مجلة السنونو (
العدد الثالث ) -
لك يا منازل
|
|||
بيت المغترب ! ( يوسف الحاج )
|
|||
شيءٌ يشدُّ القلبَ للقلبِ المهاجرْ
ولآلئُ الصفصافِ كم رسمتْ ذواكرْ
بين المحاجر والورودْ.
كم ذُبْتَ يا صفصافُ في وَرْدِ الخدودْ.
أَتشدُّني السُّمْرُ الحرابُ كواعبٌ
والشَّمسُ في عَنَمِ البنانْ ؟
وتهزُّني "دارُ الخفيفِ"(1)
لسرحة في البيلسانْ
ويزنّرُ العاصي الحسانَ بمائهِ
أَرخى على العذراءِ لونَ سمائهِ
فتجذّرتْ بالسنديانْ.
يا "حمصُ " يا وتر الكمانِ المنفردْ
لي فيك أَقواسُ الحنانْ…
وترٌ بلا قوسٍ يهاجرُ مرغماً
و " نسيبُ " يحفرُ في المكانْ
الزَّهر في بستانه…
والشعر في ديوانه
خُصَلٌ على نَهْد البيانْ…
والريحُ إثْرَ الرّيحِ تصفرُ والزمانْ
ماءٌ وصوتُ سفائنٍ حملتْ رياحينَ القلوبْ
يا شمسَ "أَيُّوبَ" اهبطي بين المشارقِ والغروبْ
كُتَلٌ من الأطفالِ فاحفرْ يا رحيلُ
الدفءُ قد هجرَ النساءْ …
جاءَ الشتاء وَبَعْدَهُ رَحَلَ الشتاءْ…
وانشقَّ قبرُ الجوعِ في أرض الرثاءُ…
صُوَرٌ يجلِّلُها الغبارُ بأسودٍ، رَحَلَتْ خيولُ
وجرتْ عوادي الدهر تصرخُ : يا سيولُ…
من يجرعُ السلوانَ إذْ رَحَلَ الجدودُ…؟
حُلُمٌ تجمّعَ حوله الأَحفادُ كي يبنوا الجسورْأيدي الحنينِ تشابكتْ
وَبَنَتْ خيالَ عقولها
والحلمُ مِدماكُ البناءْ…
فرشتْ ظلالَ نخيلها
فتوحَّدَ الطرفانِ في نَغَمِ الحداءْ…
وكسا الزَّهَرْ
جَسَدَ الوطنْ
والطيرُ موعدها الربيعْ…
الجسرُ أُغنيةُ الرجوعِ إلى الوطنْ…
جسداً دماءْ…
الجسرُ صوتُ الحبرِ في حرفِ الرسالة…
الجسرُ قد ألغى العطالة…
فتحرَّكَ الجسدُ الشتاتْ
عادتْ صلاةُ العائدينَ إلى الربوعْ
فلتُقرعِ الأجراسُ في جَمْعِ الضلوعْ…
ولتبتهجْ "حمصٌ" ولو عادوا رفاتْ…
"بيتٌ" توهَّجَ بالشموعْ
بنيانُهُ صَمْتُ الدموعْ…
وظلالُهُ العتباتُ في زَمَنِ الخشوعْ…
أَيدي الحنينِ تشابكتْ
وتعلَّمتْ سِحْرَ الظلالْ
نحرتْ على العَمَلِ " الأَنا "
شربتْ على السُّهْدِ الضنى…
سكبتْ عصارةَ روحِها
دخلتْ قرابينَ الفداءْ…
فَزَهَتْ على الجدران أحلامُ البناةْ
|
" بيتٌ " على درجاته طُهْرُ السماءْ
…!
عادتْ طيورُ الماء وابتردَ الجناحُ
…
فانشرْ قلوعَكَ للرجوعِ بدا الصباحُ
…
في حمصَ أعوادٌ وراحُ …
وبشائرُ العوداتِ رافقها النجاحُ
واحملْ حقائبَ ذاكره …
فالصخرُ يصمدُ .. والرياحُ ..
كتبتْ على الأَحجار لهفاتِ الرجوعْ ..
هذا المقيمُ رجاؤُهُ لا ينتهي …
إلا على ثَغْر الصغارْ …
ومدائنُ العشق الكبارْ …
ومدينةُ التاريخ قد ملأَتْ جرارْ
من توتها الشاميِّ حِبْرُ قصيدةٍ
والشِّعْرُ توريهِ الجراحُ …
" البيتُ " يفتح صَدرَهُ للعائدينْ
…
وبساطه من ياسمينْ ..
وحواره المبثوثُ في حُرَقِ الحنينْ
بتواصل الجسدِ وإيقاع الفروعْ
في لوحةٍ تُدعى : الوطن …
و " نسيبُ " يخرجُ من كَفَنْ …
ليقبِّلَ الأرضَ الطهورْ
" مابين لبنانٍ وبين البادية "
التورياتُ كفيلة إنْ عزَّ في الأَرض الثناءْ
…
أن تجعلَ الإحسانَ من وَحْيِ السماءْ
…
أَيدي الحنينِ تشابكتْ
وتشامختْ فوق الجزاءْ …
والبيتُ يكبرُ ثُمَّ يكبرُ بالسنينْ
ليضمَّ تاريخَ الحنينْ …
في راحِ شبلٍ مغتربْ …!
" هل للدِّيارِ بأَهْلِها عِلْمُ
أَمْ هلْ تبينُ فينطقُ الرسمُ " ؟
فاهتزَّ عبُّ الدالية …
وارتاعَ ديكُ الجنِّ في غسق العشايا
…
الماءُ تلعب بالصبايا الحالماتْ
…
ويزنِّرُ العاصي الخصورْ …
هذا الرمادُ على يدي …
حمَّلتُ ماضيهِ غدي …
فبكى معي وَقْتَ العبورْ …
الوردُ يصرخُ في دمي …
وعلا فمي
إثْمُ الفجورْ …
مكَّنْتِ سيفَكِ من دمي
وخرجتِ في ثوب النشورْ
لتواكبي النحلاتِ في جَنْيِ الزهورْ.
سجني القديم بنيتُهُ قُرْبَ الضفافِ الراعفاتْ
كي أكتبَ الأشعارَ عن مجدِ البخور
…
كي يحملَ الركبانُ زاهيةَ التمورْ
…
شيٌ يشدُّ القلبَ للقلبِ المهاجرْ
…
ودفاترُ الوطنِ الذواكرْ …
حفرتْ على الأشجارِ رسماتِ القلوبْ .
ولآلىءُ الصفصافِ كِبْرٌ في المحاجرْ
…
وتشدُّني السُّمْرُ الحرابُ كواعبٌ
والشَّمْسُ تغطسُ في الجنانْ …
كي أَقرأَ التاريخَ في نورِ الحنانْ
…
نطقَ البناءُ بأهلِهِ …
بالشكرِ يُختبرُ اللسانْ .
خُذْ ريشةَ الفولاذِ من ماءِ البيانْ
واكتبْ معي كالأَصدقاء :
" البيتُ بيتُ المغتربْ "
صِلَةُ الوفاء…!!
(
لا أكاد أضع قدمي على عتبتك أيها الجسر, حتى أشعر كأنما يستيقظ في نفسي ألف جسر
وجسر, ألف جسد وجسد, وأشعر كأنك أنت نفسك بعض أسمائي . ( أدونيس ))
|
||
WEBMASTER : AA-ALSAAD
|
This Web Site Programmed and
Written By ABD ALMASSIH JAMIL ALSAAD
..... Copyright 2003 (C) SCOPNET All
Rights Reserved
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق