التي تعمّد فيها أخي الشهيد، حيث صارت أرضاً قفراء، وينادون ألوان رغائبهم التي يغزلها الشوق لرؤية أهلهم وخلانهم مطوقين من بعيد خاصرة الدقائق الجياشة بالحب والقهر معاً.
أتمنى لو جسدي ريشة والمدى طائر يجدد ألوانه على جراحي الغضة فيكسبها بلسماً يلقي بضوئه على نشوة المتعة التي نستمدها من أرض الجولان من لألاء سواقيه، وخضرة بساتينه وقلوبنا تهفو لسماع أصوات تكبيره ودقات أجراسه، نشرب من مفاتن كرومه ونستحم عبر وديانه الخصبة كعروس تتهيأ لليلة زفافها يزفونها بقصائد وروايات لا تني تصف إلا البندقية وبطولات أجيال المقاومة، شعارها ابتسامة التحدي الذي ينصهر تحت جنح الليل يلمع لمعاناً فضياً يروج لاستمرارية الحياة كالفينيق الطائر باعث الرجاء حيث ستنبعث عظام أخي الشهيد مع ارتال الشهداء المبعثرة على هضاب جبل الشيخ وبطاح الجولان ومجدل شمس تعلن عن بطولات كبيرة في ساحة الحرية والشرف.
أراك في تجوالك ثانية وثالثة تعانقين الأرض وصوتك يحتضن الزهر والشجر من وراء الأسلاك الشائكة ويقتنص الخيال بخلجاته مرددة: لم يمت بعد قيثار ابني وأخي وتتكئين في هذه اللحظات الهاربة من العمر لتفتشي عن مستقر لعظام الشهداء، وكأن باندورا تطلق عليك من صندوقها كرات فضية وذهبية من الأمل الكامن في النفس والمتجذر في الإنسان، تهيب بنا بدعوة مفتوحة لإعادة الحسابات وضم الأيدي فنقوى على استرجاع ذواتنا لنفتش عن معاني حضارتنا ونؤمن بأن أي باحث تاريخي أو مدع لا يستطيع أن يمحو شعبنا من ارتباطه التاريخي بأرضه وجبالها وسهولها وأن أي ادعاء خاطئ أو أي خطاب يردنا من الخارج لا يؤثر في الأجيال القادمة بل يشدد على نمط هويتهم العربية ويدحض التأويلات الغربية التي تنتهك كرامة الإنسان العربي ويظهر الحق جلياً بعودة الجولان فأكون وإياك إلى بيت طفولتي تلاحقني أنفاس دروبها وترقص أمواج مياهها امام ناظري، فتدور الحكايات من جديد في الحي وأشم رائحة مفتاح أبوابها بكفوف الصبايا وقبضات الشباب لنتكئ في لحظات يمتزج فيه فضاء المكان وفضاء الزمان لنكون معاً نشرب القهوة ونمشي على حفيف أوراق الأشجار اليانعة المثمرة عندها نتحرك الأماكن في الذاكرة العامة لأبعاد لا يحدها حدود ولا تدخل في نطاق الزمن، وينضج الحب فينا فتصبح العلائق أكثر صدقاً وتتحول إلى لوحات شعرية ترفدنا بالنقاء والتضامن، فتنطفئ أفواه الشائعات التي تثير الزوابع والتحدي، وينكشف الغطاء عن عالمنا الطامح للاستقرار لنكون نحن، وانت، وهو، وهي، أبناء وطن واحد، وأبجدية واحدة، شروق شمس لا تأفل ولا تغيب.
 
 
كم بومة لا تعرف من الأغاني غير ما شابه نعيبها، أنا وأنت نعرف مشعوذي الكلام الذين لا يحترمون إلا من كان أكثر شعوذة منهم، هؤلاء الذين يحملون رؤوسهم في سلال إلى السوق ويبيعونها بأول ثمن يعرض عليهم.
نحن نعرف الأقزام المتحاملين على من تلمس رؤوسهم السماء ونعرف ما يقول العوسج عن السنديانة والأرزة.
جبران خليل جبران

 
 
 
WEBMASTER : AA-ALSAAD
This Web Site Programmed and Written By ABD ALMASSIH JAMIL ALSAAD ..... Copyright 2003 (C) SCOPNET  All Rights Reserved 

مجلة السنونو ( العدد الحادي عشر ) - خاطرة الانتباه إلى الفجوة ( بقلم : سوسن جمال الدين )

مجلة السنونو ( العدد الحادي عشر ) - خاطرة  
الانتباه إلى الفجوة ( بقلم : سوسن جمال الدين ) Ara / Eng

الانتباه  إلى الفجوة
بقلم: سوسن جمال الدين
     
في مقالته (جيل الكاسيت) التي نشرت في مجلة (فور ورد ) قال الدكتور سامي مبيّض بأن تباين الأجيال الذي كنّا نعيشه مع آبائنا قد انتقل إلى حياتنا الحاليّة . في ظلّ الحركة السريعة والغير معقولة التي نعيشها اليوم , اعتقد أنّ لدينا مشكلة حقيقية مع أبنائنا ما لم ننتبه إلى الفجوة التي بيننا وبينهم . تحدث الدكتور مبيّض عن الكثير من الأشياء التي كانت تمتعنا وتسلينا ولم تنتقل إلى جيل هو اليوم في العشرينات .
     عندما أنظر إلى الموضوع من زوايا عديدة أرى أنّه طالما يستطيع أبنائنا مواكبة الحركة السريعة للزمن ونحن لا نستطيع, فالفجوة دون أدنى شك آخذة في الاتّساع يوم بعد يوم .
     كأم لأربع شباب جميعهم في أوائل العشرينات , أشعر أنّ لدي ما أقوله هنا.
لقد  تزوجت مباشرة بعد ما أنهيت دراستي في جامعة (جورج تاون) في واشنطن العاصمة,حيث حصلت على شهادة الماجستير في تدريس اللغة الانكليزية كلغة ثانية .
لطالما عشقت دراستي ولطالما أحببت العمل ,لكن عندما جاء أولادي عرفت بأنهم سيكونون الأولوية في حياتي ,فبناء الإنسان كان له دائما" المكان ألأسمى في تفكيري.لهذا السبب لم أنظر بازدراء إلى البقاء في البيت كوني امرأة تحمل شهادة.
كنت على قناعة تامّة بأن دور الأم هو الدور الأهم في الحياة وأنّ البيت هو أهمّ مؤسسة .
     كرّست الكثير من الوقت وبذلت الكثير من الجهد في تربية أولادي لكن هذه ليست هي القضية فالكثير من الأمهات يفعلن ذلك . أنا فقط وعيت حقيقة هامّة هي أنّ الأولاد يحتاجون للحرية تماما‘ بقدر حاجتهم للحماية وأنّ الأمر مستحيل أن يستتب بواحدة دون الأخرى . ولكي تتوفر الاثنتين معا"بالطريقة الصحيحة يجب أن تكون الأم جزءا"رئيسيا" /من حياة أولادها كما يجب أن يكونوا هم جزءا"رئيسيا"من حياتها . في هذه الحالة تتولد الثقة التي هي أساس أي علاقة سليمة .
     في رأي لاشي يعادل طفل سعيد أو مراهق واثق من نفسه. أنا اليوم فخورة بأن أقول بأنني لم أشعر مع أولادي بتباين الأجيال على الرغم من أنّهم ينتمون بقوة إلى مجتمعهم,لكنّهم في الوقت نفسه يتمتّعون بالعمق والرؤية الواضحة التي لا يتصف بها  الكثير من أترابهم .
     الآن وهم يتجهون إلى الرجولة استطيع أن أقول أنني أشعر بالانجاز وباستمرارية الحياة كما أعتقد أنّ ما أعطيته ما هو إلا ثمن قليل لما حصلت عليه . فأنا اليوم أمام  أناس يفهمون الجيل الأكبر بعفوية وفي الوقت نفسه قادرين على مواكبة تحديات زمنهم .

"The Generation Gap"
 
Written by: Sawsan Jamal El-Din
 
In his article, "The Generation Gap" on FW: Magazine's blog, Dr. Moubayed said the generation gap we used to have with our elders crept into our lives. With the incredible quick movement that we are living today, I think we have a real problem with our children unless we mind the gap. Dr. Moubayed spoke about so many of our entertainments that had never been passed down to a generation that is now in their twenties. Looking at the subject from so many angles, we might say that as long as our children can follow up the quick movement of time and we can't, the gap is going to be unavoidably bigger day by day. As a mother of four boys, all of them in their teens and early twenties, I felt I have some words to say here. I got married right after I finished my studies from Georgetown University in Washington D.C. where I prepared my M.A in teaching English as a foreign language. I always adored my studies, as I always liked to work. When my children were born I knew that they are going to be a priority. Building the human being was always ranked high in my thoughts, therefore I never looked down to staying at home as a woman with a degree. I came to realize that the role of a mother is the most important role in life, and the house is the most important institution..... I dedicated so much time as I exerted so much effort in bringing up my children. That is not the issue, so many mothers do. There was an important fact which I was aware of: Children needed freedom as much as they needed protection. It will not work if you miss one, yet you can't provide them both in the right way unless you are a major part of their lives and they of yours. When this is accomplished, confidence, which is at the base of a healthy relationship, is born. In my opinion nothing equals a happy child or a confident teenager. I am proud to say that I never felt the generation gap, even though my children are an integral part of their society, but at the same time they have the depth and focus that is not very common among their colleagues. Now that they are going into manhood, I can say that I am living the achievement and the continuation of life.What I gave is actually a little price for what I have got. I have people who can understand their elders spontaneously, and at the same time can cope with the challenges of their time. 
 
 
WEBMASTER : AA-ALSAAD
This Web Site Programmed and Written By ABD ALMASSIH JAMIL ALSAAD ..... Copyright 2003 (C) SCOPNET  All Rights Reserved 

مجلة السنونو ( العدد الحادي عشر ) - خاطرة مدن ( بقلم : فادي نصار )

مجلة السنونو ( العدد الحادي عشر ) - خاطرة  
مدن ( بقلم : فادي نصار )

مدن
بقلم: فادي نصار
لم تكن البرية وقتئذ قد فقدت عذريتها ولم يكن التلوث قد وصل ماوصل إليه أيامنا المرة هذه ,يومها سموها مدينة الحب والجمال مدينة الرجال الشجعان والنساء الساحرات المناضلات وكان كل مايميز أهلها عن غيرهم من البشر هو الحس العالي بالمسؤولية تجاه الآخرين
الشهامة ومحبة الجار لأنها بذلك تختلف عن مدن أخرى مدن جميلة أنيقة خلابة طبيعتها مدن خلقها الرب ووضع فيها كل لمساته السحرية إلا أن أهلها يعانون من تصحر أعمى ينتشر انتشار النار بالهشيم تصحر أخلاقي جعل منهم الأم تهجر أبنائها لتذهب مع عشيقها وأم تعمل و ابنتها في مهنة الدعارة أقدم مهنة في التاريخ وبنفس الوقت وبنفس السعر ونفس الغرفة تصحر أخلاقي وروحي أبعدهم أكثر مما هو متصور عن جوهر الرسالة السماوية فكنت تجد رجال الدين عندهم قد عبدوا ربين الله والمال وابتعدوا عن المحبة ورسالة المسيح ورجال قست قلوبهم فأصبحوا كالآلات يعملون يأكلون ينامون وعند ذلك تنتهي الحياة وعلى الرغم من القلة القليلة التي بقت في تلك المدن من أصحاب الضمائر الحية إلا أن مجتمع المدينة المريض وصفهم بالجنون والشاعر منهم اعتبروه اخرق وكان كل من يمسك قيثاراً أو كتاباً في نظرهم إنما يرتكب الجرم الأكبر.
كانت مدن جميلة غناءة الخضرة حركة الناس فيها قوية ولكن أبعد من ذلك كنت ترى على أبواب المعابد عشرات الأطفال يمارسون مهنة طلب الرحمة والشفقة ونساء لا يملكن الحق برؤية أطفالهن وأولاد غادروا أرحام أمهاتهم وهم لا يعرفون ماذا تعني كلمة عائلة وآخرون يظنون إلى أن يبلغوا سن الرشد أن بابا نويل عبارة عن أكلة شهية يأكلها الأغنياء والنبلاء فقط
مدن غريبة عجيبة معابدها مليئة مكتظة بالبشر أيام الجمع والسبوت والآحاد ولكن كانت لياليها تبدأ بالمعاقرة الرهيبة للخمر والجنس ولا تنتهي إلا بجريمة مرعبة ترتجف لها قلوب الوحوش
في تلك المدن اخترعوا طرق غريبة ومتطورة في تخلفها طرق تشرع أكل الإنسان لأخيه الإنسان ذاك الذي أوصت به كل شرائع الآلهة فكانوا يستغلون المحتاج بإقراضه ما يشاء من المال مقابل نسب جنونية كفوائد وأرباح ورهونات عالية وقيمة حتى لو كلف ذلك أن يرهن المحتاج احد أبنائه فتتكدس الثروات بأيدي قلائل مسخهم الله بصفة الجشع والطمع في مدن كتلك يمكنك أن ترى الملاهي ومواخير الدعارة بجوار بيوت الله
مدن أخرى شعبها أصيب بلوثة المادة فأصبح كل شيء قابل للبيع والشراء وأصبح صغيرهم لا يحترم كبيرهم ولا كبيرهم يتعب في تربية صغيرهم والكل لا مبالي مهتم بقشور الأمور ناسيا لبها ,كل شيء له ثمن والذي يملك أكثر هو الأكثر احتراما وفيها رجل الدين يعمل بالتجارة والسياسيون مشغولون بحل نزاعاتهم الداخلية والبحث عن فتن وطرق جديدة لتدمير المجتمع هناك حيث لا مكان للرحمة ولا مجال للحب هناك في مدن هي أشبه بسدوم وعمورة أشبه بسفينة تغرق وأهلها ينظرون إليها منهم من ينظر بفرح وآخرون ينظرون بحزن وبعضهم ينظر بشماتة والحقد يملئ قلوب آخرون منهم إلا انه في مثل تلك المدن دائما يخلق الرب شجرة مثمرة غالبا ما ترمى بالحجارة تلك شجرة العاطفة يرويها الناس الطيبون والبسطاء منهم والفقراء الذين ليس لديهم ما يخسرونه شجرة تنمو في الأراضي الطيبة تحيط بها نبات الشر والكراهية لكن الرب يعطيها من القوة ما تعجز عن قهرها تلك النباتات تكون ثمارها في الغالب طيبة الطعم جميلة الشكل ذات رائحة ذكية لذلك تجذب الأنظار إليها فمن الناظرون من يريد اقتلاع الشجرة من جذورها بكراهيتهم وحقدهم ومنهم من يأتي بالماء ليرويها وآخرون يريدون سرقة الثمار والفرار بعيدا وآخرون لا يكتفون بقطف الثمار وإنما يكسرون الأغصان ويجرحون الجذع ويدوسون الثمار بأرجلهم فيكون بذلك قتل لكل شيء جميل في مدينة يحلم الجميع وينظر لتكون مدينة أفلاطونية مثالية خيالية إلا أن الأحلام لا تصنع حضارات والكلام والنظريات تحتاج إلى إسقاطها على ارض مهيأة تماما للبذار الصالح والكائن البشري متى وصل إلى مرحلة تكون الإنسانية في داخله عميقة يكون بذلك قد أصبح أطيب ارض وأخصبها.

 
 
 
WEBMASTER : AA-ALSAAD
This Web Site Programmed and Written By ABD ALMASSIH JAMIL ALSAAD ..... Copyright 2003 (C) SCOPNET  All Rights Reserved 

مجلة السنونو ( العدد الحادي عشر ) - خاطرة قبل أن يصافحني الموت ( بقلم : منصور عازار )

مجلة السنونو ( العدد الحادي عشر ) - خاطرة  
قبل أن يصافحني الموت ( بقلم : منصور عازار )

قبل أن يصافحني الموت
بقلم: منصور عازار
 
قطفة من عناقيده السّـُكَّر.. نتقاسمها على مائدة السنونو.. من كتابه الجديد (التحية الأخيرة) هديته إلى
" السنونو" المنوّه بها في باب هداياكم لنا.. ص183 من "شؤون البيت"
 
هاأنذا أمد يدي وأبسط كفي، لكن الموت يتردد في مصافحتي.  بتّ مستعداً لتحية الوداع، لكنه لم يعطني المنديل الأخير، لألوّح به للأحبة، وانا أتسلق السلم الأخير من سنوات العمر. هاأنذا، انفخ في الضوء الفقير جداً، بما تبقى من زيت مصباحي الجاف، وأعجز عن إطفاء الشعلة النحيلة، لأدخل في العتمة المنيرة.. هاأنذا يعاندني موتي، ويعطيني مرة أخرى، فرصة الالتفات إلى ماضيّ، فرصة الانحناء على أيامي السالفة، لأحدثها قليلاً، لأتكلم معها بحنان، لأخطف منها اوراقاً لا تزال تحتفل بالأمل.
هاأنذا أقول: " غداً، لن يكون لي. هاأنذا، أطفئ أمسي. أرتب أنفاسي الأخيرة، بهدوء من تعلم، أن صداقة الموت سيادة على الحياة." اراقب باطمئنان قلبي المتعب. أعرف أنه سينام بهدوء، وسيأخذني معه إلى غفوة أخيرة.
ما تبقّى من الزوادة، لا يكفيني لكتابة وصيتي.
إلا أنني، على عنادي المعروف، سأواظب على لملمة الفتات الباقي، لكتابة الكلمات الأخيرة. فقد وفرت لأبنائي وأحفادي وأصدقائي، زوادة أخرى يأخذون منها، بنبذة من حياتي، فاكهة من أفكار، عسلاً من رحيق التجارب، نبيذاً طيباً، هو عصارة عمر، نضجت عناقيده، على عرائش الألم وامتدادات أعضائه المرهونة لخضرة الأمل.
لذا منذ اليوم، سأبدأ بترتيب روزنامتي، متكلاً على تغيّب الموت عني، لأملي وصيتي التي تأخرت كثيراً في تحضيرها.
تحضرني في حياتي، أوّل تجربة لي مع الموت، فزت فيها، وتجربة أخرى، تفوقت فيها، تجربة ثالثة، خرجت منها حفيفاً كجناح يستعد للتحليق، لآخر مرة، قبل أن يأوي إلى عش الكون الواسع، المقيم في الأزرق السماوي.
نُقلت على جناح السرعة من نيجيريا إلى لندن. عاينني الطبيب وبعد أيام، منحني بطاقة حياة جديدة، بشرط ألا أرهق نفسي. فقلبي معطوب، ويحتاج إلى استراحة المحارب. وكان لي من العمر 64 عاماً تقريباً. أظنها لم تكن كافية للدخول في قيلولة المحاربين، لأصبح من المحاربين القدامى.. 64 عاماً، كانت لي، أنني ما زلت شاباً، وان آمالي احتفال يومي بالحياة.
سألني الطبيب ما عملك؟ قلت: أنا رجل صناعي، وأنا أيضاً رجل قلم، وأنا أيضاً رجل قضية.
فطلب مني أن أحمل بطيخة واحدة على الأكثر. وعدته خيراً، ولكني كمدمن عمل، ومراهن على النجاح، وممتهن الفوز، وقررت أن انكث بوعدي وأعود إلى بطيخاتي لأحضنها... بعد عامين صرت أرعى بستاناً من البطيخ.. ولم أشعر يوماً بالتعب.
ومرة أخرى، وبعد عشرة أعوام تقريباً، حُملت على وجه السرعة إلى لندن. عاينني طبيب القلب يا للصدفة إنه هو نفسه سألني: كم بطيخة حملت؟ ابتسمت له. فعرف اني مولع بالشقاء اللذيذ، والعمل الدؤوب، والسعي الذي لا يهدأ. عرف أنه لا شفاء لي. فاستعجل العملية، وأصلح أعطاب قلبي مرة أخرى، كي أستمر في حمل صليبي، إلى النهاية.
انذرني الطبيب: الثالثة ثابتة، أي " قاتولية"، ولكن عندما دخلت في غيبوبة طويلة، ظن الكثيرون، أن نومي نهائي، وأن موتي قريب ومؤجل إلى الغد فقط.
لكنني عدت واستيقظت. غريب، عندما عاد إليّ وعيي، ونظرت من حولي من الأحبّاء: الزوجة والأبناء والأحفاد والأصدقاء، قفزت إلى رأسي فكرة الاستسلام. قلت: كفى يا رجل. عليك أن تركن إلى تعبك. أن تهدأ. أن تقتات من أحلامك.
بعد أيام، عادت إليّ الأسئلة وأولها: " ما العمل"؟
أنا الآن سأملي وصيتي، التي دوّنت تفاصيلها في أجزاء حياتي وكتاباتي ومشاريع. وأهدي هذه الوصية إلى أحفادي، ومن هم في أعمارهم، علهم، يجدون فيها قوتاً، من خزانة عتيقة، يسعفهم في مستقبل أيامهم ولياليهم القاسية.
أصابعي تتردد في الكتابة، لم أعد قادراً على بعثرة حياتي، فأفتح ذاكرتي كلها، لتدوين ما خبأته فيها، وما حفظته في زواياها الحنونة. أصابعي خائفة من ملامسة مواطئ التعب والجراح. فقد كان العمر صعباً، ومراس الحياة كان مريراً.
لست أخجل من عمري المديد. الحصاد كان وفيراً. الحقول كانت شاسعة. والسماء لم تكن بخيلة، إنما الدهر غلاب. أنصفني سنوات، وظلمني أخرى. كان متقلباً جداً يترك في النفس حسرة لا تجرؤ على الإفصاح بالتأوه أو الدمع، لأنني كنت املك من القوة ما يجعل عواطفي مقيدة وانفعالاتي أسيرة. وكنت أراهن على فجر آخر، كلما ادلهمّت الأيام بسواد التغيرات المأسوية.
من أجلكم يا أحفادي، أعود إلى الماضي. سأمضي معكم أيامي الباقية، وأكتب لكم ما أغرفه من جعبتي من خبز التجارب وأتناوله م زوادة الخبرة، متخطياً وجعي إزاءكم، لأني أدرك أن لغتكم العربية محرومة من الصواب والقراءة، ولأن لغات الآخرين أطيب على لسانكم. والحق ليس عليكم، بل على بلاد لم تحتفظ بفلذات أكبادنا، فشردتهم مراراً، تارة بسبب حروب الطوائف، وطوراً بسبب العجز عن بناء وطن محب ومنتج.
أملي، وأنا أكتب، أن تقرأوه مترجماً إلى لغة تفهمونها، وعندئذٍ ستجدونني معكم دائماً، على الرغم من غيابي النهائي. ستجدونني معكم في دروبكم الوعرة، ومسالككم المتعرجة، ونجاحاتكم المتوقعة. ستجدونني أسندكم في عثراتكم، أشير إلى خطاكم، أرشدكم دوماً إلى طرق النجاح.
لن تكونوا غداً مع المجهول... سأكون معكم.
كل ما أتمناه، أن يكتشف كل منكم نفسه، والاكتشاف لا يتم دفعة واحدة.
فأنا، ما زلت أكتشف نفسي، والاكتشاف لا يتم دفعة واحدة.
فأنا، ما زلت اكتشف نفسي، تجربتي مع الموت، تحفزني على معرفة ذاتي. ذواتكم غنية. ابحثوا فيها عن الجواهر الثمينة. إن لم تفعلوا دفنت الجواهر، وظلت مطمورة بالإهمال. فالإنسان ليس ما يأخذ، ولا ما يعطي، بل ما يكتشف وما يبذل وما ينتج... الآخذون من الحياة، غبار، الواهبون للحياة، هم الصبح الذي يتجدد.
صعبة هي الحياة، ولكن ندبها على طريقة الفيلسوف أبي العلاء المعري، دليل على شيخوخة الروح. الحياة صعبة، جميلة ورائعة، وأجمل ما فيها، قوة الانتصار على مصاعبها، لذا، لا تكونوا سكة حديد للقطار الزمني يعبر عليكم بأيامه. كونوا القطار الذي يطوّع حديد الأيام، ويتفوق عليها.
صعوبة الحياة... بطاقة انتماء إلى الانتصار والنجاح أما الحياة السهلة، فمدعاة لركوب الكسل والاتكالية والتراجع.
صعوبة الحياة التي مررت بها منذ طفولتي وهجرتي وسنوات الغربة، وتأرجحي بين النجاح والفشل، والتقلب من حال إلى حال، هي التي وسمتني وأعطتني خبرة لا تنضب من الحب والعمل والتغلب.
لست أعدّ الأيام للرحيل، أعدّ الأيام للبقاء بينكم، لأتمم واجباتي إزاءكم. أنا زائل، ولكن الحياة باقية. ولم يكن رهاني على نفسي، بل على الحياة فهاأنذا، وفي آخر العمر، أصافح عمري كله، وأقبله كما كان وباطمئنان: لقد أتممت رحلتي، أتممت مهمتي. كانت الكأس التي شربت منها ممتلئة دائماً، فلا تكسروها غداً.

 
 
 
WEBMASTER : AA-ALSAAD
This Web Site Programmed and Written By ABD ALMASSIH JAMIL ALSAAD ..... Copyright 2003 (C) SCOPNET  All Rights Reserved 

مجلة السنونو ( العدد الحادي عشر ) - خاطرة - إفريقية الغربية ( بقلم : فاروق أبو جودة )

مجلة السنونو ( العدد الحادي عشر ) - خاطرة  
مغترب سابق في جمهورية الكاميرون - إفريقية الغربية ( بقلم : فاروق أبو جودة )

مغترب سابق في جمهورية الكاميرون
إفريقية الغربية
بقلم: فاروق أبو جودة
  
   في زمن التداعيات الكبرى ، وفي زمن الانهيارات المتلاحقة ، على مستوى العالم كله ، والتي انعكست وتنعكس على أمتنا .
     في هذا الزمن العصيب ، حيث تنهار الأخلاق في الأمم ، وتغيب العدالة الإنسانية عن محور الأحداث ، وتعلو شريعة الغاب على مقاييس العدل الحقوقي ، الاجتماعي والاقتصادي .
    وفي وقت تخلّت فيه المرجعيات الدولية عن رسالتها الراقية إلى العالم في كل أقطاره ، وأصبحت قوة السلاح أمضى من قوة الحق .
   في هذه المرحلة القلقة المتوترة من حياة أمتنا ، والمنطقة  المجاورة لها ،
أين هم مغتربونا المنتشرون في شتى أنحاء العالم ، من العودة الدائمة إلى القيم الحضارية التي تربوا عليها ، والتي صدّرتها بلادنا إلى كل العالمين ؟
   هذه القيم تحفظنا بمناعتها ، من حالات الخوف والضياع ، أمام الذي يحصل على خريطة العالم اليوم ، لا كما يفعل الآخرون حيال الزلازل الرهيبة التي تخلخل حياة المجتمعات ، فيهيم الناس على وجوههم ، خائفين مشرّدين ، من جرّاء الفواجع التي تضرب مسؤولياتهم وواجباتهم الشخصية والعائلية والمهنية التي يتنكبون .
  إنّ مغتربينا ، يحيون في مغترباتهم ، ويتحسّسون أوضاع بلادهم وما يحيط بها من مخاطر وأزمات ، تقرّر مصيرها إلى آجال طويلة ، فإذا لم يفعل إيماننا نحن ، بوعينا نحن ، وإرادتنا نحن ، وقوّتنا نحن ، لنبني لنا وطناً يكون على مستوى تحدّيات العصر ، عدالة وفضائل ، فإن الأحداث الجارية ستجرفنا في معمعة سيلها إلى حالة متأخرة ، يتحكم فيها المرض والفقر والذل والمهانة والعبودية .
   فالمغتربون من أبناء أمتنا ، وحيث يتواجدون في بلاد الله الواسعة ،
عليهم أن يتذكروا أنهم من وطن كانوا منه، وله عليهم حق الولاء وواجب التضحية والفداء ، وهو اليوم ، في محنته التاريخية ، يدعوهم للمشاركة في تحصينه ، حتى يقوى على عواصف الشر ، تهبّ عليه من خارج حدوده ، ينفث أعاصير سمومها عليه ، أعداؤه في دينه السماوي وحقه التاريخي وأرضه المقدسة ، وليس أمنع له ، ليتمكن من الانتصار على ما يهيّْء له هؤلاء، من عقد القبضات معاً ، نقف كالبنيان المرصوص ، هيئة اجتماعية واحدة ، مغتربين ومقيمين ، حصناً منيعاً لوطننا ، الذي أبحرت من شواطئه الأشرعة الأولى حاملة الشرائع الأولى إلى العوالم الأخرى .
وليتذكر مغتربونا ، أنه في عمر أمتنا ، ومضات نور أضاءت جوانب تاريخها وبعثت فيها الأمل ، وأحيت فيها الثقة للمجابهة والتحدي ، وحركت فيها مكامن القوة ، ودلتها على طريق الفعل الخالق وسبيل الإبداع لتحقيق الذات ، فانتصرت في معاركها التاريخية الفاصلة ، وأبت أن تكون حجارة في مقابر التاريخ .
وليعلم المغتربون ، الذين هم جناح الأمة الآخر ، أن من أوقع الأمور في مصالحهم ، وأضرّها بها ، وأتلفها لثرواتهم ونجاحاتهم ، انقسامهم وتشرذمهم  وانشغالهم بالأمور السطحية العابرة ، عن الأمور الأساسية المصيرية .
علينا أن نعمل كلنا معاً ، بإرادة واحدة موحدة ، لمصلحة أمتنا ، التي يجب أن تعلو على كل المصالح ، وإلا ، فعبثاً يحاول أولئك الذين يستغلون مكامن الضعف فينا ، قميص عثمان ، يبنون على ذلها عزاً لهم مبنياً على ذل مصالحهم الفردية والأنانية .
فلتكن جالياتنا وحدة في المصالح والمصائر والمواقف ، مما يعطيها القوة والمنعة ، فتتحاشى في ذلك ، الوقوع في مجاهل التحولات المتسارعة والمتغيرات المتلاحقة ، تحت وطأة ضربات العولمة الزاحفة تبتلع كل ما ومن يقف في طريقها .
ألأمة بحاجة إلى كل إمكانية، مهما كان شأنها ، تصب في معينها ، وتتحول ، مع غيرها ، وعلى تعداد المغتربين ، إلى قوة اقتصادية هائلة ، بقدر ما يضاف إليها من روافد الإمكانيات .
وعليهم ألا يشعروا بالدونية أبداً، فهم رسل أمة كانت في ماضيها، إحدى أمهات الحضارة ، التي لا تزال البشرية جمعاء ، تنهل من معينها ومن خيراتها ،
كما هم سفراء لوطنهم في مغترباتهم ، على مستوى العالم أجمع ،
وهم كذلك ، مرآته الشفافة النقية الصافية .
 
 
 
WEBMASTER : AA-ALSAAD
This Web Site Programmed and Written By ABD ALMASSIH JAMIL ALSAAD ..... Copyright 2003 (C) SCOPNET  All Rights Reserved 

مجلة السنونو ( العدد الحادي عشر ) - خاطرة تهاويد الاّغتراب ( الدكتور غانم الجمالي )

مجلة السنونو ( العدد الحادي عشر ) - خاطرة  
تهاويد الاّغتراب ( الدكتور غانم الجمالي )

تهاويد الآغتراب
الدكتور غانم الجمالي


نبضات من شجن انبعثت من وجدان صديق مغترب , كان صداها نبضات حرّى من مقيم .. أكانت تواسي غريبا أم تقاسمه الهموم؟.. فالغربة يا اخي ليست بالضرورة النأي عن الأوطان , بل لعلها بعمق الانحشار فيه ..
هذه الثنائية تبادلتها مع صديق مغترب عبر الرسائل النصّية للجوال .. هل سنشهد يوما ما قد يدعى " أدب الجوّال " ؟ لربما !
في هذه الثنائية أقوال وعبارت لشاعر أو أديب أو فيلسوف أو عابد وآثرت ألا أقحم الأسماء , مع إجلالنا لها , لأن الغاية في المعنى والاحساس به , ولأن المشاعر كونية الانتشار , كاموسيقى , لا تتعرف بالاسماء واللغات .
قال:" صباح الخير , نظرا لكل الأمور الغريبة التي تحدث لي هذا العام , فقد قررت الذهاب إلى غار حراء كي أناجي ربي : اللهم إن لم يكن بك غضب منّي فلا أبالي " .
قلت:" وتفضل , اللهم , علينا بعفوك إن لم نستحق رضاك ".
قال :" في الغربة تصبح أنت وطن أسرتك الوحيد , وهم مملكتك الوحيدة , وآهات الغربة تتأرجح بينكما .. وقمة أحلامك أن تكون الناطق الرسمي الوحيد لكل هذه الآهات ".
قلت :" في الوطن أنت وأسرتك في مملكة الغربة , وآهات المواطنة نوّاسية الحركة , كأحلامك , الممثل الرسمي والشرعي لغربتك ".
قال:" أجمل ما في الأيام أنها تمر رغما عنك , تنقضي شئت أو أبيت , لا يهمها أاعجبك ما تفعل أم لا ؟ , والأجمل أنك بينما تتكلم عنها تكون قد مضت أكثر , أمدحا كان الحديث أم ذمّا , فرحا أم حزنا , عنك أم عنها ؟ , هي تمضي وكفى " .
قلت :" وهي ماضية , تذكّر أن تحلم , كثر أولئك الذين يعتقدون أن الأحلام طيور الفنيق تحملنا إلى المستقبل, ربما لكن عندما نحلم نمضي " قدما" نحو الماضي إذ أن اللحظات التي كنت تحلم فيها هربت من أتون الحاضر وغدت ماض غبر . اعلينا - والحال هذه - أن نكفّ عن الحلم ؟ .. لا رغم أنف الأيام .. وتذكّر وهي تمضي أن تحلم , لأن الحلم هو العدّاء الوحيد الذي يسابق الأيام .. ينتصر عليها .. يهزأ بها ".
قال : " عشرون عاما من الاغتراب , وعشرون من الاقتراب , وبعض لاستقطاب التفريق بينهما , أمسى بعدها خوف البعد وأمل القرب هاجسين يتناوبان علينا دون كلل , نصف العمر لكل منهما , فهل لنا بهنيهة لقاء دون خوف؟ أتصور , لأن الشعر الحق موزون دائما , ونحن لم نكن إلا قصيدة عشق " .
قلت:" خوف البعد وأمل الاقتراب , كيف للهاجسين , الخوف والأمل , أن يتناوبا ؟ . كل منهما خلّ للآخر , فكلما انتابنا خوف حمل بين خلجاته أملا بانحساره , وكلما حدانا أمل كساه وشاح الخوف من انكساره .. لا أمل صرف دون بعض الخوف من فقدانه , كالدائرة , لا يمكن أن تكون مربعّة الشكل . وكما قلت: نحن , البعيد والقريب منا , قصيدة عشق فلا يهم الاغتراب أم الاقتراب , ولايهم عشرون عاما لكل منهما أو أكثر .. السنون تكذب ونحن قصيدة عشق , أليس أبلغ الشعر أكذبه ؟ " .
قال : " تتعثر أحلامنا في سباقها مع الواقع بحواجز لا حصر لها , ويطير هو محلّقا باجنحة القدر , والأطرف أننا نتوقع الفوز !".
قلت :" اسمع ما قيل : منذ ألف عام قال لي جاري , إنني أكره الحياة , فليس فيها سوى الألم , وفي الأمس مررت على المقبرة فرأيت الحياة ترقص على قبره " .
قال:" شيخوخة الجسم تظاهر بتجعد الجلد , وشيخوخة النفس تتظاهر بتجعد المبادىء " .
قلت :" وشيخوخة الروح تتظاهر بتلبد الفكر وغياب المعنى " .
توقفت تهاويدنا أياما ... كان العدوان فيها على غزة وقال متأثرا بالأحداث : " من يهن يسهل الهوان علـــيه ما لجرح بميت إلام " .
أجبته مستنكرا العدوان :" ودهر ناسه ناس صغار وإن كان لهم جثث ضخام
أرانب غير أنهم ملوك مفتحة عيونهم نيام "
قال: " هنالك صحف تبيعك تذكرة للهروب من الوطن " .
قلت:" في المشرق وطن يحترق وأنا بعض من شظاياه " .
تذكّرعبارة أعجبته :" الرئيس جزء من جغرافيا المكان , والزعيم يظل جزءا من التاريخ "
ومن وحي ما قرأ أجبته :" الرئاسة مملكة طارئة في المكان , والزعامة ملكة طارئة في الزمان ... " .
ومرّت أيام أخر كان المزاج العام أكثر من سيء مزاج القريب والبعيد على حد سواء , وانعكس ذلك عليه فقال :
" بصرت بالراحة الكبرى فلم ترها تنال إلا على جسر من التعب " .
قلت :" ... "
قال :" يولد ابن آدم قابضا يديه حرصا على الدنيا " .
واتممت له العبارة :" ويموت وهو باسطها لأنه لم ينل منها شيئا ".
 
 
 
WEBMASTER : AA-ALSAAD
This Web Site Programmed and Written By ABD ALMASSIH JAMIL ALSAAD ..... Copyright 2003 (C) SCOPNET  All Rights Reserved