الجمعة، 30 أكتوبر 2015

مجلة السنونو ( العدد الأول ) - قصص قصيرة من الوطن المقيم - سامر أنور الشمالي

مجلة السنونو ( العدد الأول ) - قصص قصيرة من الوطن المقيم
سامر أنور الشمالي
   قصص قصيرة من الوطن المقيم                         Récits de pays de résidence
تصفيق حتى الموت
 
الستارة الداكنة السواد مسدلة من ورائه . وهو جالس على كرسي خيزران يصدر أنيناً خافتاً كلما تحرك جسده النحيل . وأمامه طاولة صغيرة مغطاة بقطعة قماش خضراء باهتة اللون ، عليها ميكروفون صغير ، وكوب ماء فارغ . وأوراقه البيضاء الناصعة الموشاة بحروفه الزرقاء المنمنمة التي يقرأ منها للمستمعين المواجهين له في صفوف مرتبة بعناية .
فجأة (ربما فجأة) !
يدوي المكان بأزير رصاصة واحدة ..
.. ولكنها كانت كافية ، كي تهتز بوضوح من خلفه الستارة المهترئة الكالحة ، ويهوي ببطء على مساحة الخضرة للطاولة الصغيرة ، وقد بدأ النزف ..
.. دماء غزيرة تتدفق سائلة من رأسه الكبير ، لونت الأوراق التي هوت ـ كأجنحة لطيور مصطادة ـ متناثرة من بين أنامله الراعشة ، وانسكبت بخط رفيع أحمر (أحمر جداً) من الطاولة ، نزولاً إلى المنصة ، نحو الأسفل ، حيث الجالسون . مشكلة تحت الأحذية ، بركة متوهجة بلون الجمر لدماء طازجة ، برائحة مالحة الحضور !
لم يهرعوا ليسعفوه ، فلقد كان من المؤكد أنه ميت (ميت تماماً) !
لم يركضوا ليلقوا القبض على القاتل قبل فراره ، لكيلا يعرضوا أنفسهم للخطر ( وهذا عادة ما يحدث) !
لم يخرجوا من المكان ، كي لا يثيروا أدنى شبهة بأنهم هربوا من مكان الجريمة ( وهذا وارد أيضاً ) !
ولكن على الرغم من كل الاحتمالات الممكنة ( وغير الممكنة) !
كانوا منفعلين لأقصى درجة محتملة . فلم يجدوا غير وسيلة (قد تكون) وحيدة للتعبير عن وجودهم (في حال وجودهم) !
سوى أن يواصلوا التصفيق للميت ، الأكثر حياة (حتى بعد موته ، منهم هم الأحياء) !
فضجت القاعة .. بالتصفيق !!!

 
WEBMASTER : AA-ALSAAD
This Web Site Programmed and Written By ABD ALMASSIH JAMIL ALSAAD ..... Copyright 2003 (C) SCOPNET  All Rights Reserved   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق