مجلة السنونو (
العدد التاسع ) -
ما علينا وما عليهم
|
|
المغتربون
السوريون ثروة تنتظر استثمارها ( سمير سعيفان )
|
|
المغتربون السوريون ثروة تنتظر استثمارها
بمناسبة انعقاد مؤتمر المغتربين السوريين 2007
سمير سعيفان بعد عامين ونصف العام من مؤتمر المغتربين في 9 و 10 تشرين الأول 2004 يعقد مؤتمر المغتربين السوريين في هذه الأيام وهو يعكس تزايد اهتمام الدولة بالمغتربين السوريين المنتشرين حول العالم, وتبذل جهود افضل من السابق بما في ذلك احداث وزارة خاصة بالمغتربين والتي تنشط لجعل علاقة المغتربين ببلدهم الام علاقة منتظمة ترعاها بنى مؤسسية ولتنظيم نشاطات المغتربين لتكون اكثر تأثيرا وفاعلية, وأتذكر الآن مؤتمر المغتربين السابق والروح الحماسية التي برزت فيه وشوق المغتربين السوريين للمساهمة في تنمية بلدهم وأذكر توصياتهم ومقترحاتهم الكثيرة والمتفائلة والتي تتطلب برامج تستوعب هذا الاستعداد وتحوله الى فعل ملموس. لكن وبعد عامين ونصف العام لا يلحظ ان تقدما كبيرا قد حدث ولم ينجز من توصيات المؤتمر السابق سوى الجزء البسيط, أي إننا انتقلنا من الاهمال الى الاهتمام ولكننا لم نحول الاهتمام بعد الى فعل على الارض وهو الاهم. السبب في هذا الوضع هو ان كل تلك الجهود التي تبذل ما زالت لا تلبي احتياجات الانتفاع الفعلي بطاقات الاغتراب السوري, والمثال الابرز هو الوزارة نفسها, فرغــــم اهمية احداثها ورغم جهود السيدة الوزيرة فإن الامكانات محدودة فلم تتجاور موازنتها عام 2006 مثــــلا مبلغ 12.6 مليون ليرة سورية للاجور والرواتب و 25 مليون ليرة سورية لمختلف نفقاتها الجارية الاخرى, بما فيها نشاطاتها الداخلية والخارجـيــــــة وهي موازنة متواضعة قياسا إلى أهمية المغتربين والاحتياجات وإلى الفائدة الممـــكن تحقيقها, وبالتالي فإن عدد كوادر الوزارة محدود ولا توجد لديها البرامج الفعلية التي يمـــــكن ان تحـــدث تغييرا ملموســـاً ويبدو انه ينـــظر للإنفاق على مسألة المغتربين وكـــأنه انفاق اداري غير منتج وليس انفاقا استثماريا, بينما هو استثمار في المغتربين وهو استثمار مربح جدا وبشكل مركب ومتعدد, وهنا لا نتحدث عن تخصيص مليارات الليرات بل فقط عن بضع مئات من الملايين بدلا من بضع عشرات تخصص الآن. هناك نحو 15 مليون مغترب سوري, هكذا تقدر بعض الجهات اعداد الاغتراب السوري وقد يكون الرقم قريبا من الواقع اذا اخذنا اجيال الاغتراب السوري المبكر مطلع القرن العشرين وقد يكون مبالغا فيه, ولكن سورية تملك بلا شك ملايين المغتربين اليوم وهم ثروة مهدورة لا يتم الانتفاع بها رغم الجهود التي ما زالت لا ترقى للمطلوب, ولإدراك أنها ثروة مهدورة يجب ان نعلم انها من حيث العدد تتصف بالكبر اما من حيث النوع فهي تتشكل من رجال اعمال وبعضهم كبار, ومن قوة عمل متعلمة ومؤهلة جيدا وتملك كفاءات وخبرات وصلات في مجتمعات الاغتراب وبينما تطغى اختصاصات الهندسات والطب على المغتربين في اوروبا وامريكا فإن الطابع المهني يطغى على مغتربي الدول العربية مع وجود العديد منهم كرجال اعمال صغار ومتوسطين وبعض الكبار. من المعروف ان اهمية المغترب بالنسبة لوطنه الام ومساهمته في تنميته تزداد كلما تمتنت علاقته به وتبدأ المنفعة بفاعلية المغترب في بلد اغترابه لتقديم صورة حسنة عن بلده وتزداد باستهلاكه لسلع وخدمات سورية في بلد اقامته وتشجيع معارفه على استهلاكها وتزداد اكثر بزيارته لبلده, حيث ينفق خلال زيارته مبالغ معينة, او مع قيامه بتحويلات لبناء بيت او لمساعدة بعض اهله, او ان يساهم بقيام برنامج تعاون بين جهة علمية او اقتصادية في بلد اغترابه وجهة سورية مماثلة, أو نقل خبرات وتجارب ناجحة من بلدان الاغتراب الى سورية او اطلاق برامج تنموية محددة بين مجموعة من المغتربين لمعالجة مشكلة محددة وتتصاعد الفائدة مع قيام المغترب مع آخرين بنشاط تجاري في بلدان اغترابهم ذي علاقة بمنتجات سورية او بإقامة استثمار في سورية بما يخلق فرص عمل وينقل خبرات جديدة وتكنولوجيا جديدة. ولكن الواقع يختلف, فبدلا من الانتفاع بكل ما ذكرناه اعلاه فإن الواقع ما زال يتسم بالكثير من نقاط الضعف مثل: - أولى هذه النقاط ضعف المعلومات المتوافرة عن المغتربين وهي الخطة الاولى للانتفاع بهم اذ لا تتوافر معلومات عن اعدادهم وانتشارهم في اية بلدان واية مدن وما اعمالهم وفي اي نشاطات يتركزون ومن منهم ذو فاعلية اجتماعية او سياسية او مهنية او اقتصادية, وما جوانب حياتهم وعيشهم وعلاقاتهم ببعضهم بعضاً او بوطنهم وغير ذلك ما يساعد في رفع القدرة على مشاركتهم في تنمية بلدهم الام. وتفتقد المكتبة السورية أية دراسات من هذا النوع وهذه دراسات ضرورية لرفع القدرة على تطوير برامج معينة للانتفاع بطاقة الاغتراب. - تتسم العلاقة بين المهاجر السوري ووطنه الام سورية بما يشبه القطيعة بالنسبة للمهاجرين القدامى لأمريكا اللاتينية وخاصة مع الجيل الثاني او الثالث الذي لا يتعلم العربية ويكاد ينسى اصوله السورية وتتسم بالضعف بالنسبة للمهاجرين لاوروبا وامريكا الشمالية (الولايات المتحدة وكندا) حيث تقتصر على الزيارات السنوية او كل بضع سنوات بينما تتسم بعلاقة تستمر قوية بالنسبة للمهاجرين الى بلدان النفط العربية اذ تستمر علاقته وطيدة ويقوم الجزء الأكبر منهم بتحويل مدخراته الى سورية والمباشرة بأعمال فيها ومثلا تقدر اعداد المغتربين السوريين في السعودية بنحو سبعمئة الف سوري بينما تقدر اعدادهم بنحو نصف هذا العدد في الامارات العربية المتحدة, وعادة يعود المغتربون في البلدان العربية الى سورية بعد انتهاء عملهم فيها وبالتالي هي هجرة بقصد العمل بينما تتسم الهجرة لاوروبا وامريكا بالهجرة الدائمة. - لا تهتم الجاليات السورية فعلا بلعب دور فاعل في الحياة السياسية لبلدان الاغتراب حيث يمكنها ان تشكل جماعات ضغط اضافة لضعف نشاطها بالتعريف الواسع بسورية وخاصة بالصورة الحقيقية للصراع العربي - الاسرائيلي وبإسرائيل كدولة معتدية ومحتلة والتعريف بأن سورية دولة لها قضية لأن ارضها محتلة أسوة بأراض عربية اخرى وبدلا من هذه الصورة فما زال العمل المنظم بين افراد جالياتنا ضعيفا وتغلب على حياة المغتربين الروح الفردية والتقوقع ضمن مجموعات صغيرة بسبب ضعف العمل المنظم عبر جمعيات واندية وتنظيم الحملات والمناسبات واللقاءات الجماعية ورغم وجود اندية للسوريين في بلدان امريكا اللاتينية فإن نشاطات هذه الاندية معزولة تقريبا عن الارتباط بوطنها الام كما يتسم تزويد الجاليات السورية بالمعلومات عن سورية وبالمواد الاعلامية بالضعف ومن المؤسف ان سورية إما غير معروفة لمعظم ابناء اوروبا وامريكا واليابان وشرق آسيا او ان لديهم صورة نمطية سلبية وصلتهم عبر الاعلام المعادي, لذلك يندهش الاجانب القادمون لزيارة سورية من الفرق الشاسع بين الصورة النمطية السلبية التي لديهم مسبقا وبين الواقع الذي يطلعون عليه لاحقا, هنا تبرز الحاجة الماسة ليس لتزويد جالياتنا في الخارج بمواد اعلامية كثيرة بل أن تصاغ بلغة مختلفة وشكل مختلف ومنطق مختلف آخذين بعين الاعتبار ان السوري المغترب يكتسب معايير مختلفة وقيماً مختلفة ومنطقاً مختلفاً وهذا يجب دراسته وفهمه كما يأتيه يوميا كم كبير من الاعلام المصاغ بمهارة عالية لإيصال رسالته الاعلامية وعلى نحو يتفوق بكثير على لغة اعلامنا التي عفى عليها الزمان. - اهتمام غير كاف من قبل سفاراتنا بالجاليات السورية وعلاقة ضعيفة للسوريين في مغترباتهم بالسفارة السورية والوضع يشبه طلاقا يصمت عنه الطرفان وهو امر محزن وهنا نعتقد ان جهاز السفارات السورية في بلدان الاغتراب يجب ان يبادر ويخلق المناسبات ويوطد العلاقات, فهم يقبضون رواتب مرتفعة جدا كي يقوموا بواجبهم تجاه بلدهم وتجاه المغتربين السوريين واذكر انني اقمت نحو عشر سنوات في الخارج وفي اكثر من بلد بين اوروبي وعربي بين الاعوام 1985 و 1994 ولم يحدث خلالها ان سألت اي سفارة سورية عني او سعت للتواصل بي او دعوتي الى مناسبة او العمل على نشاط سوري يضم الجالية وهو حال جميع المغتربين الذين عرفتهم وتبديل هذا الواقع ممكن جدا, وقد شهدنا مؤخرا بعض الحالات في تسمية بعض السفراء ذوي الكفاءات في بعض العواصم مثل سفارتنا في لندن وواشنطن ومدريد وربما غيرها فليس لدي اطلاع شامل وهي تجارب تستحق الاهتمام والتعميم. ونحن نشهد الآن مؤتمر المغتربين, نعتقد ان المسألة الأهم هي تحويل الاهتمام بالمغتربين من اهتمام يتخذ طابع التسخين والتبريد المتقطع بين السخونة التي تأتي مع التحضير لمؤتمر المغتربين وبين البرودة التي تتلو المؤتمر وتغيير هذا الوضع ليتحول الى نشاط حار دؤوب ومستمر ونأمل ان يشكل مؤتمر المغتربين الحالي نقلة نوعية في تعاطي الدولة السورية مع ملف المغتربين لتنمية دورهم ومساهماتهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لبلدهم: دعم وزارة المغتربين بالامكانات المادية والبشرية وما يتطلبه هذا من زيادة كبيرة في الاعتمادات باعتبارها الجهاز المكلف بهذا القطاع الواسع. تطوير برامج محددة في كل قطاع من القطاعات التي تنظم مساهمات المغتربين في تنمية بلدانهم, التعليم, الصحة, الاستثمار, الخدمات, المال, الادارة ...الخ, والبرنامج يعني صياغة وثيقة تؤطره, وتشكيل فريق عمل يديره وتخصيص اعتمادات مالية تغطي نشاطاته وآلية تقييم اداة البرنامج وكل ذلك ضمن مرونة تخلو من بيروقراطية الدوائر الرسمية التي ما زالت مرتفعة جدا رغم كل امنيات الاصلاح, والمغتربون مستعدون للمساهمة المالية عندما يرون جدية اكبر واهتماما اعلى. - تطوير جذري في عمل سفاراتنا في الخارج بحيث تجعل من المغتربين احد اهم اولوياتها فهم رأسمال متاح ينتظر من يوظفه بحيث يشعر المغترب السوري ان سفارته هي بيته ولدينا في تجارب بعض سفاراتنا في السنوات القليلة الماضية ما يشجع. - تطوير وتنشيط روابط السوريين في الخارج لتمتين أواصر العلاقة فيما بينهم وتنظيم جهودهم للتعريف بسورية من مختلف النواحي وزيادة تعريف أبناء تلك البلدان بسورية. - حل الإشكالات القانونية لأعداد كبيرة من المغتربين حلاً جذرياً ونهائياً يتيح لهؤلاء العودة لوطنهم او زيارته بعد قطيعة استمرت لاكثر من عقدين ونيف من الزمن ما ينعكس ايجابيا على الجاليات السورية جميعها. - كل هذا يجب ان يصاغ ضمن خطة برنامج شامل له اهدافه وادواته وموارده ضمن برنامج زمني مع آلية لقياس التقدم باتجاه تحقيقها وان يدمج في خطة وطنية لتفعيل دور المغتربين وتحول هذه الثروة الضائعة الى مساهمات فعلية. كل ما قلته ليس برنامجا وانما لأوضح فكرتي فوضع برنامج يتطلب جهدا آخر وبما أن المسألة تتطلب جهودا فإننا ننتظر ونأمل من مؤتمر المغتربين فعلاً كبيراً يحدث تغييرا ملموساً بحجم أهمية المغتربين. |
|
WEBMASTER : AA-ALSAAD
|
This Web Site Programmed and
Written By ABD ALMASSIH JAMIL ALSAAD
..... Copyright 2003 (C) SCOPNET All
Rights Reserved
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق