مجلة السنونو (
العدد السابع ) -
خاطرة
|
ألف وجه
.. وغربة ( وئام بدرخان )
|
ألف
وجــه.. وغربـــة!
وئام بدرخان
1-
في انهمارات الحزن الجميل، ننتظر غياب البنفسج فينا، انتظاره حضورنا فيه! نجدنا في
مهب الفصول غير عابئين بأنّا على قارعة الوجع نُمعن في التمرغ برمال عبثاً تضمّ
موجاً أتى ليرحل!.
وعما غفلة ، يخنق الغياب مسافة لم تُخلق لتُخنق، مسافة تحضن لوعة انغماسنا بالدفء
عارين من أطياف ماض.. حاضر.. مستقبل لا يتوكأ الفزع والغربة والصقيع الذين يؤولون
ربما شخصاً.. زماناً.. مكاناً.. يخنق، يطفىء، يصير غابات افتراس حميم تضم ارتعاشةَ
النرجس في ثلجنا لتدفنها ذات حنين في ريشة سنونوة لن تعود! وتغلّ في الصلاة قرب
الشغاف، تلقّنه حزناً آخر بينما الأشياء تواصل انهمارها.
الحزن ينقر النبض..
والبرد يكلل حرائق الروح!
2-
مقتولون نحن بإحساسنا، مقتولون باحتراقنا المجاني، وكل شعارات الإنسانية وديباجات
المنابر، ومسيرات التضامن، حتى آخر همسة مزيفة عن الإنسان قبيل قراءة هذا السطر:
رقع بالية لا تستر عري هذه الأيام، رقع عبثاً يخيطها الكثيرون ليرفوا اندلاع
الغربة في نبضنا، حروفنا، قهوتنا الصباحية، وفيروزنا التي صارت المنفى الأجمل بعد
السراب، معها نغلّ في شيطنة الولدنة على طريق النحل حتى يشدّنا الوقت خارج الكوخ
الفقير نحو اليومي الصاخب، ويلكزنا بهمجية.. فنعود إلى غربتنا عن كل ما حولنا ومَنْ
حولنا.. شتاءً أبدياً لا يمطر.. حروفاً مبتورة للغــة لا تُمسّ.. لغةً حبلى بأحزان
المدائن.. المَفارق.. الأرصفة.. الموانىء.. المطارات وكل مكان يسكن قلوباً لا زالت
تقترف الصدق!؟.
3-
لا أدري أيّنا يُترع الآخر الغربة؟
نحن أم الأمكنة التي ضمّتنا يوماً بدفء.. وكنا ننزف برداً؟
وبعد أن استدفأنا؛ نبشنا حطام الغربة فينا وفيها..
وبمنتهى الجبن هربنا بعيداً دون أن ننتبه أنها سكنتْنا أبداً..!
الأمكنة.. حريقنا الأزلي!
تستحق منا دفئاً، بالصدفة بقي على رفٍ بعيداً عن أصابع الشتاء الهرمة، الأمكنة
وحدها تحنو على ذاكرتنا المرتبكة لتلملم انحسار الأمان عنها قروناً وتنثر بعض
الأمنيات التي تعلم أنها لن تتحقق، ربما.. ربما لانهماك الغربة في حياكتنا بألوان
أخرى أكثر مما تريد لنا البلاد الحزينة أن نتلّون وأكثر مما أراد لنا ذاك الوحل
الذي ما درْيناه حتى رشفنا كذبه الإنساني وسقطنا في باقة الورود المنسّقة التي
أهداها لعثراتنا ذات عيد!
غرباء سنبقى..
غرباء زمان.. مكان.. أحلام..
لكنا لن نتقن إلا اقتراف الدفء وطقوس الحزن البريّ وكثيراً من صراخ السنونو الحميم
حين يعود!
|
WEBMASTER : AA-ALSAAD
|
This Web Site Programmed and
Written By ABD ALMASSIH JAMIL ALSAAD
..... Copyright 2003 (C) SCOPNET All
Rights Reserved
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق