مجلة السنونو (
العدد العاشر ) -
شعر محلي
|
|
الاصحاب -
او اثنا عشر , عشرون , ثلاثون ... وأكثر (
نزيه أيو عفش
)
|
|
الأصحاب
أو:
اثنا عشر، عشرون، ثلاثون... وأكثر
نزيه أبو عفش
لوحات المقال
للفنان بسام جبيلي ( العشاء ما بعد الأخير)
من حق مريض أحلام مثلي
أن يتذكر أسلافه بين حين وحين:
اثنا عشر تلميذاً(أو ربما أكثر، فأنا أخفق
دائماً في عد مبررات اليأس)
اثنا عشر صاحباً، اثنا عشر صعلوكاً، اثنا عشر
جنرالاً وتابعاً وعبداً، اثنا عشر غراباً حالماً بميراث الدم...
مُنْكَبّون، بأزهار في الأيدي وخناجر تحت الأثواب، على مائدة نبيذ وبهتان وبعض مسيح
اثنا عشر قاتلاً في حاجة إلى جثة
اثنا عشر خائناً في حاجة إلى أوسمة مجد
اثنا عشر صاحباً!..
اثنا عشر مَدّاحَ شجاعة، ينفخون الموت في قلب عجي أعزل، ما يلبث
أن يصير جثمان مسيح مهدد بالخلود.
أحدهم(أصدقهم وأشجعهم.. وأودّهم بطبيعة بالحال) خانه علانية.
وإذ لم يحتمل فداحة ما تفعله الندامة في قلوب الخطّائين، مضى لإلى أقرب شجرة وشنق
نفسه.
أما الأحد عشر الآخرون
فقد تفرقوا، كما يفعل الرسل الصالحون، في عشر جهات الأرض،
مبشرين بحقيقة أن يسوع "الحزين، الماسوشي، المصاب بالميلانكوليا".. كان يحب أن
يُصلب من أجل أن يصيرَ محبوباً.
ببساطة: قتلوه.
قتلوه لكي يدّعوا: كان رفيقنا.. وأحببناه.
قتلوه بأن قالوا له:
يا يسوع
أنت جميل إلى درجة أنك،
ساعة تُرفع على الصليب،
ستغدو أكثر جمالاً من المسيح نفسه.
قتلوه بأن ظلوا يقولون له:
لماذا أنت يائس وحزين وغامض إلى هذا الحد؟!
قتلوه بأن ظلوا، في الرسائل والمشافهات وبرقيات الـS.M.S
يقولون له: ما الذي يحببك بالصليب يا عيسى؟!
قتلوه بأن جعلوه يصدق أن الموت هيّن وجميل وأن الصليب أقرب سبل
الهواة لبلوغ الأبدية
إذ كان يكثر من هجاء الألم. سمّوه غراباً.
ولأنه كان يُبَغّض الناس بالشر.. سموه كهنوتياً.
وحين قال: "يمكنني أن.."
تركوه يمشي على ماء البحر
على أمل أن يغرق.
سموه رباً لأنه أضاء قلب الأعمى.
وسموه بشراً لأنه قال:
يا أبتاه
لو تعبر عني هذه الكأس!
وسموه ملحداً.. لأنه جرؤ على الصراخ:
إلهي، إلهي، لماذا تخليت عني!
وإذ قتلوه.. صيّروه مسيحاً
فصاروا جميعهم رسلاً وحملة بشارات
" أحبوه"؟..
طبعاً أحبوه. لا أحد يجرؤ على إنكار هذه البديهية.
أحبوه أكثر مما تتصورون، بل وأكثر مما كان يتصور هو شخصياً
أحبوه كما لم يسبق لأحد أن أحب أحداً أو شيئاً.
أحبوه كثيراً وكثيراً...
لكن ليس لأنهم أحبوه
بل ليقينهم من أنهم – عشية موته الـ" ما بعد حداثي" – سيُطَوبون
جميعاً
أصحاب قداسة " ما بعد حداثيين".
أحبوه
لأنه جعل نفسه ميتاً
لا يصلح لما هو أكثر من الحب.
أحبوه لأنهم قتلوه
من حق مريض أحلام مثلي
أن يتذكر أصحابه بين حين وحين.
ذات مرة، سأله الوفي الخجول الحنون يهوذا:
لماذا تتعجل الموت يا معلم؟!
قال: يا أحب الناس
لأنه، في الموت فقط،
يشعر الإنسان أنه في مأمن
أسأل نفسي الآن، بعد فوات الوقت:
ماذا لو أنه، في لحظة فطنة مباغتة، فكر في الآلام التي يسببها
انغراس المسامير في اللحم. وقرر ألا يموت!
ماذا لو أمكنه، للحظة صغيرة واحدة، تَخَيُّلُ عذاب إنسان
ظامئ مطعون بحربة في الخاصرة!..
وماذا لو قال:
" رجاء أيها الأصدقاء
أنا في حاجة إلى المزيد من الخمر.."!
ماذا لو.....؟!
طبعاً، سيلعنونه.. كانوا.
طبعاً، سيُبغضون وضاعة أفكاره الأرضية.. كانوا.
وطبعاً، كانوا سيقولون:
أيّ مسيح عديم الكفاءة هذا !!
لا يجرؤ على الصمود، لساعة واحدة لا أكثر،
على قطعة خشب مدعّمة بالصلوات والمسامير!
وطبعاً (الجبان الذي خان أحلامهم) سينفضّون عن مائدة هلاكه،
ويعودون جميعاً إلى صيد
الأسماك، وترقيع مخططات المجد، والبحث عن مهن أقل شاعرية، تداوي
خيبة القديسين بعائدات أرضية أوفر وريع سماوي اقل.
فقط: ماذا لو أنه لم...؟
لكن (سامحوني على إفشاء هذا السر. واعذروني على الآلام التي قد
تتسبب بها المصارحة بالحقيقة):
ما حدث حقيقة هو: أنهم.. قتلوه
من حق حالم مثلي أن يتذكر.
من حق عصابي مثلي أن ينسى
|
|
WEBMASTER : AA-ALSAAD
|
This Web Site Programmed and
Written By ABD ALMASSIH JAMIL ALSAAD
..... Copyright 2003 (C) SCOPNET All
Rights Reserved
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق