الأحد، 1 نوفمبر 2015

مجلة السنونو ( العدد الثاني ) - شعر محلي - شتاء القوافي ( شجاع الفهد )

مجلة السنونو ( العدد الثاني ) - شعر محلي
شتاء القوافي ( شجاع الفهد )
  على جسد الوقت
  ينتحر الحرف
  يجدل من ليف صمتك
  مشنقة للحكايا
  ويخرج من بيضة الديك
  لحظةَ ذكرى
  تلملم من خطوات الدقائق
  كحل انتظار
  وتنتعل الأقحوان
  إلى باب فجر خصيّ

  * * *

  سنينَ.. رؤانا
  تجدّف
  نحو جزائر أحلامنا
  القرمزية
  تغرس في عنق
  الشطىء اللازورديّ
  رمح سؤالٍ
  وتبني من الرمل
  ـ ظهراً ـ قلاعاً




  يطارحها الموج
  خبثاً ..
  غراماً ..
  * * *
  أيائل حزنك
  تشرب من
  نبع ذاكرة القهر
  حتى ارتواءٍ
  وخاصرة البوحِ
  تصهل.. تصرخ
  ترمق
  خنجرك المتبتل
  في هيكلٍ
  من جوى
  يا صديقيْ
  * * *
  أنا أيّ جرحٍ
  يسافر في
  زمن الدم
  ينزف
  ـ ماءً ـ
  على عتبات الحنين
  المعفر بالكبرياء
  أنا أيّ وجهٍ

  غزته الغضون
  وراحت تحيك
  على غاره
  بيتها العنكبوتُ
  أنا أيّ نايٍّ
  من الريح
  ينسجُ
  لحناً.. دثاراً
  يقينا صقيع
  شتاء القوافي
  أنا أيّ نبضٍ
  يسافر
  في شريان الحياةِ
  يضخّ دماء القصيد
  إلى قلب حلمٍ
  أنا أيّ
  كسرة خبزٍ
  تسنبل في كفّ طفل
  تضمّد جوعاً
  وأيّ طريقٍ
  يحدّق في أفق المستحيل
  وأيّ حريقٍ
  سيوقظ

  روما
  على نغمات كمانٍ
  يحاور.. نيرون
  في كلّ عرشٍ
  أنا أيّ
  هاجرةٍ
  في صحارى انتماءٍ
  تفتّش عن واحةٍ
  من ضياع
  وأيّ زمانٍ ..
  وأيّ مكانٍ ..
  وأيّ .. وأيّ..
  وأيّ .. وأيّ..
 
 ـــــــــ

 

 

 

 *  شجاع الفهد:

 كاتب من سوريا. نشر في عدد من    الصحف والمجلات، ويدأب على إقامة   الأمسيات التي يلقى فيها   الشعر. رأَسَ فرع حمص للنادي   الشبيبي الثقافي المدرسي.
 
 

 

 
WEBMASTER : AA-ALSAAD
This Web Site Programmed and Written By ABD ALMASSIH JAMIL ALSAAD ..... Copyright 2003 (C) SCOPNET  All Rights Reserved 

مجلة السنونو ( العدد الثاني ) - شعر من الوطن المقيم - الأمل الذي يبقى ( عيسى فرج )

مجلة السنونو ( العدد الثاني ) - شعر من الوطن المقيم
الأمل الذي يبقى ( عيسى فرج )
  تعبٌ يلّوحُ في البقايا من عيونِِِِِِِ الفجرِِ
  أجراسٌ تدندنُ في زوايا الليلِ
  أقواسٌ من الصبَّارِ
  تعلو سورَ أبوابِ المدينةْ
   *          *          *
  الصامتونَ على الطريقِ
  الخائفونَ من الصقيعِ
  الهاربونَ إلى الحريقِ
  الساهرونَ بلا قمرْ
   *          *          *
  خوفٌ يلملمُ بعضَهُ
  يصطادُ أحلامَ المساءِ
  يسدُّ ألوانَ النهارِ
  يلفُُّ أجنحةَ الطيورْ ..
  خوفٌ تعملقَ واستطالَ
  كسيفِ هولاكو وأشباحِ التتارْ
   *          *          *
  الدارُ نائمةٌ
  على شفاهِ الليلِ تغفو
  ترسلُ الآهاتِ
  تنتظرُ النهارَ .. بلا نهارْ ..
  لاطائرٌ يشدو
  ولا سحبٌ تصفقُ للسنابلِ
  أو رياحٌ ، تنقلُ الطلعَ
  إلى رحِمِ الزهورْ
   *          *          *
  صوتي تعالى في الجبالِ
  على جدارِ البيتِ ، خلفَ الحقلِ
  في كلِّ الشوارعِ ، والمعابدِ ، والأزقةْ ..
  صوتي تناثرَ ، صرختي نامتْ على كتفي
  وعادَ الصوتُ مذبوحاً .. ليبحرَ في عروقي
  واختفى ، مثلَ الصدى في داخلي
  ثم انتحرْ
   *          *          *
  مطرٌ
  وتعشبُ كالصباحِ براعمُ الحبِّ السخيِّ
  ودارُنا ، لمّا تزلْ
  خضراءَ .. في لونِ المطرْ
  وبلا مطرْ
   *           *          *
  البحرُ يدعوني
  وموجُ الشاطىءِ الممدودِ كالأيدي
  يلوِّحُ  لي ، بمنديلٍ سماويٍّ
  وحضنُ المركبِ المسحورِ
  في شبقٍ طفوليٍّ .. يناديني
  ويغريني لكيّ أرحلْ ..
  لكنني ، ، ،
  أنا يا صديقتي قبلتانِ  ونهدتانِ
  وصحوُ حُلمٍ وانتحارٌ وانتصارْ
  أنا ياصديقتي  شارعٌ  ، ،
  أهلٌ ، ودارْ
   *          *          *
   قد جئتُ من زمنِ العذابِ
  عرَفتُ سرَّ الأحمرِ الممزوجِ

  في لونِ الترابْ ...
  قد جئتُ من زمنِ الصقيعِ
  عرَفتُ سرَّ الأبيضِ المصنوعِ
  من لونِ الكفنْ ...
  قد جئتُ من زمنِ المسافاتِ الطويلةِ
  كيّ أراكِ
  ولن أعودَ الى الرحيلِ
  ولن أغيبَ عن الوطنْ
   *          *          *
  سيري إلى قلبي ، توحّدي في دمي ..
  مدّي يديكِ ، وقبّليني
  ارفعي عينيكِ  نحوَ النورِ
  شدي خوفَكِ المصلوبَ في الأعماقِ
  ردّيني إلى داري ،،
  صديقتي أنتِ داري ،،
  أنتِ زوّاري .. وقلبي
  أنتِ أهلي الطيبونَ
  النائمونَ على البقايا من فُتاتِ الخبزِ
  والماءِ الملوثِ
  واحتضانِ الموتِ ، والزنزانةِ الكبرى
  ومضغِ التبغِ والتعذيبِ ، والأملِ الحزينْ
   *          *          *
  إني صديقكِ ، لاتخافي
  اتبعيني
  علقيني فوقَ صدركِ
  ازرعيني في عيونِكِ نجمةً ..
  أنا فارسُ  الأملِ
  المطلُّ من السحاباتِ البعيدةِ
  من بحارِ التيهِ ، من قممِ الجبالِ
  من العواصفِ ، من براكينِ السماءْ
  أنا ياصديقتي
  لونُكِ المنثورُ في أفقِ الليالي الحالكاتِ
  ضميرُكِ المحفورُ في كلِّ القلوبِ
  أريجُ عِطركِ ، ذكرياتُكِ
  أرضُكِ المعطاءُ ، صوتُكِ
  أغنياتُ الحبِّ ، والفرحِ المطلِّ
  وغيمةُ المطرِ السخيةُ
  والزغاريدُ التي تعلو
  ورقصُ سنابلِ القمحِ الجميلةِِ
  والهوى   والحبُ
  والخبزُ المدوّرُ مثلُ قرصِ الشمسِ
  والأملُ الذي يبقى
  إذا عدنا ، ، توحّدْنا
  شربْنا الكأسَ مترعةً
  بحبِّ الأرضِ  والإنسانْ
   *          *          *
  أنا فارسُ الحبِّ
  الذي خطفوهُ من عينيكِ غدراً
  واستباحوهُ  ،  وباعوهُ بفضةْ ..
  لاتخافي  ،،
  اتبعيني
  قبليني
  قد مضى زمنُ  الفراقْ
   *          *          *

 

 
WEBMASTER : AA-ALSAAD
This Web Site Programmed and Written By ABD ALMASSIH JAMIL ALSAAD ..... Copyright 2003 (C) SCOPNET  All Rights Reserved 

مجلة السنونو ( العدد الثاني ) - قصة قصيرة - الشبكة ( وفاء خرما )

مجلة السنونو ( العدد الثاني ) - قصة قصيرة
الشبكة ( وفاء خرما )

  التهديـــد ..
          صرخ في وجه السجّان : " سوف أقتلها " ! عاجلهُ هذا بشتيمة بذيئة. صرخ في فضاء القاووش " سأقتلها " هزّوا رؤوسهم بين مشفق وهازئ ومزدرٍ . أردف وهو يخرج الكلمات من بين أسنانه : " والطفل ... سأقتله أيضاً ... والله سأقتله " .
          صاح أحدهم من زاوية بعيدة : يا كلب أخرج من هذا السجن أولاً!
 
  المرأة تحكي وقائعَ كابوسها ..
          يُسرع خلفي بخطواته إذْ أسرع. يتوقف حين أتوقف. يتقافز طفلي في حضني. يطلق ذراعيه. يدفع جسمه خارج كتفيَّ كأنه يسعى للقفز نحوه.. ألتفت.. أضبطه يدعو طفلي بيديه وبتعبيرات محببة متقربة من وجهه. أغذُ السير على البلاطات الزرقاء هاربة من المطاردة.
          أراني أقف على حافة سورٍ عالٍ . أخطو على حجارته النافرة محاذرة متوجسة خوف السقوط وخوف أن يدركني ذلك الرجل. ترى هل سيقدر على تسلق السور خلفي؟ أتشبث بغصنٍ لشجرة لامست أوراقه وجهي.. ينقصف الغصن في يدي كعود هش.. أترنح.. يزعق طفلي.
          تمتد أمامي عصاً كأنها حاجز. أقف عاجزة عن الخطو. أصرخ: يا إلهي!
          أسمع نداء عميقاً بعيداً .. أنظر إلى أسفل. يفاجئني هناك نهر أزرق ومركب يقف وسطه رجل يشير إليّ بقوة كي ألقي بنفسي نحوه.
          هل هي نجاتي؟ أم هو هلاكي؟
          أضغطُ طفلي على صدري. أرمي بنفسي في الهوة نحو زرقة المياه.
          بينما تطوينا لُجّةُ النهر وتأخذنا إلى دفين أعماقها يتراءى لي خلف ضبابها القزحي السميك جالساً في القارب يضحك. تومض ملامحه، وتسطع في ذاكرتي فأوقن أنه رجل الشارع... مطاردي!.
 
  اليقظـــة ..
          فتحتْ المرأة عينيها. سمعت خفقات قلبها. أحسّت تشنج أطرافها.. جفاف حلقها. التفتت خائفة إلى جانبها. طفلها ينام بهدوء. حرّك يديه. أنقلب فجأة إلى جانبه. انقضّت عليه... احتوته بين ذراعيها.
          هدأتْ إذْ استجلَتْ ضوء النهار المتفتح في أجواء الغرفة، وشعاع الشمس المنسرب من الشرفة. أبعدتْ ذراعيها عن الطفل. نهضت إلى المطبخ تعدُّ فنجان قهوة. بحثت مشتتة عن الكبريت.. وعلبة القهوة.. والملعقة..
          عادت إلى الغرفة. جمدت. شهقت. انهارتْ يداها بالصينية وهي تندفع نحو فراش الطفل الفارغ!. اخترقت كالمجنونة المسافة إلى باب الشرفة الموارب، رأته... ينزلق مسرعاً خارج قضبان الشرفة ثم يهوي! صرخت متفجّعة. ألقت بنفسها فوق السور خلفه!
 
  كلمات شاهد عيان كان يقف أمام دكان خضار في الشارع ..
          رأيته يقف على الرصيف الآخر، يشير بيديه وبتعبيرات وجه محببة إلى إحدى الشقق المقابلة العالية. نظرتُ حيثُ كان يشير. كان طفل على الشرفة يمدُّ يديه بلهفة خارج قضبان السور يخفق بهما نحوه كأنه ينوي الطيران ثم... رأيته ينزلق بين تلك القضبان بمرونة قطة ويهوي.. سمعت صرخة المرأة وفي غمضة عين رأيتها تلقي بنفسها فوق السور.
          ملامحه؟ لم أتبينْها جيداً . أذكر فقط ونحن نندفع نحو جثتي المرأة والطفل أني سمعتُ ضحكة عالية.. هل كانت ضحكته؟ هل هو مجنون؟
 
  الكلمات التي فحَّ بها الرجل وهو يبتعد عن الجمع الصاخب المتحلّق حول الجثتين ..
          قطةٌ شردتُ أنا أم كلبٌ ضاع؟ تسع سنين وأنا أبحث عن وجهها أمام قضباني بين وجوه زوجاتِ وأمهاتِ رفاقي المحمّلات بالدمع وأطايب الطعام. تطلّقني... لتتزوج رجلاً غيري وتنجب ذلك الطفل الجميل الذي كان يجب أن يكون طفلي أنا ؟!.
===========================
·        وفاء خرما (حمص ـ سورية):- قاصّة نشرت قصصها في الدوريات المحلية والعربية، صدر لها مجموعتان قصصيتان هما ( الأجنحة المتكسرة لـ س.وع) و (البرج). عملت لمدة طويلة لدى الإذاعة السورية في إعداد التمثيليات والمسلسلات المأخوذة من أعمال أدبية عالمية (العدد الثامن) كلمات.
   د. رغيد نحاس
  • أديب مغترب في أستراليا.
  • رئيس المجلس الثقافي الاسترالي السوري "سيروس".
  • رئيس تحرير دورية "كلمات" العالمية الاسترالية.
  • خريج الجامعة الأمريكية "بيروت"، وجامعة جال " بريطانيا.. متخصص في مجال البيئة.
  • شغل مناصب إدارية وعلمية عالية في سورية واستراليا.
  • يعمل حالياً في مجالات البيئة والترجمة والصحافة.
  •  

    Translated by : Dr. Raghid Nahhas

     From Kalimat magazine no. 5
 

The Net

The threat
            He shouted in the jailer’s face, “I will kill her”. The jailer swore at him obscenely. He screamed inside the space of the cell: “I will kill her”. The others shook their heads in pity, sarcasm or disdain. He continued extracting the words from his teeth: “And the child…I will kill him too…by God I will”.
            Someone shouted from a distant corner: “You pig, get out of this jail first!”.
 
The woman tells the events of her nightmare.
            He hastens his  steps behind me when I hasten mine. He stops when I stop. My son presses himself against my bosom. He spreads his arms. He pushes his body over my shoulder as if attempting to jump towards the man. I turn my head and catch him beckoning in an inviting manner. I quicken my steps over the blue tiles, trying to escape this pursuit.
            I see myself standing on the edge of a high wall. I step over the protruding bricks, frightened of falling or being caught by the man. Would he be able to climb the wall behind me? I clutch on to a tree-branch when I feel its leaves touch my face. The branch breaks in my hand like a brittle stick. I teeter. My son screams.
            A branch extends across my path like a barrier. I stand unable to go forward. I scream: “My God” I hear a distant deep call. I look down. I am surprised to see a blue river and a man  standing in a boat signalling to me to leap towards him.
            Would this be my rescue or my demise?
            I hold my child against my chest. I throw myself into the abyss towards the blueness of the water.
            As the river engulfs us and takes us into its depths, I see him through its thick rainbow fog, sitting in the boat laughing. His features sparkle and shine inside my memory and I become certain that he is the man in the street… the one who pursued me.
 The awakening
            The woman opened her eyes, heard the beats of her heart. She felt limbs convulse…her mouth was dry. She turned to her side, frightened. Her child slept peacefully. He moved his hands
 and turned over suddenly. She leant over and took him in her arms.
            She quietened as she saw the light of the day blossom in her room and a ray of sun infiltrate from the balcony. She left the child and went to the kitchen to prepare a cup of coffee. Disarmed, she reached for the matches, the coffee box and a spoon.
            She returned to the room.Froze. Gasped. The tray fell from her hands as she rushed to the empty cot.
            Like a mad woman she rushed towards the balcony’s door. She saw her boy slide through the balcony’s railing, then fall. She screamed in agony, and threw herself behind him.
The words of an eyewitness who was standing in front of a vegetable shop in the street.
            I saw him standing on the other pavement, beckoning in the direction of the high flats opposite. I looked to where he was pointing. There was a child on the balcony, stretching his arms eagerly through the iron bars of the railing as if intending to fly. Then I saw him slide through with the ease of a cat and fall. I heard the scream of a woman and in a wink I saw her throw herself over the railing.
            His features? I could not clearly see them. I only remember that when we all rushed to the bodies of the woman and child, I heard a loud laugh. Was he mad?
 
The words spoken by the man as he left the noisy crowd gathered around the bodies
            A stray cat, am I, or a lost dog ?. Nine years I have been searching for her face amongst the faces of the wives and mothers of my inmates who came carrying tears and delicious food. She divorced me to marry another and give birth to this beautiful child who should have been mine!.
 
***
 
Wafa Kharma :  is a writer from Syria. The above story was originally published in Arabic in her collection al-Burj (The Tower), Dar al-Haqaeq, Homs, Syria, 2000.

 

 
WEBMASTER : AA-ALSAAD
This Web Site Programmed and Written By ABD ALMASSIH JAMIL ALSAAD ..... Copyright 2003 (C) SCOPNET  All Rights Reserved 

مجلة السنونو ( العدد الثاني ) - قصة - ض . و . ( ناجي درويش )

مجلة السنونو ( العدد الثاني ) - قصة
ض . و . ( ناجي درويش )
 
وسط المدينة التي ولد بها مصادفة، وإذا به يعشقها إلى الأبد.. تابع سيره المتقطع..
كان المطر ينهمر بجنون غريب كأنه يحاول استغلال لحظات حريته التي يقود بها الطريق من السماء إلى الأرض، قبل أن يدجّنوه في أنابيب حديدية صدئة.. تساءل:
" لماذا أسواق الدجاج تحتل مراكز مدننا؟..
على يمينه رأى معرضاً للكتاب، دخل الصالة محتمياً من المطر، تجول بين الأسماء والعناوين.. استوقفه غلافٌ بهيّ الطلعة، التقط الكتاب وبدأ بتصفحه، سمع صوتاً يحاول صاحبه ألاّ يكون مهذباً:
ـ هيه .. أنت.. ماذا تفعل؟..
ـ أتصفح الكتاب!..
ـ اللّمس ممنوع.. اقرأ العنوان فقط..
نهرته عصا الموجّه التي ربّته في المدرسة، فوضع الكتاب مكانه وخرج.
انعطف يميناً.. رأى واجهةً لمعرض أحذية.. توقف لينظر.. أحسّ بنظرات صاحب المعرض تتفحص سحنته وهيئته وحذائه المثقوب منذ سبع قصائد.. تحركت أصابعه داخل الحذاء محاولةً بقرارٍ ذاتي إخفاء الثقب، سمع صوتاً يحاول صاحبه ألاّ يكون مهذباً:
ـ هيه.. أنت.. ماذا تفعل؟..
ـ أتفحص الحذاء!..
ـ واضح أنك لست " شرَّا ".. اذهب من هنا؟..
نهرته شتلة الكبرياء التي تسكنه منذ ولد:
ـ أتمنعني من الوقوف على رصيف وطني ؟
ظنّه البائع " يتحدّث بالسياسة "، فتراجع واختبأ خلف أحذيته.. فكّر:
" لا أحد يحترم من لا يتظاهر بالغرور".. أمسك بالحذاء كان من القطع المتوسط ومن النخب الأول وسعره يساوي تقريباً سعر الكتاب الذي مُنع من تصفحه.. سمع صوتاً يناديه:
ـ يا أستاذ.. عندنا خبز وجرائد..
نظر إلى الصحف على الطاولة الصدئة القريبة.. لاحظ أنها تعاني قلّة الأوراق وكثرة العناوين فتتجاهل أو تنسى أشياء كثيرة.. تذكّر أوراقه التي يحملها تحت إبطه ولم يبتسم.. لمح أرغفة الخبز، فتساءل بحماقة شاعر:
" لماذا أرغفتنا مستديرة؟ "..
دار حولها.. أخرج بعض القطع النقدية، وتناول رغيفاً وجريدة..
تابع "ض.و" سيره.. لاحظ أن الأرصفة امتلأت ببرك المياه فتذكّر الرطوبة التي أثلجت قدمه.. أحسّ قلبه بالغيرة من قدمه.. تناول أوراقه.. طواها عدة طيّات  ووضعها داخل الحذاء ولفّ الرغيف بالجريدة..
تابع "ضمير الوطن" سيره مؤمناً بأن على الإنسان أن يمضي دوماً إلى الأمام وإلاّ فقد إنسانيته.. اعترضته سيارة حديثة ركنها صاحبها على رصيفه، فكّر أن يلتف حولها ويتابع المسير، لكنه ملّ اللفّ والدوران.. لمح سلّة مهملات تختبئ بعيدةً عن الأضواء.. اقترب.. فتح الغطاء..
وتقيّأ ما بقي من إنسانيته. 

 

 
WEBMASTER : AA-ALSAAD
This Web Site Programmed and Written By ABD ALMASSIH JAMIL ALSAAD ..... Copyright 2003 (C) SCOPNET  All Rights Reserved