مجلة السنونو (
العدد السادس ) -
وجوه
|
أستاذي
الكبير عبد المعين الملوحي ( نهاد شبوع )
|
أستاذي الكبير عبد المعين الملوحي
بمناسبة صدور كتابه( في بلدي الحبيب والصغير "حمـص" )
نهاد شبوع
أكان لزاماً أن أطّلع على الكتاب الجديد لأستاذي عبد المعين الملوحي سطراً سطراً
قبل أن أقفَ معكم هذا الموقفَ الاحتفائيَّ المتواضعَ به؟ والكتابُ من عنوانه
يُعرف..!! وحمصُ العنوانُ و الكاتب صِنوان، جذور كل منهما منداحةٌ في الآخر..
والمدينة الحبيبة بكل أنباض قلبها وأقباس لبها .. تفاصيل طبيعتها وطبعها.. شؤونِ
مقيمِها ومغترِبِها هوسُه وهَمُه أبداً، لطالما عزف على كل وتر من أوتارها راضياً
أو غاضباً..
راغباً أو شاجباً.. منتهياً أولاً وأخيراً إلى اللجوء إلى صدرها أماً كبيرةً
جديرة..!؟
والتعلّقُ بالمدن ـ أيها الأخوة ـ له أسرارٌ لا يمكن كشفُها، ولكنّ فيه
ما يرفد سحرَها ومجدها: قصصاً محكيةً وكلماتٍ مدروزةً، و (نزارُ قبّاني) كان محقّاً
عندما قال : " لم أكن أتخيّل أن كلمةً تُكتب بالقلم الرصاص على ورقة منسيّة قادرةٌ
على تنوير مدينةٍ بأكملها.. وعلى تطريزها بالأخضر والأحمر وتغطية سمائها بالعصافير"
.!
وكم طرّز (عبد المعين الملوحي) مدينة حمص بالأحمر والأخضر.. ونفح فضاءها نجيع الشعر
ورذاذَ العنبر، واستدعى إلى سمائها عصافيرَ الجنة الخضراءَ والزرقاء .. وردّد في
هياكلها صلواتِ المحبة والرجاء، والصلاةُ ـ وحدها، أيها السـادةُ ـ لا يفسـدها
التكرار!!
عرضاً عرفّتُ ومتأخرةً صدورَ كتابه عن "حمص" أيضاً وأيضاً.. إثر هاتف
تفقّديّ.. إذ الحبلُ السُّريّ بين أًستاذيَّتِه وتلْمذتي على يديه لم تنقطع له
نياطٌ، يقيناً مني بأن التعاطيَ النقيَّ مع واحات عمرٍ لاتزال تشرعُ أبوابها لنا ـ
نحن عابريها المشوقين ـ تبقى مِنطقةَ الظلّ والأمان على خريطة عالمٍ يكاد يحترق ـ
اليوم ـ بأحقاده وحسده وخصوماته .. وتَلْمذتي على يد أستاذي عبد المعين الملوحي هي
مِنطقة الظل والأمان هذه.. ماضيَّ الذي أُشعله بنجوم ذكرياتي في محاولة ـ ولو واهمة
ـ لاستعادة أحلامٍ صغيرةٍ فاتَتْ.. ولسقايةِ بضعِ بنفسجاتٍ بقيت.. في غمرات
الخريف..! بل في محاولةٍ غير واهمةٍ لاستحضار كنوزِ حياةٍ.. والتقاطِ نجومِ معرفةٍ
وفتاتِ ثقافاتٍ ألملمها خبزاً جوهرياً وأغرفُها ماءً قدسياً..
أرجّح كل الترجيح بأنكم لغارفـوه ـ مثلي ـ بعد التسعة والثمانين مؤلفاً على قيد
الوجود.. والمئة والخمسين مخطوطة تنتظر الوجود.. تتوزّع مدارس سيّارةً على أمداء
الوطن العربي ـ وربما غير العربي ـ وتنداح دوائر ضياء في يوميات الأمة العربية،
تبلسم جروحاً، وترتق تمزّقاً، وتمسح عدواناً وتصحراً ..! بزرع الثقة والإيمان
والتذكير بالبطولات .. البحاثةِ المترجم الشاعر المشرعِ قلبَه للشرق والغرب ..
للجنوب والشمال كي يتقن جيداً انتسابه إلى الفضاء الإنساني صَقْراً لا يشيخ، وكي
يعلّمنا الطيرانَ في الفضاء الإنساني صقوراً لا تشيخ ..!!
وأزهو بالذهب العتيق الذي منه هذا الإشعاع: أستاذي الكبير (عبد المعين الملوحي)
أديبِ الوجدانيةِ المتمرّدةِ والقلمِ البركانِ .. البحاثةِ المترجم الشاعر المشرعِ
قلبَه للشرق والغرب .. للجنوب والشمال كي يتقن جيداً انتسابه إلى الفضاء الإنساني
صَقْراً لا يشيخ، وكي يعلّمنا الطيرانَ في الفضاء الإنساني صقوراً لا تشيخ ..!!
والملفتُ للنظر ـ حتى الإعجابِ ـ أن كتابَه المنبثقَ من بين الريشة والمداد ..
العرق ونور الباصرة، تتبنّاه اليوم مؤسسةُ تجارةٍ وصناعة لا مؤسسة شعرٍ وثقافةٍ،
وذلك ليس "برهاناً على اتساع أفق هذه المؤسسة وانفتاح أهدافها في رعاية كلِّ ما
يتعلّق بتنمية الثقافة والإبداع .." كما ورد على لسان مؤلف الكتاب، فحسب، بل هو
أيضاً دليل مصالحةٍ متوخاةٍ بين بضاعة الروح وآلية المادة، إيقاعات النفس الإنسانية
والأداة المجسِّدة أو ..
لنقل بين الأنسنة والعولمة.
تحية لغرفة التجارة والصناعة تجمعنا اليوم في نقاء هذه المصالحة.. وتحت رواق تعزيز
الكتاب المهدّد بأن يصير تحفة زائدة فوق رفِّ تاريخٍ ولا أبالية جيل!!.
وتحية لمعلم الأجيال والأمة الأستاذ (عبد المعين الملوحي) الذي حبذا لو
تسمح لي الغرفة الكريمة أن نعدَّ لقاءنا بـه ـ اليوم ـ تكريماً و توقيعاً، إذ
بصماتُه الخالدةُ على صفحات أرواحنا تكفينا حفراً وتوقيعاً..!
فيا معلم اقبله منا ـ أيضاً ـ تكريماً يجزي الفعلَ بطيب كلمة ساذجةٍ هي أقَلُّ
بكثير مما تستحق، اقبله منا عهداً بأن ندمن صوتك الأبويّ الهادرَ بضيائك وجمرك..
وأن نظلّ فروعاً طيبةً من جذعِ داليتك الطيبة، نؤمن بألق الماضي وأصالته، ونتفاعل
مع تطور الحاضر ونضارته مجتهدين ـ مثلكَ ـ ألاّ تنحنيَ منا قامةٌ، أو تنكسر لنا
إرادةٌ، أو تَنْشَلَّ على شفاهنا كلمةٌ ترسم لنا أبعاد وجودِنا الإنسانيِّ وقرارَنا
القوميّ، وتغسل عن أرواحنا الحسك والوجع.. علنا بذلك نصنعُ خروجَنا إلى الحضارةِ
والنور.. فإلى نصرِنا العربي المؤكّدِ بهما آمين ..
* * *
·
حمص 27/11/2002
بومة الكروم
قال الخلَ للنبيذ: أنا أصغر سناً منك
قال النبيذ: أجل، لكنك في الربيع القادم ستصير
خلاً عتيقاً وسأصير أنا نبيذاً معتقاً!
إننا مختلفان، فالزمن ضدك لكنه حليفي
من يحالف الزمن هو الرابح..
تلك حكمة البوم.
غادة السمان
|
WEBMASTER : AA-ALSAAD
|
This Web Site Programmed and
Written By ABD ALMASSIH JAMIL ALSAAD
..... Copyright 2003 (C) SCOPNET All
Rights Reserved
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق