الثلاثاء، 1 ديسمبر 2015

مجلة السنونو ( العدد العاشر ) - خاطرة تداعيات بين مغترب وغريب ( بقلم: د. غانم الجمالي )

مجلة السنونو ( العدد العاشر ) - خاطرة
تداعيات بين مغترب وغريب  ( بقلم: د. غانم الجمالي )   

 

تداعيات بين مغترب وغريب

بقلم: د.غانم الجمالي
من صديق وابسمتاه
كثيرا ما يؤرقني تعريف الغربة..
.. عدد لا يحصى ممن احترف الاغتراب حاول نثر غربته على أوراق الاعتراف , تفهم حالته ولا تفهم غربته , يبدو أن الغربة مثل العشق حالة وجدانية موجعة أحيانا وموجوعة أكثر فيما تبقى من أحيان .
قد تعتريك بين ( الأحيانين ) ثوان من النشوة لا تكاد تدركها , متعة تذكارها أجمل بكثير من متعة معايشتها .
وتبعا لحالك وقت نثر السنين ستجد من يقرؤك أن درجة الوجع تعلو وتنخفض لكنها كحرارة أجسادنا  لن تكون صفرا أبدا , وإلا ...   
تجدك في غربة المكان عارفا بواعث الألم,أما في غربة الزمان ,فإشعاع المواجع دائري جدا ..
ما العمل لو شعرت أن آن للسنين أن تكفّ عن مداعبة بواعث الألم فيك ؟ أما آن لها أن تعرف أن فيك بواعث أخرى تحتاج للمداعبة , لكن خيبة الانتظار دفعتها لكتابة هذه السطور .
ما العمل لو وجدت نفسك مكرها على الاختيار بين غربة مكان ليس لك وغربة زمان لست له ؟؟؟ , ألا نذهب لغربة المكان أملا في قهر غربة الزمان ؟؟؟ ماذا لو وجدت أن الأولى أكبر من الحلم والثانية أكبر من الهروب ؟؟؟ هذا نوع جديد من الاغتراب وصل حديثا مع حفنة من مشاعر التقدم بالعمر .
أمّا لو قلت لك " ماذا لو " مرة أخرى فسأطيل ولن أفعل .
لله درّ أبي ماضي حين قال :
قلت ابتسم ما دام بينك والثرى
                                     شبر, فإنك بعـــد لـن  تتبسّــما

يبدو أن ليس لنا سوى الاحتفال الدائم بمقدرتنا على الابتسام لنشعر بأن عجلة الاغتراب يمكن أن تكثر من ثواني النشوة ...... فماذا لو ......؟؟؟؟ .. أجب بصمت عن كل الأسئلة التي لم أطرحها عليك !!!
ولا تخبرني الإجابة ... فهي عندي !!!!! ولن أخبرك الأسئلة ... فهي عندك !!!!
وإلى أن نفترق لك كل محبتي , فلم نكن إلا معا ... فماذا لو .... ؟
كل عام ونحن قادرون على الابتسام .

 إلى صديق ... الرجاء الرجاء :

الغربة يا صديقي ليست بشيء , إنه الإحساس بها هو كل شيء ..

صدقني أن لا الزمان ولا المكان هما بواعث الإحساس بالغربة , بل فراغ الروح وامحاء تلافيف الذاكرة والنعي الأبدي للحرية .. هم جميعا مبعث كل غربة والمدخل لكل إحباط والمقبرة لكل إبداع .
محكوم علينا بالأمل .. قالها يوما راحل حمل معه ليس حقيبة سفر بل حاوية من الألم والعذاب , نعم نحن محكوم علينا بالأمل والرجاء حتى وإن بديا لنا مرات عدة وكأنهما سراب بسراب .
 غداً يوم آخر .... غدا هو اليوم الذي أقلقك بالأمس , فلا تغفل أن تعيش اليوم , دع عنك الهموم , اطرحها أرضا , اصفعها وأدر لها ظهرك ولا تنظر أبدا خلفك , فلن تستطيع العبث بماض مضى  , وبآت لا زال ضميرا مبنيا للمجهول أمره ليس لك فيه وليس لي فيه .
 أتدري كم مغترب في مكان هو له وفي زمان هو فيه ! أتدري !
 أتدري, يا مسافرا في الأمل , كم محبط راحل في مكانه وزمانه الذي يعيش فيه! أتدري !
 لو.. كررتها مرات , لكنك تدري أنها للتمني .. لعلك تدري المسافة بين التمني والرجاء , الرجاء يا صديق قد يصبح واقعا وقد لا يكون , أما التمني فإنه غالبا لا يكون ...
 اليوم هو ما تعيشه , هو الواقع الذي تعيه , أما ما قد مضى فذكرى , وما قد يأتي فرجاء ينهل من واحة من سراب  ستبقى كذلك إلى أن نرتوي حقيقة منها ... 
 ابتسم يا صديق .. فالقدرة على الابتسام لا تعني شيئاً ولا تكفي لشيء , فلابد من فعلها , وواثق أنا بأنها , ستفعل بروحك  فعلها ...
لله در عمرالخيام إذ يقول :
لا توحش النفس بخوف الـظـنون                                 واغنم من الحاضر أمن اليقين
             فكم توارى في الثرى راحل غـدا          
                                              وثــاو من ألـــوف الـــســنـيــن حقا لا أستطيع عند  وداعك , بعد رحلة سطور سريالية ,  إلا أن أقول كما تقول ... إلى أن نفترق ...
 
 
 
 
WEBMASTER : AA-ALSAAD
This Web Site Programmed and Written By ABD ALMASSIH JAMIL ALSAAD ..... Copyright 2003 (C) SCOPNET  All Rights Reserved 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق