الأحد، 22 نوفمبر 2015

مجلة السنونو ( العدد الثامن ) - مميزون - المغترب: سيرهيو بيطار ( إعداد: توفيق حمد الفقيه )

مجلة السنونو ( العدد الثامن ) - مميزون 
المغترب: سيرهيو بيطار  ( إعداد: توفيق حمد الفقيه )

          بعض الشخصيات الإنسانية لها حضورها الخاص لا سيما حين تستجمع تلك الشخصيات في إهابها الإقناع وأصالة الجذور وصبوة الانفتاح على العالم والسعي الحثيث لتقديم النموذج الفاعل والمؤثر في أي ظرف.
          من هؤلاء السيد سيرهيو بيطار العضو السابق في مجلس شيوخ التشيلي الذي مثل ولا يزال دوراً  ريادياً في حياة البلد الاجتماعية والثقافية والسياسية من خلال ما تسلم من مناصب رفيعة في الدولة  مثـــل
 " حزب من أجل الديمقراطية" الذي أسسه هو وتولى رئاسته خلال دورتين متتاليتين(90ـ92 و 92ـ 94) كما سبق له وشغل منصب الأمين العام بين عامي (1990ـ1992) وهذا إلى جانب أنشطة تجاوزت حدود بلده وهي ما سنعرض في هذه العجالة.
          هاجر أبوه السيد نظمي بيطار من مدينة حمص إلى التشيلي عام 1927، وكان الاستعمار الفرنسي آنئذ جاثماً على وطننا العربي السوري، وهناك اقترن بسيدة سليلة أسرة سورية أيضاً، وفدت ذلك البلد الأمريكي اللاتيني في بدايات القرن العشرين. وقد أشاد السيد نظمي بنفسه وبأسرته صرحاً حقيقياً من الأمجاد يتمثل بمكانة اجتماعية رفيعة وبدور على جانب عظيم من الأهمية في الميدان الاقتصادي، حيث ساهم بدفع النهضة الصناعية لوطنه الجديد، دون أن ينسى التقاليد العريقة لحضارة أمته أو يتخلى عن انتمائه للوطن الأم، غارساً هذه القيم في نفوس الأبناء الذين أنجبهم فاستحق عن جدارة المنصب الذي تبوأه كقنصل فخري للجمهورية العربية السورية في سانتياغو في التشيلي.
          في مدينة سانتياغو العاصمة، ولد سيرهيو بيطار وفيها تلقى علومه، منتسباً إلى "المعهد الوطني" و " كلية الهندسة المدنية" في جامعة التشيلي حيث أهّله تفوقه لنيل جائزة "أفضل طالب ورفيق" عام 1964، وفي العام 1965 نال شهادته في "التخطيط الاقتصادي" من باريس، ليحصل بعد ذلك عام 1971 على شهادة "ماجستير في الأدارة العامة" من جامعة هارفار الأمريكية.
          مارس سيرهيو النشاط الاكاديمي مدرساً للفيزياء والرياضيات في جامعة التشيلي، كما تولى مديرية التخطيط الصناعي في مركز تطوير الأنتاج.
          خلال العامين 1971و1972 شغل سيرهيو بيطار منصب مستشار لرئيس الجمهورية سلفادور الليندي الذي كان قد ارتقى إلى السدة الأولى نتيجة انتخابات عام 1970، وفي العام 1973 تولى منصب وزير للمناجم في حكومة الليندي وبقي فيه إلى أن نفذ العسكريون المتطرفون في الجيش التشيلي بقيادة الجنرال اوغستو بينوشيت انقلابهم الدموي بتحريض ودعم أكيدين من جانب وكالة المخابرات المركزية الأمريكية والبنتاغون وشركات متعددة الجنسيات، ولا سيما شركة "الهاتف الدولية".
          باستشهاد الليندي مدافعاً عن مقر الرئاسة، "قصر لامونيدا" (11 أيلول 1973)، بترت مسيرة شعبية واعدة بالنسبة لأمريكا والعالم التقدمي، مسيرة عمادها الجماهير الشعبية التي تعرضت لنقمة الانقلابيين فعانت التنكيل والتعذيب والقتل بعد أن حول الطغاة الساحات العامة بما في ذلك الإستاد الوطني إلى معسكرات اعتقال وساحات إعدام..
          أما الشخصيات القيادية، بما فيهم الوزير بيطار فقد تحولوا إلى مساجين سياسيين، ينتقلون من معسكر اعتقال إلى آخر.. هكذا عرف سيرهيو قسوة الأسر واضطهاد الطغاة إلى جانب حوالي 50 شخصية أخرى مثلت دوراً فاعلاً خلال حقبة هامة من تاريخ التشيلي ومنهم من لم تسعفه حالته الصحية على تحمل الأشغال الشاقة التي أرغم الأسرى على ممارستها، فقضى نحبه في معسكرات الاعتقال بجزيرة داوسون، كما في ريتوكي وبوتشونكافي، حيث تم اعتقالهم دون أن توجه إليهم أية تهمة.
          بعد أسر دام عاماً كاملاً، وبفضل مساع حثيثة ووساطات قامت بها منظمات عالمية وشخصيات مرموقة من سائر أنحاء العالم أخرج سيرهيو من الأسر على أن يتوجه إلى المنفى حيث أرغم على البقاء عشر سنوات(1974ـ1984)، عمل خلالها بصفة باحث زائر في معهد هارفار للتطور الدولي، وفي مركز ولستون لطلاب المنح الدراسية في الولايات المتحدة، كما أدار شركة تجارية في فنزويلا.
          على الصعيد الدولي شغل سيرهيو بيطار مناصب عدة "عضو في لجنة الحوار التنفيذية لعموم أمريكا" (واشنطن)، "نائب رئيس مؤسسة السلام المواطني في التشيلي"، كما أسس وترأس المركز الأمريكي اللاتيني للاقتصاد والسياسة الدولية، ومقرها العاصمة التشيلية سانتياغو.
          يمتلك سيرهيو بيطار رصيداً ثراً من المؤلفات المنشورة في العديد من الأقطار الأمريكية اللاتينية في مواضيع تشمل الاقتصاد والسياسة الاقتصادية وإدارة المؤسسات والتصنيع، وكذلك التنظير في "مواجهة التاريخ من أجل بناء المستقبل".
          إذ لا يتسع المجال لذكر العناوين وأماكن الصدور، نكتفي بالإشارة إلى كتابه"الجزيرة ـ10" وهو سرد لذكريات الأسر، تدور معظم أحداثه في جزيرة داوسون، حيث قاسى ويلات السجن طيلة ستة أشهر إلى جانب قادة سياسيين ووزراء، هناك أعطي كل سجين رقماً يعرف به إلى جانب أسم الجزيرة، تلك القطعة النائية من الأرض التشيلية الممتدة في الجنوب بموقع ومناخ يعادلان طبيعة الآسكا، ومن هذا الرقم استوحى سيرهيو أسم الكتاب وهو الأول من نوعه الذي ينشر في التشيلي وعنه صدرت عشر طبعات أسبانية وسوف ينشر بالعربية قريباً. 
هل يُدان سقراط بحجة أن التزامه الثابت بالحقيقة وأبحاثه الفلسفية أدت إلى ما قام به العامة المضللة حين أجبروه على تجرّع السم ؟
وهل يدان المسيح لأن ضميره الإلهي الفريد واستمراره في تكريس نفسه لمشيئة الرّب قد أدّيا إلى فعل الصلب الشرير ؟. 
          
 
 
WEBMASTER : AA-ALSAAD
This Web Site Programmed and Written By ABD ALMASSIH JAMIL ALSAAD ..... Copyright 2003 (C) SCOPNET  All Rights Reserved 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق