رابطة اصدقاء المغتربين تأسست عام 1973 وكانت رأيستها الاديبة الراحلة نهاد شبوع وتم اصدار 12 عدد فقط في بيت المغترب في حمص .
الأحد، 22 نوفمبر 2015
مجلة السنونو ( العدد الثامن ) - غلاف عربي وأجنبي
مجلة السنونو (
العدد الثامن ) -
غلاف عربي وأجنبي
|
السنونو
نشرة غير دورية تصدرها
رابطة
أصدقاء المغتربين
إصدار
تشرين الثاني عام 2006
الهيئة الاستشارية
العلاقات العامة
الأستاذ قصي أتاسي
....... (حمص)
الآنسة سميرة خماسمية ...........
(حمص)
الأستاذ حسان
السقا ....... (حمص) الأستاذ بسام كبا ...........
(نيجيريا)
السيدة دعـد
طويل ...... (حمص) الأستاذ
سميح كرامة ...... (أستراليا-سيدني)
الأستاذ يوسف عبد
الأحد...... ( دمشق) الأستاذ أدمون
كرم ....... (أستراليا- ديبو)
الآنسة ريما صيرفي
...... ( بيروت) الأستاذ منير
خوري ........ (كنـــــــدا)
الأستاذ منير
خوري ....... (كنــــدا)
الأستاذ نقولا زيات .............. (بيروت)
الأستاذ عيسى
بندقي ....... (البرازيل)
الأستاذ يوسف عبد الأحد........... (دمشق)
الأستاذ شاكر
حارس ...... (تشيلــــي)
د.
رغيد نحاس ...... ( أستراليا)
د. فوّاز
مسوح ...... ( فرنســا)
الأستاذ نويل عبد
الأحد ...... (الولايات المتحدة)
هيئة
التحرير
الأشراف الفني
الأستاذ قصي أتاسي الأستاذ بسام
جبيلي
السيدة وفاء خرما الآنسة سلام
حكوم
الأستاذ بسام جبيلي
برمجة وتحرير الانترنت
السيدة سميرة رباحية
طرابلسي
المبرمج عبد المسيح جميل السعد
الأستاذ روفائيل
خماسمية
السيدة جانيت مطانيوس عيد
الآنسة ريما فتوح
الأستاذ يوسف الحاج
هيئة
الترجمة
الأستاذ رفعت
عطفة ......... (إسباني)
الآنسة إلهام نسيم ...... (فرنسي)
الآب ميشيل
نعمان .........(إسباني)
الأستاذ حسن الحسن ...... (فرنسي)
د. عبود طحان ........ (إسباني)
الآنسة ريم كبا ...... (فرنسي)
د. نديم قندلفت
........ إنكليزي) السيد نواف خزام ..... (برتغالي)
السيدة دعد طويل
قنواتي ........ (إنكليزي)
السيدة سوزان
إبراهيم ........ (إنكليزي)
الآنسة رغد بيطار
.........(إنكليزي)
الأستاذ زياد خاشوق
.........(فرنسي)
|
السنــونـوAL - SUNUNU
تهدف "السنونو"
إلى مد جسور التواصل المبدع ثقافياً وحضارياً بين الوطن المقيم والوطن المغترب،
وتحاول تجديد نطاق الخطاب وتوسيعه ليشمل المغتربين بأجيالهم المتعاقبة, وتسعى
لإزالة حاجز اللغة بالترجمة من العربية إلى اللغات الأخرى كوسيط مشترك يخاطب عقول
الجيل الفتي من أبنائـنا المتحدرين وقلوبهم, الباحثين دوماً عن جذورهم الضاربة في
عمق الزمن.
إن" رابطة أصدقاء المغتربين" إذ تقدم ( السنونو ) نشرةً غير دورية ذات نفع
عام, فإنها لا تسعى إلى الربح أو استجداء عاطفة مستهلكه,بل تؤسس لفضاء قوامه الفكر
والأدب والفنون وأخبار الاغتراب, بما يحقق أهداف الرابطة في( شد المهاجر إلى
وطنه واعتبار المهجر امتداداً للوطن ألام ) وهي تصدر باللغة العربية مع بعض
المترجمات إلى الإنكليزية أو الفرنسية أو الإسبانية حسب مقتضى الحال .
تعتز" السنونو" برأي قرائها الأعزاء وتعدّهم مصدر إشعاعها, وسر وجودها,
وترحب بمساهماتهم الكريمة, بعد إرفاقها بالعناوين الضرورية ونسخة عن سيرة الكاتب
الذاتية .
الأفضلية في النشر للأعمال الجديدة وغير المنشورة سابقاً, وفي حال إرسال
أعمال نشرت سابقاً, يرجى تزويدنا بالمرجع الذي تم النشر فيه ورقمه وتاريخه .
انتقاء المواد المقدمة للنشر والدراسات الأكاديمية المرسلة, تخضع إلي
محكمين مختصـين بما يتوافق مع أهداف الرابطة .
تعتذر السنونو عن صرف أي تعويضات مالية في الوقت الحاضر لقاء المواد
المنشـورة لديها, وتلتزم بتزويد المساهمين بالنشر بعددين اثنين مكافأةً عينية
متواضعة عن جهودهم الخلاقة .
يسرّنا جداً أن ننشر أخباركم الاجتماعية ونشاطاتكم التجارية والثقافية في المهجر،
مع الصوّر، في محاولة لمدّ جسور التواصل بين حمص وأبنائها المغتربين .
توجه
جميع المراسلات إلى رئيس التحرير :
حمص/ بستان الديوان / شارع غسان / رابطة أصدقاء المغتربين /
بيت المغترب / ص ب ( 2642 ) بريد الكتروني :
ifs@scs-net.org
فاكس :
228310
31 963
الموقع website)www.alsununu.com
: )
Our address in English is: info@alsununu.com
The League of Emigrants' Friends
P.O. Box 2642/ Homs /Syria
Tel. 963 31 468419 - 487506
Fax. 963 31 228310
E-Mail
ifs@scs-net.org
|
AL –
SUNUNU
Al-Sununu aims at building bridges for cultural, civilized, and creative
communications between the Mother Country and its sons and daughters.
It shall also try to renew and enlarge the circle of its address to reach the
emigrants at different ages, by removing the language barrier. It will translate
the Arabic texts into other languages in an attempt to reach the minds and souls
of the younger generations of our children,who are always in search of their
roots, deeply embeded in history.
The League Of Emigrants’
Friends, in publishing (Al-Sununu) as an unscheduled non-profit making bulletin,
does not aim at begging for worn-out emotions .Instead , it intends to lay the
foundation for an atmosphere of intellectual thought , literature, arts, and the
news of the emigrant world that fulfill the aims of the League: to attract the
emigrant to his home country and yet make him consider his country of residence
as an extension of it.It will be published in Arabic with some translation into
English , French or Spanish , as necessary.
Al-Sununu takes pride in the opinion of its readers and considers them as the
source of its radiation and the secret of its existence.
It
therefore welcomes their kind contributions, accompanied by their full address
and a brief biography.
We are pleased to publish your social news and commercial
educational activities in “Al-Mahger” with photographs, in order to establish
the bridges of communication between Homs and its overseas sons.
All
correspondence will be directed to the editor :
Homs/
Bustan Al-Diwan/ Ghassan Street/ The League Of Emigrants Friends/
Emigrants House/ P.O.Box
(2642) E-Mail:
ifs@scs-net.org
Fax:
963-31- 228310
Website:
www.alsununu.com
info@alsununu.com
Our address is :
The League Of Emigrants Friends
Syria - Homs - P.O. Box 2642
- 487506
Tel. 963-31- 468419
228310
Fax.963-31-
E-Mail
ifs@scs-net.org
|
WEBMASTER : AA-ALSAAD
|
This Web Site Programmed and
Written By ABD ALMASSIH JAMIL ALSAAD
..... Copyright 2003 (C) SCOPNET All
Rights Reserved
|
مجلة السنونو ( العدد الثامن ) - الفهرس
مجلة السنونو (
العدد الثامن ) -
الفهرس
صورة فهرس
العدد 8
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مجلة السنونو ( العدد الثامن ) - الافتتاحية - نهاد شبوع
مجلة السنونو (
العدد الثامن ) -
الافتتاحية
|
|
نهاد شبوع
|
|
من أرشيف الأشواق
رئيسة التحرير:
نهاد شبوع
مقدمة:
تُرى أمستطيعة أنا أن
أغرفَ من هذا الأرشيفِ, فأخاطبَ حفدتَهم اليوم بما خاطبتُ به جدودَهم أمسِ, عقبَ
زيارة لي إلى المهجر الجنوبي, فيما لو قدِّرت لي الزيارة الثانية نفسها لحفدتهم في
وقتنا الحاضر؟!
أمستطيعةٌ أن أغرف من
لغةِ الخِطابِ ذاتها, وأترع كؤوسي وكؤوسَكم كوثرَ الكلماتِ المغلّفةِ بالروح
والإيمان والثقة...؟ وقد باتوا يقولون –اليوم- عن هؤلاء الحفدة الذين بلغوا الجيل
الثالث والرابع –ويا بُطل ما يقولون- يقولون عنهم: "إنهم فكّوا آخر حلقة لهم مع وطن
الجدودِ الأولِ, فامّحى هذا الوطن من مخيِّلتهم, وغاب رسمُهُ واسمُهُ عن ذاكرتهم,
وباتَ يمرُّ لماماً على مسامِعِهم عبر معلومةٍ جغرافيةٍ عارضة... أو أخبار حروبٍ
مروِّعة... أو شائعةِ عنفٍ وإرهابٍ مشينة... التصقت, استحقاقاً أو تجنياً, بهذا
الوطن المسكين حتى العظم؟!"
كما باتوا عنهم
يقولون:
"إنهم يتنكرون –لا سمح
الله- لأصلِهم, ويتهربون من حقيقة انتمائِهم, ليختبئوا وراءَ جنسياتِ البلادِ التي
في قلبها انسكبَ عرقُ جدودِهم, فأينعَ إخلاصاً ونبوغاً, وارتدَّ خيراتٍ ومؤسساتٍ
وحضارةً تتحدث عنها الركبان, لتصبح هذه البلادُ المرتعَ الخصبَ والحضن الدفيء
لأبنائهم المتحدرين من أصلابهم على الأجيال..!!"
ثم يزيدون فيقولون
-وحاشا أن يُصدَّقَ ما يُقال- :
"لقد تخشَّبوا,
وتحجَّرتْ قلوبُهم, وتيبَّستْ تقاسيمُ أرواحِهم.. ووجوهِهم, فأشاحوا عن كل ما يمتُّ
بِصِلةٍ لجدودِهم المعمِّرين الأمناء... لغةً عاداتٍ تقاليدَ وقيماً... ضاربين
باللغةِ –خاصةً- عرضَ التناسي واللامبالاة..!!"
حتى عودتهم إلى الوطن,
الذي يقال أنه صار في نظرهم جهلاً وفقراً وخوفاً, حتى عودتُهم فقد أصبح يُقال عنها
أيضاً أنها: عودةً حذِرةً... مشروطةَ الخُطى... محفوفةً بألفِ مساومةٍ نفعيةٍ
يتبادلونها والوطن الأم أخذاً ورداً بمعايير تجارةٍ ومزاوداتِ أرباحٍ وضماناتِ
فوائدٍ... وقد كانت –أيام زمان- عودةَ نصفِ قلبٍ إلى نصفِ قلب... مشغوفةً مشتاقةً,
دافِعُها الولاءُ الصادقُ والحبُّ الموروث... أو النذرُ الأمينُ المقدّس الذي قطعوه
على أنفسهم أمامَ أبٍ مفارق لاهف, تكسّرت أمانيه بالعودة في منتصف عمرٍ ودرب...
فتماهى جسدُهُ مع التراب الغريب... والقبر البعيد... قهراً وقسراً! وفي العينين
المودِّعتين بقايا دموعٍ لها معناها, وفي القلب الهامد بقايا جمراتٍ من اللهفةِ إلى
الأهلِ والدارِ... ملاعبِ الطفولةِ والصِّبا والحبِّ... ومراقد المُنى
والذكريات..!!
* * *
ولكن.. وبغير هذا
اليأس... ودونَ هذا الهِباب الساخن من القيل والقال... والاتهام المربكِ المؤرجِحِ
ما بين تصديقٍ يُمِضُّ.. وتكذيبٍ يُخدِّر... أمستطيعةٌ أنا العودة إلى مكنون لغةِ
أيام زمان, أجلو بها حقيقة (حضارة ثانية) ضربت أطنابها في التاريخِ رغم عوادي
الغربة وقسوة المعاناة... حضارة اسمها "حضارة الاغتراب", أشعلَ شموسها في القرنين
التاسع عشر والعشرين مهاجرون جبابرة يمَّموا شطر الأمريكيتين, وقد ضاقت بأجنحتهم
الكبيرة سماء البلاد... وتصحُّر الأرضِ.. والقلبِ.. والرجاء.. حضارة استحقتْ
بجدارةٍ لقب "الأعجوبة الثامنة", بعد أعاجيب الدنيا السبع... لأنها اختزنَتْ -بحقٍ-
الطموح المشرِّف... والفتحَ المسالمَ... البذور الجنيةَ والعزيمةَ النفاذةَ..
الصدقَ الشريفَ.. المؤسسةَ والاقتصادَ.. الإعلامَ والسياسةَ العدالة والحكمة...
والأهم المهمّ: بضاعةَ القلبِ والضميرِ التي لا تقوى عليها أعاصيرُ مادةٍ ولا
تهزمُها أزمنةُ تكنولوجيا أو آلةٍ أو دولار..!!؟
أمستطيعةٌ أنا الخروج
من أزمة الإيمان المزعزعِ بشريحة غاليةٍ جداً في الضفة الثانية, هي لنا نبتةُ
الرجاءِ الخضراء وكوةُ النورِ الوضاء, كلما اكفهرَّ أمامنا رجاء, وادلهمت سماء؟!
أمستطيعةٌ أنا الركونَ
إلى واحاتِ دِعةِ البالِ واليقينِ المغروسةِ في كل زاويةٍ من زوايا "بيت المغترب"
وفي كل جارحةٍ من جوارحِ "أصدقاء المغتربين"؟
أجل, أستطيع أن أخرجَ
وأخرجَكم, بكل تأكيد, وذلك بإقناع نفسي وإقناعكم بأن ما يُشاع عنهم ليس من قبيل
التعريض, بقدر ما هو من قبيل التنبيه والتحفيز على دحضِ ما يُشاع... ومن المؤكد أنه
–(ولو صدق بعضه)- لا ينطبق على كلِّهم.. إذ الجذورُ التي تمتدُّ في أرض العالم لا
تُحافظ جميعها في العادة- على مجاري الحياة المتفاعلة فيها, وكذلك الغضون التي
تتباعد عن أمِّها, لا تحرصُ كلَّها على استمرار اتصالها بأمِّها, على حد تعبير
المغترب الأديب منصور عازار, إذ منها ما يجف, ومنها ما ينقطع.. لأسبابٍ لن أدخلَ
الآنَ في تعليلها وتفصيلها.. وربطِها بالعوامل الكثيرة الطاردة التي -مع الأسف- لا
تزال تعمل في أبنائنا تبديداً وتهجيراً وسوقاً إلى مراكب الرحيليْن: الحقيقي منهما
والمعنوي..! كما أنها لا تزال تعمل في مهاجرينا إقصاءً وبتراً وإشاحةً وتغريباً..!
لن أنهزم... بل سأعمل
على أن أخرج وأخرجهم من هذا الترويع المعكر... فأنفضَ الغبارَ عن صورِهم المتألقة
وصورِ حضارتهم غير الممحوَّة.. وأغرف مرة أخرى للمسامع من لغة خطابها يوم عاينْتُها
في السبعينات, والتقيت ببعض من فرسانها الأوائل, ويوم أعجبتُ بها حتى الاندهاش, كما
أعجبتْ بها سيادة وزيرة المغتربين "الدكتورة بثينة شعبان" –اليوم- حتى الاندهاش,
عَقِبَ زيارةٍ جديدةٍ لها لمهجر المتحدرين من حفدةِ هذه الحضارة, بدليلِ ما سجلتْ
من انطباعاتها كمسؤولة مهتمة لا كعاديةٍ مثلي مهتّمة.. انطباعات اختارها "السنونو"
في شوطه الثامن لباب (ما علينا وما عليهم ص16), وإنْ أولتْ هذه الانطباعاتُ قسم (ما
عليهم) الاهتمام الأكثر...
ولكن ليس من المستحيل
أبداً على وزارة, تتعهدُ هذا المفصَل الحياتيَ الهام –(الاغتراب)- بهذا الدأب وهذا
الإخلاص, أن تولي (ما علينا) أيضاً النظرة الأعمقَ والاهتمامَ الفعلي الأشملَ,
فنعمل معاً .. يداً واحدةً –مسؤولين وشعبيين- على تقاسم ما يترتب على كل واحد منا
إزاء هذا الموضوع الحساس, فلا يخسر الوطن طاقاتِه الفذّةَ وراء البحار, ولا يفرِّط
بأي غصن من أغصان شجرته الممتدة في آفاق العالم, ولا ينسى أبداً أن كسبَ هؤلاء لا
يقلّ عن كسبِ المعركة العربية الكبرى..!!
أجل سأعود القهقرى,
وأسعف أملي وأملكم, وأُنعش إيماني وإيمانكم, غارفةً من رحيق هذه الحضارةِ ولبِّها,
وكلّي يقينٌ بأنَّ هذه اللغة ستظل العملةَ غير الباطلةِ على الزمان وأبعاد المكان..
أتعاطاها مع من
ائتمنهم الآباء على أن يظلّوا سدنةَ البناءِ... وحرّاسَه حتى الفداء...
أتعاطاها مع الذين
تعلموا -منهم- ألا يقبلوا إلا "العقل أساساً وإلا الحقَّ الذي يكشفه العقل
عقيدةً...".
أتعاطاها مع الذين
نعدّهم المصهرَ الموضوعيَّ الذي يستوعبُ الحضاراتِ ويخصبُها, لا الأتونَ الأهوج
الذي يأكل الأجسادَ والأفكارَ والرسالاتِ السمحاءَ وقيمَ الإنسان.. ويحرقها..!!
أجل سأخرجُها كلماتي
من مخزّناتِ الأشواقِ والذاكرةِ مغلّفةً بالحنان والحنين.. مضمخّة بعطرِ الصِّدقِ
وحرارةِ المحبةِ... وسأنثرها جنوباً وشمالاً.. شرقاً وغرباً.. يميناً ويساراً..
قرباً وبعداً..! عساها تدفئ الأنحاءَ الباردةَ القاسيةَ.. سأدحضُ فكرةَ أن دورَ
الكلمة في هذا الزمن العولمي المتصحِّر هو دور الكلمات المؤلِّفةِ لبرنامج
"كمبيوتر" فحسب, وأن عليها أن تخلع عنها أردية الحسّ والشفافية والألفة والتأثُّرِ
والغيرية... هبة الله لها منذ أن كانَ "الله الكلمة" ومنذ أن أنزلت السماءُ علينا
أنداءَ الكلمات مدثَّرةً ببركة الرسالات ونِعمها..!
أجل سأترع بهذه اللغة
كؤوسَكم وكؤوسَ من اشتَقتُهم.. لأنني متأكدة أن كؤوسَهم عطشى –هي الأخرى- إليها...
بل أنها متحرِّقةٌ إلى أن تظلَّ عطشى إليها... عطشى إلى أن تتأثرَ وتفي.. وتفطنَ..
وتقتديَ.. وتحبَّ.. وتخلصَ.. وتتذكرَ.. وتتذكرَ.. حتى البكاء..!!
هذا هو الأرشيف المنوه به في المقدمة (28/11/1970)
رسالـة
شكـر مـن الوطـن المقيــم الى الوطــن النـــازح
إلى الذين أمطرتني عيونهم محبة
وأزاهير لقاء غمرت دروبي،
إلى مطافات نسورنا العرب في
البرازيل والأرجنتين والأرغواي،
إلى من يعرفهم قلبي دون عيني في
سائر المطافات المهجرية،
إليهم جميعاً تحيتي وولائي مقرونين
بتحية وطني وولائه
اندثرت حواجز اللحظات الأسطورية بينكم يا أحبتي ، وقطعة من حياة حلوة انسلت مني دونما جلبة ، لما غابت عن ناظري مطافات نسوري ، وأسدلت الدموع آخر ستار على عيني لتأخذ طريقها الى قلبي ، فتسقي فيه أخصب نبتة لذكـرى نمـت وأعشبـت وعرشت في حناياه ، وراحت تصور لي مهجر الأهل والاحباب وطناً اثيرا ثانياً بإلحاح وإصرار .
وأعود
بهالات صور أطبق عليها أهدابي .. أعود أنا .. أنا يتنازعني شوقان ، وتتجاذبني أرضان،
بين أضلاعي أغمار الحنين ، وفي عيني آلاف الأعين اللامعـة، جاءت معي الى مرابع
الاهل وملاعب الصبا ، وفي قلبي الآف القلوب اللاهفة أبت عليّ ان اعود وحدي ،
وأبت على قلبي ان يضج بمفرده بفرحة لقاء ..
وهكذا
أرحل عنك ياوطني الثاني، موئل إخوتي وأهلي الغالين ، أرحل وفي أعماقي إليك زهرة شوق
مقيم ير‘بها قلبي ، وانت في رأسي رؤى مشعة ترشح لي أضواءها فأسقي منها دروبي
العطشى في أرض وطني بصمت وسعادة ، وأطير إلى الله طفلة بزغب ثلجي كستني به قلوب
أبنائك البيضاء التي عرّفتني كيف يكـون للانسان ملكوته المقدس على الأرض
.
أرحل عنك والمسافات في خاطري تتصاغر وتتضاءل بيني وبينك ، فأحسك أقرب من قلبي
ومن عيني إلي .لا كيان لمسافات في قاموس التعاطف ، وفي السماء الواحدة التي تظلل
المتعاطفين ، وأنت .. ما أنت إلا وطني المتعاطف المنقـول على سواعد إخوتي ، إن
الزمن الذي ضمني إليك وولي كالخيال ينهزم الآن صاغـرا" أمام علاقة وشيجة باقية في
ضميرك وضميري .
إي وطني النازح : أكتب اليك الآن من أرض جذورك ومنبتك غامسة قلمي بدموع
نشوتي واعتزازي بك ، وسارقة لهاثه من أريج عالق بي منك ، أنت يا مـن
غرست سجايا وطني في كل مرمى نجم ، ونشقت مع كل تنهد سحبة حـب وحنيـن الى "مغنى
الأماني"(1) أرض الأهل والذكرى ، سحبة أبعد مدى من آهـات قصبنا الباكي على
أكتاف روابينا المفارقة . ومن خيوط رجاء وانتظار تغزلها ذبالتـان فـي محجري أم
مودعه ، لا تزال تتطلع الى إطلالة القمر الغائب .. والمحجران غدوا كهفين خاويين
.. والذراعان اللاهفان غصني رمان عاريين ..
أكتب إليك الآن وأوجه, ابنائك إخوتي تلوح في كدرة الدموع، وتلويحة أياديهم
ترسم امامي دروب اشواقهم الطويلة، وعيونهم العائدة مع عيوني تقودني الآن الـى
أصغر زاوية في بلادي لترتشف معي نهلة ، ولتسكب عليها عهداً جديداً بمحبـة ،
ولتنبش معي عن بقايا قصة هجعت
في مهد وثير
من ذكرى وأحـلام .. وقلوبـهم المتشبثة بقلبي تقودني الى بيوت عتيقة ، أشواقها
لا تعتق !! تتغلغل فيها وتتلمس فـي تعاريجها بقايا الشتاء الذاوي في أوجه امهات
شاخ فيهن كل شيْ الا القلب المنتظر .. تقريهن سلام الشوق ، وتمطرهن بقبلات
البر، وعبثاً ألملم أشتات نفسي الموزعة عندما يغمرني الصوت المرتجف الاجش :
"وابني فلان هل رأيته بالله ؟ متى قال لك إنـه سيعود؟".
أمامهن غبطت نفسي، وفي كل آثاري
تبين رسمكم ورأيتكم يا إخوتي المهاجرين، بل عبثاً احتمي من امواج السعادة الغامرة
التي عبأتم بها جيوبي لما قدر لي ان اكون لوطنكم ولامهاتكم ولاحبابكم رسولة شوق
وصوت بشير. ولما قدر لي أن احمل إليكم كمشة من شمس بلادي اللاهفة، ولما رحتم
تتلمسون في داخلي وهج حكاية جديـدة عن وطنكم الجديد.. فرحتم تكرمونه فيّ
وتكرمونني فيه معبرين بذلك عن فائق حبكم واخلاصكم له، وادرك آنئذ روعة أن يكون
الأنسان حبة صغيرة مخلصة من بيـادر وطنه، وروعة أرض طيبة تحتضـن حبة الوطن
وتقدرها وترعاها بمحبتها وتمطرها باحترامها وشوقها.
إي احبابي المهاجرين: ما تراني
اليوم وأنا اغرس قدمي في الأرض التي انبتتكم وانبتتني محدثة وطني عن ثمار محبتكم
له؟ وثماركم الكثيرة الناضجـة لا تستوعبها سلالي الطافحة الآن
بأشواقي وأشواقكم؟ أأحدثه عن مدنـه المنقولة علـى سواعدكم تيمنا الى احلى شوارع
العالم واقصاها؟ وعن حجارتها المقطوعة من تفانيكم؟ وترابها المجبول بعصير
وطنيتكم؟ وعن اسمائها المنقوشة على اجمل صفحة من الدنيا نجوم خلود؟: سورية
ولبنان وحمص ويبرود وزحلة وراشيا وحلب.. و.. مدنكم التي حملتموها معكم الى
مغتربكم شوارع، كما نقل جدودكم من قبلكم الى الأندلس مدنهم الشرقية وذكرياتهم؟
أأحدثه عن الإنسان الحقيقي فيكم الذي راح ينحت مساكن من قلبه يضم اليها الإنسان
في قمم ضعفه: الإنسان الطفل، الإنسان المريض، والإنسان الشيخ، حافظاً للحياة
منابعها ومجاريها ومصباتها في المياتم والمصحات ودور العجزة؟ أأحدثه عن الحرف
العربي الذي تجاهدون في سبيل صونه في صحفكم ومجلاتكـم وقريباً في مدارسكم
الجديدة؟ أأحدثه عن صوت الأدب في ندواتكم وفي اسماركم التي تسرقونها من يومكـم
الراكض في حلبة "غريبة الوجه واليـد واللسان" لتصونوا المنابع التي طالما سقت
ادبنا ونهضتنا بصوت أدبائكم وشعرائكم؟ أأحدثـه عنكم افراداً وكل فرد منكم يتمثل
امامي وطناً عربياً يعرف‘ حقوقه ويدافع عنها؟
اجل سأحدثه عن كل هذا حديثاً
طويـلا طويـلا.. فعذبة هي حكاياتكـم.. سأحدثه في غير هذه الوقفة التي اعتبرها
اليوم اطلالة لقاء بكم وشكراً لكـم مـن حمصي.. اجل إطلالة لقاء لا وداع.. فأنا ما
طقت توديعكم ولن اطيقـه. ومـن المرارة وداع الأوطان. وأنتم وطني أيضاً.
يكفيني الآن من هذه الإطلالة أن
أعطر بذكركم أجواء وطني المقيم، وأن أنقل اليكم لهفته وأشواقه وشيئاً عن الأضواء
الراقصة في حلبـات عيونـه إذ رآكم فيّ ورأيتكم فيه، وأن أهنئه بطاقاته الجبارة،
وشطره الداعم في المهاجر، راجية أبداً أن يعول عليكم، وأن يوطد صلة الوصل بيننا
وبينكم، وان تعولوا بدوركم عليـه، لأنكم نحن، ونحن أنتم، وكلنا وطن عربي واحد.
يكفيني الآن في إطلالة اللقاء هذه
ان اقول لكم وقد لويت جناحي دون قلبي عن دياركم: ان كل ما رأيته في مهجركم
أحسسته اماً حنونا تضمني بين ذراعيها، شكرا" لكم اخوة ترعون ذمام الاخوة،
ووطنيين ترون في مواطنه مثلي وطنكم.. أترككم الآن وأنا أحمل معي ظلال محبتكم
السخية، وما زلت احلم بيوم اجمع لكم فيه الأزهار من وطني المقيم وأعود إليكم
بفرحة طاغية وأعطيكم ما جمعت، أو تعودون إلي لأعطيكم ما جمعت.. ولتأخذوا ما
تجمعون..
إلى اللقاء الشاكرة المشتاقةنهاد شبوعفي 28-11-1970
(1)
تركيب أطلقه الشاعر الحمصي المهاجر الأستاذ نبيه سلامة على ديـاره المتروكة
في قصيدته الوداعية الرائعة لمدينة حمص عام
1936.
|
|
WEBMASTER : AA-ALSAAD
|
This Web Site Programmed and
Written By ABD ALMASSIH JAMIL ALSAAD
..... Copyright 2003 (C) SCOPNET All
Rights Reserved
|
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)