السبت، 7 نوفمبر 2015

مجلة السنونو ( العدد السادس ) - اوراق السنونو - عربي / انكليزي ARABIC / ENGLISH - فـي يـد جبــران

مجلة السنونو ( العدد السادس ) - اوراق السنونو
عربي / انكليزي ARABIC / ENGLISH
في يد جبران*
 رغيد النحّاس
 
أجمل التكريم يأتي من الأقران وزملاء المهنة فشكراً لهذه الالتفاتة التي أعتبرها تكريماً لكل من خط حرفاً في "كلمات" أو أسهم في ترويجها أو تمويلها. أما أنا فلم أكن سوى الوسيلة التي تشرفت بحمل هذه الكنوز النفيسة وعرضها على العالم، يدفعني إلى ذلك إيمان قوي بأن الكلمة باب الإرث الحضاري والكتابة مفتاح ديمومته.
أما هؤلاء الذين كانوا وراء هذا التكريم، فسبقونا إلى حمل تبعات العمل الصحفي في أيام أكثر صعوبة وبوسائل أقل استجابة، وعلى هذا فإن كان من يستحق أي تكريم فاسمحوا لي من ركني المتواضع أن أتوجه إلى الرعيل الأول الذي حطّت رحاله في أستراليا بخالص محبتي وتقديري.
عنوان كلمتي هذه "في يد جبران" عبارة مباشرة، ولم أتقصد التفكير بها لتلائم ما أنا بصدده هنا، بقدر ما أنها اعترتني لحظة شرعت في كتابتها. شعرت من ناحية أن يد جبران تمتد لتبارك يدي، ومن ناحية أخرى أن أموراً عديدة مما أقدمنا عليه في مشروع "كلمات" هي في يد جبران، لأن يده هي القالب الذي صُبّت فيه، ولعلنا ندور في كفه حتى يومنا سواء وعينا هذا أم لا. وأقر أنه لولا هذه المناسبة لما خطر ببالي هذا التشبيه. فما الذي نعنيه تماماً؟
حين انطلقت "كلمات" كان الهم الأكبر، بالإضافة إلى الاحتفاء بجمال الكلمة وروعة الإبداع الفكري، هو اختراق الثقافة الغربية في عقر دارها، بمعنى الولوج في موكبها والسير معها كرديف يحمل إرث حضارة خالدة يمكنها أن تسهم في إغناء فكر أستراليا، الوطن الجديد الذي اخترناه، والذي يتيح لنا في الوقت نفسه الاستفادة من الثقافات المتعددة المحيطة بنا، ما يزكي عملية التواصل بطريقة تُصان فيها كل ثقافة بحد ذاتها على الرغم من تمازجها بالثقافات الأخرى.
هذا التمازج ليس تمازجاً كيميائياً بالضرورة، بل هو أقرب إلى التمازج الفيزيائي الذي يخلط بين العناصر المختلفة في بوتقة واحدة من دون أن يفقد أحدها خواصّه المميزة.
ولعل في هذا النوع من الاتحاد فضائل تطغى على أية مزايا للوحدة الكاملة التي ستقضي حتماً على الخواص المميزة للأطراف المتواصلة، وفي أغلب الأحيان ربما تجعل خواص طرف معين هي الخواص الرابحة على حساب الآخرين.
من هنا كان حرصنا على الفصل بين إصداراتنا الإنكليزية والعربية، فعلى الرغم من إيماننا بأهمية التواصل، نحن حريصون على صيانة خصوصية كل لغة، وعلى أمانة الترجمة وعلى أن تنتقل إلى اللغة الأخرى كما قصدها كاتبها فكراً وتوجهاً ولكن بلبوس اللغة الجديدة.
ولعل طريقتنا هذه تتوافق مع منحى جبران في جمعه بين اللغتين، ومقدرته الفائقة على عدم المزج بينهما. جبران حين كتب بالعربية كانت لغته عربية أصيلة، وحين كتب بالإنكليزية كانت لغته إنكليزية أصيلة. والأهم من ذلك أصالة الفكر، وصيانة النوعية في كلا الحالين.
وفي رأينا هذا ما يميز جبران عن غيره ممن حاول الكتابة باللغتين. لكن الجميع يعلم أن أهم إنجاز لجبران كان "النبي" الذي أطلق جبران على المستوى العالمي. جبران وعى أهمية الكتابة بلغة البلد الذي اختاره موطناً آخر. وموضوع الكتاب فكرة على قدر كبير من العبقرية، ولست أدري إن كانت مقصودة (أي فكرة النبي) أم هذا ما شعر به جبران فكتب عنه. وسبب عبقرية الفكرة هو تزامنها مع حالة المجتمع الأميركي في ذلك الوقت. مجتمع لازال يتخبط بين مواريثه الدينية ومغريات الحياة الجديدة التي برزت فيها القيم المادية وبزّت غيرها من القيم. مجتمع متعطش إلى الهداية، لكنه كان بحاجة لحكمة جديدة بعد أن ملّ من تلك المواريث التي خيل له أنها تخطت تاريخ صلاحيتها.
وجاء النبي الجديد
 
سبق للمصطفى، الصفي المختار، أجمل فجر لأي نهار، أن مكث اثني عشر عاماً في مدينة أورفليس ينتظر عودة سفينته التي ستقله إلى جزيرة مولده.
وفي السنة الثانية عشرة، في اليوم السابع من أيلول، شهر الجني والحصاد، تسلق الهضبة خارج أسوار المدينة، ونظر باتجاه البحر؛ فأبصر سفينتة تأتي مع السديم...
ثم انفتح رتاج قلبه، وحلق حبوره مدى البحر. وأغمض عينيه وصلّى في كل ركن خفيّ من أركان روحه.
 
هذه ترجمتي لبداية ما جاء في المقدمة التي افتتح بها جبران نبيّه، وسأورد لاحقاً ترجمتي لمقتطفات أخرى. أتعجب لماذا اختار صديقي نويل عبد الأحد حذف المقدمة من ترجمته للنبي. واختار أيضاً حذف الخاتمة، ويقول في مقدمة ترجمته إنه تعمد الدخول في لب الموضوع من دون الزوائد والحواشي.
أشهد أن الحجج التي قدمها عبد الأحد مبرراً لقيامه بترجمته تلك، منطقية صائبة وتوضح قصور الترجمات السابقة في بعض الأمثلة التي أوردها. وأشهد أن ترجمته دقيقة، لكنني لم أشعر أنها حملتني إلى أجواء النص الأصلي، على الرغم من شهادة كثيرين أنها أفضل ترجمة لكتاب النبي.
أنا أعتبر الترجمة الأدبية عملية تشويه في أفضل حالاتها، وقد يتفاجأ البعض إن قلت إنني لا أتهافت عليها، بل أفضل صرف الوقت في الكتابة. لكنها لاشك ضرورية لنقل الأفكار والتواصل لأنها في بعض الحالات الوسيلة الوحيدة للقيام بذلك. ومن هنا كانت المسؤولية الواقعة على عاتق المترجم مسؤولية كبرى، وإن كان لا يعي تلك المسؤولية ما عليه سوى قراءة مقدمة نويل عبد الأحد ليجد أمثلة من المطبات التي وقع فيها ميخائيل نعيمة في ترجمته للنبي.
على الرغم مما نوهت به، وعلى كثرة الترجمات المختلفة للنبي أشعر أن النبي يدعوني لمواجهة هذا التحدي والقيام بترجمة جديدة. شعور ما كان ليعتريني لولا أن هذه الجائزة تحمل اسم جبران، وأريد أن أردّ له شيئاً بنقل رسالة نبيّه بالطريقة التي أتصور أنه أراد لها أن تنقل بالعربية. فالأفكار التي نقلت أكثر من مرّة، غدت معروفة، إلاّ أن الجانب الفني ظلّ مهملاً. وجبران فنان في صنعته. ولا بد من وجود ترجمة عربية تنقل لنا لوحة النبي بريشة أقرب ما تكون لما كان في يد جبران، والأهم من ذلك لغة النص الأصلي: لغة تجمع بين البلاغة والجمال. الأمانة تتطلب إنصاف جبران، حتى لو شعر البعض أنه أكبر من الإنصاف وأنه الجمال كله والبلاغة عينها.
جسّد جبران في ما أتى به على لسان نبيه ما كان يختلج في نفسه المبعثرة في أرجاء الكون فهو بذلك يروي قصة المنفيين الفكريين في كل زمان ومكان كونهم لا ينتمون إلى أي زمان ومكان. يحدّث النبي نفسه وهو ينزل الهضبة:
 
كيف لي أن أغادر بسلام، من دون أن تعتريني ذرة أسى؟ كلا، فثمة جرح سيقرح نفسي وأنا أترك هذه المدينة.
أمضيت بين أسوارها أيام عذاب طويلة، وطويلة كانت ليالي وحدتي؛ فمن يستطيع الانفلات من آلامه ووحدته من دون أسف؟
ما أكثر ما بعثرت في شوارعها من شظايا الروح، وما أكثر أبناء تَوْقي يمشون عراة بين هذه التلال، فكيف أتركهم من دون أن أكون مثقلاً بالألم؟
ليست هذه المدينة ثوباً أخلعه اليوم وأمضي، بل جلد أمزقه بذات يدي.
وهي ليست فكرة أخلعها ورائي، بل قلب حلاّهُ الجوع والعطش.
 
ليس حنين جبران إلى الوطن الأم حنيناً تقليدياً، وعلى الرغم من أنه كتب وهو بعيد عن موطن ولادته، في ما يُسمى "المهجر"، فأنا لا أعتبر أن جبران كاتب مهجري بالمعنى التقليدي. جبران كاتب عالمي. والحنين الذي نستشفه من عباراته السابقة هو حنين إلى مواقف إنسانية تتخطى الأوطان. وهو موقف إنساني يجعل من جبران مهاجراً سرمدياً نتيجة للسمو الفائق في درجة وعيه وشعوره. النبي لا يترك أورفليس لمجرد شوقه إلى الوطن الأم، بل الأسباب معقدة على درجة تعقيد ذهنية صاحبها:
 
البحر الذي يدعو إليه الأشياء كلّها يناديني، ولا بد لي من أن ألبّي.
فبقائي، على الرغم من تألق الليل بحريق ساعاته، يُجَمّدني، يُبلورني، يُقَوْلِبني...
وددت اصطحاب كل شيء هنا، ولكن كيف؟
لا يحمل الصوت لساناً أو شفتين، بل ما أكسبوه من جناحين. بهما وحده يقصد الأثير.
ووحده من دون عشّه يمخر النسر عباب الفضاء.
 
لمقدمة كتاب النبي أهمية خاصة لما فيها من دلالات حول إشكالات الهوية والانتماء، وإن كانت تلك المقدمة تنتمي بحد ذاتها إلى فكرة عالمية تتخطى حدود وطن واحد. واضح من حديث النبي استفادته من وطنه الجديد وإعجابه به لدرجة تمنيه لو استطاع أن يأخذ معه كل شيء في رحلة عودته.
ما أراد هذا المهاجر (أفضل أن أطلق عليه "الرحّالة") أصلاً أن يتقوقع في موطن ولادته، كما لم يرد التجمد في موطن هجرته. ولنلاحظ العبارات المستعملة لتوضيح الأفكار. اللسان والشفتان تخرج الصوت الذي ينطلق خافقاً عبر الأثير. الصوت نتيجةٌ، لكنه حر طليق له خواصه ومواصفاته وعوامل طيرانه بذاته. وكأن النبي يقول: تُخلق الأشياء لتصبح خلاّقة.
أعتقد أن جبران كان يحن إلى عملية تخليق دائمة. ولم يكن بالإمكان احتجازه ضمن وطن معين حتى لو كان ذلك الوطن أرض مولده. ولو عاد جبران ألف مرّة إلى حضن الأرز الشامخ لظلت روحه توّاقة للانطلاق من جديد والارتفاع نحو المقام الأعلى الذي يناسبها. ولعله كان في الظاهر رهين محبسين: لبنان وأميركا. يكر ويفر بينهما من دون قرار. ويمكن القول إنه كان أيضاً رهين تلك الصفة التي يحب العرب إطلاقها على كل من كتب في البلاد الأخرى: كاتب مهجري. أما الواقع، في رأيي، فهو أن جبران ليس بكاتب مهجري، بل هو كاتب ومفكر أينما حل وأينما ارتحل. روح جبران كانت كبيرة على الكون، تشعر بالضيق أينما حلّت، وتتوق للانعتاق حيثما ارتحلت. ولذلك جاء النبي...
 
وصرخت روحه فيهم، فقال:
يا أبناء أمي العريقة، يا من ركبتم الأمواج... لكم أبحرتم في أحلامي. والآن تُقبلون عليّ في يقظتي، وهي حلمي الأعمق.
 
لا أريد هنا أن أتعمق في فلسفة جبران التي تواكب عباراته، سوى التوقف لحظة عند عبارة ’أن يقظته هي حلمه الأعمق،‘ التي تتطابق مع ما أكدّته سابقاً من حيث كون جبران مهاجراً سرمدياً في حالته الذهنية وليس على الطريقة التقليدية. جبران لا يستطيع الاستقرار لا في الحلم ولا في اليقظة؛ حلمه بشير بيقظته، ويقظته نذير بأحلامه. وإن بدا هذا متناقضاً لأكثر الناس، فهو ليس كذلك لمن يعي أهمية إدراك شمولية الكون. وجدير بالذكر أن للأحلام أهمية خاصة في الميراث الثقافي للشعب الأبوريجني، تبدد الفروق بينها وبين الحقيقة.
بقدر ما نقرأ بين سطور جبران توقاً للانطلاق والانعتاق بقدر مانكتشف رغبتة في التعلم والتمسك والمشاركة.
 
أتأهب للرحيل، ولهفتي تنصب أشرعتها في انتظار الرياح...
 
وحين تطلب منه "ألميترا" أن يحدث أهل أورفليس قبل رحيله، نراه لا يبخل عليهم بشيء، وهذا ما يشكل فصول كتاب النبي الذي يحدثهم عن الحب والزواج والتعليم واللذة وغيرها من شؤون وشجون الحياة وصولاً إلى الموت.
 
لقد اكتشفت عظمة النبي، وجبران، متأخراً. لا تستغربوا! فليس من عادتي الانسياق مع الركب والإيمان بما يؤمن به الجميع. لكنني دفعت ثمن ذلك غالياً وهو تجاهلي لجبران مدّة أربعين سنة إلى أن حدث ما فتح عيني عليه من جديد.
منذ سنوات قليلة كنا في جلسة دورية مع بعض الأصدقاء المقربين، وكعادتنا في مثل هذه السهرات جمعنا بين العشاء والشراب والموسيقى والمزاح والنقاش في أوجه الفكر المختلفة من سياسة وأدب وفن. وجاء ذكر جبران حين طرحته السيدة روث البرازي (التي غيبها الموت منذ عامين)، وفي سياق الحديث ذكرتُ كيف أن معرفتي بكتاب النبي كانت حين قرأتُه بالعربية أوان كنت مراهقاً وأنني ما استسغت ما قرأت من الناحية الأدبية، واعترفت أن الظروف لم تسمح لي بقراءة النص الإنكليزي. وما أحببت عندها أن أقول إن الترجمة أبعدتني عن جبران لأنني لم أكن متأكداً من ذلك بعد.
كان أفضل رد يمكن أن تقوم به سيدة لبقة مفكرة هو ما قامت به روث. حين اجتمعنا في المرة التالية قدمت روث كتاب النبي (بالإنكليزية) هدية لزوجتي، وهي تعلم أنه لن يفلت من يدي شأن أي كتاب يصل منزلنا.
قرأت الكتاب كله ليلتها بنهم شديد... واكتشفت جبران بنفسي بعيداً عن مخزون شهرته الواسعة. أحببت ما قرأت وتأكدت عندها من التأثير السلبي لبعض الترجمات.
وهذا جبران يعود اليوم لينتشلني من متاهة هذا التخبط وليغفر لي عقوقي وتمردي ويبادلني نكرانه بتمييزي، وليس في الأمر أية غرابة—  تلك هي صفات الأنبياء.
 
 
*نص الكلمة التي ألقاها الدكتور رغيد النحاس، ناشر ورئيس تحرير مجلة "كلمات"، بمناسبة تسلمه جائزة جبران العالمية التي منحته إياها رابطة إحياء التراث العربي في أوستراليا، تقديراً ’لمساهماته في حقل الكلمة‘، في حفل أقيم في قاعة بلدية غرانفيل في سيدني، يوم الأحد 17/04/2005.
"إننا على يقين أن معدن البشرية واحد، وأن التشابه أكثر من التباين بين بني البشر، وأن ما تبدو البشرية عليه في تناقضها الحالي جاء نتيجة لتسخير الشعوب عبيداً من قبل الطغم الحاكمة أو الكتل المتجبرة التي لا تحيا إلا على التفرقة ولا تفهم إلا لغة القوة لتفرض ما ليس لها حق بفرضه، أو لتهيمن وما هي أهل للقيادة فإذا عزلـْنا تسييس الأمور، وجدنا أن الفروق الحضارية إنما هي ثروات إنسانية تعزز التلاقي بين البشر لا التنافر، لأن هذه الفروق هي البذور المتميزة التي إذا ما جمعت في تربة واحدة جاءت بهجين راق يحمل الصفات السامية لكل البشرية.
د. رغيد نحاس
 
 
In Gibran’s Hand*
 
Raghid Nahhas
 
The most rewarding recognition is peer recognition. I thank the Arabic Heritage League in Australia for awarding me Gibran’s International Prize for 2005. I consider this gesture a recognition of everyone who wrote a letter in Kalimat, or participated in its promotion or sponsorship. I have only been the instrument honoured by exposing these valuable treasures to the world, inspired by my strong belief that words are the gate to cultural heritage, and writing is the key to its permanence.
Those behind this award preceded us and carried the burden of journalism during more difficult times and less responsive means. If anyone deserves a prize, allow me from my humble corner to extend my warmest appreciation and love to the early Arab-Australian pioneers.
The title “In Gibran’s Hand”, is a direct expression of what I felt at the moment I started writing this speech. I did not intentionally think of it to suit what I was going to say, rather I felt that Gibran extended his hand to bless mine. I also feel that many aspects of Kalimat are moulded in Gibran’s hand, so to speak. Consciously or sub-consciously, we are still in the palm of his hand. I admit that were it not for this occasion, I might never have thought of this comparison. What do we really mean?
When Kalimat started, my major concern, in addition to celebrating the beauty of the word and the charm of intellectual creativity, was to facilitate cultural access particularly to allow Arab-Australians to work in parallel with mainstream Australia, contributing their heritage to enrich their new country, while at the same time they benefit from the diverse cultures surrounding them.
The type of access we advocate is one where each culture preserves its own values despite living in harmony with other cultures.
To borrow from the scientific field, this mix is physical rather than chemical. Several elements co-exist in the same vessel, each maintaining its primary characteristics. There are virtues in this union that overshadow any benefit from a complete unity which might lead to the supremacy of one element over the other or the production of a totally new compound that obliterates the original components.
Adhering to these principles, we have been keen on keeping the English and the Arabic issues of Kalimat separate. Despite our strong belief in access, we are keen on respecting the particularity of each language. We strive to keep our translations faithful to the original text, but make sure that they are clad with the appropriate expressions of the target language.
When Gibran wrote in English, his language was of the quality of someone born to that language. The same thing applies to his Arabic writings. In each case, what he produced was original and unique to the extent that you could be reading two different people. Perhaps this is what distinguishes Gibran from most who wrote in more than one language. Often they only succeeded in one, because when they wrote in the other they were actually thinking with the first.
“The Prophet” is Gibran’s masterpiece, and the work that made him an international writer. Gibran recognised the importance of writing in the language of his adopted country, particularly when this language was the one that reigned supreme. The idea of the book was brilliant. I am not sure whether Gibran was conscious of that or he simply wrote what he felt. The importance of “The Prophet” was that it came at a time when American society was facing major challenges related to the conflict between inherited religious values and industrial development associated with increasingly persistent materialistic values. This was a society thirsty for a new guidance, but in need of a new wisdom after believing that some of the inherited values had passed their user-by date.
And so came the new prophet:
 
Almustafa, the chosen and the beloved, who was a dawn unto his own day, had waited twelve years in the city of Orphalese for his ship that was to return to bear him back to the isle of his birth.
And on the twelfth year, on the seventh day of the month of Ielool, the month of reaping, he climbed the hill without the city walls, and looked seawards; and he beheld his ship coming with the mist.
Then the gates of his heart were flung open, and his joy flew far over the sea. And he closed his eyes and prayed in the silences of his soul.
 
This was the beginning of the Introduction to “The Prophet”. I find it strange that in his Arabic translation of The Prophet, my friend Noel Abdulahad chose to omit the introduction and the end, stating that he intentionally wanted to deal with ‘the heart of the matter ignoring the extras’.
Abdulahad showed in his introduction to his translation the flaws of some of the previous translations, including that of the great Mikhael Naimeh. I testify to the correctness and logic behind his arguments and his justification for undertaking another translation of “The Prophet”. I also testify to the accuracy of his translation, but I don’t feel that it puts me in the atmosphere of the original text, despite that many argued that his translation was the best.
I consider literary translation an act of mutilation at its best. Some might be surprised if I say that I don’t like to rush into it. I’d rather spend time writing. It is, however, necessary for conveying ideas and for access, making the responsibility of the translator a huge one.
Despite what I just mentioned, and despite the several previous translations of “The Prophet”, I feel that The Prophet is beckoning me to rise up to the challenge of a new translation. I would not have felt the same were it not that this prize is granted under Gibran’s name. I would like to return something to Gibran, by conveying the message of his prophet in what I believe would be the way he wanted it delivered. Gibran’s ideas are well known. Their artistic side, however, might have been ignored. Gibran was an artist, and it is only fair to strife for a translation that mimics as much as possible the effects of the brush that was in Gibran’s hand.
Gibran revealed through his prophet what he felt deep inside his own self; a self scattered all around the universe. He is telling us the story of the perpetual intellectual migrants in all space and time particularly that they don’t belong to any space or time. The Prophet tells himself as he descends the hill with sadness:
 
How shall I go in peace and without sorrow? Nay, not without a wound in the spirit shall I leave this city.
Long were the days of pain I have spent within its walls, and long were the nights of aloneness; and who can depart from his pain and his aloneness without regret?
Too many fragments of the spirit have I scattered in these streets, and too many are the children of my longing that walk naked among these hills, and I cannot withdraw from them without a burden and an ache.
It is not a garment I cast off this day, but a heart made sweet with hunger and with thirst.
 
Gibran’s longing for the land of his birth is not a traditional nostalgia for a homeland. Despite that he wrote in a place categorically referred to by the Arabs as al-Mahjar (The Land of Migration), I do not consider Gibran a traditional migrant simply because he chose to live in USA. His longing, as we can extract from the above phrases, is a longing for human conditions that extend beyond nations. It is an attitude that makes Gibran a perpetual migrant par excellence, due to his highly elevated level of intellect and awareness. The Prophet does not leave Orphalese simply because of his nostalgia for his original birthplace. The reasons are as complex as Gibran’s intellect:
 
The sea that calls all things unto her calls me, and I must embark.
For to stay, though the hours burn in the night, is to freeze and crystallize and be bound in a mould.
Fain would I take with me all that is here. But how shall I?
A voice cannot carry the tongue and the lips that gave it wings. Alone must it seek the ether.
And alone and without his nest shall the eagle fly across the sun.

The introduction of “The Prophet” has a special importance related to its implications about identity and belonging, even though its main theme is beyond the boundaries of one nation. It is clear from the sayings of The Prophet that he benefited from his new nation and that he admired it to the extent of wanting to take everything back with him on his return journey to his birthplace.
This “expatriate” had not originally wanted to be frozen in the country of his birthplace, and now he did not want to be frozen in his land of migration. Note the expressions used to explain his ideas. Tongue and lips produce the sound that roams the air. The sound is an outcome, but flying free, carrying its own characteristics and means of flight. It is as if The Prophet is telling us: things are created to become creators.
I personally believe that Gibran was longing for continuous creativity. It wouldn’t have been possible to restrict him within a particular nation even his birthplace. Even if Gibran returned to the lofty cedars of Lebanon one thousand times, his spirit would remain eager to fly again and reach the highest peaks. Gibran was seemingly bound by Lebanon and America, restlessly changing places between one and the other. It is possible to say that he was also bound by what the Arabs like to brand everyone who writes whilst away from the original homeland: a mahjari writer (expatriate writer). In reality, I believe, Gibran was simply a writer. His spirit was too large for this universe, feeling tightness wherever it resided, eager to fly wherever it travelled. This is why The Prophet came…
 
And his soul cried out to them, and he said:
Sons of my ancient mother, you riders of the tides,
How often have you sailed in my dreams. And now you come in my awakening, which is my deeper dream.
 
I don’t want here to go deep into Gibran’s philosophy associated with his expressions, but only to stop at the phrase ‘…my awakening, which is my deeper dream.’ which emphasises what I mentioned earlier about the perpetual nature of Gibran’s intellectual migration which makes him different from the traditional expatriate. Gibran cannot stand still, neither in dreaming nor in wakefulness. His dream is an omen of his awakening, and his awakening is an alert to his dream. This may sound contradictory to most people, but it is not to those who are aware of the integrative nature of the universe.
As much as we read in Gibran’s lines an eagerness for flight and freedom, we see a desire to learn, hold and participate.
 
Ready am I to go, and my eagerness with sails full set awaits the wind.
 
And when Almitra requests that he talk to her people before his departure, he does, and this is what constitutes the different chapters of “The Prophet” who speaks to them of love, marriage, learning, desire and many other life affairs and of death.
 
I discovered the greatness of “The Prophet”, and Gibran, rather late. Don’t be surprised! It is not my habit to go with the tide and believe what everyone else believes. This made me pay a high price, ignoring Gibran for forty years until someone opened my eyes to him.
A few years ago we were with some of our close friends one evening in one of our gatherings combining food, drinks, music, fun and various discussions of politics, science, literature and the arts. Ruth Barazi (who died two years ago) brought the subject of Gibran. I mentioned my opinion of “The Prophet” dating from when I was a teenager and that the translation I had read did not impress me. I admitted that since then I had not had a chance to read the English original.
Ruth responded in her usual polite and thoughtful manner when we met again, by presenting an English copy of “The Prophet” to my wife, knowing that it would not escape me.
I read the whole book that night and discovered Gibran. I became certain of the destructive effects of some translations.
Gibran returns today to hold my hand and pull me away from my confusion, and to forgive my ingratitude and recalcitrance. This is not surprising— this is a quality of the prophets.
 
 
 
*The speech by Dr. Raghid Nahhas on the occasion of receiving the “Gibran International Prize” for 2005, awarded to him by The Arabic Heritage League in Australia, in a celebration held at Granville Town Hall, Sydney, on 17/04/2005.
       
 
WEBMASTER : AA-ALSAAD
This Web Site Programmed and Written By ABD ALMASSIH JAMIL ALSAAD ..... Copyright 2003 (C) SCOPNET  All Rights Reserved 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق