مجلة السنونو (
العدد الخامس ) -
شعر مترجم
|
من
القصائد الأخيرة ( رسول حمزاتوف ) - ترجمة : عدنان جاموس
|
يبدو لي أن الشاعر عندما
يعِّبر عن ذاته بصدق فان الذاتي يصبح إنسانياً عاما . ولكن عندما يرغب في أن يحتضن
ما تقصر ذراعاه عن تطويقه تتوارى مشاعره تحت حجر يعجز عن رفعه . و يسيطر في أشعاره
التكلف و التخطيطية و الأطروحة العامة. و يبدو لي أن كل ما هو قومي صادق يعكس في
ذاته , كما في قطرة الندى , الأممي الكبير.
ثمة شعراء يرون أن الأمر الرئيس و الأهم هو الواقع الحقيقي , و التفاصيل ,
وما تلاحظه العين وترصده . وثمة شعراء آخرون تهمهم الفكرة التعميمية و البنية
المنطقية .
ولكن الشعر الحقيقي هو مزيج هذا و ذاك . عندما يغيب الشعر يبدأ
تكلف الحكمة , و عندما تغيب الحكمة تبدأ الديماغوجية ... إن الشعراء القوميين بعمق
هم دائما شعراء أمميون ... و عندما يكتب الشاعر عن شعبه و يؤكد انتماءه له فان هذا
لا يعني أن يرى غربانه عنادل و عنادل الشعوب الأخرى غربانا ... وفي هذا يكمن موقفنا
الفكري الأدبي الحقيقي و التزامنا بمُثل العصر العليا العظيمة.
حمزاتوف
عالم ثالث
عندما سأنتقل إلى
العالم الآخر
سأقابل أبى و أمي
من جديد
ولن نؤجل حديثنا
إلى ما بعد :
- كيف الحال
على الأرض ؟
لكنني لا أجيب ...
وكيف لي أن اخبر
هذين الصدّيقين الحقيقة
يا ليتني ولدت
أبكم .
عندما سأنتقل إلى
العالم الآخر
سأقابل هناك أخويّ
اللذين استشهدا في الحرب:
- ايه , كيف
البلاد ؟ كيف الوطن ؟
كيف البيت ؟
للمرة الأولى سأجد
نفسي راغباً في الكذب
عليهما فكيف لي أن أقول للذين
استشهدوا في سبيل
الوطن
إن بلادهم لم يعد
لها وجود ؟
عندما سأنتقل إلى
العالم الآخر
و أقابل هناك
أصدقائي الحميمين
و يتعرفونني بعد
لأي
سيغمرونني
بالأسئلة كما بأكداس الورد
- أين أحسن : هنا أم على الأرض ؟
لا ... لن أجرؤ
على النظر في عيونهم .
عندما سأنتقل إلى
العالم الآخر
سأرغب في الذهاب
إلى عالم ثالث
عالم يسود فيه
السكون
ولا يُوجِّه فيه
الله أو المسيح
أية أسئلة مؤلمة !
***
العاديّون
لا أحب
العاديَّةَ في المصير
بالرغم من كثرة
الرمادية في هذا العالم .
لا احب المهرولين
إلى خفض الجباه الخدومة
بالاتجاه الذي تهب
منه الريح .
يحدث جدال بين
السماء و الأرض
رعد و بَرَد و
بروق صامتة ,
و بين الأصدقاء
يمكن أن تنشب مشادات
والرمادية وحدها
تظل دائماً ساكنة .
حشود الموظفين
العاديين
تتزاحم , منذ ,
القدم , قرب العرش
و تنحدر كعربة من
قمة جبل
لتنحني بتملق مرة
اثر مرة .
صفوف الشعراء
العاديين
يهرولون لتأدية
بروفا الجوقة الإبداعية
و ربة الشعر تقف
على الرصيف
عارضة نفسها للبيع
و هي تموت خجلا
الرمادية ملأت كل
الزوايا حولنا
ومن الغريب انك
عاجز عن الاختباء منها
تغلق باب غرفتك ,
توصد باب الدار بالمسامير
و إذا بها تطل
عليك من شاشة التلفاز
تئز الدعايات
كالمغزل
لجوجة , و دائمًا
تافهة .
وقد نجحت منذ مدة
طويلة
في إزاحة بوشكين و
بلوك عن الشاشة .
العادية ملأت
المنابر العالية
بافراط لا حد له و
لا نهاية
والميكروفونات
أخمدت صوت القلوب
و تهدر اليوم بصوت
أعلى من دفوف أهالي
الجبال
البلد الجبار
تمَّزق ,
الزمان و المكان ,
جزأهما الكذب .
والرمادية انتشت
من جديد بخمرة الفوضى , واعتمرتْ تاجَ الادعاء .
انها تشحذ
منقارَها الامبراطوري
ناظرةً في مرآة
معوجة ...
أيتها العادية :
إنني لا أحبك
ولكنك لست أهلاً
حتّى لبغضي .
المحكمة
عندما يدنو أجلي
ويلوح السراط
أمامي من بعيد ,
القاضي الأعظم
الذي يحسم النتائج
سيُرْبِك ذهني
بأسئلةٍ ثلاثة :
سيسألني : بعدما
تركت الحياة وراءك
هل عرفت السعادة
وأنت تائه في ذاك العالم
قلبي سيخفق بين
جوانحي كشعلة متوهجة ,
و سألفظ اسمك يا
حبيبتي .
و سيسألني : بعد
أن تركت ضوضاء الحياة
هل عرفت الحزن في
بَهرج العالم ذاك ؟
عندها سأشير إلى
السحب المدلهمَّة
فاللطخات السوداء
التي في نفسي ليست أقل
منها .
وسيسألني : أفل
العصر , كما تأفل النجوم
ما هو الإثم الذي
ستعترف به ؟
لن اعترف إلاّ
بأنني كنت في بعض الأحيان
سياسيًا
مع أنني ولدت في
تلك الدنيا شاعراً .
ولكن قبل أن يقرر
القاضي مصيري
وهو يشمل الحياة
كلها ببصره الذي يرى كل
شيء
سأتوسل من أعماق
قلبي إلى المهيمن الأعظم
أن يجد لي مكاناً
بين الجنة و النار
***
|
|
WEBMASTER : AA-ALSAAD
|
This Web Site Programmed and
Written By ABD ALMASSIH JAMIL ALSAAD
..... Copyright 2003 (C) SCOPNET All
Rights Reserved
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق