مجلة السنونو (
العدد السابع ) -
خاطرة
|
أدب
المهجر وقصة الطغيان ( المحامي إدوار حشوة )
|
أدب
المهجر وقصة الطغيان
المحامي إدوار حشوة
كان
الأستاذ شاكر مصطفى قد نشر مقالاً في مجلة "العربي" حول الأدب المهجري وخلاصته
أنــه لا يوجد أدب مهجري وأعتبر أن أكثر أدباء المهجر من المسيحيين العرب!!.
من
حق الأستاذ شاكر مصطفى أن يعتقد ذلك ومن حق الآخرين أن يخالفوه الرأي وأن يناقشوه
فهذه هي حرية التعبير وهذا هو المعنى الحضاري للحوار وإلى هذا الحوار نسعى.
مشكلتنا، نحن العرب، أننا افتقدنا الحقين معاً (تعبيراً وحواراً) وعشنا صوراً مزورة
عنهما.
يكفي أن لا يعجب رأي لكاتب أو أديب نظاماً سياسياً حتى يتهمه فوراً بالعدوان على
الوطن أو الدين أو الثورة !!!
حق
النقد لم يمتلك أي هامش حقيقي للحركة، لأن كل نقد يمكن أن يصنَف الناقد في باب
الخصوم!
الرأي والرأي الآخر كلاهما في أزمة... وكلاهما تعرضا للقمع السلطوي والديني على
امتداد التاريخ العربي لذلك لم يصلنا من أدب وشعر الاحتجاج على الظلم سوى القليل في
حين أن تراثنا الأدبي مشبع بأدب المداحين والمنافقين!!
انطلاقاً من هذه المقدمة فإننا حين نناقش أدب المهجر يجب الانتباه أنه كان خارج
حدود سلطات القمع في المجتمع العربي وأنه أمتلك هامشاً من الحرية لم يتوفر لأدباء
الداخل..
وفي
هذا المجال، ما يهم في أدب الهجر ليس قيمته اللغوية وجودته فتلك مسألة يعالجها
علماء النحو الذين يدققون على النقطة والفاصلة وعلى التفعيلة!
المهم الأفكار الحرة الذي امتلكها هذا الأدب وطريقة أدباء المهجر في توظيفها في
حركة الدفاع عن حرية الإنسان.
إذا
كان أدب المهجر غير موجود فهذه مسألة مادية تكذبها أشعار القروي وأبي ماضي وفرحات
وقنصل ونسيب عريضة وغيرهم إضافة لعملاق الأدب جبران خليل جبران.
أما
إذا كانت الغاية هي رفض توزيع الأدب العربي إلى أدب مهجري وأدب مقيم فهذه المسألة
أيضاً بسيطة فتوزيع الأدب في المكان ينبثق من واقع صدوره وحين يشدو شاعر مصري أو
سوري فهذا نتاج عربي ينبثق من مصادر الوجود البشري للعرب والمهجر كملجأ للعرب
المهاجرين تنطبق عليه نفس المواصفات ولا تأثير لهذا التوزيع على قيمة العمل الأدبي.
ولكي نقيم أدب المهجر علينا أن ندرس أسباب الهجرة العربية إلى الأمريكتين في القرن
التاسع عشر.... يغترب الإنسان عن وطنه ويهاجر إذا تعرض للظلم سواء أكان هذا الظلم
بسبب استبداد حاكم أو بسبب التمييز العنصري أو الديني أو الطائفي....
ويمكن أن يكون سبب الاغتراب هو الغزو الخارجي للوطن كما هو المثال الفلسطيني...
ويمكن أن يغترب الإنسان عن وطنه وهو فيه وفي هذه الحالة يكون اغترابه احتجاجاً
سياسياً موجهاً لرموز الاستبداد في الوطن.
أدب
المهجر نشا في كنف الهجرة الأولى التي أفرزها الفقر والخوف والتعصب...
هذا
الأدب مثل دائماً الثورة على الطغيان والتعصب ومع ذلك ظل محمولاً على حنين رائع
للوطن....
لذلك فإن أدب المهجر هو أدب المظلومين في كل الوطن العربي الذين لم يستطيعوا بسبب
الاستبداد أن يعبروا عن موقفهم في حين أن أدباء المهجر استطاعوا ذلك لأنهم كانـــوا
يغردون في مكان لا تطالهم فيه أجهزة القمع.
ولذلك أيضاً فإن أدب المهجر يتميز عن الأدب المقيم وحتى عن الأدب الذي هاجر للعمل
في خدمة مراكز الإعلام في لندن وباريس والتي تحولها جهات عربية لخدمة استبدادها.
أهم
ما في أدب المهجر أنه بالرغم من حالات الظلم التي تسببت بالهجرة والعدوان على
الحريات لم تستطع أبداً أن تشطب من عقل أدباء المهجر أنهم ينتسبون لأمتهم العربية..
أن
يأتي سلطان جائر أو متعصب فيقتلعك من أرضك ويعتدي على أهلك ويسلبك حريتك ويحرمك حق
العمل والتفكير ويحرض عليك حثالة الناس... ثم مع كل ذلك تظل مرتبطاً بوطنـك تغنيه
شعراً و أدباً و حنيناً وتفرق في مثالية رائعة بين الطغاة والشعب وبين الأديان
والمتعصبين فتلك معجزة أمتلكها أدب المهجر بجدارة.
وكنتيجة لذلك فإن أدب المهجر هو أدب الدفاع عن الحريات والأوطان....
في
أدب المهجر كل عدوان على الأرض العربية مقاوَم ومنبوذ وولاؤه العربي فوق الشك وهذه
هي قاعدة التعايش في المجتمعات الديموقراطية الحديثة..
أما
كون أكثر أدباء المهجر من المسيحيين العرب فهذا هو نتيجة للهجرة التي أخذتهم وحين
أخذ الغزو الصهيوني فلسطين كان الأدباء والشعراء من المسلمين.
التصنيف العادل للأدب ووجوده يجب أن يتجاوز الانتماء الديني إلى الوطن وقيم الحريـة
والمساواة و العدالة وأدب المهجر ليس كأدب المنافقين والمداحين الذين حولوا حرفة
الأدب إلى وباء استوطن أرضنا العربية وهذا الواقع يجعلنا في خط الدفاع عن أدب
المهجر الذي حمل راية حب الوطن والدفاع عن الحريات وهو موجود لأنه يعبّر من خارج
الحدود عن إرادة الشعب في الحرية ورايته لن تسقط أبداً.
نعرف أنهم جميعاً سيتغزلون بك يا وطني.. نعرف أنهم سيحدثونك عنهم.. عن عبادتهم
وشوقهم لك.. أحبابك الغائبين..
نعرف أنهم سيتناولون موضوع أولئك الذين عرفوك وعز عليهم الطريق إليك..
والذين لم يعرفوك وعرفوا الطريق إليك... والذين لمّا يعرفوك..ولمّا يعرفوا الطريق
إليك..!
نعرف أنهم سيسمعونك صوت قلوبهم ورجائهم.. نعرف أنهم سيزرعون في قلبك
الكبير بسمتهم ودمعتهم وخفقة أمانيهم.. نعرف أنهم سيعاتبونك .. سيراضونك... وكلهم
أخيراً سينتهون إلى أن ينغمروا في صدرك أطفالاً مشردين تذكروا فجأة أنك الأم
الوحيدة..!
نهاد شبوع
|
|
WEBMASTER : AA-ALSAAD
|
This Web Site Programmed and
Written By ABD ALMASSIH JAMIL ALSAAD
..... Copyright 2003 (C) SCOPNET All
Rights Reserved
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق