مجلة السنونو (
العدد الرابع ) -
بلاد الجدود
La patrie des aieux
|
|||
من
دمشق إلى صيدنايا ومعلـولا
زيـــارة
إلى موطــن لغــة المسيح
(
ماريــــــا معلــــــــوف
)
|
|||
زائر سوريا الباحث عن الجذور الأولى للمسيحية لا
يملك سوى استعادة معجزة القديس بولس الشهيرة على طريق دمشق.الرسول الذي كلّف قبل
اهتدائه بأن يصفّي المسيحيين ويضطهدهم وذهب إلى دمشق باحثاً عنهم،شاهد في طريقه
السيد المسيح فقدس الله سره ليقول له كلمته الشهيرة: تضطهدني ؟
وكان ذلك منعطفاً في حياة الرسول الذي نقل رسالة المسيحية إلى
العالم. وما أن سمع كلام السيد المسيح، عمّ الظلام في عينه ووقع على الأرض ثم وصل
إلى دمشق ليلتقي حنانيا الذي عالج بصره وأدخل قلبه سر المسيح في الهداية فأنقلب من
معاد للمسيحية إلى مناصر مناضل من أجلها ومن أجل المسيح في كل أرجاء الأرض.
ويكفي أرتباط مسيرة بولس الرسول بسوريا ودمشق بالذات حتى يفخر هذا
البلد العربي المشرقي بارتباطه الوثيق بالمسيحية الأولى، ويكفي أيضاً قول بولس
الرسول مخاطباً المسيحيين برسالته: ومن انطاكيا (السورية) سموكم المسيحيين لأول مرة
وقـد كان اسمهم من قبل "الأخوة" و "المؤمنين". وكان شعارهم الحمامة وسعف النخيل قبل
أن يصبح شعارهم الصليب في زمان الملك البيزنطي قسطنطين الأول.
وعندما حطت قدماي في المناطق المسيحية
التاريخية في سوريا من صيدنايا إلى معلولا، استعدت في البال كيف أن سوريا كانت وما
تزال تضم أكبر تنوع ربما في العالم من المذاهب المسيحية المتنوعة. ففيها السريان
اليعاقبة الأوائل وفيها الروم الأرثوذكس والملكيون الكاثوليك وأيضاً الموارنة الذين
عرفوا على أرضها نشأتهم الأولى في دير مار مارون على العاصي قبل أن تتجه جموعهم إلى
قنوبين في شمال لبنان. وفي زمن الخليفة الأموي معاوية، عرف المسيحيون حوارات في ما
بينهم قادها الخليفة الأموي وكان منهم من تولى مناصب عليا من المالية إلى الإدارة
إلى الحربية وتعزّز الأسطول الأموي بهم في معركة أم السواري.
وفي عهد الرئيس حافظ الأسد والرئيس بشار الأسد ،
تعيش المسيحية جواً وطنياً قومياً يعزز مكانتها التاريخية في منطقة
يفاخر البطاركة عنها بأنهم بطاركة انطاكيا وسائر
المشرق.
في صيدنايا، سمعت لغة المسيح الآرامية التي نطق
بها في الأنجيل وتعرفت إلى كنيسة السيدة التي عرفت منذ الزمن القديم بكنيسة "الشاغورة"
أو "الشاهورة" التي يعرفها الزوار منذ القرن الثاني عشر في صيدنايا. فظهرت في تلك
الكنيسة صورة السيدة التي أطلّت فيها الآيات والمعجزات مقصد الزوار من العالم
لينالوا منها البركة والنعمة، وكانت مسكناً للراهبات وأشهرهم الراهبة مارينا، وحضر
إليها الراهب أنبا ثاودورس في طريقه إلى بيت المقدس. وعندما تعرض له اللصوص في
الطريق وأرادوا قتله مع رفاقه، أذا بصوت أيقونة نصحت الراهبة بأن يشتريها يقول: "
اعبروا ولا تخافوا منهم، فعبروا آمنين" وعندها قال الراهب: إني آخذ هذه الأيقونة
لتكون لي سنداً بقوة وأمانة مباركة من الست السيدة.
تلك معجزة الإيمان التي احتضنتها سوريا في
تاريخها العريق الذي شمل أيضاً مناطق ومواقع ومؤمنين وقديسين أخذت البحث عن آثارهم
ومعالمهم، فأخذتني الطريق إلى معلولا في الشمال الشرقي من دمشق وعلى مسافة 50
كيلومتراً منها وهي التي يعني أسمها بالآرامية المدخل، بسكانها الذين لا يتجاوز
عددهم الخمسة آلاف وبمغاورها وكهوفها وأشهرها كهف الخوري يوسف الذي
تزينه نعوش صخرية منها شماس ونسران ومقاعد منحوتة
في الصخر.
وأذا ذكرت معلولا، يقفز إلى البال ممر الفج
ودير مار تقلا الذي ارتبطت به قصة الشهيدة القديسة تقلا التي آمنت بالمسيح على يد
بولس الرسول وفرّت بعدها من اضطهاد والديها الوثنيين والجنود الذين كانوا يلاحقونها
لقتلها. ولما بلغت هذا المكان ورأت الجبل يسد عليها طريق النجاة ابتهلت إلى الله
لينقذها فأنشق الجبل أمامها وتوارت في الفج فنجت من يد المضطهدين. وشيد دير تابع
للروم الأرثوذكس تكريماً لهذه الشهيدة العظيمة.
ولا يملك زائر معلولا الاّ أن يمر إلى دير مار سركيس الذي بني في القرن الرابع
الميلادي تكريماً للقديسين السوريين الشهيدين سيرجيوس وباخوس اللذين كانا قائدين في
الجيش الروماني واستشهدا لرفضهما الجحود بإيمانهما بالمسيح وعبادة الأوثان.
ويتوافد على الدير عدد كبير من الزوار سنوياً ليروا جدران الكنيسة التي أرسلت عينات
من خشبها إلى المختبرات العلمية الحديثة في ألمانيا الاتحادية، وتبين أن عمر هذا
الخشب أكثر من 2000 سنة.
ويضاف إلى هذا المعلم التاريخي مقام مار الياس الأثري التابع لبلدة المعرة القرية
التي أعطت اسمها للشاعر العربي الكبير أبو العلاء المعري الذي عرّف شعره
.
الوحدة الوطنية بقوله "هذا بناقوس يدق وذاك بماذنة
يصيح، "يا ليت عمري ما الصحيح".
والحديث يطول عن معالم الإيمان في سوريا التي
جمعت على أرضها العربية وحدة الإسلام والمسيحية، ويشعر زائرها أنه أمام بلد وحدته
مشاعرة القومية ومواقفه الوطنية ما جعل شعبه يستحق عن جدارة لقب "قلب العروبة
النابض" وهو الذي قال عنه فيليب حتي في كتابه الشهير "تاريخ سوريا ولبنان وفلسطين"
: أنها الأرض التي صدّرت النوابغ والعباقرة والمبدعين إلى أرجاء العالم.
|
|||
WEBMASTER : AA-ALSAAD
|
This Web Site Programmed and
Written By ABD ALMASSIH JAMIL ALSAAD
..... Copyright 2003 (C) SCOPNET All
Rights Reserved
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق