مجلة السنونو ( العدد الأول ) - الافتتاحية ( نهاد شبوع ) - عربي

على جناح هذا " السنونو" نعود إليكم هذه المرة ـ يا قرّاءنا المقيمين في الوطن والمنتشرين خارج الوطن ـ نعود إليكم بعد فجوة قلم وحبر لا فجوة فكر وذكر ..!! نعود إليكم لمتابعة تواصلنا.. ولاستئناف رسالتنا في مدّ جسورنا إليكم .. وفرش دروب عودتكم برمش العين …!!


 (جسورنا) !! ما أغنى دلالات هذه الكلمة ـ التي أصبحت ماءنا وخبزنا ـ في نفوسنا وقاموسنا ـ نحن " رابطة أصدقاء المغتربين في حمص" ـ وما أوسع آفاق معانيها، التي ربما أقربها إلى القلب تقليص المسافات دون تقليص الحركة والانطلاق ..! وأبعدها إلى المخيلة أن تكون من (الجسارة) مشتقة (1) … ذلك أن تطوير مدّ الجسور بين الأقطار والأفكار المتباعدة المتنافرة لتتلاقى وتتناغم في انسجام .. مما يحتاج إلى العزيمة والإرادة وإلى المزيد من الجسارة في الحلم والفعل والعقل .. وهكذا تكون الجسارة نفسها جسراً وممراً إجبارياً من حال الوقوف وضيق الأفق … إلى حال الانعتاق والارتقاء .. والتجدّد .. وإثبات الذات ..!!

ونقسم لكم أن أياً من هذه المعاني والدلالات ما كانت لتغيب عن ذهننا وعن حسّنا الإنساني الوطني الاغترابي عندما أطلقنا (سنونوّنا) اليوم ليجوب في شبكة جسور منفتحة متجدّدة واصلة بين امتداد وطننا وفعالياتنا في القارات … وبين أقاصي وطننا وفعالياته في الإقامة …


 أجل نعود إليكم وقد تاقت إليكم نفوسنا وأقلامنا وافتقدتكم مدينتنا ومنابرنا .. نحن الذين عاهدنا ألاّ نتوانى عن تقريبكم وخطابكم بكلام يكون دائماً على صورتكم ومثالكم .. وعلى صورتنا ومثالنا .. ومنذ أن كنا على العهد أمناء خلال الثلاثين عاماً من عمر رابطتنا .. وعمر صفحتها الثانية التي كانت لها في جريدة "حمص" العتيقة ..


 ومع كون "سنونوّنا" متابعة رسالة واستمرار مسيرة ـ كما نوهناـ فإنها لا تعدو أن تكون "أيضاً" عزماً أكيداً على إعادة نظر في : الاستقلاليّة .. والتوقيت .. والانفتاح على التكنولوجيا.. وثورة المسافات .. وتعدّديّة اللغات والثقافات … وعلى الهجرة الجديدة وتطور أبعادها في الزمان والمكان .. في روضة أنفٍ هي أوسع مدى وأفسح صدراً وأخصب تربة وتنوعاً .. تتيح لأقلام مقيمة أو مغتربة من مختلف الأجيال أن تنثر فيها بذورها المبدعة الحبلى بكل جديد شاهد على ذاته .. حافل برغبة التنوير والحوار.. 

مفصح عن انتماء صحيح مطعم بانفتاح فسيح ..!! في واحة فيحاء تقول لروادها :

      ـ نعم لكل مَنْ ظلّ فاعلاً في إيمانه .. حضارياً في نقاشه مع الطرف الآخر ، مصراً على أن يكون مبدعاً ومؤثراً بالكلمة الدافئة الحرة يتداخل فيها الأدب والفكر والعقل والصدق والإيمان ..


     ـ نعم لتعدد الثقافات ولتنوّع الآراء وللاعتراف بالآخر ـ لا إلغاء الآخر ـ !!

      ـ نعم للتعارف الفكري .. والتقارب الإنسانيّ .. والتواصل الاجتماعيّ حتى لا نبقى جزراً متفرّقة متشاحنة .. تملؤنا الانهيارات العنصرية .. والتشرذم الحاسد الحاقد .. والفوقية المسيطرة والادعاءات الكاذبة والغطرسة الضاغطة على الحق والأعصاب …


ـ نعم لثنائية اللغة في الأقسام الأجنبية .. لتكون واحة أفكار المغترب الذي لم تتَحْ له ظروف الكتابة بالعربية .. ولتكون منبره التعبيري الأرحب .. وضمانة " السنونو" الأثبت فتظل هذه "السنونو" مجلة العرب في المَهاجر .. ومجلة المَهاجر في الوطن الأم ..

      ـ نعم لتاريخ أوابدنا وتراثنا ومواقفنا لنعتبر ولنتجدد و " لنبني كما كانت أوائلنا تبني وتفعل …
وتتجدد .."

      ـ نعم لمن أعلن على رؤوس الأشهاد باسم كل مهاجر أصيل .. فجهر صادقاً (2) :

      " .. نحن بناة .. نحن بناة حضارة وفكر وأخلاق .. ولسنا ـ فقط  كما يزعمون ـ بناة أعمال ومصانع وامبراطوريات مادية ، نحن نؤمن بالكلمة وبالحوار وبالصراع الفكري ، وسنبقى نكتب ونعزف ونرسم ونقدم فنوناً ، فالمسؤولية تقع على عاتق كل منا ، لأن عصرنا هذا ليس ـ فقط ـ عصر الأقمار الصناعية والآلة والكمبيوتر فحسب ، بل إنه أيضاً العصر الذي يمتلك فيه القلم والقيثارة قوة أكبر وقدرة أرحب من السيف والرصاصة والمادة .."


      على رسلكم ـ أيها الأخوة في كل مكان ـ : أجل " لا يزال الفضاء متسعاً لتحليق العصافير".. وهاكم "السنونو" مجالاً لتحليقكم وأشواطاً لحوافزكم وأمانيكم … هاكم مجلتكم محفوفة بحظ كبير يحصنها به وطنكم رسمياً وشعبياً :


     رسمياً : (بوزارة المغتربين) منحه رئيسنا الشاب المنفتح المؤمن بطاقاتكم ـ سلفاً عن خلف ـ الدكتور بشار الأسد ، هذه الوزارة التي منها ستسترشد "السنونو" دروبها .. وستسقي خططها الكفيلة ببناء القواعد الأساسية لشدّ أزركم في مغترباتكم .. وكسب انتمائكم .. والإفادة من حضوركم العربي في العالم .. وإشعاعكم وطناً سورياً معتزّاً معزّزاً في كل سماء ..   
     

     شعبياً : بداعميها المتطوعين الكثر من " أصدقاء المغتربين" ممن هم داخل السجلات وخارجها.. ومن مريديها المؤمنين الصادقين من أعيان البلد الطيب الذين وعدوها بدعمهم المعنوي والمادي .. والذين استبقوا وعدهم بملموس أعمالهم وثمار أقلامهم ورحيق قلبهم وأفكارهم وأنيق فنهم وابداعهم .. وصدق اندفاعهم .. محققين لها الحياة والوجود .. مدركين تماماً أن النجاح حليف الإرادة الطيبة والنية الطيبة جناحي "السنونو" المعّول عليهما في الطيران .. والتحليق .. والنجاح .. ومكافحة التصحر في قلب الإنسان وقلب المكان .. بقوة جمال الكلمات .


           اللهم اجعل بداياتنا لا نهايات ..!

                 اللهم كافىء بنعماك كل من أنبت ولو ريشة صغيرة في جناح " سنونونا "

 

 

رابطة أصدقاء المغتربين في حمص

                                                                     نهاد شبوع



(1) على حد تعليل الأديب الصحفي معن بشور.

(2) الصحافي الشاعر الأستاذ (رضا منصور) رئيس تحرير جريدة (المهاجر) العربية ـ الإنكليزية في المهجر الكندي .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق