الجمعة، 6 نوفمبر 2015

مجلة السنونو ( العدد الخامس ) - ابحاث - فلسطين والتلمود والاصولية المسيحية

مجلة السنونو ( العدد الخامس ) - ابحاث
فلسطين والتلمود والاصولية المسيحية ( الشيخ الدكتور نديم قندلفت )

مقدمـة

          يدّعي اليهود أنهم أتوا إلى "أرض بلا شعب" ليعمروها، ويعيدوا مجد الرب في أورشليم. وقد قالت كولدا مائير في زمانها مقولتها المشهورة بهذا الشأن: " إن الأمر لم يكن كما يظن البعض، أنه كان هناك شعب فلسطيني في فلسطين وأتينا نحن وطرنادهم. بكل بساطة لم يكن هنالك أحد في فلسطين".
(من كتاب أرض الموعد لمن؟ كولين تشابمان)

          وقد ثبت للعالم كذب هذا الإدّعاء. ففلسطين لم تكن "أرضاً بلا شعب" بل كانت مليئة بالفلسطينيين الذين اقتلعهم الغزاة من أرضهم عن طريق القتل والإرهاب.

          ولكن عقاب الرب آتٍ ـ فهو قد يمهل، ولكنه لا يهمل. إن عقاب الله للذين يقتلون الآخرين ويغتصبون أرضهم واضح في التوراة. فعندما قتل الملك اليهودي آخاب جاره نابوت، وهمّ بضم كرمه إلى أرضه حكم الرب عليه بالموت وأن تلحس الكلاب دمه في نفس المكان الذي لحست به الكلاب دم نابوت. فقد ورد في سفر الملوك الأول 21: 17-19 ما يلي:

          " وكان كلام الرب إلى إيليا النبيّ قائلاً : " قم انزل للقاء آخاب ملك إسرائيل الذي في السامرة. هوذا هو في كرم نابوت الذي نزل إليه ليضمه إلى أرضه بعد أن قتله. وكلمه قائلاً: هكذا قال الرب: " أبعْدَ أن قتلتَ نابوت تأخذ أرضه أيضاً‍! في المكان الذي لحست به الكلاب دم نابوت ستلحس الكلاب دمك أنت أيضاً ".
          وبعد سنتين، هاجم الملك آخاب سوريا، وقُتل في المعركة، فجُرّت جثته إلى الموضع الذي لحست عنده الكلاب دم نابوت، لتلحس دمه أيضاً.
الله يمهل ولا يهمل. فلنضع ثقتنا به
 مهما بدت الأمور مستحيلة

*              *              *

حقائق وأرقام (مدخل لتاريخ فلسطين)
     الفصل الأول: تاريخ فلسطين كما ورد في التوراة، منذ هجرة إبراهيم حوالي 1900 ق.م وحتى عام 135 م :
 
-      حوالي سنة 1920 قبل الميلاد غادر تارح والد إبراهيم الخليل مدينة أجداده "أور" الكلدانيين، الواقعة في جنوب العراق وأتى ليسكن في حاران، شمال سورية (والكلدانيون هم قبائل سامية نزحت من شبه الجزيرة العربية متجهة نحو الشمال من طريق الساحل الشرقي لشبه الجزيرة). وعندما بلغ إبراهيم حوالي 75 سنة من العمر، أمره الله بترك حاران والذهاب إلى أرض كنعان، الأرض التي وعده الله بإعطائها له ولنسله من بعده.

-      ولم يكن إبراهيم هو أول من عرف الله، بل أن ملكي صادق ملك شاليم(القدس) الكنعاني عرف الله قبله وكان "كاهناً لله العلي"، وهو الذي بارك إبراهيم كما ورد في (تكوين 15:18) أي أنه كان أعظم منه (عبرانيين 7:1) ويقول عنه الرسول بولس في عبرانيين 3:7 إنه: "كان مشبهاً بابن الله ويبقى كاهناً إلى الأبد".

-   ولد لإبراهيم ولدان: إسماعيل ـ الولد البكر ـ الذي اخُتتِنَ مع والده عندما كان فـي الثالثة عشرة، وذلك علامة للعهد المبرم بين الله وإبراهيم: " فَتُختنون في لحم غرلتكم فيكون ذلك علامة عهد بيني وبينكم". أما الولد الثاني إسحق فولد حوالي أربع عشرة سنة بعد إسماعيل.

-      ورغم أن الله قال لإبراهيم: "ولكنني سأحافظ على عهدي مع إسحق ونسله من بعده (تكوين21:17):  فإن الله لم يقصد بذلك حرمان الولد البكر (إسماعيل).وإلا لما قال لإبراهيم في العدد السابق: 20:17 "وأما إسماعيل فقد سمعت لك فيه. ها أنا أباركه وأثمره وأكثره جداً. اثني عشر رئيساً يلد وأجعله أمة كبيرة" . وقد هاجرت أم إسماعيل إلى الجزيرة العربية مع ولدها إسماعيل. ومن إسماعيل توالد العرب. ومن نسب إسحق أتى من دُعوا بالعبرانيين فيما بعد – فالعرب والعبرانيون (اليهود) إذن هم أولاد عم من نسل إبراهيم.

-      وفي حوالي سنة 1700 قبل الميلاد هاجر أولاد إسحق وابنه يعقوب القلائل إلى مصر ليخرجوا منها  بعد حوالي 450 سنة (1240 قبل الميلاد) تحت قيادة موسى متجهين نحو فلسطين التي كان يسكنها آنذاك قبائل من سلالات أقوام أتى أكثرها من الجزيرة العربية واستقرت هناك لقرون عديدة.

-      وقد تمكن العبرانيون من السيطرة على بعض المناطق الجبلية من فلسطين لمدة 269 سنة، (بين الأعوام 1280 و 1011 قبل الميلاد) عندما انشقت المملكة إلى قسمين (إسرائيل ويهوذا) وقد دام ذلك حتى سنة 722 قبل الميلاد. ولكن تلك الحقبة كانت مليئة بالحروب مع الذين اغتُصبت أراضيهم واضطروا للرحيل إلى أراضٍ مجاورة في فلسطين وباقي الأجزاء السورية. وأخبار الحروب مع "السوريين في التوراة كثيرة".

-      في العام 722 استولى الآشوريون على المملكة الشمالية (إسرائيل) وهجّروا الكثرة الساحقة من أهلها، واستبدلوا بهم سكاناً من أماكن احتلالهم الأخرى. وعرف الخليط فيما بعد باسم "السامريين". ولكن من هُجِّروا لم يعودوا من السبي وذابوا بين الأمم التي أبعدوا إليها. وهكذا اختفى حوالي ثلثي شعب "إسرائيل" في ذلك الوقت.

-      في العام 597 قبل الميلاد احتل البابليون المملكة الجنوبية "يهوذا" وعاصمتها أورشليم، ونهبوا الهيكل وقتلوا من قتلوا وسبوا  الذين نجوا من السيف إلى بابل. (سفر أخبار "الأيام الثاني 20:36").

-      وبعد عام 537 سُمح لبعض الذين أخذوا إلى السبي أن يعودوا إلى المملكة الجنوبية حول أورشليم، ولكن رقعة أرضهم تقلصت كثيراً، وأصبحت لا تساوي أكثر من جزء صغير من مملكة داود وسليمان.

-      لقد دامت المملكة الشمالية 289 عاماً، أما الجنوبية فدامت 414 سنة.

-      وبين الأعوام 597- 63 قبل الميلاد دانت الجالية اليهودية في الجنوب من فلسطين كما دان باقي السكان لحكم البابليين أو الفرس أو اليونانيين.

-        وفي زمن يسوع كانت فلسطين تُشكِّل بمجموعها جزءاً من الإمبراطورية الرومانية ودام هذا الحكم من العام 63 قبل الميلاد حتى 330 بعد الميلاد.

-      إن مقاومة الاحتلال الروماني أدَّت إلى حدوث ثورة يهودية ضده في العام 66 بعد الميلاد، انتهت في العام 70 باحتلال أورشليم وهدم الهيكل كما سبق وتنبأ يسوع المسيح. وفي ثورة ثانية عام 132 تم ذبح أكثر السكان اليهود وتشتيت الباقين في بقاع الأرض. ورغم ذلك، فقد ثابرت المجتمعات اليهودية الصغيرة على التواجد في أماكن مختلفة من فلسطين كالسهول الساحلية والخليل، أي في الأماكن البعيدة عن مسرح الثورات.

-      في العام 330 بعد الميلاد جعل الملك قسطنطين ـ الذي كان قد اعتنق المسيحية ـ مدينة القسطنطينية في بلاد بيزنطا عاصمة للجزء الشرقي من الإمبراطورية الرومانية، وأصبحت فلسطين على ذلك جزءاً من الإمبراطورية البيزنطية. وبناءً على أوامر الإمبراطور كان على السكان ومن ضمنهم بقايا اليهود أن يدينوا بالدين المسيحي، دين الإمبراطور.
وفي العام 632م اجتاحت جيوش الساميين العرب المسلمين أرض فلسطين. ولكن بما أنه لم تحدث محاولة لطرد السكان من البلاد أو إرغامهم على اعتناق الإسلام بالقوة فقد بقي هؤلاء السكان على الديانة المسيحية واليهودية لوقت طويل بعد ذلك. ولكنهم تدريجياً بدؤوا التحول إلى الإسلام بمن فيهم اليهود، كما أصبحت اللغة العربية شيئاً فشيئاً اللغة الأكثر انتشاراً. على كل فإن الإسلام لم يصبح دين الأكثرية حتى القرن الثالث عشر.

 
 
WEBMASTER : AA-ALSAAD
This Web Site Programmed and Written By ABD ALMASSIH JAMIL ALSAAD ..... Copyright 2003 (C) SCOPNET  All Rights Reserved 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق