مجلة السنونو (
العدد الثامن ) -
خاطرة
|
بأنتظار
المطر ( أنيسة عبود )
|
بانتظار
المطر
أنيسة
عبود
لو
أنك يا مطر الخريف تشتّد قليلاً فتجرف الوحل الراكد في أعماقنا. ثم انهمر أكثر,
واغسل شوارعنا من تسكّع الليالي الهامشية المجنونة, ربما ينمو قطيع من الأحلام على
الرصيف.
ربما تزهر
الطفولة مرة أخرى,فنصدق خيالنا من جديد.
تواضع
قليلاً يا شجر الحور
عال ٍ أنت.
وتطل على
حقول البرتقال المصابة بالفزع
شامخ...
وتستطيع أن ترى _ أكثر مني_ بيت حبيبي العالي_ وتقدر أن تصفق بأحلامك في السماء..
لكن انتبه..قد يتأخر الشتاء.
لكنه سيأتي
بالتأكيد.. فيعريك البرد والمطر.
ولن تتوالى
العاصفة عن ركلك بقدميها الموجعتين على التراب..
ثق... لن
يرد على صراخك أحد, وسيمّر بك الذين كنت تظللهم ولن يلتفتوا... يا للأسف.
لو أنك ِ
يا شجرة الكينا,التي باعتها زوجة عمي بحذاء, وضوء كاز, وصحن فخار لتشعل البخور فيه
وتحمله إلى قبر عمي, لو أنك ِ تعودين إلى مصطبة القرية- أقصد تفرين من ذلك
الكرسي,أو من تلك الأسرّة أو من باب القصر.. تعالي مرة أخرى إلى المصطبة, أنت تحكي
لنا ونحن نصمت,ثم نحن نغني وانت تبكين علينا.
بلا جذور
أنت يا شجر السرو, تكبر بسرعة, وتخضرّ بسرعة والذين يرونك, يظنونك أبدي البهجة,
يتنحى التوت أمامك, تسقط أوراقه ويخجل من عريه.. وتفزع منك أشجار الصفصاف..لكن
انتبه..إنك بلا جذور قوية ورياح الشتاء شرسة وحمقاء. ولن تقف لتشفق عليك أو لتبتعد
عنك إكراماً لمزاياك الرهيفة,تذكر أنك بلا جذور, أتظن نفسك كشجر السنديان الذي
يسوّر بيت جدي؟!
بحرنا جميل
وهادئ..
قلما يثور,
وقلما يبكي, يبتلع نفايات المدينة ولا يضجر. يجتزئون أطرافه فيمشي على العكاز ولا
يتأفف, ويجردونه من رمله وأصدافه ولم أره مرة يندم أو يبكي, إنه ابن هذا الزمان...
لا يزج نفسه في مواقف خاسرة.
أما تلك
الشوارع, الصاعدة, النازلة, والملتوية حسب مزاج بعض القرارات, والمكسورة من ثقل
الهامشيين أو العاطلين عن العمل.. أو الذين هم عالة على المجتمع, مع أنهم هم الذين
يبتلعون معظم خيرات المجتمع.. هذه الشوارع تتراجع كل يوم خطوة إلى الوراء.. وتتلوى
صامتة.. فهي بلا مطالب. لم تعبر عن رغبتها بالورد بدلاً من القمامة,ولم تضع يدها
على أنفها احتجاجاً على الذين يبقرون أكياس القمامة في الليل تكون المدينة هادئة
والشوارع مسترخية, وهي لا تحتج على نحولها مرة, أو ذوبانها في المحلات , ولا تصرخ
من كسورها, المهم هي موجودة-كما نحن- ماشي الحال.. "خطىً كتبت علينا"- هكذا يردد
صديقي كلما شكوت له أمراً.. يعني الشوارع مثلنا.. يجب أن تؤمن بقدرها.. وهي مثلنا
مسيّرة.. ولكن لماذا يحاسبوننا؟! ومن يحق له أن يحاسب من؟!..
وأنت يا
صديقي إلى متى تستطيع تحمّل قلمي اللاذع, الغاضب, العاشق المحتجّ المتلهف؟ لأنك
أكثر من صديقي, وإذا لم تصدق اسأل مجرى الماء الموازي لبيتنا.. إنه يشبه مجرى
العمر, الذي يتولى بين مزارات..ووديان.. إلى أن وصل إلى نقطة القاع ثم..ماشي
الحال.
|
WEBMASTER : AA-ALSAAD
|
This Web Site Programmed and
Written By ABD ALMASSIH JAMIL ALSAAD
..... Copyright 2003 (C) SCOPNET All
Rights Reserved
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق