مجلة السنونو (
العدد الرابع ) -
ضيوف السنونو عبر الإنترنت
|
|||
حــــوار مــــع سيادة وزيرة المغتربين الدكتورة بثينة شعبان ( جريدة الحياة ) |
|||
وعدت وزيرة المغتربين السورية الدكتورة بثينة شعبان باتخاذ "إجراءات جديدة" تسهل
عودة المغتربين السوريين البالغ عددهم بين 12 و15 مليوناً إلى البلاد, ورفضت مصطلح
"منفيين طوعيين" في الخارج لأسباب سياسية لأن "ليس هناك منفيون بل أشخاص عليهم
حالات قضائية".
وأكدت شعبان في حديث إلى "الحياة" بعد عودتها من جولة في الولايات المتحدة شملت
لقاءات مع مسؤولين أميركيين تمسك دمشق بـ"الحوار السياسي" مع واشنطن, مشيرة إلى
وجود "خلاف" داخل الإدارة الأميركية حول كيفية التعامل مع سورية "بين التيار
الديبلوماسي السياسي الذي يريد الاستمرار في الحوار وتيار آخر من المحافظين الجدد
يؤمن بأن الولايات المتحدة قوة عسكرية عظمى يجب أن تحل كل المشكلات بالسلاح". ونفت
أن يكون "الخطاب السياسي والإعلامي" لدمشق "خشبياً", مؤكدة أن الحكومة السورية
تتحدث "لغة العصر" وتستوعب التغيرات في العالم بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر). وفي ما
يأتي نص الحديث:
بدأت
نشاطاتك الرسمية بجولة على المغتربين في أميركا كانت الأولى لوزير مغتربين سوري.
لماذا أصبحت الحكومة السورية مهتمة بموضوع المغتربين, وكيف كان صدى هذه الزيارة؟
- كانت الحكومة دائماً مهتمة بموضوع المغتربين. وحتى قبل استحداث وزارة كانت هناك
وزارة دولة لشؤون المغتربين ضمن وزارة الخارجية. وقبل عامين استحدثت وزارة
للمغتربين. وهذا تعبير عن اهتمام الحكومة بالمغتربين خصوصا أن لدى سورية أعداداً
تقدر بنحو 15 مليون مغترب في أنحاء العالم. ومن خلال عملي السابق في وزارة الخارجية
كنت ألتقي دائماً بالأخوة المغتربين في الولايات المتحدة فنشأت علاقة قوية بيننا.
وبما أن كثيرين منهم حققوا مكانة مرموقة في المجتمع الأميركي, كان من البديهي أن
نتوجه إلى هؤلاء ونفسح المجال أمامهم للمساهمة في بناء الوطن, وكي يكونوا جسراً
للعلاقات السورية - الأميركية. وهذا أمر مشروع لأن جميع دول العالم تحاول أن تستفيد
من ثرواتها البشرية. إضافة إلى أنه قد تكون لديهم طلبات أو مشكلات أو أمور خاصة
يريدون حلها في القطر.
هل
تترافق هذه الزيارة مع إجراءات جديدة تتخذها الحكومة تتعلق بحل مشكلات ربما تكون
سياسية للمغتربين؟
- كل شيء خاضع للدراسة والمراجعة. وأنا في صدد إعداد تقرير شامل عن زيارتي لتقديمه
إلى مجلس الوزراء سواء كان الأمر يتعلق بوزارات مختلفة أو بقرارات مهمة بالنسبة إلى
المستقبل أرجو أن ينظر فيها. لكن في الحقيقة لم أجد مشكلات كبرى, ومعظم المشكلات
تتعلق بسداد بدل خدمة العلم أو بدل الاغتراب.
إذاً,
في أي مجال تقع الإجراءات المتوقعة؟
- هناك كثيرون لا يستطيعون العودة لأن لديهم خدمة علم, وبعضهم يرى أن بدل الخدمة
مرتفع وأغلى مما هو للمغتربين في دول الخليج. هذه أمور إجرائية سنحاول إيجاد حلول
لها. قلت للإخوة هناك: تخيلوا مثلاً أن شابين سوريين درسا الطب في الولايات
المتحدة, أحدهما عاد إلى البلد وخدم العلم ويعمل في مشافي الدولة, والآخر بقي في
الولايات المتحدة يطالب بعدم خدمة العلم. هناك مساواة للمواطنين ويجب أن نفكر بذلك
الذي عاد إلى البلد وأدى خدمة العلم وهو يعمل في بلده ويخدم بلده, فكيف يمكن للبلد
أن يعطي معاملة تفضيلية لمن لم يعد؟ هناك أشياء يجب أن تكون متوازنة, والمبدأ
الأساسي هو المساواة بين كل المواطنين في الحقوق والواجبات وهذا ما تسعى الوزارة
إلى تحقيقه بالنسبة للمغتربين.
عندما يطرح موضوع الاغتراب أو المغتربين ترتسم لدى البعض صورة
سوداوية أو إشكالية تتعلق بمشكلات أو أحداث وعقبات حدثت مع أفراد لدى قدومهم إلى
البلد, ربما بعضهم أوقف وحقق معه ثم أطلق, وهناك من يتحدث عن سوء معاملة في المطار.
كيف تنظرين إلى هذا الأمر, وفي حال كان هناك بعض الظلم اللاحق بالبعض فهل هناك
اتجاه لمعالجة الأمر؟
-لا أريد أن أقول إن إساءات لا تحدث. في كل بلدان الدنيا هناك إساءات غير مبررة
يتعرض لها البعض, لكن هذا ليس سبباً أو مبرراً لأن نقول إن كل شيء غير جيد. هؤلاء
أنفسهم حين يذهبون إلى الولايات المتحدة نفسها سيواجهون حالة عامة حيث المطارات لا
تطاق من كثرة التفتيش. لا أدافع عن الخطأ, لكن حتى من تعرض لتجربة غير سارة يجب أن
يتذكر أن الذي سبب له هذه التجربة هو شخص أو تقدير شخصي وقد يكون هذا التقدير
خاطئاً. سورية كبلد لا تسيء الى أحد من مواطنيها. وهناك فرق بين الانتماء إلى البلد
وبين وجود بعض الأشياء غير المرضية التي يحتج عليها بعض المغتربين.
هل
سمعت قصصاً من هذا القبيل؟
- دعني أكون صريحة. كانت حوادث نادرة لم أسمع بها من أكثر من خمسة أشخاص فيما قابلت
المئات والآلاف من الجالية. الانطباع العام ممتاز, وفوجئت بحماسة السوريين في
الخارج للمساهمة في نهوض البلد, وحيثما ذهبت وجه إلي سؤال: ماذا تريدون منا؟ ماذا
يريد البلد منا أن نفعل؟ وهم جالية مقتدرة فكرياً ومهنياً وذهنياً.
ما عدد المغتربين السوريين؟
- السوريون في الولايات المتحدة يقدر عددهم بنحو 700 ألف من أصل نحو مليوني عربي.
أما في العالم فالتقديرات لدينا تراوح بين 12 و15 مليوناً. في البرازيل وحدها هناك
أكثر من خمسة ملايين من أصل سوري, وفي تشيلي أكثر من نصف مليون. وهناك غالبية وصلت
إلى مراحل مهنية مهمة وتتمتع بسمعة طيبة, وهذه الجالية ثروة معنوية لنا.
وثروة مادية لأن أموال المغتربين تقدر بنحو 80 بليون دولار. هناك
من يحملك الآن مسؤولية أن تعيدي قسماً من هذه الثروة البشرية والفكرية والمادية إلى
دمشق؟
- كثير من البلدان مرت بالتجربة التي نمر بها اليوم. مثلاً كانت هناك بلايين
الدولارات من الأموال الصينية خارج الصين. منذ 20 عاماً وضعوا خطة واستحدثوا قوانين
وأصدروا قوانين خاصة بالمغتربين ليعيدوا الرساميل إلى الاستثمار في الصين, واطلعت
على دراسات أولية تقول إن ذلك أدى إلى النهضة الصناعية في الصين. وأخطط لزيارة
الصين الشهر المقبل لأدرس القوانين التي غيروها, وما هي الطرق التي اتبعوها لجذب
استثمارات هؤلاء الناس ولجذب الرساميل إلى الصين.
موضوع
الاغتراب سياسي ويتعلق ببعض الخطوات الرمزية, إذ إن في السنوات الثلاث الماضية عاد
كثير من المغتربين وباشروا العمل, لكن أخيراً حصلت إجراءات في حق بعض المغتربين
وأرسلت إشارات رمزية سلبية للمغتربين في الخارج؟
- كون الشخص مغترباً لا يعطيه الحق ليكون فوق القانون. هذه دولة وتقوّم أداء
مسؤوليها بالطريقة المعتادة وبالطريقة التي ترتأيها. لا يمكن للمغترب أن يكون ابن
البلد وفوق ابن البلد في آن.
التعاطي
مع أحداث فردية يعطي مفعولاً عاماً؟
- لا على الإطلاق. هذه دولة ولديها مؤسسات ولديها مسؤولون ويمكن أن يكون المغترب
مثل ابن البلد, يمكن أن يكون أداؤه ممتازاً أو ضعيفاً. المغتربون هم شريحة من هذا
البلد وليسوا قوة أسطورية لا تخطئ.
في المقابل عودة بعض الأشخاص المعارضين إلى البلد كانت إشارة رمزية
في الاتجاه المعاكس؟
- لأنهم قالوا لا أريد أن أدخل سورية على ظهر دبابة أميركية. هذا كلام تم تقديره,
وهذا يؤكد أن الحكومة ترحب بكل أبناء الوطن إذا كان الانتماء الوطني هو الأهم على
جدول أعمالهم. سورية تريد أن تحمي أمنها وشعبها ومستقبلها وهناك حكومة ترسم
استراتيجيات. في كل بلدان العالم حتى في الولايات المتحدة الشعب له رأي, لكن
الحكومة هي من يقرر وينفذ, ولا يمكن أن تسمح أي حكومة لأي إنسان بأن يقرر وينفذ
سياسة تلحق الضرر بأمن البلد واقتصاده وقيمه. الحكومة تنفذ وتقرر سياستها لكنها
تأخذ في الاعتبار آراء الناس والأفكار والأداء أيضاً ضمن القوانين الناظمة للحياة
السياسية في البلد. كل إنسان في البلد لديه حقوق وواجبات وهذا ينطبق على الجميع
مغتربين وغير مغتربين. كل حالة تدرس على حدة ضمن إطار القانون وكل إنسان يقيّم بحسب
أدائه وبحسب وضعه وبحسب موقفه والتزامه القوانين والأنظمة.
هل
سيسمح لجميع "المنفيين الطوعيين" بالعودة إلى البلاد؟
- لا يوجد منفيون. يوجد ناس عليهم حالات قضائية. لست متخصصة في هذا الأمر, لكن هناك
15 مليون سوري خارج البلد, فمن الصعب أن تعمم مثل هذه الحالات على هؤلاء. لا بد أن
يدرس موضوع كل شخص على حدة وهم قلة صغيرة ارتكبت أعمالاً ضد مواطنين آخرين يحاسب
عليها القانون كما هي الحال في جميع أنحاء العالم. لكن نريد أن نتفق دائماً أن
الانتماء للوطن ومصالحه هو الأهم. سورية مثل أي بلد في العالم: تعمل وتحاول وتجرب
وترتقي وتبذل جهدها في جميع المجالات.
وبين النقد الإيجابي والنقد السلبي هناك فرق بأن تتعامل مع ظاهرة سلبية لتصحح هذه
الظاهرة وبين أن تتعامل مع ظاهرة سلبية لتشهّر بها خدمة لمن يريد النيل من بلدك.
النيل من سورية غير مسموح والتعامل مع الناس من أجل النيل من سورية بأي ذريعة كانت
غير مقبول على الإطلاق.
في مقابل ما أعلنه البعض من أنه لن يعود على دبابة أميركية نرى على
الضفة الأخرى أشخاصاً آخرين عقدوا في واشنطن مؤتمر المعارضة السورية بالتنسيق مع
"معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى" أحد أذرع جماعة الضغط اليهودي في واشنطن؟
-
أولاً, عقدهم مؤتمراً لا يعني أنهم مجموعة. ثانياً, قالوا لي في واشنطن إن شخصاً
واحداً ذهب في اليوم الأول بمفرده. أي, لم تكن هناك معارضة على الإطلاق, فقالوا يجب
على الأقل أن يأتي بشخصين معه, فأتى في اليوم التالي بشخصين معه.
نحن في سورية كلنا نعارض ظواهر ونعمل مع ظواهر ونعمل ضد الخطأ ومع الصح. لكن ما يجب
أن ننتبه إليه أن العالم العربي مستهدف من خلال محاولة بعض أبناء العرب التشهير
بأوطانهم, وهذا ينطبق على سورية وعلى كثير من الدول العربية. هذا يجب أن يكون
مرفوضاً من كل من لديه عقل وفكر, وحتى العمل مع وسائل تبث الدعاية الصهيونية
والدعاية التي تحاول النيل من العرب يجب أن يكون أمراً مرفوضاً ومداناً.
هناك من ربطه بما حصل في العراق, وهناك من يقول إن أميركا تريد
تكرار السيناريو الأميركي في سورية؟
- الخارجية الأميركية قالت لأحد هؤلاء: هل تتوقع أن نـأخذك على محمل الجد؟ هو مثار
سخرية في الحقيقة في واشنطن. بقي أياماً في واشنطن ورفضت الخارجية الأميركية أن
تستقبله أو تتحدث معه أو تأخذه على محمل الجد. لذلك في رأيي صرف وقت على مثل هؤلاء
الأشخاص هو دوران في الفلك الصهيوني, لأن هذه رؤية صهيونية تحاول جذب ضعاف النفوس
من العرب لأسباب شخصية بهم لتقويض منهجية الحق العربي. ونحن كإعلام عربي وكعرب
جميعاً يجب أن نقف في وجه هذا التيار. كون الإنسان يتكلم لغة عربية لا يكفي دليلاً
إلى الانتماء السليم. في ذهني مقارنات كثيرة لأناس ليسواً عربا وهم يقفون مع الحق
العربي في شكل حاسم نهائي. هناك أناس عرب وقعوا ضحية لترويج دعاية الصهيونية التي
تجهز على الحق العربي وعلى الأرض العربية وعلى مستقبل هذه الأمة. ويجب أن نكون
حاسمين في هذا الإطار.
عقدت في واشنطن لقاء مع مساعد وزير الخارجية وليم بيرنز ومع إليوت
أبرهامز مسؤول الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي. كيف تصفين اللقاء؟
- كان اللقاء إيجابياً جداً. كوزيرة سورية حين أذهب إلى الولايات المتحدة من واجبي
أن أخبر السفارة الأميركية بذلك. أي, لم أقم بزيارة رسمية للولايات المتحدة, لكنهم
أبلغوني أن بيرنز يرغب في لقائي فرحبت بالفكرة. وكان اللقاء جيداً, وتحدثنا عن
ضرورة استمرار الحوار وعن الوضع في المنطقة وعن دور سورية. وكان بيرنز إيجابياً
واتفقنا أن تفكر سورية والولايات المتحدة في الطريقة التي يمكن أن نستمر في الحوار
والتعاون من أجل جعل الشرق الأوسط منطقة أفضل للجميع.
وزارة
الخارجية الأميركية تطلب عقد لقاء معك والبيت الأبيض يسمي سفيرة لأميركا في دمشق في
اليوم نفسه الذي يوقع فيه "قانون محاسبة سورية واستعادة سيادة لبنان" الذي يقترح
فرض عقوبات سياسية واقتصادية ومن بينها خفض العلاقات الديبلوماسية وربما قطع الحوار
مع دمشق. كيف تفسرين ذلك؟
- التفسير الوحيد الواضح هو الخلاف في الإدارة الأميركية بين التيار الديبلوماسي
السياسي الذي يريد الاستمرار في الحوار مع سورية وبين تيار آخر من المحافظين الجدد
يؤمن بأن الولايات المتحدة ذات قوة عسكرية عظمى يجب أن تحل كل المشكلات بالسلاح.
وهذا التيار المناصر لشارون يعمل جهده لخدمة المصلحة الإسرائيلية في المنطقة, في
وقت ترتفع في إسرائيل أصوات كثيرة ضد سياسة شارون ويتمرد جنود وضباط إسرائيليون
ويمتنعون عن الخدمة في الأراضي الفلسطينية, وهذا ما يرينا مدى الخطـأ الذي ذهبت
إليه هذه المجموعة من المحافظين الجدد في دعم السياسات الشارونية التي تنعكس سلباً
على إسرائيل وعلى الولايات المتحدة. وإذا فكرنا في العلاقات السورية - الأميركية لا
أرى أين هي مصلحة الكونغرس أو الإدارة في "قانون محاسبة سورية".
هل تشعر سورية بالقلق من دفع ثمن الخلاف بين هذين التيارين أم أنها
تسعى إلى الإفادة منه؟
- أسلوب سورية هو الحوار والتعاون السياسي والالتزام بالمرجعيات الدولية وبقرارات
مجلس الأمن. هناك قلق عالمي من هذا التيار للمحافظين الجدد. ولاحظت في الولايات
المتحدة القلق لدى الأميركيين أنفسهم سواء في مراكز الأبحاث أو في الجامعات والخوف
على أسلوب الحياة الأميركية التي اعتادت على سيادة القانون وعلى عدم وجود اعتقالات
لمجرد الشبهة.
يقال إن هذا هو عالم ما بعد 11 أيلول وأن سورية لم تتعاط بعد مع
هذا العالم بمصطلحاته الجديدة بصرف النظر عما إذا كانت توافق عليه أم لا؟
- سورية كانت من أولى الدول التي دانت ما حدث في 11 أيلول. وكان الرئيس الأسد بين
أول من عزوا بالضحايا. لكن ما حدث بعد 11 أيلول هو أن الصهيونية سارعت إلى ربط
أحداث الإرهاب في الولايات المتحدة بالصراع العربي - الإسرائيلي ووسمت كل من يقاوم
احتلالاً واستيطاناً بأنه إرهابي. وفي النتيجة ألصقت تهمة الإرهاب بكل عربي ومسلم.
وفي المقابل, حصل تقصير لأن العالمين العربي والإسلامي لم يسارعا إلى الفصل بين
هذين الامرين ولم يبذلا جهدهما السياسي والفكري والإعلامي للفصل بين ما يحدث في
فلسطين وبين ما يحدث في الولايات المتحدة وغيرها من هجمات إرهابية.
هل
هناك فكرة جدية غير دعائية أو إنشائية لتدارك التقصير العربي؟
- نحن في سورية نبذل قصارى جهدنا, لكن هذا موضوع كبير. إعادة المصطلح العربي إلى صف
الحق العربي مهمة استراتيجية كبرى. العرب لن يخوضوا معركة بالسلاح والدبابات
والطائرات. المطلوب من العرب أن يفرزوا إعلامياً ولغوياً وسياسياً الإرهاب عن
الصراع العربي - الإسرائيلي وأن يتشبثوا بحق المقاومة ويبتعدوا عمن يحاولون إيهامهم
بأن الدوران في فلك المصطلح الصهيوني هو دليل الحداثة والعولمة.
يقال
إن الخطاب الإعلامي هو خطاب العصر والخطاب المقابل هو خطاب خشبي غير مرن ولا يعرف
التعاطي مع العالم؟
- هذا غير صحيح. هذا ليس خطاب العصر. حين تقول عن الفلسطينيين والإسرائيليين أنهم
طرفان وأن على الطرفين أن يفعلا شيئاً, هذا إجهاض للحق العربي وللحق الفلسطيني. هم
ليسوا طرفين: هناك طرف إسرائيلي يحتل أرضاً, وطرف فلسطيني أرضه محتلة. لذلك لا يجوز
لمسؤول عربي أو لفضائية عربية أن تقول: على الطرفين.
هناك من اعتبر أن هذه "لغة خشبية" لا يمكن أن تلقى صدى في أميركا أو
في الغرب؟
- حاضرت في جامعتي برنستين وميتشغين وفي مجلس العلاقات الدولية في لوس أنجليس وفي
مجلس العلاقات الدولية في هيوستن, وعندما تحدثت هذه اللغة قوبلت بالتصفيق الحار في
كل هذه المواقع. إذا ما يقوله بعض الإعلام العربي غير صحيح واللغة التي نتحدثها
ليست خشبية, إنما هي لغة متمسكة بالحق مع إصرار على الحوار. وأؤكد ما قاله الرئيس
حافظ الأسد رحمه الله مع بدء حرب تشرين الأول (أكتوبر) 1973 من أننا "لسنا دعاة حرب
وعدوان وإنما ندفع العدوان عن أنفسنا". حين تناضل من أجل أن تدافع عن أرضك فأنت لست
معتدياً, بل تحاول دفع العدوان. لكن ما يردده بعض الإعلام العربي هو الوقوع في شرك
المصطلح المعادي للحق العربي.
هل
هناك نية لاستراتيجية إعلامية سورية؟
- على كل عربي أن يفكر بطريقة لوضع استراتيجية إعلامية عربية. دعونا نعيد التفكير
في مئة مصطلح تؤثر في الحق العربي. ودعونا نستخدم المصطلح الذي يؤيد الحق العربي في
لغة مرنة.
كيف
تختصرون العلاقات السورية - الأميركية حاليا؟
- دعوة
إلى الحوار.
من الجانب السوري؟
- من الجانبين هناك دعوة إلى الحوار.
لكن الإشكالية بعدم معرفة كيفية إجراء الحوار؟
- لا,
نحن نبسط الأمور. الواقع العربي متضعضع. ولو نظر العرب إلى أنفسهم كما ينظر إليهم
الآخرون بأنهم كتلة واحدة لما استضعف الواحد منهم تلو الآخر. أعتقد
بأن
الحل ليس في يد سورية فقط وإنما في يد العرب أن يبدأوا ليروا أنفسهم كهوية واحدة
ويتحدثوا مع العالم بأنهم هوية واحدة.
هل يمكننا أن نقول إن سورية قلقة؟
- كون الإنسان قلقاً لا يعني أنه خائف على الإطلاق. هناك قلق إيجابي, كل بلد يجب أن
يكون قلقاً على مصالحه وعلى مستقبله, لكن ليس قلقا بالمعنى السلبي على الإطلاق.
بعد تخلي ليبيا عن أسلحتها للدمار الشامل وتوقيع إيران اتفاقاً مع الوكالة الدولية
للطاقة واحتلال العراق, هل تشعر سورية بأنها تحت بقعة الضوء؟
- أبداً.
سورية تعمل الآن وهي قلقة على المنطقة. وسورية لا يمكن أن تكون في أمان طالما
المنطقة كلها في وضع خطر. لذلك تحاول سورية أن تلعب دوراً فاعلاً سواء من خلال
علاقاتها مع الأمم المتحدة أو في علاقاتها مع العرب ومع أوروبا ومع تركيا واليونان.
سورية نشطة على الساحات الدولية والإقليمية والعربية انطلاقاً من رؤيتها بأن
المنطقة في حاجة إلى كثير من العمل والعرب في حاجة إلى الكثير من إعادة ترتيب
الأوراق وإلى عمل جاد. لكننا متفائلون ولسنا متشائمين على الإطلاق.
|
|||
|
WEBMASTER : AA-ALSAAD
|
This Web Site Programmed and
Written By ABD ALMASSIH JAMIL ALSAAD
..... Copyright 2003 (C) SCOPNET All
Rights Reserved
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق