مجلة السنونو (
العدد الثامن ) -
شؤون البيت
|
ملحق 3 -
( عادوا - غابوا )
|
شــؤون البيــت
ملحق يهتم بشؤون بيت المغترب وأخبار رابطة أصدقاء المغتربين في حمـــــص
أعطنا يا حبُّ, فيضَكَ كُلَّه لنخوض
حرب العاطفييّنَ الشريفةَ, فالمُناخُ ملائمٌ ,
والشمسُ تشحذُ في الصباحِ سلاحنا,
يا حُبُّ! لا هدفٌ لنا إلا الهزيمة في
حروبك ... فانتصر أنتَ انتصر, واسمعْ
مديحكَ من ضحاياكَ : انتصر! سَلِمَتْ
يداك ! وَعُدْ إلينا خاسرين... وسالما ً!
محمود درويش
(عــادوا)
(غابــوا)
=================
1 -
عادوا
القلوب
مشتاقة... والأحبة على موعد باللقاء... ارض الوطن تتلهف عودة الغياب... وصوت
النار يرعب الفؤاد...
انتظرنا
طويلا شهر العودة، ومرت الأيام متثاقلة، وليالي الانتظار طويلة طويلة...
صوت
الحرب، وصرخات أطفال تحت الأنقاض يصارعون بما بقي من رمق للحياة، جعلت خطاكم
تتعثر في العودة إلينا، وكأن قدرنا أن نحتمل آهات القتال وألم فرقاكم ... لكن
قلوبنا مفتوحة لكم، وأحضاننا دافئة لتغمركم، فأحس بها وبحبنا كل من جاء رغم محاذر
الرحلة إلينا، فكانت الأرض وأهلها بيتا دافئا حنوناً لهم..
إنهم الأعزاء
العائدون السيدات والسادة:
إدمون كرم (أستراليا), رينيه طرابلسي (أمريكا الشمالية), د. رغيد نحاس
(أستراليا), فلاديمير توماني وعائلته (تشيلي), فؤاد سلوم (اتليونان), جورج صنيج
وعائلته (أستراليا), سري كبا وعائلته (أستراليا), م. نواف كبا (أمريكا الشمالية),
بسام كبا (نيجيريا), هدىى باخص (فرنسا), منير عبود (ألمانيا), آل زيات (أمريكا
الشمالية), د.م. فواز مسوح (فرنسا), د. عدنان طرابلسي (أمريكا الشمالية), زكا
أخرس عنيني (فرنسا), د. جون نسطة ألمانيا), م. أندريه النرشي (ألمانيا), إفيتي
قنواتي عطاالله (البرازيل), فوزي نصر وعائلته (فرنسا), كلود قره كرامة
(أستراليا), مرلين قره كرامة (أستراليا).
كل هؤلاء ضمهم بشوقٍ قلب الوطن.. وبهم التأمت جراح. وبإيعازه عانقهم بيت المغترب"
بعد أن أشرع لهم أشواقه وأبوابه وآماله.. ضحك لهم, ضحكوا له, سألهم, فأجابوه,
سألوه فأجابهم, وانتهوا له أبناءً أمناء مشوقين... وانتهى لهم حضناً أثيراً
دفيئاً.. وأباً منتظراً حنوناً يحتفي بالابن العائد ويفرح بفلذ الأكباد...
2 -
غابــوا
مقدمة ريما فتوح
رحيلٌ...
رحيل
الأرض
كلها وداع، الحروف تهجر الكلمات لتبكي أسياد الكلام...
والبكاء ما عاد يجدي نفعاً، قد دقت ساعة الغياب وما من سبيل إلى إبعادها، لم يبق
إلاّ ذاكرةٌ
اختزنت في ثنياتها صور الأمس،
وضحكات من رحلوا إلى المدى
ودموعهم،
ولا نملك سوى صفحات في طياتها صور من حياة رسمها أعلام اللغة، تبقيهم حاضرين،
وتخلدهم دائمين، فالماثلون في التاريخ لا يرحلون ورواد الآداب لا يموتون،
فالتاريخ يملك ذاكرةً
نقية ووفاءً
و إخلاصاً
للمبدعين، يخلد كل من يبني ولو حساً في ذاتٍ
إنسانية، ويلفظ أسياد الحروب والدمار...
فكما
أحيا التاريخ
ذكر
المتنبي وأرسطو وأفلاطون
بأكثر مما أحيا سيف الدولة والاسكندر وغيرهما من الملوك،
سيحيي ويخلّد
محمد
الماغوط وعبد السلام العجيلي وعبد المعين الملوحي
ونجيب محفوظ وعبدو مسوح...
وكل من بنى معهم صرح الإنسان وخاطب وهذّب
روح الإنسان.. لذلك لن نبكيهم ولن نثكل بعادهم ورحيلهم لأنهم معنا في كل سطر وكل
حرف،
معنا في
كل إحساسٍ
وشعور.. في
الله والحب
والوطن والقيم وكل أمر آخر.
فإلى
ذكرهم نهدي
ثمارهم في صفحاتٍ متفرِّقة من هذا العدد ليكونوا بيننا أبداً.
ونخص الأب المربي
عبد المعين الملوحي بهذه الباقة من الزهر ينثرها محمد زهير الملوحي على قبره.
ناداك ربي والنداء
عـزاء وجميل ألـطاف الإله قـضاء
فالنفس ترقى والحياة
مليلة والروح تصعد والجسوم هباء
بأبي وأمي أفتديه
مربـياً ومناضلاً شرفت به الأنحاء
أحببت فيه حـبه
لعريـنه أسد يصول وفطرة شماء
وسع الحضارة قلبه
وبيانه ومداده للعالمين دمـاءُ
يبكي شعوب الأرض
يدفع بؤسها والدمع منه تفكر وعطاء
جزر الثقافة قد أقمت
بناءها والعلم فيها قبة وسماء
ونفائس الأعمال تخلد
ذكرك اقرأ لتشهد والشهود جلاء
أغنيت أهل الفكر
حكمة عالم ورقيق أشعار به الإغناء
دار الخلود مقامه
ومقامنا بالرحمة العظمى يعاد بناءُ
زهير ملوحي
تأبين المرحوم
الدكتور عبدو مسوح:
مساء الخميس
9/3/2006 وفي نادي الرابطة الأخوية, أقام المكتب الفرعي لاتحاد الكتاب العرب
بالتعاون مع المكتب الفرعي لنقابة الأطباء حفل تأبينٍ للدكتور الشاعر عبدو مسوح
حيث ألقيت الكلمات التالية:
-
كلمة
المكتب الفرعي لاتحاد الكتاب العرب: الأستاذ ممدوح سكاف.
-
كلمة
المكتب التنفيذي لاتحاد الكتاب العرب: الأستاذ وليد معماري.
-
كلمة
مطرانية الروم الأرثوذوكس: سيادة المطران جورجيوس أبو زخم.
-
كلمة فرع
نقابة الأطباء: الدكتور عبد القادر الحسن.
-
كلمة
رابطة أصدقاء المغتربين: الأستاذة نهاد شبوع.
-
قصيدة:
الدكتور الشاعر شاكر مطلق.
-
كلمة
أصدقاء الفقيد: الأستاذ محمد غازي التدمري.
-
قصيدة:
الدكتور الشاعر مروان عرنوس.
-
كلمة آل
الفقيد: المهندس عماد مسوح.
وفيما يلي كلمة
رابطة أصدقاء المغتربين بقلم الاستاذة نهاد شبوع نضعها بين يدي قرائنا وفاءً:
ذكرى
غيابه الأولى.. أي تسعون دمعةَ شوقٍ وأسفٍ أو ينوف.. عبرت صامتةً أو جهيرةً من
عيون المفارقين وضمير الزوج والأهل والبنين والصديق..
ونلتفت لنرى اليوم
الطبيبَ الشاعرَ الإنسانَ الذي ظُُنَّ ميتاً منذ تسعين يوماً أو يزيد ينفضُ عن
روحه غبار الموت ويمثل أمامنا، كما سيمثل أبداً على مرّ الأيام، في صدره الحياة
حركة لا تهـدأُ.. وعاطفــة لا تخور.. وبسمة لا تنطفىء.
وفي هذا البرزخ بين
الحياة والموت أقف مرتبكة وأحار: أأحرق المرئية وأحقن الدمعة؟ والحسرة على
الراحلين جرحٌ في القلب يُقيم؟! وإنها الجامعُ المشترَك بيني وبينكم..! إذ لـي -
كما لكم - من رماد الكواكب المنطفئة كوكبٌ أو كوكبان.. ومن الأشجار الظليلة
الهاوية شجرة أو شجرتان.. وفي نفسي كما في نفوسكم نجوى أو نجويان حسن بثها إليهم
في هذه الذكرى.. هؤلاء الذين برعم الشوك على شفاهنا.. ولما يرجعوا؟!!
أمام الحياة أم أمام
النقيض أقف؟ أأحرق المرئية أم قنديلَ الفرح أحرق؟ والمحتفى بذكراه حاملُ الريشةِ
والترياقِ حاضر بيننا إلى هذا الحد؟ مدجّج بالحياة إلى هذا الحد؟ مغمور بالولادة
الجديدة إلى هذا الحد؟!
أيها الحفل الكريم:
دعوني في هذه العتبة أشعِلْ قنديل الفرح والذكرى والموداتِ ومحطاتِ الصحو والشعر
والسمر والصداقات.. وأطوِ أوشحةَ الموت و أنفِضْ غبارَه عني وعنكم.. وألوّحْ
برايات الحياة التي تتجذر اليوم في تربة حمص المهدِ والمآبِ سنابل وأقماراً
شقائقَ نعمان وأشجاراً، فعندما يصبح الموت بذرة لا هشيماً.. ينبوعاً لا مصباً..
نصراً لا جرحاً.. نحرقُ المرئية ووجع الكلمات.. نمسحُ الدمع وبقع الأيام.. وكلَّ
اللحظات العجافِ، لنشرعَ نوافذ الرجاء واللقاء.. والعزاء، ونستقبلَ الحياةَ مؤدين
في محرابها فعلَ التوبة والتسليم والإيمان موقنين بأن لها أسبابَها ومعانيَها
فجدارةَ التشبثِ بها وضخِها أبداً بالعرقِ والمجاهدةِ والدم والصبر.
أجل دعوني أحرق
المرئية، وإنما دون دون التحيةِ والعِبرة.
تحيةِ مَنْ رفضوا أن
تموت أيها الإنسان الطيب الباني في مملكة الإنسان فلم يتركوك تموت..!!
تحيةِ مَنْ قبسوا
من نورك ونارك الخبز والشفاء والجوهر جسداً وروحاً، ونهلوا من ينبوع محبتك
الحكمةَ الكبيرةَ والعبثَ الصغيرَ والأنسَ المعزي، وربأوا بأنفسهم أن يلقموك
فتاتَ الجحود واللامبالاة والنسيان بدلاً..!
تحيةِ من عرفوا كيف
يزرعون قيمَك وآدميتك سنديانةَ نور عاليةً تلقن العابرين كيف تكون المسافة بين
الحياة والموت مسافةَ الخلود والارتفاعِ فوقَ لحظةِ الزمن إلى لحظة اللازمن
والخروجِ من الجسد التراب إلى التهويم بأجنحة الإنسانية والإيثارِ والبلسمِ، كي
لا تبقى الأيامُ مكفهرةً متكسرةً والأقدامُ متعثرةً متحيرةً وكأنها تغلط
بالدرب..!!
سنديانةَ نورٍ ترسمك
بإلحاح بيننا بهذه القامةِ الجديدةِ والمزيةِ الفريدةِ في مقاييسِ البشرِ اليوم:
مزيةِ القدرةِ على اختصار الألم بوجهيه الجسديِّ علماً والروحيِّ شعراً.. وإشاعةِ
البسمةِ بإحياء المجالس وإيناس الجلاسِ بطرفةٍ مزغردة.. أو بزغرودةٍ ساخرةٍ مما
تغلط به الحياةُ أحياناً مدركاً أن السخرَ هو ردّ الإنسانِ الأعظمِ على مصائب
الحياة..!!
تحضرني في هذا
المقام التكريمي مقولةٌ للفيلسوفِ الفرنسيِ رينان في صلاته على الأكروبول مخاطباً
آلهة الحكمة: "أسألك أيتها السماء لماذا يدوّن الناس تاريخَ الآلهة؟ أليس ذاك
ليؤكدوا أن الروح الألهية لا تزال في قلب الإنسانية وأنها يجب أن تبقى فيها وإلى
الأبد؟
وهكذا ـ أيها السادة
ـ تكون حمص بإتحاد كتابها العرب.. وبنقابة أطبائها وبكل من أسهم معها في إشراع
سيف فقيدها من غمده ليتلألأ قبسة آلوهة وثروة روح على الذرا.. تكون حمص قد استحقت
التحية عندما أبت أن تدخل منطقة البرود المحايد إزاء النورانيين من أبنائها
ليبقوا فيها إلى الأبد..
ها هي ذي تمسح
دمعتَها وتتباهى..! وحذوَها تحذو "رابطة أصدقاء المغتربين" التي أنطق اليوم
باسمها.. والتي طالما تماهى صوتُهُ بصوتها في "ينبوع محبته".. "رابطة أصدقاء
المغتربين" التي إياها أحبَ ودعم وبها آمن و معها شدّ المهاجرَ ليعود . وبين
ريشات سنونوها زرع أكثرَ من ريشة رسالة إليهم أحبابِنا في البُعادِ.. ولهم غنى
الدار والأهل والأمانيَ والإلف والحنينَ والذكرى:
عاشوا على أمل
اللقيا تداعبهم ذكرى حبيب على آهاتها ذابـوا
إن هبّت الريح
قالوا: نسمة بعثت بها إلينا مـن الأوطان أحبـابُ
وإن تراءت لهم أيامُ
صبوتِهم تسمّرت برؤى الأحـلام أهدابُ
حنوا لرؤية عاصينا
وقد جُمعت حَيال شطيـه خِـلانٌ وأتـراب
تلك المغاني رعت
آمالهم زمناً حتى إذا اغتربوا والدهر دولاب
تلفّت القلب يبكي لا
قرار لـه وكيف يقوى على الهجران وثّاب
نهلة سخية من ينبوع
محبته بها كاد يكون نسيب عريضة حمص بامتياز وإنما دونما حاجة إلى تمني قبر من
حجارتها السوداء.. أو ياسمينة تنزرع فوقه دامعةً بيضاء، إذ حمص هي التصميم الأثير
كيما تكون المرقد الأخير و الملاذ..!
أيها اللاهف عليهم..
الحاضنَ آلام وطنهم وآماله ـ قلت فيك القليل، وفيك الكثيرُ ليقال... سأتركه للريح
تقصه ـ هي ـ حكايةَ الشاعرِ فيك على الأجيال: (كان يا ما كان حين كانت الأرض لا
تزال تبدو ممتليْة بالأشواكِ والسماءُ متشحةً، بالظلمات، مرّ إنسان من هنا، غالبَ
الأشواك والظلمات، وقريباً من صخرة ـ وبرغم زوابع المطر والريح ـ طمر بذرة سعادة،
كان يأمل أنها في فصول الربيع المقبلة ستعطي وروداً جميلة.. وأثماراً ثقيلة..
وعندما أنتشت البذرةُ ارتدت على الباذرِ ثم عكست عليه شيمَها ليصبح هو البذرة..!
هنيئاً لكِ بذرتُك
يا حمص.
إنها إرثكم أرثنا
الأعظم ـ يا آل مسوح ـ فعزاءً وتذكراً وسلاماً..!!
نهــاد شبوع
زرّاعٌ يغيب
زرّاعٌ -في غير هذه
الحقول-, أفلَ نجمه بعد أن أشعل سماءَ حمصَ نجوماً وضمَّخ جواءها عطر ذكرٍ وخلقٍ
ونقاء ضمير وتشغيل سواعد وشموخ بناء: إنه المرحوم أديب نايف كبا.. الذي
بتاريخ 11/3/2006 رحل عن هذا العالم مأسوفاً على علمه وسلامة تفكيره في مدينة
ليماسول في قبرص.
أبصر الفقيد النور
في مدينة حمص-سوريا عام 1918, وتخرج من مدارسها الأورثوذكسية, ونال شهادة الهندسة
من الجامعة اليسوعية في بيروت-لبنان.
عاش الفقيد عمراً
حافلاً بالجدِّ والنشاطِ والعطاء, حتى أصبح من رجال الأعمال المرموقين في مدينته
حمص, اشتغل مع شركة نفط العراق في حمص ثم مع شركة المقاولات والتجارة في سوريا,
ألَّف مع المرحوم خير الله زخور والمرحوم المهندس نادر الأتاسي شركة "المقاولات
لأعمال البناء" التي قامت بتنفيذ عدة مشاريع في الوطن السوري, كما كان صاحب
الامتياز لجريدة حمص مدة خمسةٍ وعشرين عاماً.
نقل أعماله إلى ربوع
لبنان حيث استقر حتى بداية عام 1975, ومنها انتقل إلى قبرص مع اندلاع الحرب
الأهلية في لبنان وبدأ بممارسة نشاطاته في مدينة ليماسول-قبرص حتى وافته المنية
عام 2006.
كان رحمه الله
إنساناً بكل ما تحمل هذه الكلمة من معانٍ ساميةٍ. أسس مع زوجه السيدة سعاد مرَّاش
أسرةً منحها كل عطفٍ ومحبة وحسن رعاية فكانت على صورته ومثاله..
هذا وقد جهت رابطة
أصدقاء المغتربين في هذه المناسبة المؤلمة البرقية التالية:
آل كبا – عائلة المرحوم المهندس أديب كبا
فقيدكم الغالي
فقيدنا, يا خسارتنا وخسارة الوطن..!
مثل أديب كبا لا
يموت بالموت, إنه فينا بشيمه وقيمه وجليل أعماله وفروعٍ سيكونون استمراره وحياته
الجديدة...
نشارككم الدمعة,
ونغرس فوق قبره البعيد القريب ألف زهرة ذكرى ورحمة...
الصبر والسلوان
لأسرته زوجاً وولداً وأهلاً في المهاجر والوطن
رابطة أصدقاء
المغتربين في حمص
زهورٌ فوق قبره
هاهي ذي نثراتٌ من
زهور القلب تهديها ابنة أخيه الآنسة ريم فيليب كبا إلى روح فقيدها الغالي:
ما أصعب أن تنفرط
حبات العقد يا عمي... الغربة باعدتنا والموت فرّقنا...! وداعاً إلى الأبد..
وداعاً للذكريات الدفيئة.. لأماسي السهر والسمر والضحكات... هاهو غصنٌ آخر ينهصر
من شجرة عائلتنا الوارفة لتتلقفه رياح الشتاء الباردة... هاهو اليوم يرحل ليتخذ
له مكاناً رحباً في ماضينا الفسيح..
كم كنا -نحن الفروع
الصغيرة- نجد في كلٍّ منكم أباً صديقاً وحكيماً نلجأ إليه أوقات الشدائد فنجد فيه
خير مؤنسٍ ورفيق.
اليوم أنظر إلينا..
أنظر إلى شجرتنا العصماء, فأجد في كلِّ موطئٍ منها ساقاً مبتورةً, اليوم أرنم
أغنية فيروز: "سنرجع يوماً إلى حيِّنا".. وهيهات إذ لم يتردد سوى رجع الصدى
اليوم يا عمي أخبرك
بسرٍّ من أسراري الصغيرة, سرٍّ لطالما أثار فضولي عندما كنتُ صغيرةً: إنه صمتك
الوقور.. لكنني عندما كبرت أيقنتُ تماماً أن خلف ذلك الصمت إصراراً وعزماً
ومثابرةً يكفي لعددٍ من الأشخاص مجتمعين.. واليوم إذ بلغتُ حدَّ النضجِ علمتُ أن
الشخصية الحقيقية لا تقاسُ بما يُظهر الإنسان من علومهِ واطلاعه للآخرين بل بما
ينجز من أعمالٍ وأهدافٍ.
كم كنتُ أودُّ يا
عمي لو أطلعتك على سري الصغير هذا.. لكنني اليوم أقول لكَ معتزَّةً إنني أفخر إذ
أُطلع الآخرين عليه...
لقد اكتسبتُ من كلٍّ
منكم يا عمي ما أضفتهُ لمعرفتي الصغيرةٍ عن الحياة, لقد ملأتموني بعلم الحياة..
فأغنيتم تفكيري..
اليوم تذهبون ويبقى
من كلٍّ منكم في داخلي جزء عظيم.. بذلك لا أكون قد فقدتكم.. بذلك لا تكون عائلتنا
قد خسرتكم..
وداعاً عمي.. وداعاً
لذكراكَ.. لعزيمتك.. لطموحكَ. بغرساتك اليانعة تستمر إرادة الحياة...
ابنة أخيكَ ريم..
|
WEBMASTER : AA-ALSAAD
|
This Web Site Programmed and
Written By ABD ALMASSIH JAMIL ALSAAD
..... Copyright 2003 (C) SCOPNET All
Rights Reserved
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق