الجمعة، 6 نوفمبر 2015

مجلة السنونو ( العدد الخامس ) - اضاءات - كلمة سيادة رئيس الجمهورية العربية السورية الدكتور بشار الاسد

مجلة السنونو ( العدد الخامس ) - اضاءات
مؤتمر المغتربين السوريين الاول في 9-10/10/2004
تواصلوا... فتنقلب الخسارة ربحا...!

كلمة سيادة رئيس الجمهورية العربية السورية الدكتور بشار الاسد

 أبناء وبنات سورية:

          أرحب بكم اليوم في بلدكم الذي يبادلكم الشعور بالسعادة والرضا لحرارة هذا اللقاء والأمل أن يكون فاتحة لقاءات وعلاقة وطيدة بينكم وبين الوطن لما فيه خيركم وخير أهلكم.. في ربوع سورية أرحب بكم اليوم كأبناء بررة لسورية تحملون عبقها عبر التاريخ حيثما توجهتم وتغرسون قيمها وأخلاقها فتثمر أفعال خير وعطاء وصداقة وسلام وكأبناء منتمين إلى هذه الحضارة العربية العريقة والتي استمرت آلاف السنين لأنها بنيت على التعايش والمحبة والوئام لا على الفرقة والبغضاء والانقسام.

          كما أرحب بكم كمواطنين في بلدان أخرى انتسبتم إليها فأخلصتم لها وأبدعتم في عطاءاتكم وعملكم ومهنكم، دون أن تروا تناقضاً على الإطلاق بين اعتزازكم بجذوركم التي لم تغادركم ووفائكم للبلدان التي قررتم ألا تغادروها وفي هذا المسلك أيضاً كنتم أوفياء لقيم سورية التي ترى في التعايش ميزة وغنى وثروة للجميع وترى في التفاعل بين الأديان والثقافات والشعوب مصادر خلاقة للطاقة الإنسانية والازدهار الحضاري بكافة جوانبه.

          ولعل مبادرتكم اليوم ومشاركتكم في هذا المؤتمر رغم كثرة انشغالاتكم تأتي تعبيراً عفوياً عن إدراككم لأهمية دوركم في موطنكم الأصلي وفي الموطن الذي قررتم الانتساب إليه خاصة أن الحضارة الإنسانية بحاجة اليوم لدور فئات من أمثالكم لديها القدرة على استيعاب الأبعاد الثقافية والسياسية للمجتمعات المعاصرة نتيجة غنى تكوينها وخبرتها واطلاعها على خبرات وتجارب شعوب متعددة.

          ولم يكن الوصول إلى مثل هذا التكوين الذي وصلتم إليه سهلاً فقد دفع ثمنه أجدادكم وآباؤكم الذين تحملوا مشقة السفر وألم الغربة والحنين إلى الوطن كي يضعوكم جميعاً على خارطة البلدان التي انتسبتم إليها ولذلك فمن حقنا وواجبنا جميعاً أن نستثمر في ذلك الإرث الذي صنعه لنا الأجداد وأن نفاخر بما أنجزوا وأن نبني على ما أسسوا خاصة أنهم كانوا رسل التواصل الإنساني والتفاعل الحضاري.  

          لقد شعرت سورية الضاربة في التاريخ بأمن وأمان وهي تودع أبناءها أو وهي تستقبلهم وذلك لأنها رأت نفسها مرة أخرى جزءاً بنّاء في هذا الكون واعتبرت مصير الإنسانية في قارب واحد تختلف أشكاله وألوانه بين بلد وآخر دون أن تختلف عوامل النجاة أو الخطورة فيه. 

          ورغم كل ما تعرضت له من اعتداءات بقيت سورية حاملة للقيم ومضحية في سبيلها ذلك لأنها تعلمت من تجربتها الطويلة التي تمتد آلاف السنين أن النصر هو في النهاية لإرادة الشعوب ولقيم الحق والعدالة التي تجسدها حركة الشعوب دائماً.

          وإننا لفخورون جداً أننا حيثما توجهنا نرى أبناء سورية يجسدون هذه القيم ويتمتعون بسمعة طيبة، هي محط اعتزاز لنا جميعاً، ويتكيفون في المجتمعات التي اختاروها، ويشكلون في كثير من هذه المجتمعات هبة ثمينة لها، حيث لم ينكفئوا على ذواتهم، بل تزاوجوا وتفاعلوا وعبروا عن محبة وتفان تجاه بلدانهم الجديدة، واعتزازهم بالتراث الحضاري العربي الذي ينتمون إليه، ومن خلال كل ذلك عبر أبناء سورية في كل مكان عن حقيقة هامة وجليلة، وهي أنهم ينتمون إلى بلد واحد اسمه العالم.

          هذه الصورة التي جسدتموها عبر تاريخ الاغتراب هي صورة مفعمة بالقيم الإنسانية وبالأخلاق، وبكل تأكيد فإن شعوباً وثقافات كثيرة في هذا العالم تشاركنا هذه القيم معبرة عن وحدة
الحضارة الإنسانية ومبينة أن الصراع لا يكون بين حضارة وأخرى، بل بين الحضارة واللا حضارة بين الأخلاق وانعدامها كما هو بين الخير والشر...

ثم راح الرئيس يتعرض إلى الظروف الدولية الخطيرة على العالم أجمع والتي راحت تهدد الحضارة والتاريخ والقيم والإنسان تحت شعار مكافحة الإرهاب التي حوّلت القوى الكبرى والمؤسسات الدولية إلى أذرع وأدوات للتدخل بالشؤون الداخلية للدول فأشعلت في المنطقة الأحداث العاصفة والحروب الدامية وأفقدتها استقرارها وتوازنها وهيأتها لاحتمالات قاسية، معولاً على المغتربين أن يخوضوا معركة الإصلاح العالمي الإنساني، وبالتالي الوطني، متابعاً... 

          وفي عملية الإصلاح هذه، فإن لكم أيها المغتربون دوراً داعماً، من خلال ما يمكن أن تسهموا فيه من رفد لبلادكم بالخبرات والإمكانات، أو الرؤى والأفكار، التي تتوفر لكم بحكم اتصالكم بأعمال وتجارب وثقافات شعوب أخرى، وبحكم جهودكم التي بذلتموها كي تحققوا ذواتكم، وتثبتوا أنفسكم. المغترب لديه نقطة قوة قد لا توجد لدى الآخرين.

          إنه اطلع على ثقافتين وتجربتين وأندمج وتمازج مع مجتمعين. فعرف نقاط قوة المجتمع الأول والثاني، وأصبح قادراً على المقارنة. والمقارنة مهمة جداً، وبالتالي هو الأقدر على أن يقول لكلا البلدين، أي تجربة هي الأفضل، وأين الخطأ في التجارب الأخرى، وهنا تكمن أهمية هذا المؤتمر وهذا التواصل مع المغتربين.

          لقد بادر العديد من المغتربين السوريين إلى تقديم أفكارهم ومبادراتهم، خدمة لبلدهم وإسهاماً في تطويره، والبعض منهم أسهم بتطبيقها بصورة مباشرة، مندفعين بوفائهم لوطنهم وحرصهم عليه، ولكن هذه المبادرات، كانت مبادرات فردية لعدم وجود بنية مؤسسية تنظمها وتحدد إطاراً لها، ومن هنا كانت المبادرة لإحداث وزارة خاصة باسم وزارة المغتربين، تنظم العلاقة بين المغترب ووطنه، وبين المغتربين أنفسهم في البلدان المختلفة، وتحول العمل الفردي إلى عمل جماعي، وبذلك نستطيع أن نحقق الفائدة المرجوة، من خلال تكاتف الجهود والإمكانات لدفع مستوى الأداء في سورية قدماً إلى الأمام.  

          وهكذا، فإن الموضوعية تقتضي عدم النظر إلى الاغتراب وكأنه مجرد نزيف للبلاد، بل يمكن أن يتحول إلى قوة فاعلة فيها، إذا ما حققنا التواصل المطلوب مع المغترب، وهيأنا الظروف المناسبة له كي يعبر عن وفائه لوطنه الأم بطريقة فاعلة، وأن يكون سفيراً لبلاده وشعبه وحضارته من خلال ما يقدمه من صورة إيجابية وواقعية عنها. كثيراً ما نردد عبارة هجرة العقول وهجرة رؤوس الأموال وكأن ما ذهب لن يعود. الحقيقة بأن المشكلة هي عدم التواصل وليس الهجرة بحد ذاتها.

          إن تواصلنا تتحول هذه الخسارة إلى تعادل من خلال الربح وإذا تواصلنا بشكل جيد فالخسارة سوف تنقلب إلى ربح، وهذا ما نسعى إليه في علاقتنا مع المغتربين.

          أيتها السيدات أيها السادة، أن دوركم الهام في تحقيق التفاعل الثقافي الحي بينكم وبين الشعوب الأخرى، من خلال انتشاركم الجغرافي الواسع وانفتاحكم على الآخرين، يشكل الرد العملي على مقولة صراع الحضارات التي يروج لها بعض أصحاب العقول المغلقة، خاصة في هذه المرحلة التي غيرت ثورة الاتصالات فيها مفاهيم كثيرة، وفسحت المجال لتعرف الثقافات بعضها ببعض، ولكن، وبنفس الوقت، استغلت هذه التقنيات المتطورة لتشويه حقائق كثيرة في العالم. ومع ذلك، تبقى الصورة التي يراها الإنسان مباشرة على أرض الواقع أكبر تأثيراً وأكثر مصداقية، وهذا يحملكم مسؤولية كبيرة، تكبر كلما تطورت وسائل وتقنيات تشويه الحقائق في العالم.

          أيتها الأخوات، أيها الأخوة، من أجلكم، من أجل وطنكم ومن أجل القيم الأصيلة التي نؤمن بها، تواصلوا مع وطنكم، تواصلوا مع أقربائكم، تواصلوا مع أصدقائكم، شجعوا التواصل بين أبنائكم وبناتكم وبين أبناء وبنات الوطن. تواصلوا مع العرب الآخرين، تواصلوا مع الناس جميعاً، نظموا أنفسكم في منظمات تعبر عنكم وعن ثقافتكم ومصالحكم، أريد منكم التفوق والاندماج والولاء لوطنكم الذي تعيشون فيه، والوفاء لوطنكم الأم، فهذه هي عناصر نجاحكم ونجاحنا، انقلوا تحياتي ومحبتي إلى أخوتنا في المغترب، وأرجو لكم دوام التقدم والازدهار.
كلمات.. من المؤتمـــر 
 
ألقت الدكتورة بثينة شعبان وزيرة المغتربين كلمة أكدت فيها أن عشق الوطن هو ارث سوري أصيل عبر العالم .. غبر القرون ليربط الأجداد بالأحفاد ويوصل الماضي بالحاضر والمستقبل , مشيرة إلى أن عشق السوريين لبلادهم هو تعبير حي عن اعتزازهم بدور سورية وأرثها وسياساتها وتجسيد لحضارتها الخلاقة التي قاومت المحتلين والغزاة قديما ً وحديثا ً وقدمت للعالم الثقافة والتجارة والمعارف بشتى أنواعها . 
 
وقالت : إن السوري الذي حمل أبجديته و إبداعه وثقافة الإسلام ورسالات النور السماوية هو صانع للحضارة يجمع بين عمق الانتماء و أصالة الانفتاح وهو صديق الشعوب , ويعبر دائما ً عن اعتزازه بالقيم الحضارية السورية وما تمثله مؤكدة أن اهتمام السيد الرئيس بشار الأسد بالشأن الاغترابي من خلال المراسيم التشريعية الخاصة بالمغتربين بتسجيل زواجهم دون تقديم شهادة خدمة العلم وإلغاء القانون رقم 19 وإزاحة عبء بدل الاغتراب عن كاهل المغتربين كان لها أبلغ الأثر في التأكيد لهم حرص سيادته على ترسيخ وشائج القربى بينهم وبين الوطن الأمر الذي شجع الجهات المعنية في سورية لوضع مشروع مشترك مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في سورية لتأسيس صندوق اغترابي يمكن المغتربين من تمويل أي مشروع يرتؤون تمويله في سورية مشيرة إلى أن هذا المؤتمر يهدف إلى تشكيل نقاط الالتقاء بين الأفكار وصيغ العمل التي يطرحها الباحثون من المغتربين وبين السياسات الحكومية . 

كما يهدف إلى إبداع  آليات العمل الجماعي من أجل التوجيه المشترك نحو الهدف الوطني ومن أجل الدفاع عن بلادهم بوجه حملات التشويه الإعلامي التي تتعرض لها سورية . وأوضحت أن برنامج عمل المؤتمر مكثف بورشات العمل المتعددة والأبحاث المعدة وفق أولويات وطنية تتعلق بشؤون المغتربين والتطوير والتحديث المؤسساتي وتنمية الموارد البشرية والتبادل الثقافي والإعلامــي  وإصلاح البنى التحتية والتعاون التقني والطبي ومساهمة الاستثمار الاغترابي في عملية التنمية والبناء , مؤكدة أن المغتربين السوريين هم شركاء في عملية تحديث سورية وتنميتها ونهضتها وتعزيز دورها الإقليمي وحماية مكانتها الدولية , مشيرة إلى أن المغتربين المشاركين في المؤتمر سيقومون بانتخاب ممثل من كل بلد لتشكيل هيئة عامة تقوم بانتخاب المجلس الاستشاري الاغترابي السوري المؤلف من اثني عشر عضوا ً ليشكل قناة التواصل الأساسية بين الروابط الاغترابية في العالم وبين الوطن الأم مهمته التنسيق والإشراف على كافة الملفات و آليات التنفيذ بين المغتربين والوطن لتوضع له أمانة عامة في مقر وزارة المغتربين قريبا ً.

وخاطبت السيد الرئيس بقولها .. الفكرة فكرتكم والرؤية رؤيتكم والتوجه نحو المغتربين يمثل إحدى نقاط الارتكاز في استراتيجيتكم الوطنية لتحقيق الوحدة والازدهار للشعب السوري التي تجسدت في سياسات منها أحداث وزارة المغتربين وتوجيهات سيادتكم الدائمة لنا أن نكون أسرة للسوريين المنتشرين في كل مكان وأقصى ما نصبو إليه هو أن نتمكن من ترجمة رؤيتكم وتوجيهاتكم عملا ً مخلصاً و آليات تنفيذ فعالة ومتابعة دؤوبة وهذا بالذات هو ما نرجوه من أعضاء هذا المؤتمر ومن المشاركين في ورشات العمل ومن لجان الصياغة والمتابعة التي سوف تنبثق عنه لتتابع تنفيذ كل توصياته ومقترحاته .  
 
          فباسمكم جميعا ً أشكر سيادة الرئيس قائدا ً للمسيرة ورمزا ً وطنيا ً لكبرياء سورية وكرامة شعبنا الأبي ونقول له نحن جميعا ً معه قلبا ً واحدا ً ويدا ً واحدة في مواصلة مسيرة التنمية والتحديث.
 
       
 
WEBMASTER : AA-ALSAAD
This Web Site Programmed and Written By ABD ALMASSIH JAMIL ALSAAD ..... Copyright 2003 (C) SCOPNET  All Rights Reserved 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق