مجلة السنونو (
العدد السادس ) -
ضيوف السنونو
|
الشاعر
الفلسطيني أحمد دحبور ( خالد عواد الأحمد )
|
الشاعر الفلسطيني أحمد دحبور :
على
الشعر أن يتخفف من شروط الذوق السائد !
* ظهور المقاومة
الفلسطينية المتواقت مع انتشار الوعي الاشتراكي ترك أثراً مباشراً قوياً في لغتي
الشعرية .
* ليست هناك لغة
شعرية ولغة غير شعرية ، بل نص يتقدم محفوفاً بالسرد ، محمولاً على الصورة والفكرة.
* لست يائساً إلى
حد أن أعتبر نفسي شيئاً لا لزوم له ، حتى لو كان القهر يجعلني قريباً مــن
ذلك .
خالد عواد الأحمد
الشاعر الفلسطيني أحمد
دحبور الذي يُعد واحداً من أهم ممثلي جيل الستينات في الشعر العربي، هو شاعر مجدد
ومنفتح على لغة الحداثة والتجريب ، ملتزم ولكن التزامه من النوع الذي أملته ظروف
وطنية وعربية وإنسانية ، حيث يبدو التنصل مما يجري – كما يفعل الكثير من الشعراء
خيانة للدور والنفس.
ولكن دحبور لم ينجرف
وراء التصفيق والعواطف اليومية لخلق جماهيرية مؤقتة تزول بزوال هياجها ، بل عمل على
أن تكون لقصيدته إنبعاثيتها( الفينيقية) المتجددة من تحت الرماد الذي بات يغطي
أجزاء كثيرة من ساحة الشعر العربي اليوم .
أوجعته الغربة، وأتعبه
الرحيل، قبل أن يحط الرحال في حضن أمه فلسطين ،ولكنه ظل يجسَّد (حكاية الولد
الفلسطيني )(1) الذي عايش (جيل الذبيحة))وكتب (شهادة بالأصابع الخمس ) علـــى زمـن
( اختلاط الليل والنهار)و(موت العسل) بين( الضواري وعيون الأطفال) – لكنه لم يستسلم
لموت العالم ولا ليباس روح الأمة، ولم يعتبر ذاته الملتاثة ( هنا .. هناك ) (كشيء
لا لزوم له) فقط اعترف : ( بغير هذا جئت) .
هنا حوار معه :
* هل يمكن أن نترَّسم
بعضَ ملامح من طفولتك الأولى، ومدى انعكاسها على التجربة الشعرية على صعيد الواقع
والحلم والذاكرة ؟
أن أقول الطفولة يعني أن أنادي حمص ، أو أذهب إليها حافياً مشَّعثاً مذهولاً
بالاكتشافات الصغيرة ، فقد كان لي من العمر عامان عندما استقر الأمرُ بأهلي
المهاجرين من حيفا في مخيم اللاجئين الفلسطينيين في حمص ،
وكان لهذا المخيم اسم
شعبي طريف : السكنة. ولم تكن سنواتي الغضة الأولى لتدرك أن الكلمة أساسها( الثكنة
) بالمعنى العسكري للكلمة، فقد أخُتير لنا بعضٌ من الأرض التي كانت ثكنة عسكرية
أمام الاحتلال الفرنسي ، وبعد الجلاء سيَّج الجيش الوطني الجديد تلك المساحة
مُخلياً جزءاً منها ليصبح مخيماً يأوي إليه الفلسطينيون عام 1948 .
في هذا المخيم
اكتشفتُ صداقاتي الأولى ، وعايشتُ فقرنا الاستثنائي ، وتهجَّيت دروس الابتدائية على
مقاعد مدرسة الشجرة التي أطلق مديرُها عليها اسم قريته ( الجليلية ) المحتلة ،
وبين اسم المدرسة واسم المدينة التي يتردد ذكرها دائما في البيت وهو حيفا- طبعاً- ،
بدأت أعرف أننا فلسطينيون ، وأن هذه التسمية تعني جنسية خاصة ، مرتبطة بالنكبة
واللجوء والتشرد . لم يكن لدى تلك الأسرة الفقيرة من وسائل دفاعية أمام هجمة حاجات
الحياة إلا الحنين والذكريات والخيال المتفَّجر، من أمٍ ظلت روحها حبيسة حيفا ، فقد
كانت حكايات المدينة تلازم يومي الطويل، مضافاً إليها ( قصة الزير سالم) التي كنت
أقرأ منها يومياً لأبي وجدتي وكأنني تلفزيون مبكر، يعرض وقائع المسلسل اليومي ، ثم
ولا أدري كيف بدأ الأمر وجدتني أقلد أشعار تلك القصة، مستلهماً حكايات أمي عن حيفا
بأسلوب بدائي يحكمه عمر الطفولة ، وكانت النقلة النوعية في حياتي عندما انتقلت منذ
الصف السادس الابتدائي إلى الدراسة في المدينة خارج المخيم لأرى أطفالاً آخرين،
بلهجة مختلفة نسبياً ، ودهشة إضافية تقول إنني مختلف. تلك خطوتي الأولى في اتجاه
قراءة الهوية ، فأنا عربي فلسطيني من حيفا ، ولكنني أيضاً حمصي صميم .
الضواري وعيون الأطفال
* وماذا عن قراءات
الاكتشاف الأولى التي شكلت روافد لتجربتك الإبداعية فيما بعد ؟
كانت محفوظات المدرسة و( قصة الزير سالم) و( تغريبة بني هلال ) هي مفتاحي الأول
لولوج باب المعرفة ، وكان إيليا أبو ماضي هو فرحي الشعري المبكر، لقد دخلت المكتبة
العامة في حمص قبل أن يكون هناك
مركز ثقافي لأختار
عشوائياً ديوان( الخمائل ) لأبي ماضي، ووقعت في هوى هذا الشاعر الذي سلمَّني
تلقائياً إلى طه حسين ، لأن عميد الأدب العربي كان قد وجَّه إليه نقداً ظالماً في
كتابه ( حديث الأربعاء ) ومن طه حسين بدأت أتلمس طريقي إلى الثقافة، وفي تلك
الفترة – وكنت في بدايات المرحلة الإعدادية – رُزقت بمعرفة
( موريس قبق ) الذي
أستطيع القول بلا مبالغة أنه قلبَ حياتي رأساً على عقب ، هذا المبدع الشاعر النبيل
المطلع، كان يبشر في المدينة بشيء اسمه الشعر الحديث ، ولم يكن وعيي البسيط ليحتمل
مجرد قبول فكرة أن الشعر يمكن أن يكون خارج نظام البيت الشعري ، ولكن المسألة لم
تكن شكلية فقط، بل إن للشعر كما علمني الراحل ( موريس ) متطلبات مرهِقة، ولم يكن
يعجبه العجب ، بل كان يطالبني بمزيد من القراءة وتشطيب الكثير مما أكتب ، ووضع
أمامي شعر سعيد عقل ثم خليل حاوي ولأمر لا أعرفه لم يكن متحمساً للسياب ، الذي
اكتشفته وحدي من خلال مجلة( الآداب ) ، التي بدأتُ أغامر بمراسلتها، فنشرت لي قصيدة
بعنوان
( صليب الآب ) في
العدد الخامس من عام 1962 م- أي عندما كان لي من العمر ستة عشرعاماً ، ثم اكتشفت
مجلة منافسة اسمها (المعارف) وأدمنت النشر فيها حتى أن بعض قصائدي كانت تُنشر في
صفحاتها الأولى، وهي القصائد التي ستتحول عام 1964 م إلى مجموعتي الأولى ( الضواري
وعيون الاطفال ) وغنٌّي عن القول أنني في تلك الفترة قد بدأت ـ أتهجَّى الكتب
الوجودية ، بموازاة كتب التراث التي يحتل ديوان المتنبي موقع الصدارة منها ، تلك هي
البدايات، ثم بدأت الرحلة الشاقة مع الأسئلة الكبرى.
* تكتب الشعر منذ أكثر من أربعين عاماً ومن يتابع تجربتك يلاحظ تطوراً تدريجياً ،
من المباشرة في البدايات، ثم الرمز و التنويع في الموسيقى والشعرية والإيقاع،
وصولاً إلى عوالم سوريالية ، كما في قصيدتك الأخيرة المنشورة في مجلة
(الكرمل) بعنوان (
المزيد من موت العسل ) كيف يمكن قراءة الخط البياني لهذا التطور ؟
لا شك أن للمرحوم (
موريس قبق) دوراً هاماً في تجربتي المتواضعة ، من حيث اختصار مرحلتي الكلاسيكية
المباشرة، ومجموعتي الأولى كانت مليئة بأوهام رمزية وحضارية أكبر من وعي الطفل أو
الفتى الذي كان يتنطع لها ، إضافة إلى التأثر الفاضح آنذاك بشعر خليل حاوي ، ولكنني
منذ عام 1965 بدأت أصفو إلى نوعٍ من الغنائية الحديثة ، وقد أكون تأثرت بأدونيس بعض
الشيء ، إلا أن ظهور المقاومة الفلسطينية المتواقت مع انتشار الوعي الاشتراكي ترك
أثراً مباشراً قوياً في لغتي الشعرية ، كما ظهر في مجموعتي الثانية ( حكاية الولد
الفلسطيني ) التي صدرت عام 1971 وكان على هذه التجربة أن تتطور وتنمو، فتوظف
الفلكلور والتراث وعنصر الحوار في القصيدة وتعدد الأصوات الشعرية فضلاً عن اكتشاف
القصيدة المدورة ، حيث تتلاحم التفعيلات الشعرية بعدد كبير في السطر الشعري الواحد
، وهذا ما ظهر في مجموعتي الثالثة ( طائر الوحدات ) عام 1973 وهي المجموعة التي
تشكَّلت في مناخ من المعاناة والتجربة الحسية المباشرة ، فقد أُضيفت إلى الإحساس
بالمخيم مأساة الفلسطينيين غربة وقهراً ومعايشة للخطر ، وأوجد هذا لدَّي نزعة نقدية
وإحساساً عالياً بالتمرد ظهر في مجموعتي( بغير هذا جئت ) عام 1977 أما مجموعتي
التاليــة (اختلاط الليل والنهار ) عام 1979 فقد ظهرت فيها أول قصيدة نثر لي على
أنني لم أكن يوماً شاعر قصيدة نثر ، بل كانت لدي رغبة تجريدية محمومة في استيعاب كل
الأوزان الشعرية العربية داخل القصيدة الحديثة ، ولا أعرف أحداً سبقني إلى المغامرة
الإيقاعية التي أسفرت عنها مجموعتي ( واحد وعشرون بحرا ) عام 1980 فقد ضمت هذه
المجموعة كما يدل عنوانها إحدى وعشرين قصيدة ، وكل قصيدة من وزن مختلف .
بعد ذلك وبعد صدور مجموعتي ( شهادة بالأصابع الخمس ) عشت منعطفاً ثانياً في حياتي،
لا يقل عن خروجي من المخيم
ودراستي في المدينة
أيام الصبا ، فقد غادرت بلاد الشام – -وكنت أتنقل بين سورية والأردن ولبنان، إلى
تونس، حيث عشت عشرة سنوات، وهناك أُتيح لي أن أطَّور أدواتي الشعرية، وأن أُصاب
بإدمان التأمل، وأتعرف على الفلسفة أعمق من قراءات الاكتشاف الأولى ، إضافة إلى
الأسئلة المؤرقة حول الهوية الوطنية داخل الهوية القومية، فمازلتُ عربياً، ورأيتُني
في بلد عربي مغربي من طراز يختلف كثيراً أو قليلا منبتي الشامي، في هذه التجربة
أخذني الحنين إلى لحظة الطفولة البكر، فكتبت مجموعتي
( كسور عشرية ) التي
يمكن أن أحصي فيها ثلاث ظواهر : الأولى استخدام القصة الشعرية، فكل قصيدة هي لحظة
منتقاة أو قادمة من أدغال الطفولة تسجل حدثاً نوعياً ذا دلالة في حياتي ، الظاهرة
الثانية : هي مواصلة مغامرتي الإيقاعية ، حيث كل قصيدة من وزن مختلف ، الظاهرة
الثالثة هي الحرية في التعامل مع اللغة ، فليست هناك لغة شعرية ولغة غير شعرية ، بل
نص يتقدم محفوفاً بالسرد ، محمولاً على الصورة والفكرة ، مستخدماً كلمات يومية
أحيانا ،ً ولكنه مشدود بطبيعة الحال إلى ما سمَّــاه (جان كوهين ) " التخفف من
شروط الذوق السائد على الشعر" .
أنا أمعن في التأمل
والمغامرة واستبطان ما أرى حسب إمكاناتي طبعاً ، ومنذ تجربة تونس أصبح شعري أكثر
التصاقاً بي ، من حيث هو شهادة على تجربتي، وعلى ما فهمته من معنى انتمائي إلى جيل
عربي عاش محكوماً بالتمرد ، مصدوماً بالخيبة، محمولاً على أمل غامض لا يوجد الكثير
مما يعززه ، وإذا كنت قد رأيت عام 1994 أول ملمح من الجزء المتاح لي من وطني، فإن
من شان هذه النقلة الاستثنائية في حياتي أن تظهر في مجموعاتي التالية :
( هنا .. هناك ) ( جيل
الذبيحة ) ( كشيء لا لزوم له ) إضافة إلى مجموعتي التي تحت الطبع وهي بعنوان ( أي
بيت ) كما لدي مخطوطة جاهزة بعنوان ( موت العسل ) .
الشعر والتجريب
* يُلاحظ أنك تختار
عناوين غريبة نوعاً ما لمجموعاتك الشعرية ما السبب في ذلك، وهل عنوان القصيدة أو
الديوان هو جزء من اللعبة الشعرية لديك ؟
كنت أظن أنني متهم
بالبساطة المفرطة من حيث العناوين منذ ( حكاية الولد الفلسطيني ) ولكن إذا بدا لك
بعض الغرابة في بعض العناوين فليس ذلك إلا من وحي التجربة التي تعبر عنها كل مجموعة
.. على سبيل المثال عندما اخترت ( هنا .. هناك ) عنواناً كانت قصائد تلك المجموعة
موزعة جغرافياً بين تونس والجزء المتاح لنا في فلسطين ، فعندما كنت في تونس كنت من
وجهــة نظر الجغرافيا ( هنا) وكانت فلسطين البعيـــدة ( هناك ) ولكنني عندما وصلت
إلى غزة أصبح الجزء المتاح لي من فلسطين ( هنا ) والبلاد العربية ( التي عشت فيها
أصبحــت ( هناك ) وهذا ما يصدُق على الزمن أيضا فأنا هنا من حيث اللحظة ولكنني
أتذكر ما كان هناك في الماضي . أما عنوان ( كشيء لا لزوم له ) فهو محاولة في
التعبير عن الهامش والنفي والاغتراب فالشيء الموصوف به الإنسان يوحي بسلب لإنسانيتي
، فما بالك بهذا الشيء إذا كان لا لزوم له، ولكن مع ذلك جعلت الصفة تشبيهية فلست
يائساً إلى حد أن أعتبر نفسي شيئاً لا لزوم له ، حتى لو كان القهر يجعلني قريباً من
ذلك .
* إلى أي حد أنت مولع
بالمغامرة والتجريب داخل نصك الشعري ؟
لنقل أني مصاب بداء
عدم الاكتفاء ، فقديماً قالت العرب : ( الشعر صعب وطويل سُلّمَه ) وقد اكتشفت يا
للهول أن درجات السلم لا تؤدي إلى طابق جاهز محدد المعالم ، فأنت محكوم بالتجربة
والسؤال ، وعندما أدركتنا الحداثة أو أدركناها وجدت نفسي شأن معظم جيلي في صلب
استراتيجية السؤال ، وهكذا فإن التجريب أصبح من أسماء الشعر الحديث ، وليس من
صفاته فحسب .على أن التجريب حتى يكون جديراً باسمه يجب أن يكون متعدداً و إلا
لوقعنا في تقليدية جديدة ، شبيهة من حيث القيود بالتقليدية التي نتمرد عليها .
لكل شيخ طريقته !
* كيف تقيَّم تجربة
جيل الستينات الذي تنتمي إليه شعرياً ، وهل استطاعت أصوات هذا الجيل أن تخلق تياراً
مختلفاً في خارطة الشعر العربي المعاصر برأيك ؟
إذا أخذنا السؤال من
مستواه الفلسطيني فطبيعي أن يتبادر إلى الذهن أن هذا الجيل هو جيل اكتشاف المقاومة
، وقد شكلت هذه التجربة التاريخية النوعية صدمة للوعي الشعري الفلسطيني، وخلقت
مغريات وتحديات لا يخلو بعضها من الضرر، فقد نشأت نزعة نقدية إلى تعليب شاعر
الستينات الفلسطيني في المناسبة، و في الحدث السياسي، وفي الإنزلاق على السطح، في
حين أن الشعر يتطلب الاستبطان والنفاذ عميقاً إلى الأسرار ، ولكن مع ذلك يمكن القول
أن عدداً لا يُستهان به من شعراء جيل الفلسطينيين قد صمد فوق ( المنخل ) ولم يقع ،
أذكر مثلا أسماء عز الدين المناصرة – المرحوم محمد القيسي – خالد أبو خالد – مريد
البرغوثي ، من غير أن تغيب عنا تلك الكوكبة المباركة من شعراء العمق الفلسطيني ،
أمثال سميح القاسم ، أما محمود درويش فقد حقق النقلة النوعية التي وضعته فوق
التصنيف والتحقيب .
هذا الجيل عانى وغامر
وجرَّب وتحدى نفسه، وقد صمد فيه فريق من الشعراء ، فالحياة عبارة عن ( مِخْرَطة )
لا ترحم، ولكن من صمد فوق المنخل كالأسماء المشار إليها حقق أشياء أظنها ملموسة في
خريطة الشعر العربي المعاصر .
* إلى أي حد تعتقد أن
تجارب هذا الجيل قد تخلَّصت من إسار الخطابية ومن الوقوع في فخ المباشرة ؟
أنت لتوك طرحت سؤالاً هاماً يتعلق بالتجريب، وقد مررنا ضمن التجريب بمرحلة الخطابة
والمباشرة ، لاسيما مع بداية انطلاق المقاومة وخضوع بعضنا لإغراء المنبر ورغبة
الجمهور في إبراز الخطاب السياسي ، ولكن الإنصاف يتطلب الانتباه إلى محاولات
(المناصرة) الدائبة في تغيير أشكال التعبير، وإلى شفافية (القيسي ) وتعالي أغنيته
الشعرية على المباشر والمتاح وإلى النزعة التراجيدية الملحمية لدى ( خالد أبو خالد)
وإلى عدم
اكتفاء ( سميح القاسم)
بأي شكل نهائي من أشكال التعبير حتى أنه وصل إلى ما أسماه بـ ( السٍرْبِّية ) وهو
اصطلاح خاص به يبحث عن شكل مغاير للقصيدة العربية ، ولعل إجابتي السابقة تشير إلى
هاجسي الإيقاعي المتنوع، فقد حاولت مع جيلي أن ننتصر على إغراء الإعجاب السطحي
بالموضوع على حساب الجوهر ، أما إلى أي حد نجحنا في ذلك فتلك هي مهمة النقاد ،
إضافة إلى أن لكل شيخ طريقته كما يقولون .
فخ الجمهور!
ماذا عن حركة النقد
في فلسطين ، والى أي حد أسهمت هذه الحركة في الإضافات والتحولات الني شهدها الأدب
الفلسطيني والعربي عموماً بمختلف أسئلته ومظاهره ؟
أستطيع أن أذكر اسمين
لناقدين من فلسطين يحتلان موقعاً متقدماً في المشهد الثقافي العربي ، هما الدكتور(
فيصل دراج) و(يوسف اليوسف ) أما إذا كان السؤال أكثر طموحاً وشمولاً، فهو يرسلنا
إلى الاعتراف بمشكلة في النقد العربي المعاصر ، فقد أتيح لشعراء القصيدة الرواد
غطاء النقد حمله نقاد كبار مشوا مع الشعراء كتفاً إلى كتف في مسيرة الحداثة ، ولكن
الفريق النقدي يكاد يكون غائباً في اللحظة الشعرية المعاصرة ، إلا من مبادرة هنا
وهناك ، فالمشكلة مشكلة عربية عامة وليست خاصة بفلسطين ؟؟.
* يدعي الكثير من
الشعراء أن شعرهم مكتوب للقراءة وليس للإلقاء ومع ذلك تراهم يتصدرون منابر
المهرجانات والملتقيات الشعرية
ما هو رأيك بهذا
الصنف من الشعراء والى أي حد تخدم المهرجانية الشعر ؟
لقد كان الشعر
الإنشادي موجوداً في الشعر منذ عكاظ والمربد ، ولكن القارىء المتذمر سأل أبا تمام
لماذا تقول ما لا يُفهم ، ودائما كان الجمهور يريد أن يفهم، بمعنى أنه ينصب للشاعر
فخاخاً تُوقعه في المباشرة وحتى السطحية إن شئت، وكان الشعراء يقاومون أولا يقاومون
حسب الحالة .
ولكن الشاعر الحديث الذي يذهب إلى المهرجان يظل واحداً من إثنين إما أنه غير
مكترث برد الفعل
السطحي المُعَّبر عنه بالتصفيق والهياج، وإما أنه يختار نصوصاً مزَّودة بمفاتيح
تسهَّل الوصول إلى المتلقي ، وهذا لا ينفي وجود شعراء يعتذرون أصلاً عن عدم
المشاركة في المهرجانات ،فالأمر متصل بتعددية التجريب ،والفرص المتاحة من خلال هذا
التجريب للإنشاد أو الاكتفاء بالنص المقروء.
* ما بين قوسين عناوين
مجموعات شعرية للشاعر أحمد دحبور.
|
WEBMASTER : AA-ALSAAD
|
This Web Site Programmed and
Written By ABD ALMASSIH JAMIL ALSAAD
..... Copyright 2003 (C) SCOPNET All
Rights Reserved
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق