مجلة السنونو (
العدد الثامن ) -
شعر محلي
|
العودة من
المنفى
( عبد المعطي الحجازي )
|
العــودة مـن المنفــى
عبد المعطي الحجازي
لمَّا تحررتِ
المدينةُ عدتُ من
منفايَ،
أبحث في وجوه الناسِ
عن
صحبي،
فلم أَعْثُر على أحَدٍ
،
وأدركني الكلالْ
فسألتُ عن أهلي، وعن
دارِ لنا
فاستغرب الناسُ
السؤالْ
وسألتُ عن شَجرٍ
قديمٍ،
كان يكتنفُ الطريقَ
إلى التلالْ
فاستغرب الناسُ
السؤالْ
وبحثتُ عن نهرِ
المدينةِ دون جدوى،
وانتبهتُ إلى رمادِ
نازِلٍ
من جمرةِ الشََّمس
التي كانت تميل إلى الزوالْ
وفَزِعتُ حين رأيتُ
أهلَ مدينتي
يتحدثون بلكنةِ عجماء
متجهين نحوى،
فابتعدتُ،
وهم أمامي يتبعون
تراجعي بخطى ثِقالْ
حتى خرجتُ من المدينة
مُثقلاً بحقائبي
وانهرتُ مثل عمودِ
ملحٍ
في الرمالْ
طليطلـــة
كان الحنينُ مَدى عَذباً، وكان لنا
من وجهها كوكب في الليل سيّارُ
هذا دخانُ القُرى، ما زال يتبعنا
وملءُ أحلامنا زرعٌ، وأجنحةٌ
وصبْيةٌ
وطريقٌ في الحقولِ إلى الموتَى
وصَبَّارُ
فملتقى الأرضِ بالأفقِ الذي اشتعلت
ألوانهُ شفقاً
فالقاطراتُ التي غابت مولولةَ
في بؤرة الضوءِ،
فالحزنُ الذي هَطَلَتْ
علي أمطارُهُ يوماً
فصِرتُ إلى طيرٍ،
وسافرتُ من حزن الصبيِّ إلى
حُزنِ الرجالِ، فكُلُّ العمرِ أسفارُ
يا صاحبِيّ قِفا!
فالشمس قد رجعت،
ولم تَعِد بغَدٍ
كُلُّ المقاهي انتظارٌ. ساءَ ما فَعلَتْ
بِنَا السنونُ التي تمضي،
ونحنُ على موائدٍ في الزوايا،
ضارعين إلى شمسٍ تخلّلتِ البللّورَ واهنةً
ولامَستْ جلدَنا المعتل، وانحسرت
عَنَّا إلى جارنا،
فما نَعِمْنا، ولم يْنَعم بها الجارُ
يا صاحبيّ!
أخمرْ في كئوسِكما
أَمْ في كئوسكما هَمَّ وتَذكارُ!
وما الذي تنفعُ الذكرى إذا نَكأَتْ
في القلب جُرحاً، علمْنا لا دواء لهُ
حتى نعودَ،
وما يبدو أن اقتربتْ
أيَّامُ عودِتنا، والجرحُ نَغَّارُ
ها نحنُ نفرطُ فوق النهر وردتَنا
وتلك أوراقُهَا تنأى،
ويأخذها
ورادَ أحلامِنا موج وتيارُ
يا صاحبيَّ!
أحقاً أنَها وسِعَتْ
أعداءَها!
وجفَت أبناءَها الدارُ؟!
لو أنَها حوصرت حتى النهايِة،
حتى الموتِ، لو سحَبَتْ
على مفاتِنِها غُلالة من مياهِ النيلِ،
واضطَجعتْ في قاعِةِ!
لو سفَتْها الريحُ فانْطمَرَتْ
في الرمِل وانْدلعَتْ
من كل وردةِ جرح وردةُ
فالمدى عُشبٌ ونُوَّارُ
هذا دخانُ قراها يقتفى دَمَنا
ومِلءُ أحلامِنا زرعٌ، وأجنحةٌ
ومِلءُ أحلامِنا ذئبٌ نَهَشُّ لهُ
نسقيه من كأسنا الذاوي،
ونسألهُ عنها،
وننهارُ!
* * *
الراسخون في حب الحرية
ايهما أجمل،
الترنم بأسماء المدن النائية
وأنت تتأمل
الخارطة،
أم المشي ليلاً في
شوارعها؟
ولماذا تلومني
لأنني مدمنة رحيل؟
أفيوني مدن لم
أزرها من قبل،
وآفاق لم تراودني
عن نفسي بعد!..
فأنا المرأة
الراسخة في حب الحرية..
ولا شفاء لي.. ولا
أريد أن أشفى..
غادة
السمان
|
WEBMASTER : AA-ALSAAD
|
This Web Site Programmed and
Written By ABD ALMASSIH JAMIL ALSAAD
..... Copyright 2003 (C) SCOPNET All
Rights Reserved
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق