الثلاثاء، 1 ديسمبر 2015

مجلة السنونو ( العدد العاشر ) - الوطن في عيونهم صوت صامت لمغترب القرن العشرين

مجلة السنونو ( العدد العاشر ) - الوطن في عيونهم
صوت صامت لمغترب القرن العشرين ( بقلم : العميد المتقاعد جرجس لفلوف )

صوتٌ صامتٌ لمغتربِ القرنِ العشرين
العميد المتقاعد جرجس لفلوف
 
في نهاية القرن العشرين قادتني قدماي إلى بلاد الاغتراب لا للعمل بل لزيارتي أخوة لي هاجروا منذ أربعة عقود وفي جزيرة ترينيداد عشت مع عدد من الشباب الذين هاجروا إليها حديثاً وكأني واحدٌ منهم رافقتهم في يقظتهم وفي نومهم وتذوقت معهم مرارة العمل في ما يسمونه الكشة .
على صفحات مجلة السنونو التي تصدر عن رابطة أصدقاء المغتربين أنقل صوت مغترب من هؤلاء كان يردده على مسمعي كل يوم ٍ أعبر فيه عما يعتلجُ في صدره من ألم وعذاب في الغربة وحنين وشوق إلى الوطن والأهل:
أنام على الطوى
فراشي حجر من اسفنج
غرفتي قبر في جنة الزمن
ألملم جراحا ت يومي
أدغدغ في الحلم جيوبي
أصالب يدي على صدري
أفي اليقظة أنا . أم في المنام؟
عيوني جاحظة في الفراغ
لا أرى سوى سماءٌ سوداء
وجدرانٌ كالأصنام
ونوافذٌ بلا نور
رائحة ٌ عفنة
وهواء مسموم
هل أشكر الله على وحدتي؟
أم على غربتي ؟
أم على وجودي؟
.....................................
صباحاً كنت ُ في الطرقات
أحمل حقائبي وأنادي
كلمات من لغة ٍ لا أفهمها
أرددها كالببغاء
هكذا علمني الأصدقاء
صبايا . عجائز . أطفال
تحلقوا . سألوا . لم أفهم
نشرت كل ما أحمل على قارعة الطريق
ضحكنا . لعبنا . اشترينا
فَرِغت حقائبي
تحسست جيوبي
فرحت . ضحكت
خرجت الضحكة دموعاً وآهات ٍ

كنتُ في ذلك الزمن أخضراً
ولد من قلب حبة قمح
دفنها والدي في أرض طيبة
أرضعتني أمي حليب شقاءٍ مزمن ٍ
حملته منذ أن كانت طفلة
كبرتُ وتركت ثدي أمي
التهمت ثدي مدرستي
رضعت المعرفة والعلم
فرحت . ضحكت
قادتني الأحلام إلى القصور
وحدائق جنة عدن
انتسبت إلى كلية الحياة
..........................................
وعَدتُ أجدادي أن أعيد لهم الحياة
وأولادي أن يكونوا أبناء الحياة
الطريق وعرة
الحاجز شائك عال ٍ
السماء بعيدة ٌ والبحر كبير
...............................
أنام على الذكرى
ألملم بقايا وطن. بقايا مدرسة . بقايا أحلام
آه ٍ . يا وطني . هل الذكرى تنفع؟
آه ٍ . يا والدي . هل صارت يداك ناعمتين ؟
آه ٍ. يا أمي . هل جفت دمعة قلبك الحنون ؟
آه ٍ . رفاقي ألا زلتم تذكرون ؟
كنت ُ وكان وسأكون
في هذا الزمن المجنون
شكراً والديّ لأنكما سبب وجودي
شكراً وطني لأنك سبب غربتي
شكراً غربتي لأنك سبب تعاستي


 
 
WEBMASTER : AA-ALSAAD
This Web Site Programmed and Written By ABD ALMASSIH JAMIL ALSAAD ..... Copyright 2003 (C) SCOPNET  All Rights Reserved 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق