مجلة السنونو (
العدد السادس ) -
أبحاث مهجرية
|
تجارب
ناجحة في التجمعات الاغترابية ( د . رفلة كردوس )
|
تجارب ناجحة في
التجمعات الاغترابية
د. رفلة كردوس*
يقول المغترب العربي السوري رزق الله توما من حمص في تقديمه لكتاب " الهجرة إلى
البرازيل " تأليف الدكتورة كلود حنا حجار ما يلي :
تظل
الهجرة عملية بحث عن حياة جديدة في أرض جديدة , ولا تخرج الهجرة العربية , خاصة
السورية واللبنانية عن هذه المقولة , لكنها تبقى حافلة بالحقائق والغرائب والحكايا
التي تصل إلى درجة الأسطورة في بعض الأحيان.
متى
وجد العرب البرازيل ؟
في
كتابه " الفينيقيون والبرازيل " يعتبر الباحث عبد الله الحلو أن الفينيقيين العرب
تمكنوا من الوصول إلى الشواطئ الغربية للأطلسي , وبشكل أدق إلى مقاطعة " باراييبا "
البرازيلية الحالية عام 533 قبل الميلاد , ومما يؤكد ذلك اكتشاف " منقوشة باراييبا
" في إحدى المزارع البرازيلية في تلك المقاطعة وإرسال صورة عنها إلى عالم الآثار"
نيتو" الذي ترجم الأسطر الثلاثة عشرة التي نقشت على الحجر المكتشف , مما يثبت أن
الفينيقيين وصلوا قبل كولومبوس بألفي عام تقريبا ً إلى قارة الذهب , وقد أكد ذلك
بعض العلماء الذين درسوا منقوشة باراييبا , خاصة الألماني " دلكات "
وفي
كتاب الدكتورة كلود حجار المنشور باللغة البرتغالية عام 1986 في سان باولو , نرى أن
الوجود العربي في البرازيل هو امتداد لوجود العرب في شبه جزيرة إيبيريا . وهناك
وثائق تاريخية تشير إلى أن بحارة القبطان البرتغالي الشهير بيدرو ألفارس كابرال
كانوا من العرب , كما أن المرافئ البحرية في ساجراس وبالومـس (المرفأ الذي انطلق
منه كولومبس ) كانت تستخدم الخرائط البحرية العربية , فقد عرف عن العرب خبرتهم
بعلم الملاحة ومعرفتهم العميقة بمواضيع النجوم , لذلك يقولون اليوم :
"
ولد العرب في البرازيل منذ اكتشافه "لأن الجند الأسبان والبرتغاليين الذين وصلوا
إلى قارة أميركا يجملون الدم العربي , فالوجود العربي في شبه جزيرة إيبيريا لمدة
تقارب ثمانية قرون ترك آثارا ً هامة في الحياة العلمية والفكرية بين السكان .
في
رسالة الامبراطور البرازيلي دون بيدرو والثاني الذي زار سورية عام 1877 , نجد وصفا
ً لدمشق كتبه الأمبراطور إلى صديقه بارون توناي على النحو التالي :
دمشق اسمر الدا الشرق , محاطة بغوطة ساحرة , يخترقها نهر بردى ويحولها إلى فردوس
حقيقي , فيها جامع كبير ممتلئ بالأعمدة , وقباب وسور أسطوريمن مأذنة العروس ,
يستمتع الزائر بمنظر بانورامي لتلك المدينو الرائعة . حررت الرسالة في /5/ كانون
الثاني عام 1877 .
يقول عالم الاجتماع سانتياغو بيرالتا حول التشابه بين الشرق العربي ةالجنوب
الأميركي :
حدثت ظاهرة من التكيف غريبة من نوعها , فالشعب في البرازيل يرجع إلى أصول شرقية
سامية , حيث يحمل الفرد السمات الشخصية العربية الأسبانية البرتغالية , سواء في
اللون وشكل الوجه أم في السجايا والصفات النفسية .
ويرى الباحث مانويليتو أرنيلاس 1903-1969 بأن " الفاووشو " الذي يسكن جنوب البرازيل
وشمال الأرجنتين ويهتم بالزراعة وتربية قطعان البقر , جاءت تسميته من كلمة عربية هي
" الشاويش " وبالاسبانية التي أخذتهاعن العربية " شاويشو "وقد نقلها الأسبان إلى
مقاطعة ريودابراتا في أميركا الجنوبية.
كما أكد من الباحثين : فرأي جوان دي سوزا في كتابه " وثائق عربية " , فالباحث
جيلبيرتو دي ميلو فريدي في كتابه " كيف نفسر نشوء البرازيل " والباحث رولف ريشارد
في كتابه " ثورة الماليز " أكدوا على أن العرب وجدوا في البرازيل منذ اليوم الأول
لاكتشافه . أما الباحث جوزيه ماريانو فيليو فقد أشار إلى أثر فن البناء العربي في
طريقة بناء البيوت البرازيلية , خاصة القمريات المصممة فوق الأبواب والنوافذ .
إن
التواجد العربي في البرازيل تجدد عن طريق الهجرة التيييي تدفقت من سورية ولبنان
باتجاه الأرض الجديدة في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين خاصة خلال
النصف الأول منه. وبدأ المغترب من نقطة الصفر , وفي غضون أعوام قليلة , ونتيجة
للإرادة والجهد , صار هذا التواجد قوة فاعلة في الحياة الاقتصادية ثم العلمية
والسياسية . فقد حمل العربي إلى البرازيل صفات الشهامة والنخوة وتفاعل مع المجتمع
الجديد وانفتح عليه وأبدع في عمله لتطوير وطنه الثاني ودفعه باتجاه التحديث ومواكبة
العصر . وعندما صارت الجالية السورية قوة اقتصادية وعلمية فاعلة , بدأ أفرادها
يفكرون بإيجادتجمعات وخلق مبادرات تسهم في حل المشاكل التي يعاني منها المجتمع الذي
استضافهم ومنحهم الفرصة لإعادة ازدهار الأندلس وبعث الحياة في الحلم القديم , ويرى
الزائر اليوم مؤسسات كبيرة عملاقة على جانب كبير من التنظيم والإدارة كالنادي
السوري ونادي حمص ونادي جبل لبنان والمشفى السوري اللبناني وبيت الأيتام ومأوى
العجزة ومشفى القلب، وكلها في مدينة سان باولو , هذا إلى جانب العشرات من المؤسسات
التي لا يتسع المجال لذكرها .
1-
جمعية المصح السوري :أنشئت عام 1981 تحت اسم بيت اليتيم , وهي مؤسسة خيرية , تهدف
مرحليا ً إلى مساعدة منكوبي الحرب العالمية الأولى في عام 1931 , قدمت هذه الجمعية
التي كان معظم أعضاؤها من حمص مساعدات مادية لمعالجة مشوهي الحرب في المشافي الصحية
في مدينة كامبوس دي جوردون في ضواحي سان باولو .وفي نفس العام بدأت بالتفكير بإنشاء
مشفى خاص لها حيث حصلت على قطعة أرض في مدينة سان باولو. وبعد إنجاز المشروع ,
دشنه حاكم الولاية بسعة 100 سرير وبدأ يستقبل المرضى حيث يعالج 30 % منهم مجانا ً,
وفي عام 1961 , اشترت الجمعية 2000 م2 وشيد قسم الجراحة بسعة 100 سرير , وفيه قسم
للعناية المشددة لمرضى القلب . ويعتبر اليوم من أحدث وأرقي مشافي القلب في العالم .
2-
المشفى السوري اللبناني : تأسيس عام 1921 من قبل جمعية السيدات السوريات
واللبنانيات، وفي 6 أيار عام 1923 تم شراء 17000 م 2 من أجل البناء . في عام1931 ,
بوشر بالبناء وبعد إنجازه تقريبا ً , إجرته الجمعية لإحدى المدارس وظل حتى عام 1959
حيث تمت عملية الإخلاء والترميم وبدأ العمل في عام 1965 . باسم المشفى السوري
اللبناني . حيث يتم إعفاء 30 % من المرضى من تحمل أية تكاليف والريع الناتج يخصص
لشراء المستلزمات الحديثة . في عام 1980 , بنيت أقسام جديدة وصار مثل فندق خمسة
نجوم بخدماته وأجوائه , وهو يضاهي أحدث المشافي في العالم .
3-
جمعية اليد البيضاء : أنشئت عام 1914 لمساعدة الذين بلغوا سن الشيخوخة . في عام
1915 , قدمت مساعدة إلى منكوبي الجفاف في مقاطعة سيارا شمال البرازيل و في عام 1918
, قدمت مساعدات منكوبي الحرب ومرضى الانفلونزا . في عام 1924 قدمت مساعدات لمنكوبي
الثورة .
في عام 1944 , أقامت مأوى للعجزة في سان باولو وبدأت تستقبل كل من يريـد دون أي
تمييز في العرق والجنس .
4-
البيت السوري لتأهيل الأيتام : تأسس عام 1918 تحت اسم جمعية مساعدة مغتربي حمص.
وبعد خمسة أعوام اشترت الجمعية قطعة أرض بمساحة 14500 م2 وتم بناء منشأة عملاقة
سميت البيت السوري لتأهيل الأيتام , في عام 1926 تم تحديث المنشأة لتضم المدارس
والمطاعم ومهاجع النوم والملاعب وكل ما يحتاجه اليتيم لينشأ ويتعلم حتى ينهي دراسته
الثانوية .
5-
جمعية الفتيات السوريات : أنشئت عام 1924, ولها نشاطات واسعة في مجال مساعدة
الفتيان والفتيات لاستكمال دراستهم الجامعية .
6-
نادي حمص : تأسس عام 1921 في مقر مستأجر . وفي عام 1943 اشترت الإدارة عقاراً في
شارع باوليستا وتم بناء نادي يعتبر من أضخم المؤسسات العربية في المهجر وهو معروف
بأنه : " بيت العروبة " وتقام فيه النشاطات العربية والبرازيلية دون أي مقابل . يضم
النادي مكتبة كبيرة باللغتين العربية والبرتغالية , وأقسام إدارة وخدمات ومسابح
وصالات واسعة ومسرح يتسع لأكثر من ألف شخص . ويقع في أفضل شارع في أميركا اللاتينية
. ومن الجدير بالذكر أن النادي استضاف المركز الثقافي السوري عام 1980 قبل أن ينتقل
هذا الأخير إلى مقره الرسمي في شارع أوغوستا .
7-
النادي الرياضي السوري : تأسس عام 1917 خلال الحرب العالمية الأولى , ويعتبر النادي
الرياضي الأول الذي أسسته الجالية العربية وقد لعب دورا ً كبيرا ً في تغذية منتخب
البرازيل لكرة السلة وحاز على بطولة محليية ودولية عديدة .
إن النادي السوري مدينة قائمة بذاتها في قلب سان باولو , وهو منشأة عملاقــة
بمقراتـه
ومسابحه الأولمبية وقاعاته وصالاته ومطاعمه ومقاهيه وملاعبه المعشبة لكافة
الألعاب .
ومن هذا النادي تفرع نادي جبل لبنان.
8-
المركز الثقافي السوري في البرازيل : أحدثته الحكومة السورية عام 1980 بناء على
طلب الجالية , ويقع مقره في شارع أوغوستا في قلب سان باولو , ويهدف إلى التعريف
بالحضارة العربية للملايين البرازيلية والمساهمة في خلق تفاعل ثقافي بين سورية
والبرازيل . وقد بدأ عمله في 26 أذار 1980 وهو اليوم يقدم خدماته للجالية والشعب
البرازيلي في مجالات متعددة مثل تعليم اللغة العربية لكافة المستويات وتأمين أجواء
المطالعة في مكتبته التي تضم أكثر من 15000 عنوان باللغات العربية والبرتغالية
والفرنسية والإنكليزية , عدا الدوريات السورية والعربية والبرازيلية . كما يعرض
الأفلام الوثائقية ويقيم المعارض الفنية . ويتبع له فرقة فلولكلورية من أبناء
وبنات الجالية تضم أكثر من 40 عنصرا ً , حازت عروضها على إعجاب البرازيليين من خلال
الراقصات الفولوكلورية التي تقدمها في المهرجانات والاحتفالات .
المقترحات
1-
تأسيس فروع للنوادي الموجودة في سان باولو داخل سورية وخاصة في المدن التي غدت
الهجرة إلى البرازيل .
2-
توأمة مدينة حلب أو حمص مع مدينة سان باولو , كون هناك توأمة بين دمشق وريودي
جانيرو .
3-
توأمة اللاذقية مع مدينة فلوريا نابوليس .
4-
إقامة توأمة المدن السورية مع بقية المدن البرازيلية .
5-
وضع خطة سنوية تتضمن برامج سياحية وثقافية متبادلة بين البلدين .
6-
افتتاح المزيد من المراكز الثقافية السورية في باقي بلدان الاغتراب في أميركا
الجنوبية , خاصة الارجنتين – فينيزويلا .
تم إعداد هذا البحث من
قبل:
1-
د. رفلة كردوس ـ القنصل الفخري لجمهورية البرازيل بالسويداء ـ درعا ـ القنيطرة.
2-
سلمان عزام ـ مدير المركز الثقافي السوري في سان باولو سابقاً ـ وكيل القنصلية
الفخرية البرازيلية بالسويداء حالياً.
* * *
*
القنصل الفخري للبرازيل في السويداء ودرعا والقنيطرة.
|
WEBMASTER : AA-ALSAAD
|
This Web Site Programmed and
Written By ABD ALMASSIH JAMIL ALSAAD
..... Copyright 2003 (C) SCOPNET All
Rights Reserved
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق