مجلة السنونو (
العدد الرابع ) -
ضيوف السنونو وجها لوجه
|
|||
المغترب نواف خزام ( محمد مطلق ) |
|||
غادر
بلده صغيراً مفعماً بالأمل والتفاؤل مسلحاً بالصبر والعزيمة، ليحقق ما تصبو إليه
روحه الشابة من مجد ورفعة شأنه في ذلك شأن آبائه وأجداده الذين أجبرتهم سنوات القحط
أن يتركوا أوطانهم وأملاكهم مكرهين ونفوسهم تنضح بحب الوطن وأمل العودة إليه... إنه
المغترب...
ذلك الطائر الذي هجر
دياره هرباً من برد الشتاء وأصوات رعوده وسطوة عواصفه إلى بلاد أخرى علَّه يلقى
فيها الدفء والأمان، هجر دياره وقلبه يئن بين مطرقة الشوق ولوعة الفراق وسندان
الحاجة وتأمين لقمة العيش. ونواف خزام هو واحد من طيورنا المهاجرة إلى ما وراء
المحيطات، التقيناه في رابطة أصدقاء المغتربين "بيت المغترب" في حمص التي تعنى
بشؤون المغتربين وأحوالهم وتتولى حل مشاكلهم وصعوباتهم، وهناك حدثنا عن غربته:
متى هاجرت من سورية وكيف تم لك الاستقرار والعمل في
البلد الذي هاجرت إليه؟
غادرت سورية عام 1964 وكان عمري حينها 16 عاماً متوجهاً إلى البرازيل حيث كان يقيم
هناك جدي وجدتي وأخوالي الذين استقروا في تلك البلاد عام 1930، فذهبت وكلي أمل أن
أجد عملاً هناك أو أن أساعد أخوالي في أعمالهم في مجال تجارة وصناعة النسيج، لكنني
حين وصلت صادفت عائقاً حال بيني وبين العمل هو عائق اللغة فثابرت فترة خمسة أشهر
كان شاغلي الوحيد فيها تعلم اللغة الرسمية في البرازيل "البرتغالية" لأستطيع خوض
غمار العمل، وبسرعة واجتهاد مني تعلمت اللغة ودخلت ميدان تجارة النسيج وصناعتها بجد
وعمل متواصلين حتى صار لي خبرة جيدة في النسيج وصناعته مستفيداً في ذلك من خبرة
أخوالي الواسعة.
هل مارستَ أعمالاً غير تجارة النسيج؟
نعم
لم أبق في صناعة النسيج لأن شركة أخوالي اشترت في سنة 1973 مزرعة كبيرة لإنتاج حليب
البقر وتربية العجول والزراعة بلغت مساحتها 450 فداناً وسلمتني إدارتها فاستمريت في
هذا العمل من 1973 وحتى 1977.
وبين عامي 1977 ـ 1984 اشتغلت في المقاولات والعمران في "بل أوريزونتي" عاصمة ولاية
"ميناس جيرايس" بنيت في تلك الفترة أثني عشر بناءً تراوحت ارتفاعاتها بين الأربعة
طوابق والاثني عشر طابقاً، حملت تلك الأبنية أسماء أفراد أسرتي "سامي وبشار وصلاح
والعم منير خزام وعادل وسامية وأميرة خزام...".
ما الذي دعاك إلى تسمية تلك الأبنية بأسماء أسرتك؟
كان هدفي من ذلك تخليد أسماء أفراد عائلتي وإعلاء شأن الإنسان العربي المهاجر الذي
يعمل في البرازيل دالاً بذلك على نشاط واجتهاد وعمل ذلك الإنسان في بلاد المغترب
كما في وطنه ومؤكداً على أن العنصر العربي في البرازيل والذي يشكل حوالي 20% من
السكان هو عنصر ذكي وفاعل ومؤثر في ذلك البلد فالعرب في البرازيل من أبرز المشاركين
في الحياة السياسية والاقتصادية، إذنراهم في مراكز إدارية حساسة : مدراء لمنشآت
اقتصادية حيوية كما نجدهم وزراء ورؤساء لبعض الولايات.
وبعد
عملك في البناء ماذا زاولت؟
في سنة 1984 أنهيت عملي بالبناء لأتفرغ إلى المعمل الذي شيدته في تلك السنة وهو
معمل لإنتاج العدد الزراعية، حقق المعمل نجاحاً متميزاً ونال عضوية جمعيــة "FIESP"
دعيت على أثرها من المؤسسة الدولية للزراعة التابعة للأمم المتحدة الفاو وبصفتي
عضواً في "FIESP
" لأمثل الحكومة البرازيلية في البعثة الدولية التي أرسلت إلى الباراغواي لتدرس
مشروع إنشاء معمل للعدد الزراعية فيها. أستمر عمل المصنع حتى سنة 1989 فتوقفت عن
المضي به لأتفرغ بعدها سنة 1990 للتجارة الحرة، وبقيت أعمل في التجارة مدة تسع
سنوات حتى عام 1999 قمت خلال هذه الفترة بثلاث زيارات لسورية أطلعت خلالها على الجو
الاستثماري ودرست إمكانية نقل أملاكي لأشارك في الاستثمار والتنمية في وطني الغالي،
أعجبت أثناء زياراتي بما تتميز به سورية من استقرار وأمان فقررت العودة والمشاركة
ببعض المشاريع الاستثمارية عن طريق فتح وكالة لماركات برازيلية في مجال البذور
والأدوية الزراعية وكنت قد بدأت ذلك عام 2000.
هل
واجهت أية صعوبات في طريق استثمارك في سورية؟
في الواقع ورغم تسهيلات الاستثمار الكثيرة المقدمة من الحكومة السورية، هناك بعض
الصعوبات والحواجز التي من شأنها عرقلة مسيرة من يريد الاستثمار في سورية، وهذه
الصعوبات يجب ألا نهمشها أو نحاول المرور عليها وتجاهلها لأنها على صغرها مؤثرة
ومعرقلة لجهود المستثمر، فمثلاً منظمة الفياآراب في سورية ليس لها النشاط التجاري
الذي نأمل أن تصل إليه.
ما رأيك بالمناخ الاقتصادي والصناعي لسورية من وجهة
نظرك كمستثمر وصاحب خبرة؟
*
الحركة الصناعية في سورية جيدة تلائم متطلبات السوق وهناك تصدير للخارج، كما أن
الحركة التجارية الداخلية جيدة أيضاً وتلبي ما يحتاجه الشعب من سلع وخدمات، لذلك
فسورية تملك أرضية صلبة مناسبة لقيام نهضة اقتصادية عامة فيها.
إذاً ما الذي يمنع المغترب السوري من العودة إلى وطنه والمشاركة في بنائه واستثمار أمواله فيه؟
في الحقيقة إن فكرة أن المستثمر لا يعود ليستثمر في وطنه الأم هي فكرة خاطئة،
فالكثير من المستثمرين يوظفون جزءاً من أموالهم في سورية، لكن سؤالك يجب أن يكون
لماذا ترى أن المغترب غالباً ما يستثمر في نطاق السياحة والترويج السياحي كالفنادق
والمطاعم.. ولا تراه يوظف أمواله في القطاعات الأخرى، عندئذ أستطيع أن أجيب على
سؤالك كأي مستثمر في العالم يريد أن يستثمر في بقعة ما من الأرض تراه يبحث عن
الموقع الذي يوفر له كافة متطلبات الاستثمار ويحقق له أكبر ربح ممكن.
لننتقل إلى الجانب الثقافي، ما هي النشاطات الفكرية
والثقافية التي تمارسها الجالية السورية في البرازيل، وما هي أوجه الدعم المقدمة
لتلك النشاطات وما هو المآل الذي آل إليه أدب المهجر العظيم؟
*
قد تفاجأ إذا قلت لك أن النشاطات الفكرية والثقافية للجالية العربية في البرازيل
التي كانت تشهد إحدى أعظم الحركات الفكرية والأدبية العربية تكاد تكون معدومة،
فالمركز الثقافي السوري في سان باولو وفروعه في الولايات الأخرى شبه مجمدة وليس لها
من النشاطات إلا النذر اليسير.
هل هي مشكلة دعم مادي؟
لا،
فالحكومة لم تقصر من ناحية الدعم المادي، إنما المشكلة تكمن في التنفيذ وتوجيه تلك
الموارد فقط، ورغم ذلك فإنك تجد بعض المحاولات الفردية للنهوض بالحركة الثقافية
العربية وهي بدعم من الأفراد كالنادي الحمصي الاجتماعي الذي يتم فيه تعليم اللغة
والموسيقى والنادي السوري اللبناني الذي تقتصر نشاطاته على الهوايات الفردية
كالسباحة والرياضة بأنواعها الجسدية والفكرية.
أما فيما يتعلق بأدب المهجر فقد أضحى في طيّ النسيان، ولا ننكر وجود
محاولات فردية أدبية مبدعة، لكنها محاولات فردية لا ترقى لأن تكوِّن أدباً عظيماً
كأدب المهجر في أوائل القرن الماضي.
وماذا عن الإعلام العربي؟
الإعلام العربي في البرازيل لابأس به من جهة المحطات التلفزيونية حيث يصلنا بث
القناة الفضائية السورية كما يصلنا بث القنوات العربية الأخرى، لكننا إذا قارنا
الدعاية الإعلامية العربية بآلة الإعلام الصهيونية نجد أن التفوق والسيادة هي
للإعلام الصهيوني الذي يغير الكثير من المفاهيم والقضايا العربية السياسية المحقة
وذلك لتأثيره الكبير على الرأي العام البرازيلي، فمثلاً لو جرت عملية هدم منازل
وإحراق أراض وقتل لعشرات الفلسطينيين وبالمقابل جرح إسرائيلي واحد في الأرض المحتلة
لتم نقل هذا الخبر إلى الشعب البرازيلي معكوساً.
وهنا لابد لي من أن أثني على جهود القائمين على برنامج "على عيني" في
القناة الفضائية السورية وذلك لجهود طاقم البرنامج المتميزة في التواصل بين
المغتربين وذويهم في الوطن وأتمنى أن تدعم مثل هذه البرامج، وأتمنى من إداريي
محطتنا الفضائية السورية الحبيبة على قلبنا لو يزيدون وينوعون من البرامج السياحية
التي من شأنها أن تنشط الحركة السياحية في البلد من جهة وتجعلنا نشعر بالفخر
والاعتزاز أمام أقراننا في البرازيل عندما نريهم مقدار ما تحويه بلادنا من كنوز
وآثار وحضارة .
وماذا عن جريدتنا البعث هل تتابعونها باستمرار؟
في
الواقع هذا مرتبط بتوفرها أو عدم توفرها في السفارة والقنصليات السورية، فهي في
الغالب غير متوفرة وإن توفرت فإنها تصلنا متأخرة أسابيع أو أشهراً، لذلك فإننا نقدر
جداً الجهود التي بذلت لنشر صحفنا السورية عبر شبكة الإنترنت الأمر الذي أتاح لنا
قراءتها يومياً والاطلاع على أخبار وطننا العربي بمصداقية وأمانة.
كلمة أخيرة تحب أن توجهها؟
أوجه تحية إكبار وإجلال للسيد الرئيس بشار الأسد الذي نعتز به ونرفع رأسنا بمواقفه
الشامخة وخطبه التاريخية، ولنا في خطابه التاريخي خطاب القسم الذي ألقاه سيادته في
مجلس الشعب وحمل فيه على كل مقصر ومتراخ وأثنى على كل مجتهد ومثابر منهج عمل ومثال
رائع لضرورة التعاون والتعاضد بين الجميع، وانطلاقاً من ذلك الخطاب التاريخي الذي
أكد فيه سيادته على ضرورة التعاون وتبادل الآراء للوصول إلى خير سورية، فإنني أدعو
وزارة المغتربين أن تضع أيديها بأيدينا لنبذل جهدنا سوية ونتعرف على المشاكل
والصعوبات التي تعترض تلك الفئة من السوريين وتمنعهم من العودة إلى حضن أمهم الرؤوم.
حمص
|
|||
|
|
WEBMASTER : AA-ALSAAD
|
This Web Site Programmed and
Written By ABD ALMASSIH JAMIL ALSAAD
..... Copyright 2003 (C) SCOPNET All
Rights Reserved
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق