مجلة السنونو (
العدد العاشر ) -
خاطرة
|
|
كيف نحمي
ما تبقى من حمص القديمة ( بقلم: فواز
السبسبي
)
|
|
كيف نحمي ما تبقى من حمص القديمة
بقلم: فواز السبسبي
بدأت حركة
العمران في مدينة حمص بالتوسع في أواخر القرن التاسع عشر خارج السور، وبمرور الزمن
بدأت المدينة تكبر وتتسع، فكان التوسع الذي وصل إلى ذروته في العقود الثلاثة
الأخيرة من القرن العشرين، وظهور أحياء سكنية حديثة ابتلعت المدينة القديمة، وجعلها
تعاني من الإهمال والتخريب والتشويه لمعالمها الأثرية.
ومع هذا التطور
المتسارع وإيقاعه الاستهلاكي، وإدخال البيتون المسلح في البناء والذي يخلو من كل
قيمة فنية وجمالية، عادات وقيم تختفي، أناس هجروا بيوتهم القديمة إلى مساكن حديثة،
وآخرون حلّوا في المدينة القديمة مما أدى إلى إرباك التركيبة السكانية المستجدة.
إن الهدم
العشوائي الجائر لا جزاء من القديمة بحجة تحديثها وكأنّ هذا التحديث أن تتجاوز
الماضي وتلغيه. حيث تم ربط المركز بشوارع تلتهم المدينة القديمة، وتمزيق نسيجها
العمراني والاجتماعي دون مراعاة خصوصيتها وتراثها وتاريخها.
وقد جعل الغيورون
يطلقون صيحات الاحتجاج والإدانة لوقف هذا الاعتداء الظالم على مدينتهم التي أحبوها
ولا يريدون لمعاول الهدم أن تدمرها.
إن العلاقة
الحميمة بالمكان والحنين إلى بيوتها الجميلة، والتي تخطف القلوب وتأسرها لروعة
بنائها وهندستها، ونقوش جدرانها وسقسقة بركتها، ورائحة الياسمين والفل وفتنة
حدائقها وظلال عرائشها، ودفء حماماتها - نعيم الدنيا – وفسحة فضائها اللامتناهي
الذي يمنح الإنسان داخل مسكنه الهدوء والراحة.
إنه الارتباط
الحميم بأمكنة عزيرة على القلوب، ووجوه طيبة وأصيلة ما زالت في الذاكرة التقطتها
العين من الحياة اليومية... وذكريات مخبأة في الزوايا وحنايا الأزقة والحارات،
وجدران بيوتها العتيقة التي شهدت أفراحنا وأتراحنا، وأعراسنا وسهراتنا.
إن الحديث عن
مدينة حمص حديث ذو شجون، ولعلّ ما أصابها من هدم وتشويه لمبانيها الأثرية حدث أغلبه
في القرن الماضي . وكانت بلدية حمص المسؤولة عن هدم التكية الكوجكية والتي تعود إلى
العهد المملوكي، والسرايا الجديدة (دار الحكومة) ومبنى الموقع العسكري ومكتب
التجهيز السلطاني، وقصر عبد الحميد باشا الدروبي وغيرها من المباني التي تعود إلى
العهد العثماني، وحي الأربعين الأثري، وعشرات البيوت الأثرية والحمامات والخانات،
ومبنى بنك سوريا ولبنان بطرازه المعماري الرائع، والذي يعود إلى فترة الاحتلال
الفرنسي لبلادنا، والساقية المجاهدية والناعورة، ومقام النبي هود، وتربة الكثيب
التاريخية التي تعرضت إلى تخريب أجزاء منها كما أن مديرية التربية كان لها نصيب في
ضياع المباني الأثرية والتي استملكتها وحولتها إلى مبان مدرسية حديثة..
كما
يتحمل مسؤولية ضياع المدينة القديمة سكانها الذين لم يحافظوا على بيوتهم وتهاونوا
في ضياعها وإهمالها وتخريبها إرضاء لحاجات مادية ونهم وجشع التجار وسماسرة البناء
وما تزال أعمال الهدم مستمرة رغم صدور قرار حماية المدينة القديمة - أو ما تبقى من
المدينة القديمة من معالم أثرية – لعام 2003 وصدور القرار التنظيمي رقم/381/ تاريخ
6/4/1997 الصادر عن وزارة الإسكان راسماً مخططاً عمرانياً ومخططاً تنظيمياً جديداً
لمدينة حمص القديمة يراعي فيها الحفاظ على التراث العمراني وخصائص المدينة القديمة.
ومما يزيد الطين
بلّة التشويه المتعمد للمباني الأثرية ولضياع معالمها وزوال الصفة الأثرية. وثمة
تشويه آخر تتعرض له تحت مسمى الترميم الأثري، ويتم هذا في ترميم المباني الأثرية
والدينية. وما تعرضت له الأسواق الأثرية للتغيير والتشويه في طرازها المعماري يدل
على العبث واللامبالاة وغياب رقابة دائرة الآثار وقد جاءت الترميمات للأسواق في عام
2006 مبشرة بالآمال لإعادة إحياء وترميم ما أصابها من إهمال وتشويه متعمدين.
ولا بد من
الإشارة إلى أحد المعالم التاريخية البارزة وهي قلعة حمص التاريخية وما آلت إليه من
خراب وضياع لمعالمها رغم صمودها أمام عاديات الزمن وأيادي التخريب. ما هو مصير هذه
القلعة..؟ هل سيطالها الترميم وتعود كما كانت إلى سابق عهدها. أم أنها ستتحول
كمثيلاتها في حماة إلى حديقة عامة.
ويبقى السؤال
والذي يحتاج إلى إجابة جادة ومسؤولة... نوجهه إلى الجهات المعنية للحفاظ على ما
تبقى من حمص القديمة. وهذا يتطلب عملاً جاداً وتعاوناً وغيرة وحباً من السكان على
أجزاء عزيزة من المدينة..
|
|
WEBMASTER : AA-ALSAAD
|
This Web Site Programmed and
Written By ABD ALMASSIH JAMIL ALSAAD
..... Copyright 2003 (C) SCOPNET All
Rights Reserved
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق