مجلة السنونو (
العدد الخامس ) -
خاطرة
|
لغة
الشوق ( ريما صيرفي )
|
من
المعروف أنّ لغتنا العربية هي صرف ونحو وفصاحة, وبلاغة. وهي لغة المرادفات الشاسعة,
والإيقاع الموسيقي الذي تضبطه حروف العلّة الثلاثة. وإنّها لمهمة قوميّة عظمى أن
نكون كعرب متمسّكين بلغتنا العربيّة,وأن نَعرُفَ من قواعدها النحوية,ونجمع متنها
من دون المسّ بفصاحتها أو تاريخ مراجعها الشاملة.
وجميل أن يكتب أحدنا"بملء" اللغة العربية , بأقل ما يمكن من الهفوات اللغوية
المرتكبة.ولكن ليس المقصود أن يتحوّل كلّ صحافي "مثلاً" إلى سيبويه عصره, فيعصر
قلمه نحواً وفذلكة على الورق..! بل المقصود أن تكون لغة الصحافي سليمة بالتمام , لا
تشوبها شائبة فادحة, لأن الصحافة هي بالأساس أسلوب متين وممتع, وليس لغة "خليليه"أو
مقتطفة من "نهج البلاغة"!...وإلاّ فكلّ لغويّ ضليع صار صحفياً ألمعيّاً, وكلّ
متخصّص في القواعد العربية اعتبر كاتب افتتاحيّة بارعاً...!
فللغويّين دورهم الرائد والمكمّل لدور الكاتب الصحفي, بحيث أنهم أدلاّء لنا, نهتدي
بخبرتهم في القواعد والفصاحة, من دون أن يتحولوا إلى أوصياء يتحكّمون في سياق
كتاباتنا الصحافيّة, كما يتحكّم الوصي بالقاصر..
ومن
الجهة الثانية ينزعُ كثير من اللغويّين في التشدّد مع الشعراء والكتّاب والخطباء
وغيرهم من المتكلّمين,ليحملوهم على التماس أعلى درجات الفصاحة أو البلاغة. ومنهم من
وصف مؤلفات جبران بالركاكة, وشعر نزار بالهشاشة, وخُطب عبد الناصر بفقاقيع الصابون
التي تتلاشى على بساط البلاغة العربية... هذا مع العلم أنّ البلاغة ملكة إنسانية
وليست معرفة لغويّ حتميّة, بمعنى أن كل قائل أو كاتب في العربية يكتفي بسلامة
العبارة وحدها مادامت تؤدي معناها في يُسر, وهولا يريد بالتالي إلاّ الكشف عمّا
يعنيه,لا أن يُعدّ من البلغاء أو فرسان البيان!
وما
نشاهده اليوم هو مسافة ألف ميل من السنوات الضوئيّة بين الجيل الطّالع ولغة الضّاد,
والتي تكاد أن تكون بٌعداً مقصوداً ومتعمّداً, هدفه الاستهتار بارتباط اللغة
العربية بهويتنا كعرب, وبتهميش دور التعبير الكتابي, وحتى الكلامي, بلغتنا الأم
ّ...
فلو
نعلم كم العربيّة لغة نفيسة ومعبّرة, فلقد أسموها لغة الشوق لأنّها الوحيدة بين
نظيراتها التي تعطي أدّق تعبير لأحلى كلمة هي"اشتقتلك", وهي عبارة لا ترجمة فعليّة
ودقيقة لها بالفرنسيّة,ولا بالإنكليزية,ولا في مشتقّات اللاتينيّة الأخرى.
فهل
يجوز أن نفرّط بشوقنا الذي لا يعبَّر عنه إلاّ باللغة العربيّة؟!...
أكتب هذه المقالة ولغة الشرق تتملّكني إلى كلّ من علّمني حرفاَ باللغة العربيّة....
|
WEBMASTER : AA-ALSAAD
|
This Web Site Programmed and
Written By ABD ALMASSIH JAMIL ALSAAD
..... Copyright 2003 (C) SCOPNET All
Rights Reserved
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق