مجلة السنونو (
العدد الثالث ) -
لك يا منازل
|
|||
غريبة في منزلي ... ( ماري خاشوق )
|
|||
( متى نستعيدك يا "بيت الأهل".. ليعود إليك كل "الغرباء فـي منازلهـم"..؟؟)
الرابطة
نسيت الياسمينة البيضاء،
التي غرستها بيدي ورعيتها وكبرنا معاً، وشهدت طفولتي وشبابي وكنت الجأ
إلى أزهارها البيضاء المتلألئة نجوماً لأصنع منها اسورة وعقوداً نتزين بها صغاراً،
ونهديها إلى ضيوفنا عربون محبة وترحيب...
هذه الياسمينة لم تمل يوماً أو تعلن إضرابها عن العطاء، بل كانت تقول
دائماً:
"هل من مزيد ؟!"
نسيت شجرة الإكي ـ دنيا،
الدائمة الخضرة والتي علمتني العطاء الدائم، والتي كانت موطناً وملجأ لا
حد له لعدد من العصافير والطيور واليمام، وكانت تجود علينا بأوراقها صيف شتاء،
فتمتلئ الأرض، فنغضب ثم نرضى بسرعة لأننا أحببناها فقد كانت المظلة التي تحمينا من
حر الصيف ونتجمع تحتها نتسامر ونتحادث دون أن نشعر بالوقت والساعات، فقد كانت
الملتقى الذي يسرع إليه كل آتِ إلينا وكأنها المكان الوحيد في الدار الشاسعة،
وكأنها أم لا تحلو لها الحياة إلا إذا تجمع أبناؤها حولها وقربها وأكلوا من ثمارها.
"
كانت أماً وكنا أبناءها
وسامحوني إذ نسيت أمي!.. "
نسيت الدالية،
بأغصانها المتشعبة هنا وهناك، وأوراقها الخضراء الكثيفة، رغم اصفرار
الخريف ومرور الشتاء الحزين، وحصرمها المتعدد الأوقات فقد كانت (سباعية) وعنبها
القليل لأنه قلما يسلم من الطيور والأولاد.
ورغم هذا كانت صامدة ومنها تعلمت الصمود والتحدي رغم كل الصعاب لأصل إلى مرحلة
العطاء وإسعاد الآخرين مهما كان قليلاً..
نسيت تلك الفسحة السماوية، الممتدة بين البيت
والمطبخ...
"نسيم عليل، فراش يطير، قطة تقفز، سلحفاة تتسابق"
سماء صافية ترى فيها شروق الشمس وغروبها، وتسافر إطلالة القمر بدراً وهلالاً وكأن
الطبيعة أتت لتعيش معك، وبين أحضانك تتعلم الحب الصادق والعطاء الخالص وتنسى نفسك
وهمومك..
" فما أجحدني من تلميذة نسيت معلمتها! "
§
نسيت ذكريات طفولتي وملاعبها
§
نسيت أشيائي الصغيرة الكبيرة
§
نسيت، ونسيت..
ـ
أمام ما نسيت تملكني الحزن كثيراً، ولما أدركت أن ما نسيته لا يمكن لي أن أحمله
مهما كانت حقائبي من النوع الممتاز ووسائل النقل متطورة.
لهذا تركت روحي وقلبي هناك!.
وحمدت الله على أن الطبيعة في بيتي القديم علمتني من الحب والعطاء بلا
مقابل ما يكفيني لأعوام وسنين مهما غيرت وبدلت من بيوت.
فالطبيعة معلم الإنسان الأعظم.
وما نقش على القلب لا تمحوه يد الزمن..
وعندما توافد المباركون بالبيت الجديد ـ مهنئين مشكورين ـ جماعاتِ جماعات
لم اجرؤ أن أقول لهم:
" إنني غريبة في منزلي!."
|
|||
WEBMASTER : AA-ALSAAD
|
This Web Site Programmed and
Written By ABD ALMASSIH JAMIL ALSAAD
..... Copyright 2003 (C) SCOPNET All
Rights Reserved
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق