الاثنين، 2 نوفمبر 2015

مجلة السنونو ( العدد الثاني ) - خاطرة - يدي ويدك ( قصي أتاسي )

مجلة السنونو ( العدد الثاني ) - خاطرة
يدي ويدك ( قصي أتاسي )

يربط كثير من الباحثين بين نشأة الحضارة وبين صنع (الأداة) التي راح الإنسان يحفر بها الأرض ليزرع ثم يستقر ويبني ويضع اللبنات الأولى في صرح حضارته.
          والحق أنَّ صنع الأداة الأولى كان مرهوناً بتطور اليد البشرية، أي بقدرة الإبهام على مقابلة الأصابع الأخرى.... فمنذ أن ملك الإنسان القديم هذه القدرة راح يصنع أدواته الأولى فبدأت المسيرة الطويلة الشاقة رحلتها عبر الزمن، مسيرة الحضارة أي مسيرة (اليد) التي تكسر الصخر وتشقّ الخشب وتسوّي التربة وتطوّع الحديد وتلوّن الجدران وتخطّ على الرقاع لتصل إلى بناء السفن الفضائية وتحطيم كيان الذرّة.
          وهكذا كانت اليد التي صنعت الشبّابة هي التي تصنع اليوم البيانو والأرغن، وكانت الأنامل التي لعبت بالسيف والرمح هي التي تلعب اليوم بأعصاب البشرية حينما تداعب أزرار المتفجرات الذرّية، وكانت الأصابع التي لوَّنتْ جدران الكهوف هي التي تلوّن اليوم جدران المعابد وتزين أركان المعارض والمتاحف.... إنها يد الإنسان، اليد الصَّناع الماهرة القادرة التي ترفع البنيان وتُعلي الصّروح وتدلّل على جبروت هذا المخلوق العجيب الذي انتصب على ساقية ليتحدى الكون والزمـان ويجعل من كوكبـه أرقى وأجمل الكواكب.
          ولكنّ العجيب الغريب أن يد الإنسان صانعة المعجزات وبانية الحضارات هي التي تصنع النقائض وتنتج المفارقات والأضداد، فبينما تخطّ هذه اليد دساتير الحرية والسلام والوئام إذا هي توقّع صكوك العدوان والخيانة والاستسلام ! وبينما تولّد أجمل الألحان وتبدع أروع التماثيل وتكتب أحلى القصائد، إذا هي تزرع الرعب والهول والدمار وتحرق الأخضر واليابس وتبعث النار والموت في كل مكان!
وما رأيك بأصابع بيكاسو ودافنشي وأنجلو وباغاينني إلى جانب قبضة محمد علي كلاي؟ بل ماذا ترى في يد كلٍّ من المتنبي والمعري وطاغور ولامارتين وغوركي إلى جانب تلك اليد اللئيمة التي حكمتْ بلمسةٍ منها على هيروشيما بالدار والموت الأحمر؟، وشتان ما بين كفٍّ تزرع الورد والريحان وتبذر الخضرة لينبت الربيع، وكفٍّ تزرع الشوك وتذيع الجفاف ليدوم الصقيع ويبقى الشتاء!
ولأمرٍ ما حفلت اللغة العربية بالاهتمام باليد وحمَّلتها الكثير من المعاني الحقيقية والمجازية، وأسهبت في وصفها بشتى الصفات وخلعتْ عليها مختلف النعوت... فالعين بصيرة، واليد قصيرة.. ويد الله مع الجماعة.. واليد العليا خير من اليد السفلى... بل إن اليد عند الشاعر العربي تندى وتخضرّ إذا ما لمستْها يد الحبيب:  ‍تكاد يدي تندى إذا ما لمســتُها
وينبتُ في أطرافها الورقُ الخضرُ
يربط كثير من الباحثين بين نشأة الحضارة وبين صنع (الأداة) التي راح الإنسان يحفر بها الأرض ليزرع ثم يستقر ويبني ويضع اللبنات الأولى في صرح حضارته.
          والحق أنَّ صنع الأداة الأولى كان مرهوناً بتطور اليد البشرية، أي بقدرة الإبهام على مقابلة الأصابع الأخرى.... فمنذ أن ملك الإنسان القديم هذه القدرة راح يصنع أدواته الأولى فبدأت المسيرة الطويلة الشاقة رحلتها عبر الزمن، مسيرة الحضارة أي مسيرة (اليد) التي تكسر الصخر وتشقّ الخشب وتسوّي التربة وتطوّع الحديد وتلوّن الجدران وتخطّ على الرقاع لتصل إلى بناء السفن الفضائية وتحطيم كيان الذرّة.
          وهكذا كانت اليد التي صنعت الشبّابة هي التي تصنع اليوم البيانو والأرغن، وكانت الأنامل التي لعبت بالسيف والرمح هي التي تلعب اليوم بأعصاب البشرية حينما تداعب أزرار المتفجرات الذرّية، وكانت الأصابع التي لوَّنتْ جدران الكهوف هي التي تلوّن اليوم جدران المعابد وتزين أركان المعارض والمتاحف.... إنها يد الإنسان، اليد الصَّناع الماهرة القادرة التي ترفع البنيان وتُعلي الصّروح وتدلّل على جبروت هذا المخلوق العجيب الذي انتصب على ساقية ليتحدى الكون والزمـان ويجعل من كوكبـه أرقى وأجمل الكواكب.
          ولكنّ العجيب الغريب أن يد الإنسان صانعة المعجزات وبانية الحضارات هي التي تصنع النقائض وتنتج المفارقات والأضداد، فبينما تخطّ هذه اليد دساتير الحرية والسلام والوئام إذا هي توقّع صكوك العدوان والخيانة والاستسلام ! وبينما تولّد أجمل الألحان وتبدع أروع التماثيل وتكتب أحلى القصائد، إذا هي تزرع الرعب والهول والدمار وتحرق الأخضر واليابس وتبعث النار والموت في كل مكان!
وما رأيك بأصابع بيكاسو ودافنشي وأنجلو وباغاينني إلى جانب قبضة محمد علي كلاي؟ بل ماذا ترى في يد كلٍّ من المتنبي والمعري وطاغور ولامارتين وغوركي إلى جانب تلك اليد اللئيمة التي حكمتْ بلمسةٍ منها على هيروشيما بالدار والموت الأحمر؟، وشتان ما بين كفٍّ تزرع الورد والريحان وتبذر الخضرة لينبت الربيع، وكفٍّ تزرع الشوك وتذيع الجفاف ليدوم الصقيع ويبقى الشتاء!
ولأمرٍ ما حفلت اللغة العربية بالاهتمام باليد وحمَّلتها الكثير من المعاني الحقيقية والمجازية، وأسهبت في وصفها بشتى الصفات وخلعتْ عليها مختلف النعوت... فالعين بصيرة، واليد قصيرة.. ويد الله مع الجماعة.. واليد العليا خير من اليد السفلى... بل إن اليد عند الشاعر العربي تندى وتخضرّ إذا ما لمستْها يد الحبيب:  ‍تكاد يدي تندى إذا ما لمســتُها
وينبتُ في أطرافها الورقُ الخضرُ
 

 
WEBMASTER : AA-ALSAAD
This Web Site Programmed and Written By ABD ALMASSIH JAMIL ALSAAD ..... Copyright 2003 (C) SCOPNET  All Rights Reserved 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق