الثلاثاء، 1 ديسمبر 2015

مجلة السنونو ( العدد العاشر ) - وداعا محمود درويش ( شاعر بقامة وطن )

مجلة السنونو ( العدد العاشر ) - وداعا
محمود درويش   ( شاعر بقامة وطن )   

محمود درويش
شاعر بقامة وطن
بزيه ابو رفش
 
برعاية وزارة المغتربين ممثلة بالسيدة الوزيرة الدكتورة بثينة شعبان وضمن فعاليات أسبوع مار اليان الثقافي الثاني وبدعوة من مطرانية حمص للروم الأرثوذكس بتاريخ الثاني عشر من آذار 2007 كانت حمص على موعد مع أمسية شعرية لن تنساها أبداً للشاعر الكبير محمود درويش في الصالة الرياضية وقد قدّمه صديقه الشاعر نزيه أبو عفش وفيما يلي نص التقديم:
 
عيد كبير للجمال
أن نكون ضيوفا على مائدته .
شاعر مصنوع من مادة (فوق) ونــحــن –  في ضيافة قلبه – مدعوون إلى فوق.
ليس هو من يقدم بل نحــن .  لــذلــك لــن أبــدأ بالحديث عنه بل عـــنا ، ولأقـــلْ : عن نفـسـي .
منذ سنوات وأنا أقرأه وأعيد قراءته . وفي كـل مرة أشعر أنني – بعاطفتي وعقلي – لامســـت سقف العظمة الأخير.
علمني شعره كيف أكون قارئ شعر ، تماما كما علمني شخصه كيف أكون قارئ بشر . وشــيئـا فشيئا بدأت أشــعر أن طــموحي في أن أكـــــون شاعرا طموحٌ يلزمه الكثير ، وينقصه من أدوات صـــناعة الجمال الكثير الكثير .  على أننــــي لا أزال أعزّي نفســي : أن تكون قارئـــا لمحمـــود درويش ليس بالفوز الهيّنْ ، تمــاما كأن تكون – في الموسيــقى – قارئا لسونيتات باخ ورباعيات هايدن وبتهوفن ، أو أن تكــون – فـي الـفــلــكقادرا على تقصّي أسرار كوكب جديد بدون أن تكون قادرا على بلوغه.

مع شعر محمود درويش ، ومع شخصه أيضا ، يصبح لكلمة الشكر معنى .  كلمة الشكر هنا هي هدية القلب ... هديته إلى نفس صاحبه .
لأن في قولك " إني أحب محمود درويش " من هناءة الفوز بهذه الهبة ما يجعلك قادرا على القول :
"
أحب محمود درويش وأنا كبير ومغتن بهذ ا الحب ".
شاعر ، وأي شاعر !  كأنه ، في سعيه إلى الجمال ، لا يكتب عنه بل يخترعه لأجل سعادتنا ... كي لا أعيد ماقاله آخرون : " لأجل أن نكون تعساء بشكل أفضل ".
لقمة الجمال لديه سهلة ومبذولة على المائدة ، معجونة بعرق القلب وشجاعة الضمير ، لكن بدون أن نشم رائحة العرق وعذاب الصانع .
يكتب حياتنا كمن يتنفس في طريق ربيع ، لاتصعد ولا تنزل ، فلا ينتبه أحد إلى جهد العقل وشقاء الروح وعناد القلب المثلوم ، المهدد ، المدمن على مطاردة الحياة في الأحلام .
ربما لهذا تمرد قلبه عليه . لأنه ، من لحم هذ القلب ومن ذكاء أحلامه جاءت تلك البساطة العبقرية ، البساطة المهلكة ، التي تذكرنا  على الدوام  بقولة  إبسن : إن كتابة القصيدة أشبه بإقامة جلسات  تعذيب للروح .
جعل اللغة بحد ذاتها شعرا ، والبساطة إعجازا .
من يقرأ محمود درويش سيكتشف بأي روح إعجازية استطاع هذا الشاعر الذي هو " الشاعر " لا أن يستنبط الذهب من التراب فحسب ، بل أن يعيد الذهب -  ذهب الكلمات والأفكار وقيم الجمال ، إلى نسبه الأولي : التراب ، فإذا به – وكأنه يباركه – يجعل التراب مقدسا .
لا أعتقد أن أحدا من شعراء جيلنا يجرؤ على القول : أنا برئ من بصمات محمود درويش .  لم يترك " فوقا " إلا وروضّه بمشيئة الشعر . حتى لكأن المتنبي ، في امتداحه الصقر ، كان يعنيه إذ قال :
أفي كل شئ بلغت المرادا
وفي كل شأوٍ شأوت العبادا
كأن السمانى إذا ما رأتك
تصيّدُها .. تشتهي أن تُصادا
لهذا نغبطه ، نحن المتورطين في ضائقة الشعر ، نغبطه ونخشاه ، لأنه لم يترك لنا ما نفعله أو نحلمه . ومع ذلك بل لأجل ذلك نحبه .. ونحبه.
بشعره يستعان على وعورة الحياة . بشعره يستعان على الموت .
في التدرب على قراءته وفاء ومتعةوفاء لقلب الشاعر الذي أُسْتهلك في تعبيد طريق الجمال ، ومتعة في مغامرة السعي خلف هذا الجمال الظالم والمتمنع والعصي على القطف ، ذاك لأنه في الشعر -  في الشعر الشعر – ما من باب ينفتح على يقين ، بل على باب مغلق آخر ، أو على أبواب مغلقة أخرى ، تاركا لنا نحن – لكي نبلغ القلب – متعة البحث عن مفاتيح الأبواب وتلمس ماخلفها من نعم العبقرية ومسرات الجمال .
واحد من سلالة كبار  : هوميروس ، دانتي ، المتنبي ، بتهوفن ، مايكل انجلو  ( نعم ، أعرف بغضه للإطراء ) . ولأن الكمال مهنته وعذابه ، يشتغل على الكمال مقتديا بأسلافه العظام كمن يشتغل على حياكة تويجة ورد . وفي سعيه إلى هذا الكمال المضني يبدو وكأنه يتكئ على السماء وينظر إلى أعلى .. حتى تغدو السماء نفسها واطئة  بمقاييس أحلامه .  من حقه علينا – من حق عذاب الجمال – إذا كنا عاجزين عن بلوغ سماواته العليا ، أن نجعل أعيننا إلى فوق ، علَّ أحلامنا تتلامس في فضاء الصداقة مثلما – في جدارية مايكل انجلو العظيم – تلامست ، أوكادت ، أصابع الله وأصابع حفيده الحالم : الإنسان .
فإذاً : أعيننا وقلوبنا إلى فوق ، لأن الشاعر ينتسب إلى فوق . ولأن حياتنا بدون هذا الذي فوق سترتد إلى باديتها الأولى وتتحول إلى حظيرة وحش .
أما أنت ، أيها الشاعر المضياف ، فليطمئن " ما بقي من قلبك " على مائدة الجمال ؛ إذ ، الآن ، إلى هذه المائدة ، لم يجئ الشاعر المبغض ، ولا القاتل المتنكر ، ولا القارئ العميّ ؛ فلا خوف إذاً على يوسف من كيد عصبة الإخوة وعصبة الشعراء ... ؛ إنما فقط ، إلى هذه الوليمة الأسْخى ، جاء الصاحب والمحب والجائع إلى لقمة النور .
لهذا ، صديقي ومعلمي ، لا أقدمك إلى أحد. بل إليك أقدمنا جميعا ، بالأوصاف والأنساب وشهوات الجمال :  نحن أصدقائك ومحبوك . جئنا ساعين إلى النبع شاكرين  للحياة التي نحن من نزلائها أنها أهدتنا أنبل هبات عمرنا وأثمن بركات خبزه الجوهري : أنت ...
أيها الصديق ، أيها المعلم ، أيها اليوسف الأكرم والأجمل والأحب :
بقدر ما باركت حياتنا ... بورِكتَ وبوركتْ حياتك .
وغدا -  أمام أبنائنا وأحفادنا – سيكون بوسعنا أن  نرفع الرأس والقلب : نعم ، لقد عرفناه . ونعم لقد كنا ضيوفه على مائدة النعمة الأعظم، لنعمة التي سيظل اسمها محمود درويش.

على محطة قطار سقط عن الخريطة
بمناسبة الذكرى ال60 للنكبة
شعر: محمود درويش
عشبٌ، هواءٌ يابسٌ، شوكٌ، وصبّارٌ على سِكَكِ الحديد
هناك شكلُ الشيء في عَبَثِيّة اللاشكلِ يمضغ
 ظلّه...
عَدَمُ هناك موثّقٌ.. ومطوّقٌ بنقيضِهِ ويمامتانِ تحلِّقان على سقيفةِ غرفةٍ
مهجورةٍ عندَ المحطةِ والمحطةُ مثلَ وَشْمٍ ذاب في جسد المكان
هناك أيضاً سروتان نحيلتان كإبرتَين طويلتين تطرّزان سحابةً صفراءَ ليمونيةً
وهناك سائحةٌ تصوّرُ مشهدَين:
الأول - الشمس التي افترشَتْ سرير البحر
والثاني – خُلُوَّ المقعد الخشبي من كيس المسافر
يَضْجَر الذهب المنافق من صلابته
وقفْتُ على المحطة... لا لأنتظرَ القطارَ ولا عواطفيَ الخبيئةِ في جمالياتِ شيءٍ ما بعيدٍ،
 بل لأعرف كيف جُنَّ البحر وانكسر المكان كجرّةٍ خزفيّةٍ، ومتى وُلدْتُ وأين عشْتُ،
وكيف هاجرَتِ الطيور إلى الجنوبِ أو الشمالِ.
ألا تزال بقيّتي تكفي لينتصرَ الخياليُّ الخفيفُ
على فساد الواقعيِّ؟
كبرنا
كم كبرنا، والطريق إلى السماء طويلةٌ.
كان القطار يسير كالأفعى الوديعةِ من بلاد الشام حتى مصر. كان صفيرُهُ يُخْفي ثُغاء الماعز المبحوحَ عن نَهَمِ الذئاب، كأنه وقت خرافيّ لتدريبِ الذئاب على صداقتنا. وكان دخانه يعلو على نار الثرى المُتَفَتِّحات الطالعات من الطبيعة
كالشجيرات/ الحياة بداهة.
وبيوتنا كقلوبنا مفتوحةُ الأبواب.
كنّا طيّبين وسُذَّجاً. قلنا: البلاد بلادنا قلبُُ الخريطة لن تصاب بأيّ داء خارجي، والسماء كريمةٌ معنا. ولا نتكلّم الفصحى معاً إلا لِماماً: في مواعيد الصلاة، وفي ليالي القَدْر.
 
حاضرنا يُسامرنا: " معاً نحيا". وماضينا يُسلّينا " إذا احتجْتُم إليّ رجعْتُ". كنا طيّبين وحالمين فلم نرَ الغد يَسرق الماضي – طريدتَهُ، ويرحلُ
كان حاضرنا يربّي القمح واليقطين قبل هُنَيْهة، ويرقص الوادي.
 
وقفت على المحطةِ في الغروب: ألا تزال هنالك امرأتان في امرأةٍ تُلمِّع فخذها بالبرق؟ أسطوريتان - عدوّتان- صديقتان، وتوأمان على سطوح الريح.
واحدةٌ تُغازلني.
وثانية تُقاتلني؟ وهل كَسَرَ الدمُ المسفوكُ سيفاً
واحداً لأقولََ: إن حكايتي الأولى معي؟ صدّقْتُ
أغنيتي القديمة كي أكذّبَ واقعي.
كان القطار سفينة بريّة ترسو... وتحملنا إلى مدن الخيال الواقعية كلما احتجنا إلى اللعب البريء
مع المصائر. للنوافذ في القطار مكانةُ السحري في العادي: يركض كل شيء.
 تركض الأشجار والأفكار والأمواج والأبراج تركض خلفنا. وروائح الليمون تركض.
 والهواء وسائرُ الأشياء تركض، والحنين إلى بعيدٍ غامضٍ، والقلبُ يركض كل شيء كان مختلفاً ومؤتَلِفاً.
وقفْتُ على المحطة. كنْتُ مهجوراً كغرفة حارسِ الأوقات في تلك المحطة. كنت منهوباً يُطل على خزائنه ويسأل نفسه: هل كان ذاك الحقل/ ذاك
الكِنْزُ لي؟ هل كان هذا اللازوردي المبلّل بالرطوبة والندى الليليِّ لي؟ هل كنْتُ في يوم من الأيام
تلميذَ الفراشة في الهشاشة والجسارة تارة، وزميلَها
في الاستعارة تارةً؟ هل كنْتُ في يوم من الأيام لي؟
هل تمرض الذكرى معي وتصاب بالحمى؟
أرى أثري على حجر، فأحسب أنه قمري وأُُنْشد
واقفاً.
طلَلَية أخرى وأُهلِكُ ذكرياتي في الوقوف على
المحطة. لا أحبّ الآن هذا العشبَ. هذا اليابسَ
المنسيَّ، هذا اليائس العبثيَّ، يكتب سيرة النسيان
في هذا المكان الزئبقي. ولا أحب الأقحوان على
قبور الصالحين. ولا أحب خلاص ذاتي بالمجاز، ولو أرادتني الكَمَنْجَةُ أن أكون صدىً لذاتي. لا أحب
سوى الرجوع إلى حياتي، كي تكون نهايتي سرديّةً لبدايتي كدويِّ أجراسٍ، هنا انكسر الزمان.
وقفْتُ في الستين من جرحي. وقفت على المحطة،
لا لأنتظر القطار ولا هُتافَ العائدين من الجنوب
إلى السنابل، بل لأحفظ ساحل الزيتون والليمون
في تاريخ خارطتي. " أهذا... كل هذا للغياب" وما
تبقّى من فُتاتِ الغيبِ لي؟ هل مرَّ بي شبحي ولوَّح
من بعيد واختفى، وسألْتُه: هل كلما ابتسم الغريب لنا وحيانا ذبحنا للغريب غزالةً؟ وقع الصدى مني ككوز صنوبر.
لا شيءَ يُرشدني إلى نفسي سوى حدسي. تَبيضُ يمامتان شريدتان رسائلَ المنفى على كتفيَّ، ثم تحلّقان على ارتفاعٍ شاحب. ونمرُّ سائحة وتسألني: أيمكنُ أن أصوِّرك احتراماً للحقيقة؟
قلْتُ: ما المعنى؟ فقالت لي: أيمكن أن أصوّرك امتداداً للطبيعة؟ قلت: يمكن...
كل شيء ممكن فعِمِي مساء واتركيني الآن كي أخلو إلى الموت... ونفسي!
للحقيقة، ههنا، وجهٌ وحيدٌ واحدٌ ولذا... سأنشدُ:
أنتَ أنتَ ولو خسِرْتَ. أنا وأنت اثنان في الماضي:
وفي الغد واحدٌ. مرَّ القطارُ ولم نكن يقظَين،
فانهضْ كاملاً متفائلاً، لا تنتظرْ أحداً سواك هنا.
هنا سقط القطار عن الخريطة عند منتصف الطريق الساحليّ. وشبَّتْ النيران في قلب الخريطة، ثم أطفأها الشتاء وقد تأخّر كم كبرنا كم كبرنا قبل عودتنا إلى أسمائنا الأولى!
أقول لمن يراني عبر منظار على برجِ الحراسةِ: لا أراكَ، ولا أراكَ.
أرى مكاني كلَّه حولي.
أراني في المكان بكلِّ أعضائي وأسمائي. أرى شجر النخيل
ينقّح الفصحى من الأخطاء في لغتي. أرى عادات زهر اللوز في تدريب أغنيتي على فرحٍ فُجائيٍّ. أرى أثري وأتبعه. أرى ظِلِّي وأرفعه من الوادي بملقط شَعْرِ كنعانيّة ثكْلى. أرى ما لا يرى من جاذبية ما
يسيل من الجمال الكامل المتكامل الكليّ في أبد
التلال. ولا أرى قنّاصتي.
ضيفاً على نفسي أحِلُّ.
هناك موتى يوقدون النار حول قبورهم. وهناك أحياء يعدون العشاء لضيفهم. وهناك ما يكفي من الكلمات كي يعلو المجازُ على الوقائع. كلما اغتمّ المكان أضاءه قمرٌ نحاسيٌّ ووسَّعه. أنا ضيف على نفسي. ستحرجني ضبافتُها وتبهِجني، فأَشرِق بالكلام وتَشْرق الكلمات بالدمع العصيّ. ويشرب الموتى
مع الأحياء نعناع الخلود، ولا يطيلون الحديث عن النهاية. لا قطارَ هناك. لا أحد سينتظر القطار.
بلادُنا قلبُ الخريطة. قلبها المثقوبُ مثلَ القِرْش في سوقِ الحديد، وآخر الركاب من إحدى جهات الشام حتى مصر لم يرجع ليدفع أجرة القنّاص عن عملٍ إضافي- كما يتوقع الغرباء.
كل ما في الأمر أني لا أصدق غير حدسي. لبراهينِ الحوار المستحيل. لقصة التكوين تأويلُ الفلاسفة الطويل. لفكرتي عن عالمي خَلَلٌ يُسبّبه الرحيل. لجرحي الأبدي محكمة بلا قاضٍ حياديّ. يقول لي القضاةُ المنهكون من الحقيقة: كل ما في الأمر أن حوادث الطرقات أمر شائع. سقط القطار عن الخريطة واحترقْتَ بجمرة الماضي، وهذا لم يكن غزواً! ولكنّي أقول: وكلُّ ما في الأمر أني لا أصدّق غير حدسي لم أزل حيا
 

الانتصار الأخير
جابرعصفور
محمود درويش واحد من أكبر شعراء العربية على امتداد عصور الشعر العربي، بل من أكبر شعراء العالم المعاصر كله استوعب ميراث الشعر وانطلق به إلى آفاق لم يصل إليها سواه، فكان شاعر القضية الفلسطينية، كما تعودنا أن نصفه، نحن النقاد الذين عرفنا قدر شعره والذرى التي وصل إليها، وظل يحاول مجاوزتها إلى ما هو أرقى منها، كأنه لا يتوقف عن الصعود إلا ليصل إلى النقطة المستحيلة التي تنطوي على كل أسرار الشعر والحياة والوجود وظل شعر، منذ قصائده الأولى، شعر قضية لم تفارق إبداعاته المأساة الفلسطينية، فظل منتمياً إلى الفلسطيني المقموع، صاحب الأرض المغتصبة، المغروس في ترابها، النابت من أعماقها، الناطق بحق الفلسطينيين العادل في العودة إلى أرضهم وترابهم، واقفاً بصلابة ضد سارقيهم وقامعيهم، وخائنيهم والمنقلبين عليهم، ورافضاً ومديناً كل من أعان، ولا يزال يعين على بقاء وضعهم الإنساني على ماهو عليه ولأنه وهب حياته الإبداعية كلها للقضية الفلسطينية، حالماً بالعودة، قابضاً على فكرة الحل العادل للمأساة الفلسطينية كالقابض على الجمر، في وطن هو الجمر بعينه، ولأنه كان ثابتاً على المبدأ، عميق الالتزام بقضيته التي نفذ إلى قرارة القرار من أعماقها الإنسانية، فإنه لم يعرف التبدل والتحول، والتراجع والتنازل، ولا الرجوع عن المبادئ التي حلت منه محل الروح في الجسد، فظل يغوص في أعماق الحزن الفلسطيني البعيد الأغوار، إلى أن وصل إلى جذره الإنساني في قرارة القرار من أعماق المأساة الفلسطينية التي رآها مأساة إنسانية، غاص فيها إلى أن رأى الكل في الجزء، والمأساة الكونية في المأساة الوطنية، حيث الموت الغادر الذي يهدد الحياة بأسرها، والعدم الذي يتربص بالوجود كله، فإذا به، مع عمق الرؤية واتساعها، مقابل ضيق العبارة ومحدوديتها، يتوغل وراء تجليات الرموز، باحثاً عن العام في الخاص، الإنساني في المحلي.
 
وقابله الجدار المستحيل لمدار الوجود المغلق المنكفئ على أسراره، فلم يقف عاجزاً أمامه، بل ظل يقرعه بالأسئلة، ساعياً لأن يحفر بشعره كوة في جدار الصمت الكوني، كي يدخل منها الضوء، ويغدو واحداً من الذين رأوا ما لم ره غيرهم، ويسمع ما لم يسمعوه، أداته في ذلك المجازات والاستعارات والتمثيلات والكنايات التي صاغها الحدس الثاقب والبصيرة المرهفة التي تشف حتى تتكشف أمامها الأستار والحجب عن كل الأسرار هكذا، أصبح شاعر قضية إنسانية، قضيته الوطنية والقومية هي المركز، المبدأ والمعاد، منها تنطلق كل هموم الإنسانية وتعود إليها كما يعود النهر إلى مصبه، والحضور في الوجود إلى منبعه وعلة وجوده الأولى، فأصبح يوصف بأن شعره تحول من محدودية القضية الفلسطينية إلى الأفق اللانهائي لمعضلات الحضور الإنساني، وقيل إنه انتقل من أسئلة الحق العادل في الأرض الفلسطينية وحلم العودة إلى شجرة الزيتون ورائحة زهر الليمون إلى أسئلة المصير الإنساني، وأهمها سؤال الموت وتحديات الضرورة في الوجود ولم يكن الأمر أمر تحول أو انتقال من حال إلى حال، بل حال واحد ممتد، متعدد التجليات،  يتحرك في ما يشيه حركة الدائرة التي، مهما تباعدت عن نقطة البداية، تعود إليها، مدركة مأساة الوجود كله في مأساة الشتات الفلسطيني، وصراع الشر والخير في صراع الإخوة الأعداء الذي يعميهم عن الحضور الفاعل في الوجود العام والخاص، وكان لا بد من أن يواجه قضية المصير الإنساني في النهاية، لكن من زاوية المصير الفلسطيني، والمصير هوة تروع الظنون، ليس في أعماقها سوى الموت الذي لا بد من أن يراه، ويواجهه من يطيل التحديق، ولا يكف عن السؤال، ويظل يتلظى برغبة المعرفة المحرقة وكان محمود درويش واحداً من هؤلاء أعني أصحاب الرؤى الوجودية الكبرى من شعراء الإنسانية كلها.
 
ولم يكن يخاف الموت بسبب قلبه العليل الذي أنهكه الهم الفلسطيني الذي يتزايد تعقيداً ومأسوية، فقد رأى الموت من قبل، كلما فتح الأطباء قلبه ليعالجوا ضعفه، وكان يتحدث عنه، في " جدارية محمود درويش" البديعة، كما لو كان يتحدث عن كائن رأى منه ما لا يرى، أو كما لو كان يحدق في أرض هاديس التي لا يعود منها أحد، ولكنه عاد، متشبثاً بحياة الإبداع التي كان يراها أقوى من الموت، وظل يؤمن بأنها تقهر الموت، ولذلك صور، على نحو لا ينسى، صراع الموت والإبداع، في تاريخ البشرية التي لا تكف عن مقاومة الموت المحيط بها، ولا يكف هو عن التربص بها، حتى في كل هزيمة له منها، وذلك في الجدارية التي أراد بها تخليد انتصار الإبداع، دائماً، وفي كل مرة تجلياته وأنواعه، على الموت وحين أثقلت قلبه علته، هذه المرة، ذهب لصراع الموت، وأسلم قلبه الذي تكاثرت عليه الأحزان الفلسطينية، مع تصاعد صراع دامِ عبثي للإخوة الأعداء الذين نسوا قضيتهم الكبرى، ومع تصاعد قمع امبراطور العالم الجديد، لم يستطع القلب المثقل أن يحتمل مباضع الجراحين، فتوقف عن النبض لكن محمود، في فعله ذلك، كان يحقق انتصاره الأخير على الموت، بعد أن تأكد أنه قهره بالإبداع الذي يظل خالداً، والدواوين التي يغدو كل واحد منها جدارية لن تفارق أعين الأجيال القادمة وقلوبهم وعقولهم في آن، وكان موت جسد محمود درويش، هذه المرة، تتويجاً لكل مواجهاته للموت الذي ظل يراه منذ دواوينه الأولى في الأرض التي انتسب إليها، إلى دواوينه الأخيرة التي رأى، خلالها، الموت في داخله، فصارعه ليقهره، ومضى محاصراً بالموت في الداخل والخارج، لا يكف عن الصراع، إلى أن انتصر أخيراً على الموت، وخادعه وخدعه، عندما أسلمه الجسد الفاني واستبقى الروح الخالد الذي حلق بعيداً عن الموت، عائداً إلى جوهره الأنقى وحياته الأبدية، محققاً نبوءته الشخصية التي همس بها إلينا، عندما قال في الجدارية:
 
" سأصير يوماً طائراً، وأسُلُّ من عدمي
وجودي، كلما احترق الجناحان
اقتربت من الحقيقة، وانبعثتُ من الرماد".
نقلاً عن صحيفة الحياة

لماذا تركت الشعر وحيداً
غسان شربل
لا معنى لحزمة سنوات إضافية. لباقة شهور. لحفنة أيّام. لا يستجدي الفرسان السيد الوقت. هذه مهمته مذ ولد التراب. سيّف وحطاب. يكره القامات السامقة. والأغاني الشاهقة. والظل العالي. يلاعب ويهندس الكمائن والأفخاخ. يعانق ويتحسس خنجره. ثم تأتي الساعة. لا يليق بملاكم كبير أن يتوارى. يتقدم نحو الضربة القاضية. تفوح رائحة التراب.
حسناً فعلت.
صححت خطأ مزمناً. هذا قلب يحتاج إلى أجساد كثيرة كي لا تنوء به. هذه مخيلة تحتاج إلى شرايين أكثر وفاء. هذه قصائد تحتاج إلى قاموس أقل تجهماً. وما ذنب القلب لتحمّله أثقال هذا الشغف؟ وما ذنب الشرايين لتنهكها بالمناديل والأغاني؟ وما ذنب القاموس لتعرّيه فيفتضح مشاعل وفراشات؟
حسناً فعلت.
أنت الهارب المزمن. سقطت الخريطة في القفص فأصابتك لعنة الفرار من الأقفاص. تدخل بلاداً لتودعها. تدخل عاصمة لتتلصص على القدس. تنام في بيروت لتشم رائحة الجليل. تعتب على دمشق ولا تنسى أنها دمشق. وتسهر في القاهرة لتستمع إلى تقارير النيل. وتحمل في حقيبتك دموع بغداد. ينافس عدد قتلاها عدد أشجار النخيل. وتستيقظ باكراً في عمّان كي لا يطول الانتظار على شفير الجسر.
أنت المتبرم المزمن. يتبرم القلب من قفص الجسد. وتتبرم المخيلة من قفص الدماغ. تتبرم المفردة من إيقاع القصيدة. والقصيدة من قفص القاموس. والقاموس من حدود اللغة والمخافر المنصوبة عند تخومها. ويكتب على الشاعر أن يقاوم كل هذه الأقفاص. أن يحرر النار من معتقلاتها. والعصافير من الثكن. والمفردات من غرف التحقيق والتعذيب. والخرائط من حبر الاحتلال. والوطن من المستوطنات. والأمة من قفص الماضي. والجامعات من وطأة الليل. والضمير العالمي من إجازة لا تنتهي. يتعب العصفور من مقارعة الأقفاص. يضع نقطة في آخر السطر وينام.
حسناً فعلت.
أكاد أجزم أنك قد تعبت. أيها الإرهابي العتيق أيها الإرهابي الأبيض. ضبطوك بالجرم المشهود. تنشر وجع المخيمات على حبل الزغاريد. ضبطوك متلبساً بعروبتك الرحبة. ضبطوك تكاتب عصافير الجليل. ضبطوا مناديلك تحرّض الموج في بحر حيفا. خافوا أن يعلن البحر انتفاضته. ضبطوك متسللاً إلى الضمائر. وكتب المدارس. ضبطوا الحمام يروّج لحبرك السري. ضبطوك تزرع الياسمين ليلاً في قريتك القتيلة وتدس الياسمين في قهوة أمك. ضبطوك تهرّب المواويل والقناديل. وضبطوا صبية تخفي دواوينك في حقيبة عرسها. جريمتك أكيدة أيها الإرهابي الجميل. أقلقت المحتل. وغسلت روح القاموس.
حسناً فعلت.
اختصرت خيباتك. واختصرت منافيك. وآلام أغانيك. عرفت وأنت الرائي أن الليل يزداد قتامة. والأقفاص تزداد قسوة. لوّحت وذهبت. قدر الينابيع أن تنفجر. قدر الغيوم أن تنهمر. قدر الأنهار أن تلقي بنفسها في البحر. هذا حجر الأغاني يتغطى بالتراب. ينزرع نجمة ليراقب الآتي. كان فلسطينياً حالماً من التراب إلى التراب. وكان شاعراً من الوريد إلى الوريد. وكان يتدرب كل صباح على تجديد حلمه وتجديد قصيدته.
حسناً فعلت.
اختصرت أهوال العيش وأهوال اللغة. لكن دعنا نعاتبك. نادراً ما ترتكب أمة أغنية بهذا البهاء. لماذا دفعت الحصان إلى الهاوية؟ لماذا تركت الشعر وحيداً؟.
سجّل: خسرناك. لكن لا تعتذر عما فعلت.
 
نقلاً عن صحيفة الحياة

المخضرم المتجدد صنع حداثته الخاصة
عبده وازن
 
 
رحل محمود درويش في أوج "شبابه" الشعري. الأعوام السبعة والستون التي انطفأت ليل السبت الفائت لم تزده إلا ألقاً. وكان كلما اكتشف خريف الحياة أوغل في ربيع القصيدة. لغته العذبة الجارية كماء النهر لم يشبها وهن ولا أصابها خمود، بل ظلت تتوهج وكأنها تسترجع بداياتها ولكن بنضج النهايات التي  لم تنته.
كان في الفترة الأخيرة على حماسة شعرية نادرة وعلى قلق لا يعرفه الرواد المكرسون عادة. "القضية" التي صنعته مثلما صنع أسطورتها تخطته كما تخطاها إلى الأمام الذي لا وجهة سواه. أضحت هي الماضي الملطخ بالدم والأسى، وأمست القصيدة هي المستقبل القادر على احتواء الأرض التي كانت ولم يبقَ منها سوى ما بقي. كان الشعر كل همه في أيامه الأخيرة وما قبلها. الوجه السياسي فيه كان قد تغضن وغزته شآبيب اليأس، أما وجهه الشعري فكان أشد نضارة مما من قبل. كان أدرك إدراك اليقين أن " البيت أجمل من طريق البيت" كما قال مرة. البيت يظل حلماً ببيت قد يصل إليه، حياً أو محمولاً على الأكف، أما الطريق فهي المحفوفة بالأشواك والأخطار. البيت هو الحلم الذي قد يفتح أمامه أبوابه فيما الطريق شأن واقعي، وما أقبح الواقع عندما يغلبه اليأس أو القنوط لكن محمود درويش وصل أخيراً إلى البيت الذي بلا شرفة ولا عتبة ولا أبواب، وصل أخيراً مغمض العينين ولكن ببصيرة لا تخبو وحنين لم تخمد ناره.
كان الشعر هو النهاية التي ارتجاها شاعر "جدارية ". السياسة أنهكته والقضية أثقلت ظهره وبات يشعر بحاجة ملحة إلى حريته، الحرية التي تجعله فرداً في جماعة بعدما كان جماعة في فرد. كان الوقت حان ليواجه الشاعر نفسه في مرآة نفسه. مرآة الوطن غزاها الصدأ بعدما سقط الوطن في أسر الواقع الأشد مأسوية من التاريخ. اكتشف الشاعر أن " المنفى هو المنفى، هنا وهناك" وأنه شاعر المنفيين اللذين لا نهاية لهما، اللذين أصبحا قدره وقدر الذين هم هو، إخوة في الوطن وإخوة في اللاوطن، في الشعر والتيه والترحال.
في آخر أمسية له أحياها في مدينة " آرل" الفرنسية قبل نحو شهر، أعلن محمود درويش جهاراً انفصاله عن السياسة وانتصار الشعر عليها. إنها هزيمة الواقع أمام سلطة الحلم الذي لم تبق له سلطة في هذا العالم المأسوي. قال كلمته بجرأة وكأنه كان يحدس بأنه سائر إلى موته، موته الذي لم يمهله كي " يعد حقيبته " كما يقول. جاهر بتعبه من عالم السياسة والسياسيين هو الذي كان في صميم القضية - على رغم ابتعاده عنها- ولا يزال، حتى بعد رحيله. البعد هنا قرب كما يقول المتصوفة، والغياب حضور آخر، حضور بلون الغياب. وكم كان يزعجه في الآونة الأخيرة أن يُحصر في هويته السياسية فقط أو أن يسمى فقط شاعر القضية. كان يشعر أنه ارتقى بالقضية إلى مصاف المجاز جاعلاً من النضال السابق معجزة شعرية تخاطب الجميع، جميع المضطهدين والحالمين والمنتظرين.  لم يلتفت محمود درويش إلى الوراء بعدما وضع يده على المحراث، نظر إلى الأمام هو ابن المستقبل الذي عرف كيف يصهر ماضيه في روحه. وظل يحدق حتى أصبح في صميم الضوء.
انتصر الموت على محمود درويش بالجسد وليس بالروح. الروح الأقوى من الموت يعجز الموت عن اختطافها. شاعر في شفافية محمود درويش ورقته، يصعب على الموت أن يسلب قلبه،شاعر في عنفه المقدس وقوته، يصعب على الموت أن يسرق حياته. ليس قلب الشاعر هو الذي توقف عن الخفق، بل الزمن نفسه الذي طالما تصدى له وجهاً لوجه. لم تكن لحظة الموت غريبة عن شاعر الموت في " جدارية" و" في حضرة الغياب". لقد واجهه بعينين مفتوحتين وقلب متوقد. خبره عن كثب وعاشه بل ماته ثم نهض منه وبه جاعلاً منه قصيدة ولغة وصوراً متدفقة. خاطبه ورثاه راثياً نفسه والعالم، حتى بات عاجزاً أمام سطوة كلمته. لكن الموت يأتي دوماً كالسارق، على غفلة يأتي. ومثلما تنبأ في " جدارية" لم يمهله الموت كي  ينهي حديثاً عابراً مع ما تبقى من حياته، لم يمهله حتى يُعد حقيبته. أغمض محمود درويش عينيه رغماً عن الحياة التي كانت تصخب في داخله. شاعر الحياة غلبه الموت في ذروة الحياة التي لم تكن وجهاً آخر للموت بل كانت غريمه الأبدي. كان شاعر " سرير الغريبة " يردد: " أريد أن أحيا "، كان فعلاً يريد أن يحيا  كشاعر وشاعر فقط، لكن الشاعر الذي لم يحافظ إلا على سلطة " الحلم" كان أرق من رمح الموت الذي اخترق قلبه في أوج شبابه.
في العام 2004 جمع محمود درويش دواوينه الأخيرة حينذاك، وهي لم تكن الأخيرة، في مجلد واحد سماه " الأعمال الجديدة ". كان فرحاً جداً بهذه الأعمال ليست لأنها جديدة بل لأنها نشأت في قلب المشهد الشعري الراهن. شاعر مثله كان يكفيه ما حصد من أمجاد وما احتل من مراتب وما عرف من شهرة عربية وعالمية. لكن الشاعر الذي فيه، الشاعر المجبول بالقلق والحلم والرغبة لم يستكن يوماً. لم يُغرٍ محمود درويش يوماً أن يبلغ ما بلغ من قمم بل ظل يحدّق إلى الأبعد، إلى ما هو أقصى من الضوضاء والمجد العابر والشهرة الوهمية. كان محمود درويش يعمل بجهد على تجديد نفسه وتحديث لغته وكأنه أحد الشعراء الشباب الذين يتلمسون طريقهم. يقرأ بنهم ويعيش بنهم ويحزن بنهم ويتقدم بنهم كما لو أنه يسابق عدواً لامرئياً هو الزمن، العدو الذي لا يهادن. واستطاع أن يكون شاعراً مخضرماً بامتياز، بل لعله الوحيد الذي منح "الخضرمة" معنى يتجاوز البعد الزمني، جامعاً بين ماضِ مشترك وحاضر خاص هو المستقبل نفسه. وكم عرف أن يفيد من قصيدة  النثر من غير أن يتخلى عن قصيدته الحرة وعن الإيقاع الداخلي أو " العروض" الداخلي الذي كان ماهراً في سبكه. كان شاعراً حراً ينتمي إلى جيل شعراء التفعيلة وشاعراً جديداً ينتمي إلى جيل الشعراء الشباب في آن واحد. هذه الميزة لم يحظ بها إلا قلة قليلة من الشعراء في العالم. ومثلما كان متفرداً بنضاله وشعره النضالي وغنائيته كان أيضاً متفرداً بحداثته التي بدت مختلفة عن " الحداثات" التي عاصرتها أو عاصرها. رحل محمود درويش. الألم سيكون كبيراً بدءاً من الآن. هذا الشاعر الذي ورث الهزيمة والأسى والخيبة لم يورث سوى الجمال والحلم والحب، لم يورث سوى القصيدة الفريدة التي كان شاعرها. رحل محمود درويش تاركاً اسمه الذي بات يعني منذ اليوم الشاعر المنتصر على الموت بالموت، الشاعر المنتصر على الموت بالشعر.
ليت الذين سيحملون نعشه في الوداع الأخير يضعون عليه " سبع سنابل خضراء" و " يعض شقائق النعمان" كما كتب في ما يشبه الوصية. فهذا الشاعر فعلاً لا يليق به إلا جمال القمح الأخضر وخفر شقائق النعمان.
 
نقلاً عن صحيفة الحياة

 
 
 
WEBMASTER : AA-ALSAAD
This Web Site Programmed and Written By ABD ALMASSIH JAMIL ALSAAD ..... Copyright 2003 (C) SCOPNET  All Rights Reserved 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق