الاثنين، 2 نوفمبر 2015

مجلة السنونو ( العدد الثاني ) - ضيوف السنونو عبر الانترنت - قضية وحوار - خبرة مسافرة

مجلة السنونو ( العدد الثاني ) - ضيوف السنونو عبر الانترنت
قضية وحوار - خبرة مسافرة - الأستاذ: نقولا أسطفان زيات ( إعداد : ناجي درويش )

هل علينا أن نتعلّم كيف نفكّر؟ . .  

مما لا شكّ فيه أن ضعف نظام التعليم أحد الأسباب الجوهرية لضعف المجتمع. نحن اليوم نحتل مرتبةً متأخرةً عالمياً فيما يخص العلم والتعليم، وهذه كارثة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أننا كنا يوماً رواد الحضارة في العالم.
لكن قد يكون تعليم كيفية التفكير هو أهم جزء في التعليم، فرغم تمكن طالبنا من تعلم المواد العلمية والتقنية، فإن عالم اليوم ومواجهة المستقبل القادم تحتّم على هذا الطالب معرفة كيفية التفكير. 

ما معنى أن يعرف الشخص كيف يفكر؟ يعني أن يتجاوز هذا الشخص المسألة التي تحثّ على ضرورة استيعاب أبجديات التحدّي، وأن يتجاوز مسألة القبول بكل ما يقوله المدرس، لينتهي بتعلّم كيفية التفكير والاستنتاج بمفرده، وهذه واحدة من أسس عهد التنوير في الغرب.

الثقافة والتعليم والفكر جزء أساسي في التعليم الأميركي والغربي، إنه نوع من التعليم الذي يود الكثيرون تدريسه لأبنائهم حينما يبعثونهم إلى الغرب من أجل الدراسة. ولا يعني هذا عدم توافر المراجع والملقنين في عالمنا العربي، بل ما يرغب فيه عدد كبير من هؤلاء هو تعليم أبنائهم المهارة وكيفية التفكير باستقلالية وبصورة إبداعية، وهو أساس قوة الغرب. وغياب ذلك في عالمنا هو سبب أساسي في ضعفه اليوم.

الأستاذ "نقولا أسطفان زيات":

خبرة سورية كبيرة في مجال تدريس الرياضيات في الجامعات والثانويات اللبنانية، زار سوريا مؤخراً حاملاً في جعبته دعوة صادقة لتطوير أساليب التعليم المتبعة في سوريا، مقدّماً لوطنه خبرة تزيد عن
الأربعين عاماً. التقى بعدد من المسؤولين التربويين شارحاً دعوته، وألقى محاضرة قيمة في "جمعية الرابطة الأخوية" في حمص برعاية سيادة المطران "جورج أبو زخم" متروبوليت حمص وتوابعها للروم الأرثوذكس، وحضور عدد من أطباء ومهندسي وأساتذة وخبرات ومثقفي المدينة.  

التقيته في "بيت المغترب" الذي يفاجئني القيمون عليه كلّ مرة بإنسان أفتقدُ أمثاله في عالم أو محيط يبدو لي لوهلات كثيرة مُفرغاً من إنسانه. سرّني أن أحصل على نسخة وفائدة من محاضرته القيّمة، ثم قرأت سيرته الذاتية، فتعلمت الكثير لكن أهم ما تعلمته منها: كم على المرء أن يتعب كي يكون معلماً. 

سألته عن العلم والتعليم والبلد، فأخبرني بقصة التلميذ الذي تلكأ في إجابته عن سؤال، لينهره معلمه بقوله: "شو . . عم تتحزّر؟"، ليمنعه بطريقة غير مقصودة ـ وربما مقصودة ـ من التفكير وفرح الاكتشاف. لضيق الوقت وسعة الموضوع قررنا متابعة حوارنا عبر الانترنت من حمص إلى بيروت، وهذا ما كان:
 
سـ1ـ: أستاذي الجليل . .  

كلفتني الآنسة نهاد بتحرير موضوع عنك وعن عودتك ودعوتك لخدمة الوطن ومستقبله وإنسانه، فوجدتُني بحاجة لإيضاحات منك لأسئلة راودتني، فاسمح لي: 
 
في محاضرتك طرحت حلولاً غنية مُغنية، تختصر سنوات من أعمار أجيال قادمة للبناء، وتزيد في إعمار آفاقٍ حالمةٍ بالعطاء.
بلد كـَ "سوريا" يتمتع بنسبة عالية من الشباب، وتوقٍ كبير للتقدّم، لماذا يسير على مهل؟ . . ماذا يحتاج برأيك ليسرع أكثر؟ . . وكيف نوفر له معاً ما يحتاج؟ 
 
إن ثقتي بأبناء وطني هي ثقتي بالإنسان أينما كان. إذا أعطي الإنسان الفرصة وأطلق من عقاله وفكّ أسره صنع المعجزات. إن الإنسان خُلق على صورة الله ومثاله؟ ماذا يعني هذا؟ يعني بإيجاز وبساطة: الإنسان قادر وبقوة اللـه الكامنة فيه أن يتجاوز كل محدود ومألوف.إن باب الابتكار والاختراع والإبداع والخلق والاكتشاف مفتوح أمامه، إلاّ أن كثرة المعوقات تقعده وتفقده كل ما أُعطي من خيرات الفكر والتحليل والمنطق وحق التقرير. أمّا مصدر هذه المعوقات فهو المجتمع بشكل عام والتربية والنظام التعليمي بشكل خاص وطرائق التعليم ووسائله بشكل أخص. 

سـ2ـ: أنا واحد من جيل أضاع النظام التعليمي القائم في الكثير من وقته ولم يوجهه كما ينبغي لاستثمار جهده. وقلتَ أنك تعود إلى بلدك لخدمته وخدمة أبنائه ومدرسته وحيّه وتلميذه، وسؤالي: هل ساعدك القيّمون على أمر هؤلاء؟ أوهل وعدوك بمسـاعدة؟ . . أم أنهم  فرحوا بالفكرة وقدّروها ووقفوا عند ذلك؟ 
 
إن الصعوبات إلى زوال، والانفتاح والتطور إلى ثبات وتمكّن. إن إرادة الشباب ووعي الشباب وثقافة الشباب هي خير ضمانة لحضارة المستقبل. ثمّ ألم يقل "توينبي": "إن التحديات هي صانعة الحضارات؟" . 

سـ3ـ: عملتَ في سوريا وعملتَ في لبنان ـ رغم القرب الجغرافي والاجتماعي الشديد بينهما ـ بأيّ فرق أحسست. ماذا قدّم لك لبنان، وأعتقده قدّم زيادة عن سوريا؟ . . ولماذا تقدّم لبنان، وأعتقده تقدّم زيادة عن سوريا ؟ . . "أنا هنا أتحدّث عن مجال عملك" بالمقابل ماذا وجدت في الوطن من جديد, وهل ما وجدته مفرح ومشجع للمُعطي على العطاء أكثر؟ . . 

لقد أُتيحت لي فرصة العيش في مجتمع ليبرالي في بيروت، وفي وسطٍ كهذا تتوفر للإنسان فرص أكثر للإطلاع والتعرف بعمق على المعارف الإنسانية ومناقشة 

أوسع للواقع وتطلعات المستقبل. التزمّت والتقوقع مرفوضان وثوابت التراث وقوة الجذور ممنوع عليها أن تقمع التطلع إلى الأفضل. في بيروت تلتقي مدارس فكرية متنوعة ومدارس تربوية متنوعة، يتم التلقيح والتفاعل بين تلك المدارس ويتدخل الإنسان فيختار وتتنوع الخيارات، إلاّ أن الفكر يبقى حياً والجدلية لا تموت، ويبقى الوطن حياً كذلك، ويبقى الإنسان حياً أيضاً وأيضاً، فينمو وتكثر عنده الأجنحة ويكون أكثر قدرة على الطيران ويكون الطيران أكثر متعة وسهولة. 

إن اللقاء ممكن وميسور والأرض والإنسان صالحان لذلك. هذا ماكسبته في لبنان وهذا ما يمكن أن يتيسر لكل إنسان بل ما يجب أن يتيسر لكل إنسان في كل زمان ومكان. 
 
أنا لم أغادر الوطن، بل كنت على اتصال وتواصل دائمين، كيف لا وفي الوطن أمي وأخي وأخواتي وكل أهلي . . بل في كل إنسان في الوطن أهلي وأمي وأخي وأخواتي. 
 
أنا أعيش الطفولة الجميلة حيث المحبة النقية وحيث العلاقات النظيفة، وقد عدت عودات أطول وأطول وكنت أتمسّك أكثر وأكثر بتلك التي تحدثت عنها. يفاجئني البعض بقولهم تلك صارت من التراث، فهل حقاً صارت من التراث؟ هل حقاً أنّا تنازلنا عن كل تلك التي تجعل الحياة جميلة؟ 

أنا لا زلت أصرّ على أن كل ذلك هو في كمون مرحلي . . قل في استراحة ما، ولن تلبث أن تتفتح الأزهار العبقة من جديد، واللون والعطر الذي تخبئه الصدور وتعمر به القلوب وتغنى به العقول لا يلبث أن يطل فيعود للنبع نقاؤه وتعود للنهر غزارته . . لا شكّ في ذلك أبداً. 

سـ4ـ: أخيراً أشكرك نيابة عن شباب الوطن على اهتمامك بالوطن وإنسانه . . والكلمة الأخيرة لك:

تحية خاصة لك وشكراً لأختي الحبيبة نهاد رائدة العمل المخلص النظيف لتمتين أواصر المحبة بين المقيمين والمنتشرين. شكراً لها تجني النجوم والأقمار
فتزداد بها تألقاً وتزيدنا ثروة وعشقاً لوطننا الذي ينبت كل يوم من يريح قلوبنا ويطمئن نفوسنا لمستقبل مشرق.
أسئلتك مباشرة وهدفها واضح، وأجوبتي تقرؤها فتجد الفرق بين روح الشباب وروح الكهولة . . هناك الوضوح والشفافية وهنا المسايرة وبعض الضبابية، فأرجو المعذرة.
سلامي لك ولشباب وطني المتطلعين دوماً إلى الأحسن، والقادرين على صنعه.
 
نقولا أسطفان زيات، بطاقة تعريف:

ـ الولادة: 20 شباط 1936
ـ متزوج من حياة سمان، وله ثلاثة أولاد أسطفان (طبيب)، ميريام ( رياضيات ـ مال ومصارف)، وميسا (طبيبة) .
ـ يعمل على إنجاز المقرر لنيل شهادة دكتور دولة في التربية/ فلسفة الرياضيات وتعليمها .
ـ ماجستير تربية/ تعليم الرياضيات من الجامعة الأمريكية.
ـ إجازة تعليمية في الأدب الإنكليزي من الجامعة اللبنانية.
ـ يتقن اللغتين العربية والإنكليزية ملم بالفرنسية وعلى إطلاع على اللغتين الروسية والألمانية.
ـ تابع دورات تدريب لأساتذة الرياضيات في العالم العربي ولمدراء المدارس في لبنان والعالم العربي.
ـ محاضر في الجامعة الأمريكية في بيروت، كما درّس الرياضيات للمرحلة الثانوية في العديد من المدارس الهامة في لبنان على مدى أربعين عاماً من إقامته هناك.
ـ إشراف تربوي وتأليف كتب الرياضيات للمرحلة الابتدائية والمتوسطة في لبنان ودول الخليج العربي، و دراسة مقارنة لمناهج الرياضيات والكتب المعتمدة في كل من: دول الخليج، الولايات المتحدة الأمريكية، اليابان، روسيا، الهند، الصين، أرمينيا، ألمانيا ولبنان.
ـ ألقاب: رمز العطاء من اللجنة الوطنية ليوم الطفل.
ـ دروع: مؤسسة أنماء التربوية، جمعية اللسان اللبناني، جمعية السعادة اللبنانية، قدامى
خريجي مدرسة برمانا العالية، قدامى خريجي المدرسة الأهلية، المكتب التربوي لحركة أمل ومؤسسة أجيالنا التربوية.
ـ ندوات إذاعية وتلفزيونية: في كل من تلفزيون لبنان، إذاعة صوت الوطن، MBC، NBN، وفي عدد من الصحف والمجلات حول مناهج التعليم عامة والإدارة المدرسية وتعليم الرياضيات خاصة.
 
من محاضرته الأخيرة في حمص:

" إن التطوير والتحديث هما رسالة حضارية مستقبلية أطلقها السيد الرئيس بشار الأسد في كل نواحي الحياة وفي التعليم خاصة. 

وهذان التطوير والتحديث يجب أن نلتزم بهما في إعادة النظر في مناهجنا التعليمية وفي ترجمتها في طرائق تعليمية متطورة وكتب مشوقة مضموناً ومادة وشكلاً، وفي إعطاء التلميذ دوره في مركزية العملية التعليمية التعلّمية، وفي تطوير دور المعلم إلى دور الريادة المنظمة والميسرة للعملية التعليمية، وإعطاء امتحانات الشهادة الثانوية بعداً جديداً يتجاوز العملية القياسية المعتمدة إلى عملية تقويمية تأخذ الوسائل الحديثة في التقويم ليأخذ التلميذ حقه وتبنى عملية نجاحه وتفوقه أو ترسيبه إلى معايير أكثر تطوراً وحداثة ".
 

WEBMASTER : AA-ALSAAD
This Web Site Programmed and Written By ABD ALMASSIH JAMIL ALSAAD ..... Copyright 2003 (C) SCOPNET  All Rights Reserved

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق