مجلة السنونو (
العدد السابع ) -
خاطرة
|
عودة
الطيور ( غسان لافي طعمة )
|
"عـودة
الطيـور"
غسان لافي طعمة
صغاراً حبونا على ضفة الحلم، وكان الحلم يكبر بنا دون أن ندري، كنا نراقب
طائر السنونو الذي صنع له عشاً في زاوية بيتنا الطيني، وكنا نتساءل أتراه الطائر
نفسه الذي يغادرنا في أواخر آب وأوائل أيلول، ويعود في نيسان مع الدفء والخضرة
والزهر؟!.
وفي بحثنا عن إجابات لتساؤلاتنا ولدفع الشك باليقين توصلنا إلى مشروع
تعليم طائر السنونو بخيط أحمر أغلقنا باب الغرفة واستطعنا الإمساك بهذا الطائر وعقد
خيط أحمر في رجله، ولاحت بوادر أيلول في الأفق وظهرت بشائر الخريف من غيوم مبعثرة
تنثرها الرياح، إلى أوراق صفراء تذروها، ورحل طائر السنونو، وعرفنا أنه يقطع مسافات
شاسعة في رحيله إلى نصف الكرة الجنوبي فهناك يأتي موكب الصيف على أجنحة الربيع حين
يأتي عندنا موكب الشتاء على أجنحة الخريف، وقلنا موعدنا مع ذاك الطائر أوائل الصيف
آن الدفء ينتشر، وكان شوقنا للقائه عارماً لأننا تريد أن نلمس الحقيقة بأصابعنا، هل
يعود طائر السنونو إلى عشه ذاته بعد غياب شهور، وبعد رحيل آلاف الأميال، ويا
لفرحتنا العامرة بالدهشة، لقد عاد الطائر السنونو ذو الخيط الأحمر إلى عشه،
فاحتفينا بعودته أيما احتفاء.
وأنتم أيها الأصدقاء، يا طيور السنونو التي عششت في القلوب، لستم بحاجة
إلى خيوط حمراء لنعرفكم أنكم أنتم الذين تعودون إلى أعشاشكم ذاتها.
فأعشاشكم تظل طوال عشرة شهور تناديكم نداءات متواصلة حارة، وهي فيكم تقيم
فأنتم ترحلون منها إليها، تحملكم على أجنحة الشوق والحنين، وتحملونها في نبض الحب
والأمان، ونحن على جمر الشوق ننتظركم، وبأوراق الورد وأعلام الزهور نستقبلكم، ونحن
نتذكر قول الشاعر حافظ إبراهيم في أبناء الشام المهاجرين:
ـ
ما عابهم أنهم في الأرض قد نثروا
فالشهب منثورةٌ مذ كانت الشهبُ
ـ
رادوا المناهل في الدنيا ولو وجـدوا
إلى المجرة ركباً صاعداً ركبوا
نعم لقد ركبتم إلى الرزق والعلياء كل سفينة، وأقلعتم خلف اللؤلؤ المكنون
في كل طائرة، نأسى ونحزن حين ترحلون، ونفرح حين تعودون، ونزداد ثقة أن للأعشاش سرها
وسحرها، وللطيور ألغازها وأحاجيها، ونظل نغني: لو لم يكن للقمر وطن فإن الناس لا
يسألون عنه.
|
WEBMASTER : AA-ALSAAD
|
This Web Site Programmed and
Written By ABD ALMASSIH JAMIL ALSAAD
..... Copyright 2003 (C) SCOPNET All
Rights Reserved
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق