مجلة السنونو (
العدد العاشر ) -
أوراق
|
|
مشروع
أصدقاء " الأرض " في حمص ( خالد
عواد الاحمد
)
|
|
مشروع أصدقاء " الأرض " في حمص
تجربة رائدة في العودة إلى الطبيعة والاحتفاء بها
خالد عواد الأحمد
يمثل
مشروع أصدقاء الأرض الذي أقيم في مدينة حمص منذ سنوات نموذجاً فريداً وتجربة رائدة
في العودة إلى الطبيعة، والاهتمام بها، وتجديد الانتماء الحميمي إليها بعد أن
أصبحنا غرباء عنها "لا يحركنا بيت من الشعر أو زهر على غصن " كما يقول الشاعر
الراحل وصفي قرنفلي ، وتتمثل هذه العودة إلى الطبيعة والاحتفاء بها من خلال نشر
الوعي البيئي والاجتماعي والمعايشة الفطرية والتصالح مع الذات، والتأمل الروحي
العميق، في جو إنساني نادر لا يعترف بالفروق الطائفية أو المذهبية أو الانتماءات،
بل بإنسانية الإنسان فحسب .
ينقسم هذا المشروع الحضاري إلى ثلاثة أقسام رئيسية
وهي(الاستقبال ) حيث تستقبل( الأرض ) العائلات والشباب ليوم أو أكثر أسبوعياً ،
وأثناء ذلك يشارك القادمون في نشاطات مختلفة، منها الأعمال الزراعية، والرحلات على
الأقدام ، واليوغا والتأمل، والأعمال الفنية، والنشاطات البيئية والاجتماعية
الأخرى.
والقسم
الثاني عبارة عن مركز لتأهيل المعوقين عقلياً، إذ استقبل مشروع الأرض إلى الآن 36
معوقاً من منطقة القصير التي يقع المشروع بالقرب منها، ويتولى رعاية هؤلاء
المعوقين/ 13 / مشرفاً، وفق برامج مدروسة، تتناسب مع العمر العقلي لكل معوق على
حدة ، أما القسم الثالث فيضم النشاط الزراعي إذ يحتوي المشروع على مخبر زراعي
ومشتل، وأكثر من 4000 آلاف شجرة مثمرة و3000شجرة حراجية و20,000 كرمة.
الأب فرنسيس فاندر لوخت مؤسس مشروع الأرض يحدثنا عن فكرة هذه
التجربة الأولى من نوعها في سورية قائلاً :
بدأ المشروع بقطعة أرض عبارة عن 200 دونم قدمها أحد المحسنين للطائفة اللاتينية
عام 1992
لاستثمارها في مشروع إنساني يعود بالفائدة والخير على أبناء المنطقة التي تقع فيها
الأرض، وبدأنا بالتفكير في إنشاء بيت للمعوقين من أبناء المناطق المجاورة
واستقبال الناس من كافة أنحاء سورية للعمل في هذه الأرض ، في سبيل خلق جو إنساني
جماعي متآخي بين جميع المذاهب والطوائف في سورية، وتبلورت فكرة المشروع حينما انضم
إليه مجموعة من أفراد المسير الذي كان ولا يزال يُنظَّم بمعدل سبع مرات في السنة
بمشاركة أكثر من 200 شخص من مختلف الأعمار والطوائف لتعريف الشباب السوري بمعالم
وطنه ، وشيئاً فشيئاً تحوَّل المشروع إلى مركز كبير للتنمية الريفية والبيئية
والإنسانية، ووجدنا أن المشروع بحاجة إلى تمويل كبير لذلك فكرنا في مشاريع أخرى ذات
مردود ريعي تدعم مشروعنا وتقدم له مردوداً اقتصادياً يغطي جزءاً من تكاليف مشروع
الأرض ، وقمنا بشراء أراض ٍ إضافية حتى بلغت أرض المشروع 52 هكتارا ( 520 دونم ) تم
استثمارها على الوجه الأكمل، حيث زُرعت بأكثر من عشرين ألف شتلة كرمة فرنسية من
أنواع (شوفينون – كبرني – سيرا ) التي تزرع لأول مرة في سورية، إضافة إلى الزراعات
الأخرى كاللوز والزيتون والتفاح والسفرجل والمشمش لاستثمارها في صناعات غذائية
كالمربى والزيت والدبس والخل والفواكه المجففة، ومن المتوقع أن يرتفع عدد هذه
الشتلات إلى 27 ألف شتلة خلال السنوات الخمس القادمة.
مخبر
زراعي
و حول البنية التحتية لمشروع أصدقاء الأرض يقول الأستاذ عبد
المسيح عطية مدير المشروع:
يضم المشروع ثلاثة أقسام رئيسية يمكن
أن يضاف إليها لاحقا أقسام أخرى وهذه الأقسام هي مركز الاستقبال ، والمركز الزراعي
والصناعي، ومركز ذوي الاحتياجات الخاصة ،
وقد تم التركيز في هذا المشروع على التنمية الزراعية لأن المنطقة التي يقع فيها
يكاد يقتصر إنتاجها على شجرتي اللوز و الكرمة، وعندما بُوشر بالمشروع أخذنا هذا
الموضوع بعين الاعتبار، وقمنا بإنشاء مخبر زراعي لمعالجة الأمراض التي تصيب الأشجار
والنباتات ، ولإنتاج شتلات جديدة في العمر والنوعية ، ومن هذه الشتلات الزيتون
والمشمش والسفرجل والجوز و الفستق الحلبي ، إضافة إلى نباتات تزيينية لم تكن موجودة
في سورية سابقاً، ومن هذه النباتات (الهليون) ( الأنديف ) (الكبوس )
( الخس الإفرنجي ) ( الماش ) وغيرها من النباتات التي نجري
دراسات لتنشئتها مخبرياً ، وتجري دراسة عينَّات على نباتات ذات فوائد علاجية ومنها
نبتة ( رومزان ) أو ما تُعـرف بـ ( بخور مريم) و( لافانت ) و( المليسة )
وعلى أطراف المشروع ما يزيد على 30 ألف شجرة عبارة عن مصدَّات
هوائية لحماية بقية المزروعات في الداخل ، وهناك حوالي 1000شجرة من اللوز و1350 من
الزيتون و400 شجرة فستق حلبي و 700 شجرة شمش وحوالي 125 شجرة جوز و 150سفرجل وأشجار
مثمرة أخرى كالأجاص والبطيخ والأناناس والنباتات الشوكية والخضروات المتنوعة.
بيت
السلام
أصدقاء الأرض
السيد عصام أبو جنب مسئول الضيافة والاستقبال في مشروع الأرض حدثنا قائلاً :
في
المنطقة التي تضم المشروع كما في كل المدن السورية هناك يومي عطلة اعتياديين هما
الجمعة والسبت ، وخلال ذلك يفكر الناس العاديون أو الشباب في قضاء فترة من
الاستجمام والسياحة الريفية ، وقد تم استقطاب هؤلاء لتحقيق رغباتهم ، التي تتعدى
الجانب الترفيهي إلى الجانب العملي والتثقيفي والحياة الجماعية ، ويوفر مشروع الأرض
فكرة المشاركة الجماعية في الإقامة والعمل والمأكل والراحة، وهذا أمر غير متوفر في
المنتزهات وأماكن الاستجمام العادية إضافة إلى أن هذا المشروع يقع في منطقة متوسطة
من سورية والبلدان العربية، وهو بالتالي يستقطب أكبر عدد ممكن من الناس من مختلف
أنحاء سورية والدول المجاورة، وهذا الاستقطاب يفرض نوعاً من التمايز في مختلف
المستويات الثقافية والمذهبية والاجتماعية ، ومن خلال هذا الاستقطاب أيضاً تشكلت
مجموعة سُميت ( أصدقاء الأرض ) ينوف عددهم على المائة شخص، يأتون إلى الأرض كل خميس
وجمعة ضمن برنامج منظَّم ، ويقيمون معاً كعائلة واحدة تجمعهم أجواء من المحبة
والألفة والتفاهم .
أسرة
واحدة
وحول
فكرة دمج المعاقين في مجتمع مشروع الأرض يقول السيد كلود فرنسيس مسئول مركز الإعاقة
الذهنية :
بعد
دراسة ميدانية للمناطق التي تحيط بالمشروع تم إحصاء عدد المعوقين من أبناء هذه
المناطق ولذلك تم التفكير في وضع برنامج تأهيلي للمعوقين ذهنياً ، واستقبال هؤلاء
المعوقين من معظم القرى المجاورة لأرض المشروع، دون النظر إلى الانتماء الطائفي أو
المذهبي أو الاجتماعي، وفي المركز حالياً حوالي 30 معوقاً عقلياً من حوالي 12 قرية
تتراوح أعمارهم بين 6 سنوات و30 سنة ، وتختلف حالات هؤلاء المعوقين من تخلف عقلي ،
ومتلازمة داون ، وبعض الإعاقات العقلية الخفيفة ، ولدينا حوالي 13 مشرفاً ومشرفة
مختصين في تأهيل هؤلاء المعوقين الذين تم تقسيمهم إلى مجموعتين كبيرتين الأولى تضم
المعوقين الكبار الذين تم تخصيص مشاغل خاصة بهم، كالعمل الزراعي والأشغال اليدوية،
بالإضافة إلى بعض المشاغل الصغيرة وقد تم إقامة العديد من المعارض من إنتاجهم
لتشجيعهم على الإنتاج والعمل وتحمل المسؤولية، ويتابع المعوقون الكبار دروساً خاصة
بالتنمية الفكرية لتعلم المهارات الأكاديمية الأساسية، ودروساً خاصة في النطق لتعلم
اللغة والتواصل مع الآخرين، بالإضافة إلى القيام بتدريبات رياضية وتم إحداث منتخب
لكرة السلة ، وألعاب القوى ، والسباحة، وقد شارك فريق المركز بعدة مناسبات رياضية
كالمهرجان الرياضي الثالث في دمشق ، وفي عدة مدن سورية كما شاركت فتاة معوقة من
مشروع الأرض في الأولمبياد الخاص بالمعوقين الذي أقيم في اليونان في كرة السلة وحصل
المنتخب على الميدالية الفضية .
المجموعة الثانية هم المعوقون الصغار الذين يتابعون تأهيلهم في التنمية الفكرية،
من خلال تقوية المهارات الأكاديمية الأساسية ، والمهارات الحركية ، واللغة ،
وتقوية النشاط اليومي لديهم، والتفاعل الاجتماعي، بالإضافة إلى دروس خاصة بالنطق ،
ودروس خاصة بالنشاط النفسي- حركي من خلال مشرفين مختصين يُجْرُون عدة تدريبات داخل
القطر وخارجه ، و]يتابع المركز علاقته الوطيدة مع أسر المعوقين من خلال استقباله
لهم لعدة مرات في السنة، وذلك لمناقشة تطور أولادهم والمشكلات التي تعترضهم ،
بالإضافة إلى مبادلة المركز الأهالي لهذه الزيارات بهدف رفع الوعي تجاه مشكلة
الإعاقة في المجتمع، ابتداءً من أسرة المعوق، وانتهاء بالمجتمع نفسه، ويتم تزويد
هؤلاء
الأهالي ببرامج ومحاضرات خاصة في كيفية التعاون مع أولادهم لتجاوز إعاقتهم، والهدف
من ذلك جعل كل أسر المعوقين أسرة واحدة، متكافلة، متضامنة، للتخفيف من المشاكل
المترتبة على الإعاقة والمعوقين في المجتمع السوري علماً أن مشروع الأرض يقوم
حالياً بتجهيز مبنى خاص لاستقبال المعوقين وتأهيلهم، ومن المقرر أن يستوعب أكثر من
ستين معوقاً .
وعن مشروع محترف السيراميك المزمع إنشاؤه قريباً حدثتنا الآنسة(
كلود قروشان) المتخصصة في صناعة السيراميك قائلة :
نشأت
فكرة إقامة مشروع السيراميك إنطلاقاً من كون مشروع الأرض هو بحد ذاته لخدمة المجتمع
السوري والإنسان في ريف منطقة القصير في حمص- بشكل خاص- ومن أهم أهداف هذا المشروع
التنمية الريفية، والحفاظ على تراث المجتمع الريفي، لذا كانت الفكرة إقامة مشاغل
لصناعات قديمة في مشروع الأرض، وإحيائها من جهة، وتشغيل بعض الأيدي العاملة
النسائية من جهة أخرى ، فمركز الأرض محاط بعدد كبير من القرى، وهناك العديد من
الأيدي العاملة النسائية التي ستجد في هذا العمل فرصة لتحسين معيشتهن ورفعها، وكذلك
يمكَّنهن من العمل الذي يبعث في نفوسهن الشعور بالمسؤولية، ومشاطرة الرجل في العمل،
لأن للمرأة حيز كبير من الاهتمام ضمن خطط وبرامج مشروع الأرض .
وعن
أهداف محترف السيراميك ضمن مشروع الأرض تضيف كلود قائلة :
من أهم الأهداف المتوخاة من هذا المشروع إحياء التراث الثقافي
الذي اشتُهر في منطقة البحر المتوسط ، وفتح المجال أمام المرأة للعمل، الوصول-
نوعاً ما -إلى الاكتفاء الذاتي في حياتها ، والارتقاء بالمرأة الريفية ثقافياً
واجتماعياً من خلال تبادل الخبرات في مجال مشروع السيراميك محلياً وعربياً ودولياً
..
|
|
WEBMASTER : AA-ALSAAD
|
This Web Site Programmed and
Written By ABD ALMASSIH JAMIL ALSAAD
..... Copyright 2003 (C) SCOPNET All
Rights Reserved
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق