الأحد، 22 نوفمبر 2015

مجلة السنونو ( العدد الثامن ) - خاطرة - مدخل إلى الحب ( نهاد شبوع ) - خطاب الحب ( كامل دعدوش )

مجلة السنونو ( العدد الثامن ) - خاطرة 
مدخل إلى الحب  ( نهاد شبوع ) - خطاب الحب ( كامل دعدوش )

  مدخل إلى الحب:
حينما يتعانق الفن والفلسفة وخفقة القلب الصادق في رحلة الوجد والصحو... وحينما ينحسر كل تعريف ((للإنسان)) ليستقطب الإنسانَ هذا التعريفُ – وحده -: (الإنسان: كائنٌ يحب).. فلسنا سكارى الخلق المبدع فحسب... بل سُكارى حقيقتنا التي فاضت فجأة, لبصرنا وبصيرتنا, شلالَ نور... بعدَ أن تاهت مِراراً في بحور ظلماتِ الأرض..! أمامَ حقيقةِ (الإنسان) المرتبطة بالحب.. أي.. أمام حقيقة وجوده بامتياز...!
الحب لا الحبيب, الحب الفكرة المنعتقة... الحب السر الكوني, حيث يُحَبّ الحبُّ لذاتهِ... حيث صوره الشفافة التي لا تلوثها علائق العالم... الحب القيمة الخاطفة... الحب المطلق الذي عبرت عنه الأديان بقولها: ((إن الله محبة)) إلى هذا الحب خطابُ "كامل دعدوش" وحفيف أجنحة حروفه... إلى هذا الحب نتوق لنعرف... فتكون الحياة جديرة, واسم الإنسان بنا جديراً.. ومن عمق هذا الحب وصفائه ذوب السحر والشعر في الخِطاب....
                   نهــاد شبّـوع
ـــــــــــــــــــــــــ
خــــــــطاب الحــــــب
                                                       كامـل دعـدوش
سيدي الحب...
لمثلك, فقط, تهفو السيادة وتستريح. لمثلك, نقولها بملء أصواتنا, وجوارحنا, وقلوبنا.
لأن سيادتك, على قلوبنا, سيادتنا على نفوسنا والآخرين. ونحن أسيادٌ مثلك, لأن سيادتك لا تعني العبودية لنا والذل. ثم ألم تقل: مقيد نفسه حر.
ونحن ربطنا خيولنا بجذوع واحتك, وطابَ لنا أن نتنفّسَ الحريةَ, حرية الكبار لا حرية الصغار. سمعنا عنك الكثير, وما عرف من سمع مثل الذي ذاق.
* * * *
كان يوماً في حياتي, يوم دخلتُ إلى محرابك, والتقت العينان. آنئذ توقف الزمان, وسكن الحِراك. آنئذ أحسست بسهام نورٍ حقيقي تنفذ إلى قلبي, تطرد الظُّلمة والزيف والخوف. وكان وراء دخولي عليكَ قصدٌ: أن أقطِّع أوصالك بمباضع عقلي وفلسفتي وعلمي! فلما التقت العينان, نسيتُ مباضعي كلها, طردتها, واستويتُ قبالتك ساعاتٍ, كطفلٍ ضالٍّ, أنهكته وعثاءُ الطريق. وقدَّمتَ إليَّ رشفاتٍ من الكأس فارتويتُ, وما طلبتُ المزيد لأنك كنتَ أدرى مني بحاجتي!
 
* * * *
وعشتُ أياماً, بعد الرحيل, وأنا في حضرتك مقيم, غريبٌ عن الكلّ, لا بالروح فقط, بل بالجسد والجوارح أيضاً. كنتَ عيني إذ أرى, وكنتَ سمعي إذ أسمع, وكنتَ لُبِّي إذ أفكِّر. كنتَ أنا, وكنتُ أنتَ. وكانوا هم بيننا فاصلاً, سياج شوكٍ. ولكنهم خابوا, وخابَ معهم سياج شوكهم, فنهر الحب نهرٌ من الريح, لا يعبأ بالأشواك!!
 
                                                * * * *
طال بعادي عنك, وتصلّبت أشواكُ السياج في وجهي, وكدتُّ أغرق في بحر الصِّراع وأوشكت ابتسامتك الذكية, ونظرات عينيك السوداوين, أن تفلتا من خيالي. لكنَّ الدَّم مني ثار, وكانت عودتي السريعة إليك. ووقفتُ على بابك, وكان يغتسل بشلال بدر حنون, ولأول مرة, لم يستطع البدر الصيفي أن يشغلني عما سواه, بل صار لي خليلاً, أشكو له حالي.
وولجتُ إلى مقصورة النور والإشارة, وجلستُ حيث وجدت لركبتيَّ فجوةً, وتحرك زمان غريب, غريبٌ عن كل زمانٍ مرَّ عليَّ. ومددت كأسي ورشفت قطراتٍ من خمرةٍ معتَّقة أصيلة, وأعقب ذلك نشوة عظيمة, وصحوٌ مطمئِن, وراحة مطلقة. إنها خمر ولكنها ليست كأي خمرٍ!! وكنتَ تقول: خمرنا ليست نوعاً واحداً, وطعومها جدُّ مختلفة, ونصيبكم منها بحسب كؤوسكم التي تقدمونها!! وتتوالى كلماتك ويتوالى انغراسها في قلبي... ونمتُ ليلتها على دفء كلماتك وإشاراتك, التي تفيض من قلبِ جناحاه: الصدق والإخلاص!!
 
                                                * * * *
وفي حديقة الحب, أُقيم مهرجان الحب, وكنتَ فيه سيداً وكانت نظراتُ عينيكَ المشعة بالنور, صولجانك الوحيد, الذي كنتَ به تحرك آلاف القلوب والجوارح. وكان لكلٍّ منهم ممارسته الخاصة التي يختلف بها عن غيره, لاختلاف الكؤوس والشراب. وكان عيبي الوحيد مراقبتي الدائمة للأرواح النقية التي طارت كالفراشات, وللقلوب التي استحالت إلى جوقة من العصافير المغردة! وكان في هذا متعة, شغلتني عن ممارستي الخاصة, فحب الفضول عندي ما زال قوياً, وهذا عيبٌ في شرعكم!
لكن أي بدايةٍ تخلو من العيوبِ والأخطاء؟!
 
                                                * * * *
غبت عن حديقتك زماناً طويلاً, وما غبت, لأنها كانت حاضرة معي أبداً وبقلبي حملتُ هويتها. لأن حديقتك يا سيدي كانت بالنسبة إليَّ آخر المطاف, وكم كنتُ غُرّاً ساذجاً حينما استوقفتني حديقة أبيقور, ومدينة أفلاطون وجمعيات إخوان الصفا! لكنها كانت محطات قادتني إلى محطَّتك الأخيرة المحدودة بلا حدود! وبعد رحلة التجديف القاسي في بحر الظلمات... أعود إليك لأبدأ... لأن أية بداية لا تنطلق من حديقتك تنتهي حتماً إلى ضياعٍ قاتل. وصوتكَ, صوتكَ ما يزال حتى الآن قوياً واضحاً يملأ عليَّ فضائي: البداياتُ تدلُّ على النِّهايات!

 
 
WEBMASTER : AA-ALSAAD
This Web Site Programmed and Written By ABD ALMASSIH JAMIL ALSAAD ..... Copyright 2003 (C) SCOPNET  All Rights Reserved 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق