الثلاثاء، 1 ديسمبر 2015

مجلة السنونو ( العدد العاشر ) - خاطرة قصتي مع السنونو ( بقلم: ماري خاشوق )

مجلة السنونو ( العدد العاشر ) - خاطرة
قصتي مع السنونو  ( بقلم: ماري خاشوق )   

قصتي مع السنونو
بقلم: ماري خاشوق
 
 - قد يتساءل بعض الناس متعجبين: " ما لكِ تكتبين عن السنونو؟!..."
  - ألم تقرئي كثرة ما كتب الآخرون عنه؟
  - ألم تجدي موضوعاً غيره؟
السنونو... بشرى الربيع.. وعودة الحياة والخصب الإلهي.. وولادة الحركة والنشاط بعد سكون الشتاء وبرده وصقيعه.. هو انبعاث ضوء النهار بعد ليلٍ معتم طويل.. هو خضرة وازدهار بعد قحطٍ وجفاف واندثار...
السنونو... ذلك الطائر الغريب الغامض.. أحببته منذ كنت طفلةً صغيرةً... حكت لي أمي عنه أشياء وأشياء.. كيف أنه يحبّ التحليق في الأماكن المرتفعة ولا يستطيع الهبوط إلى الأرض....
- تُرى هل كان يدرك أنّ من يلامس الأرض وترابها ودفئها تنشأ بينه وبينها أجمل قصة عشْقٍ أزلي لا يستطيع نسيانها أو التخلّص منها؟... وهو محكوم عليه بالرحيل كلّ عام؟!...
- هل كان يدرك سلفاً: أنّ الأرض أمّ حنون تسكن قلب أولادها وعيونهم ومهما حاولوا نسيانها أو تناسيها فالفشل حليفهم....
- أحياناً كنت أراه متكبراً.. متعالياً.. يفضل الأماكن المرتفعة.. والجبال الشامخة ولا يحب لقدميه أن تلامس الأرض.. وتارةً أرى فيه العظمة وحب ركوب الصعاب وكأنه الشاعر أبو القاسم الشابي يردد:
"ومن يتهيب صعود الجبال      يعش أبد الدهر بين الحفر"
- وأحياناً أراه عاجزاً ضعيفاً لا حول له ولا قوة.. فكم من مرةٍ سقط في فسحة بيتنا العربي فأسرعت أمي تحمله لتطيره من جديد وكأنها لا تريدنا أن نرى عجزه وضعفه.. أو نظهر مهارتنا في تعذيبه ومضايقته كما كنا نفعل مع رفاقه العصافير....
- ولن أنسى أبداً قصة السنونو- مع الملك السعيد الحزين- حيث راح يوصل العطايا والتقدمات إلى الفقراء والمساكين والأيتام – ناسياً قدوم الشتاء وبرودة الطقس وكيف سقط ميتاً بعد أن أدّى الأمانة...
- يومها.. وصفته بالغباء.. كيف يدفع حياته ثمناً للآخرين...
كيف يترك رفاقه يرحلون ويبقى هو وحيداً لينفذ طلبات الملك الحزين؟
- يومها... بكيت كثيراً لموته... لعدم اللحاق برفاقه.. لكني أدركت فيما بعد:
" أن قصة السنونو هي قصة الإنسان مع العطاء الخالص والتضحية وأن في الموت الخلود.. وفي العطاء الحياة.. وكأنّ من يعطي مرة يدمن على العطاء.. وما أجمله من إدمان!.."
" وأدركت أن السنونو هو هذا الشهيد البطل الذي رأى أنّ هذه الدنيا أضيق من أحلامه وتصوراته وأنّ هناك داراً أوسع لا حقد فيها ولا كراهية.. وانّ الحب في العطاء والتضحية.. وأنّ من يريد البقاء في الأرض عليه أن يرويها بدمه وحياته"
*   *   *   *   *
- حتى الحروف الأبجدية تنافست لتكوّن كلمة (السنونو) فكان الفوز لثلاثة منها (س ن و ن و) كلمة من خمسة أحرف:
س: سعادة وسرور وسمو
- سعادة يحملها السنونو العائد حاملاً بين جناحيه فصل الربيع الجميل
- وسرور لقدوم فصل الخريف فصل الخير والبركة..
- وسمو ورفعة لأنه محلّق في كبد السماء..
ن ن : نغم وناي
- نغم جميل يداعب الكون والطبيعة فتفيق من سباتها الشتوي الطويل وينتشر الفرح في كل الأرجاء فالسنونو عاد.. وعاد الربيع..
- وناي حزين وشجن لوداع السنونو..
- لهذا تكررت النون مرتين-
و و : واوان الأولى وعد والثانية وفاء
- وعد وشرف فالسنونو إن وعد وفى- ما من مرة أتى الربيع ولم يكن السنونو رسوله أو المبشّر بقدومه..
- وفاء لا حد له.. وفاء للأرض.. للحبيبة.. للناس.. للذكريات
*   *   *   *   *
- ورحت أتساءل.. أليس السنونو مخلوقاً معذباً؟ حُكِمَ عليه بالاغتراب كل سنة وعاشقاً ملوعاً حُكِمَ عليه أن يترك محبوبته ويهاجر؟ قاضياً حياته في حلٍ وترحال.. ما إن يأتي الخريف حتّى يجهز أمتعته تاركاً ذكرياته الجميلة عندنا على أمل الرجوع إليها في الربيع القادم مع الدفء والحرارة والجمال حاملاً إلينا البهجة والسرور.. والفرح والأمل...
- ويعترض الكثيرون قائلين..
"السنونو يعود إلينا ليأخذ لا ليعطي!"
- يعود ليأخذ الدفء والحرارة.. ويلتقط الحب ويرتوي بالماء...
- يعود ليلتقي بذكرياته التي تركها.. وأصدقاء له جدد تعرف إليهم...
- أقول لكل معترضٍ: (المهم أن يعود....
- ليت المهاجر الذي نسي بلده.. نسي أباً راح يحلم بعودته.. وأمّاً تقرّحت أجفانها تنتظر أن يُفْتَح الباب ويطلّ وجه ابنها.
- ليت هذا المهاجر يعود ليأخذ.. ويأخذ.. ويأخذ..
- ليته يتعلم الأخذ من السنونو ليعطي الفرحة والأمل إلى قلبٍ مشتاق وعيون جمدَتْ الدموع فيها وأجفان تقرّحَتْ من السهر الطويل.. ليته...
*   *   *   *   *
أوَبعد كل هذا تسألوني:
- لماذا سُحِرْتِ بالسنونو وأحببْتِه؟
- ولماذا صار (السنونو) رمزاً لرابطة أصدقاء المغتربين.. ورسولاً لهم.. وناطقاً باسمهم؟!
 
 
 
 
WEBMASTER : AA-ALSAAD
This Web Site Programmed and Written By ABD ALMASSIH JAMIL ALSAAD ..... Copyright 2003 (C) SCOPNET  All Rights Reserved 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق