مجلة السنونو (
العدد الثامن ) -
ضيوف السنونو
|
الأستاذ
المرحوم عبد المعين الملوحي
( بقلم: نهاد شبوع )
|
الأستاذ المرحوم عبد المعين الملوحي... من عالم الظلال
(بين قوسين): بقلم نهاد شبوع
"مكللة بالشوق أو
بالشوك.. أو بالغار...
أطرق أكثر من باب في
سنونوِّك الأثير الذي كنت عرَّابه وداعمه... خوافيه وقوادمه... لتفتح لي –يا
معلمي- وأقف على عتبتك بورعٍ, وقد دخلتَ حياة موتك, لا لأعطِّر اسمك وقلمك بدمع
القلب وبخور الكلام... واسمك وقلمك ودمعك: البخور والكلام, ولا لأذكرَك وأذكَّر
بك أمام الملأ, وأنت فيَّ وفي الملأ الساكنُ أبداً...
وإنَّما لأطمئن,
فقط, على حصتي من نجومك التي اعتدتَ أن توزِّعها علينا خبزاً جوهرياً... وأن تخصّ
جيبي –كل يوم- بنجمٍ أو اثنين منها –على الأقل- فتتألق في دجاي, وتشعُّ فيَّ
كواجهة ماضٍ مقدّس.. وعلى وقع نثرات أضوائك أتلمّس ذاتي المشتتة فأعثر عليها...
ألملمها كأوراق وردة منفرطة... فأتماسك, وتشف الدنيا في وجهي كبلور نقيّ..
وأراك.. وأسمعك... فلا أفقدك ولا أتيه في عالم ضلالي.. ولا ألوي إكليل غارك عن
جبيني... ولا أهيم –في دربي الباقي- بلا حبك... وقد ولجت عالم ظلالك, تاركاً لنا
حبك الذهب.. ورقاً.. أحاديثَ... وكلمات..!!"
تلميذتـك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عبد
المعين الملّوحي.... وحديث البوح
حوار: أيمن الحرفي
"داغستان بلدي"
ورسول حمزاتوف, وديوان "ديك الجن الحمصي", وديوان "عروة بن الورد", "الحماسة
الشجرية لابن الشجري", "الفكر العلمي عند ياقوت الحموي", و"ذكريات حياتي" لمكسيم
غوركي, "عبد المعين الملوحي... يرثي نفسه".
حياتي كأسان حرب وحب
وكلاًّ شربت نهالاً
نهالا
ولولا النضال جهلت
الهوى
ولولا الهوى ما عرفت
النضالا
هكذا يعود الأديب
والشاعر والمترجم والموسوعي العملاق عبد المعين الملّوحي إلى حمص أم الحجارة
السود كما يصفها... يعود بعد 89 سنة من مولده.. عمرٌ طويلٌ حافلٌ بالعطاء
والإبداع باحثاً في كل مناحي الثقافة والأدب.. رحل ولكن كان حتى آخر لحظة من
حياته يتمتع بروح الشباب ويستقبل زائريه بكثير من الودِّ والترحيب محاولاً ما
أمكنه ذلك من الحديث عن نفسه, فهو عالم غزير المعرفة... كثير التواضع.. أتحف
المكتبة العربية بعشرات المؤلفات الأدبية واللغوية والفكرية, ولم يترك باباً من
أبواب المعرفة والأدب إلا وكتب وألَّف وحقق فيه, طرق كل هذه الأبواب بكثير من
الثقة والاقتدار... وبرع في الرثاء فرثى زوجته وابنته ونفسه... حتى يخال لك أنك
أمام المعري في حزنه وأدبه وعلمه.. أتُراهُما الآن يرثيان بعضهما؟...
عندما التقيته قبل
فترة من الزمن مغادراً بيته بقي سحره ممزوجاً في نفسي.. كيف لا؟ وأنت تلتقي
بشخصية لطيفة وجذابة في آنٍ واحد...
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*أخذ
أدب الترجمة مكانة كبيرة لديك, كيف تنظر إلى الترجمة خاصة وإن هذا الأدب
يقوم بمهمة حضارية وتقانية تتمثل في زيادة التواصل بين الأفكار والأشخاص؟
**الترجمة برأيي هي
النافذة التي نطل منها على العالم علمياً وأدبياً وفكرياً وفنياً, فإذا فقدنا
الترجمة عشنا في قوقعة, أريد أن أعلن لك عن رأيي الصريح أن كثيراً من الأمم التي
لا نعرف أدبها لها آداب راقية ولكن جهلنا بذلك هو الذي يحرمنا من التمتع بها.
وأرجو أن نستطيع نحن
العرب أن نعرف كثيراً من لغات العالم لكي ننقل آدابنا إلى لغتنا فتزداد لغتنا
وأدبنا مدىً ويتسع علمنا وفكرنا إلى حدٍّ بعيد.
*ما الفرق بين ترجمة
العمل الأدبي عندما يقوم به الإنسان العادي أو عندما يقوم به المترجم الأديب وإلى
أي درجة يمكن أن تترجم بتصرف؟
**الترجمة التي
مارسها العرب نوعان, الترجمة الحرفية وهي لا تعطي النص الأدبي روحه والترجمة
بتصرف وهي ترجمة ليست أمينة وتعتبر تأليفاً جديداً, أما الترجمة التي يجب أن
يتبعها العرب فهي الترجمة التي تجمع بين روح النص وسلامة اللغة.
*وكيف تتم الترجمة
عند أديبنا الملّوحي؟
**أنا أترجم مرتين,
المرة الأولى ترجمة حرفية أتقيد فيها بالنص تقيداً كاملاً, والترجمة الثانية
ترجمة أسلوبية أعطيها الأسلوب العربي الفصيح, فأنت إذا قرأت هذه الكتب التي
ترجمتها تشعر وكأنها أُلِّفت باللغة العربية وليست أجنبية.
والترجمة لمرتين
تتطلب جهداً غير قليل, ولكنه هو الذي يجب أن يتبع.
*يقولون أن الترجمة
خيانة, فما رأيكم؟
**وهذا خطأ فالترجمة
أمانة وهي إحياءٌ لنص ميت بالنسبة إلى أصحاب اللغات الأخرى لا بالنسبة لأصحاب
اللغة التي ألف بها الكتاب أو نظم بها الشعر...
هناك فكرة أساسية
نحمد الله أن كثيراً من كتبنا العربية لم تبق في بلادنا في عهد الظلام وإنما
انتقلت إلى أوروبا فنحن لم نعرف قيمة المخطوطات إلا من عهد قريب, قادني إلى ذلك
قصة مرعبة قصها علي الأستاذ عبد الهادي هاشم –رحمه الله- فقد كان عضواً في مجمع
اللغة العربية وأثناء طريقه إلى هناك وجد عربة ملأى بالمخطوطات العربية, فسأله:
إلى أين؟ فقال إلى الحمام الظاهري وهو قريب لمجمع اللغة, لإيقاد النار فيه.
فاشتراها منه, وقد لحظ صاحب العربة اهتمام الأستاذ هاشم, فقال له: يا أستاذ هذه
الدفعة الثالثة التي آخذها إلى الحمام.
*نعلم أنك من تلامذة
العلامة والمفكر أحمد أمين, ما هي انطباعاتك عنه وهل تأثرت به؟
** الأديب والمفكر
أحمد أمين كاتب عظيم وعالم جليل يمثل المحافظة في الأدب والفكر وتأثري به من خلال
دراستي في مصر وكان لغوياً, أكثر منه فكرياً...
*اهتممت كثيراً بشعر
وأدب الشرق الأقصى "الفيتنام والصين مثلاً" ما هو الدافع وما هي النتائج التي
توصلت إليها؟
**أفتخر بأنني
استطعت تجاوز الاقتصار على ترجمة الآداب الغربية للغة الغربية إلى آداب الشرق
الأقصى إذا كان الاستعمار قد فرض علينا ذلك ولما اطلعت على الآداب الشرقية
أعجبتني جداً, فمن الناحية الفنية لا تقل عن الفن في الآداب الغربية ومن الناحية
العاطفية هي أرق عاطفةً وإحساساً من الآداب الغربية, ومن الناحية الاجتماعية
والسياسية فهي تمثل حرية الشعوب وتدعو لمكافحة الاستعمار وعلى رأس هؤلاء الأديب
والشاعر "هوتشي منه".
*ماذا ترجمة من هذا
الأدب؟
**ترجمة من الأدب
الكوري نشيد الجنة, ومن الأدب الصيني مجلدين عن الشعر الصيني القديم, وعن الشعر
الصيني الحديث, ومن الأدب الفيتنامي أربعة مجلدات في ثلاثة آلاف صفحة, ومن الأدب
الباكستاني كتاب جناح جبريل للأديب محمد إقبال والدواوين السبعة للأديب فايز أحمد
ومن الأدب الداغستاني كتاب "داغستان بلدي" لرسول حمزاتوف, وقد أحدث هذا الكتاب
ضجة كبيرة في الأوساط الأدبية العربية, وطُبِع أكثر من أربع مرات, ومن الطريف
والجدير بالذكر أنني تقاضيت على ترجمته ألف ومائة وست ليرات لا غير نتيجة تلاعب
أحد الأشخاص مع أن طابعيه ربحوا ما لا يقل عن مليوني ليرة سورية... وهذه مشكلة
الأديب في البلدان العربية هذا الذي يعمل والناشر هو الذي يربح.
*لننتقل إلى الشعر,
ماذا تحدثنا عنه وعن ديوانك "الحب والحرب" لماذا لا تعيد طباعته بعد أن نفذ من
الأسواق؟
**عندي أربعة وعشرون
ديواناً, نشرت منها أربعة دواوين فقط, ديوانان عن الحب والحرب و"قصر يلدز" و"عبد
المعين الملوحي يرثي نفسه".
وأنا أسعة لتصفية
هذا الشعر من القصائد التي لا ترتقي إلى مستوى شعرنا الجميل وسأعمل إن شاء الله
على نشر أعمالي الشعرية الكاملة. وللتذكير فقط لم تنشر هذه الأعمال, فهل تتكافل
وزارة الثقافة بإعادة جمعها ونشرها..
*هل تقرأ لنا بعضاً
من أبياتك الشعرية من ديوان "الحب والحرب"؟
**قلت في ديواني
"الحب والحرب" وفي قصيدتي التي تحمل هذا العنوان مايلي على لسان فدائي فلسطيني:
هناك قرأت كتاب
حياتي
فلم أرَ الروض إلا
رمالا
ولم أرَ في النبعِ
سرابا
ولم أرَ في الجو إلا
نكالا
هناك بدت لي فلسطين
داري
تسام هوانا وتلقى
وبالا
صبرنا على حمل
مأساتنا
فضجت وكانت أقل
احتمالا
وثرنا نعود لأرض
الجدود
ونطوي الطريق إليها
نزالا
وصرنا نموت قتالاً
ونحن
نعود وكنا نعود
هزالا
ويذبحنا أهلنا
والأقربون
وكان هوى الحكم داء
عضالا
وأعداؤنا من وراء
الحدود
يدوسون أسرار عكا
اختيالا
فنحن الضحايا وهم
سالمون
وهم غانمون ونحن
الثكالا
حياتي كأسان حرب وحب
وكلاًّ شربت نهالاً
نهالا
ولولا النضال جهلت
الهوى
ولولا الهوى ماعرفت
النضالا
*ما هي الآثار الأدبية
التي تحدثنا عنها وماذا ننتظر منك؟
**أعمل الآن في أمر
غريب جداً, حيث أرسلت لي الصين ثلاث أعداد من الأدب الصيني باللغة الفرنسية وهذه
الأعداد تضم آداب الأقليات القومية في الصين, وأنت تستغرب, بل وربما تستنكر أنني
أقبلت على ترجمة هذه الآداب, عندما تسمع مثلاً أنني ترجمت قصتين رائعتين من الأدب
المغولي, وترجمت قصة من الأدب الويغوري, وأرجو أن يتاح لي نشر هذه القصص الرائعة
إلى جانب ما نشرت.
وأعمل الآن على نشر
هذه المجلدات الأربعة عن الحمام في الأدب العربي.
الحمام والطير في
الشعر العربي القديم
الحمام والطير في
الأدب العربي القديم
الحمام والطير في
الشعر العربي الحديث
الحمام والطير في
الأدب العربي الحديث
*ما الذي دفعك إلى
تخليد ذكرى الحمام في الشعر والأدب؟
**كنت في مدينتي التي
أهوى –حمص- وفي البيت الذي أعشقه وأمامي فسحة من الفضاء فجاءت حمامةٌ ترتجف حطت على
النافذة التي أمامي ولم تلبث أن سقطت, فجأة جاءت هرة فأكلتها, وقد أثّر في هذا
المنظر تأثيراً كبيراً فعمدت إلى جمع الأشعار التي تتحدث عن الحمام والطير قديماً
وحديثاً, وهذا الكتاب ومجلداته الأربعة يجمع كثيراً من الشواهد الشعرية, والنثرية
الرائعة التي يضمها تاريخ الأمة العربي الأدبي... واعتبر هذا الكتاب كتابي الخاص
الذي قضيت فيه خمس سنواتٍ وربما قال البعض ما جدوى هذا الموضوع في العصر الحديث,
وأعتذر وأقول أنها نفثة مصدور, هذا الكتاب إن لم يقرؤه أحد فسأقرؤه طوال ما بقي لي
من عمر.
*ماهي النصائح التي
تقدمها للأدباء الشباب؟
**أقول حافظوا في
الشعر الحديث على الأساليب العربية والروح العربية, ولا تجعلوا الشعر إشارات
استفهام وتعجب ونقاط تساؤل.
لا تغتروا بأدبكم
فالأدب ميدان فسيح لا يثبت فيه إلا الأدباء العِظام.
اطلعوا على الأدب
العربي القديم ففيه كنزٌ وافرٌ واحترموا الأدباء الشيوخ.
لا تهملوا الإطلاع على
الآداب الأجنبية في كل البلاد فهي تفتح لكم آفاقها وتنير دروبكم.
حافظوا على لغتكم
العربية وأتقنوها فهي وحدها ويا للأسف التي بقيت لأمتنا.
رحم الله أديبنا
الموسوعي الكبير عبد المعين الملوحي فلقد ترك لنا من الفكر ما يجعله دائماً في
قلوبنا.
|
WEBMASTER : AA-ALSAAD
|
This Web Site Programmed and
Written By ABD ALMASSIH JAMIL ALSAAD
..... Copyright 2003 (C) SCOPNET All
Rights Reserved
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق