الثلاثاء، 17 نوفمبر 2015

مجلة السنونو ( العدد السابع ) - وجها لوجه - محمود درويش ( الشعر حرفة وهواية ) حوار : حسن نجمي

مجلة السنونو ( العدد السابع ) - وجها لوجه
محمود درويش ( الشعر حرفة وهواية ) حوار : حسن نجمي
 
         لعل محمود درويش أن يكون الشاعر العربي الوحيد بين شعراء الحداثة العربية , الذي له علاقة خاصة بالجمهور , ولعله الوحيد , أيضا , القادر على أخذ جمهور عريض , ليس متابعا بالضرورة لسيرورة الشعر العربي الحديث , إلي اقتراحاته الأسلوبية والجمالية من دون جهد يذكر .
        إنها علاقة يمكن أن توصف ب "السحرية " تلك التي تربط محمود درويش بجمهوره . شاعر يقف أمام الجمهور فيسحره . يأخذه من حالة التوقع المسبق , أو لنقل الذائقة الجاهزة , إلى انزياحاته وانتقالاته الفنية والمضمونية .
        ومن دون أن نقلل من أهمية فلسطين في شعر محمود درويش , وفي وجدان جمهوره فان الذين يذهبون إلى أمسية درويش ل يذهبون لهذا السبب فقط . انهم , بدءا , يذهبون إلى الشعر , إلى محمود درويش نفسه . هذا الشاعر – الحالة الخاصة .
         على هامش أمسيته الحاشدة في الرباط كان معه هذا الحوار :
         الأخ محمود , جئت إلى المغرب مرة أخرى لتجدد اللقاء مع الجمهور المغربي , ترى , ألا يزعجك هذا الزخم من الحضور , ومن الإنصات و الانتباه لقصيدتك , و لتميز إنشادك لهذه القصيدة ؟ ألا تتضايق قليلا أو كثيرا من هذا الفيض الواضح من المحبة , زمن الدفق الرائع من حولك ؟ ألا تشعر , في لحظة من اللحظات , بالحاجة إلى تخفيض الجمهور في جسدك , والحد من عدد القراء بداخلك حفاظا على صمت القصيدة وعلى هيبتها ؟
         أعتقد أن هذا السؤال كثير الترف . فليس من حق الشاعر أن يشكو إلا من شيء واحد : من عزلته . أعني بعزلته أن تكون هناك مسافة بينه وبين القارئ , وليس من حقه أن يشكو من حضور القارئ الكثيف في المساحة التي يوفرها النص للالتقاء بالقارئ .
         في المغرب , وخصوصا في الرباط , وبخاصة في مسرح محمد الخامس , أسبح في مائي . إن هذا المسرح من أجمل الأمكنة التي أقرأ فيها شعري , حتى ولو كانت خالية من السكان . وبالتالي لا أستطيع أن أقول أن الناس في هذه القاعة هم جمهور . انهم مؤلفون مشاركون في عملية تحويل العلاقة بين القصيدة و القارئ إلى طقس .
         ما يحدث معي دائما في هذه القاعة هو نـــــوع الاحتفالية . أنا احتفـــــي بالجمهــــور, و الجمهور يحتفي بي . وبالتالي , يساعدني الجمهور على أن أؤلف القصيدة تأليفا مختلفا عن كتابتها .
        إذا عندما ألتقي بجمهور مسرح محمد الخامس , لا أشعر بأتي اقرأ نصا شعريا مكتوبا،  بل أشعر بأنني – أنا والناس – نعيد إنتـــــــاج و كتابة هذا النص بشكل احتفالي أو مسرحي إن شئت .
        أفهم من سؤالك المعنى الثقافي الذي تعنيه،  وهو أن كثرة الجمهور تحمل في سياقها مطالب جمالية محددة تثقل على الشاعر . هذا يتوقف على مدى انصياع الشاعر للحظة الحماسة التي يريدها الجمهور .
        هناك جمهور يقود الشاعر . هناك شاعر يقود الجمهور . و هناك قيادة مشتركة بين الشاعر و الجمهور , و هذا ما يحدث في علاقتي .
         أعرف أيضا من سؤالك ألأنك تريد أن تقول : إن متطلبات الجمهور لا تحمل دائما شروطا جمالية . لكن هذا يتوقف عليَّ . كيف ؟ ... كيف أتصرف مع هذه الهدية , ومع هذه المطالب . هل أصدق ضغط اللحظة , أم أحور هذه اللحظة في اتجاه آخر , يلتقي فيها الشعر مع محتواه الإنساني و المشترك بين النص الشعري و الواقع الذي أنتج هذا النص ؟ 

         محمود , بخبرتك الشعرية . و أنت تترك أثناء كتابتك للقصيدة جملة من البياضات أو الفجوات في النص كي تشرك معك قارئك في بناء المعنى الشعري وفي استكمال المستلزمات الجمالية و المعرفية لقصيدتك , ألا تراهن أيضا على توقعات الإنشاد . ؟ 
         أرجو أن تصدقني إذا قلت لــــــك إننـي لا أفكر بتاتا في أي قارئ في لحظة الكتابة . عندما  أكتب , أعطى لنفسي حق التعبير الذاتي بشكل مطلق لا رقابة عليه من أي اعتبار غير اعتبارات الكتابة المحضة . ولا أفكر في القارئ إلا عندما أريد أن انشر القصيدة , أي عندما تكتمل هذه القصيدة و أرضى عن مهندستهــــــا و بنائها و إيقاعها , و أشعر أنها تحمل مشتركا ما بين كاتبها و متلقيها , فإنني أنشرها عندئذ , ولا تصبح ملكا لي , بل تصبــــح ملكا للمتلقـــي.  و أنظر إليها من هذا المنظار كما لو أن شاعرا آخر هو الذي كتب هذا النص . وهذا أحد مقاييس حكمي على قصائدي , إذ  أكتب و أضع في الدرج , و بعد فترة , أعيد قراءة ما كتب . فإذا لاحظت أن هذا النص يشبهني كثيرا , أعرف أنني كررت نفسي , وأعرف أنني أنا من كتب النص . لكن عندما أشعر بأن شاعرا آخر قد كتب النص , أي أن هناك دهشة ما , و غرابة ما و جديدا ما .. ساعتها أظن أن النص قد استوفى بعض المتطلبات و الشروط التي احلم بها .
          أما موضوع الإنشاد , فلا أخطط لـه .. لا أثناء كتابتي الأولى , ولا أثناء الكتابة النهائية للقصيدة . إن الإنشاد موجود بحكم خياري الشعري الموسيقي . وأنت تعرف أنني من الشعراء شديدي الانحياز إلى الإيقاع , سواء أكان هذا الإيقاع خارجيا أم داخليا , وقد عبرت أكثر من مرة عن أنني لا أستطيع أن أحقق شعريتي إلا إيقاعيا . و بالتالي , عناصر الإنشاد متوفرة , لكنني لا أخطط لها مسبقا . 

          وفي القراءات الشعرية ؟

          في قراءاتي الشعرية , نعم , أراعى هذا الموضوع أثناء اختياراتي لقراءاتي الشعرية , فهناك قصائد قد لا تتوفر فيها شروط الإيصال الإيقاعي , لا أقرأها مع لنني أغامر أحيانا بقراءة تجريبية , وقد فعلت ذلك أكثر من مرة . لكن الإلقاء أو الإنشاد فن آخر مستقل عن الكتابة الشعرية . فهو ينتمي أكثر إلى المسرح أو إلى الرقص أو إلى ما شئت من الفنون الأخرى , ولذلك و فهو فن ثالث غير مرتبـط بالقصيـــــدة و الإنشاد هو نوع من الغنائية بصــــوت عال , و نوع من المسرحة .
       وكما قلت لك في البداية , ثروتي الإيقاعية – ولا أخجل من هذا التعبير – توفر لنصي الشعري شرطا إنشاديا .

         إلى جانب ثروتك الإيقاعية , هناك ثروتك اللغوية . وقد قلت في قصيدة لك : أنا لغتي , وذلك بالمعنى العميق النبيل , المعنى الجمالي المعرفي والفلسفي , لهذا التماهي بمادة الكتابة الذي يذكرني بما قاله الرسام الشهير بول كلي : أنا اللون , أي اللحظة التي يتحد فيها جسد المبدع بمادة الإبداع . ؟
        إن الإيقاع هو أحد نقاط القوة في تجربتك الشعرية . لكن اللغة أيضا هي أحد المرتكزات الأساسية التي تنهض عليها قصيدتك . فكيف تقيم هذا الجوار الخاص , الحميمي المعرفي مع اللغة , لغة الكتابة الشعرية ؟
 
        أعتقد أن اللغة هي هوية , لا بالمعنى الوطني أو القومي , و إنما هي هوية إنسانية , إننا لا نستطيع أن نعرف الوجود إلا إذا عثرنا على اللغة . إن اللغة تشير إلى الموجود , وحيث تكون اللغة يكون هناك تاريخ كما يقول هايدغر .
        هذا من ناحية معرفية عامة . أما من حيث الناحية الشعرية الخاصة , فان الشعر هو الذي يعيد الحياة إلى اللغة , عندما تستهلك وتصبح مجرد لغة يومية , مبتذلة دارجة . الشعر هو الذي يحيي اللغة , وهو الذي يطورها , وهو الذي يعرف الإنسان بوجوده من خلالها .
        صحيح أن اللغة هي أصل الشعر , لكن الشعر هو أيضا يشكل أصلا آخر للغة , أصلا للسلالة اللغوية , و أعتقد أن لغتي الشعرية ليسن ثرية , بل اعتقد أن لغتي الشعرية إلى حد ما هي لغة متقشفة . وقد صرت في الفترة الأخيرة أسعى إلى تقشف لغوي ما . ولا أعرف ما إذا كان تعبيري هنا دقيقا , فربما كان تقشفي بلاغيا أكثر منه لغويا , ولأنني لا أعتقد أن اللغة هي فقط وسيلة تعبير أو إيصال رسالة , و إنما هي أكثر من ذلك ... أو كما يقول الشاعر والمفكر الكبير أوكتافيوباث أن الفرق بين النثر والشعر هو أن الكلمة في النثر تريد أن تخبر . أن تبلغ عن شيء ما , بينما وظيفة الكلمة في القصيدة هي أن تكون . أي أن لها دورا كينونيا في بناء القصيدة .
       من ناحية أخرى , أنا فاقد كل شيء ... كمواطن و ككائن إنساني , في شروطي
التاريخية المحددة , أنا فاقد كل شيء , و لذلك،  أسعى لأن أحقق وجودي ووطني من خلال التأسيس داخل اللغة , تعويضا عن خسائري المحيطة بي . فأنا أؤسس كينونتي ووجودي ووطني و بيتي من داخل اللغة كتعويض عما فقدته وخسرته , ليس فقط كفلسطيني و إنما أيضا كشاعر , فالشاعر غير راض من علاقته بالواقع , غير راض عن علاقته بشرطه التاريخي . وبالتالي , فهو دائما يسعى , لكي يؤسس من خلال الواقع العيني واقعا استعاريا أو جماليا , فيجعل الواقع اللغوي في تعارض مع الواقع العيني .

                   مهنة الشعر


        محمود , أنت تعرف أن الشاعر بابلو نيرودا تحدث في مذكراته الشهيرة عن(مهنة الشاعر) . بالطبع , قد لا يستسيغ المرء مثل هذا التعبير , وقد لا يقبل أن تكون ممارسة الشعر
 ( مهنة ) . لكن عندما يقول بذلك شاعر إنساني كبير وعميق مثل نيرودا , فإننا نقبل به ولو على سبيل الوصف الإجرائي .؟
         أنت , أخي محمود ... كيف تعيش(مهنتك) كشاعر؟ كيف تؤثث هذه الهوية الإنسانية العميقة بوصفها صيغة وجود أو تعبيرا عن وجود؟
وأيضا ,كيف تمارس(هذه المهنة ) كطقس كتابة ؟
         دعنا نناقش في البداية موضوع المهنة . لا شك في أن الشعر هواية ومهنة معا . لا يستطيع الشاعر أن يبقى هاويا , بل عليه خلال عمر تجربة شعرية معينة أن ينتبه إلى الصناعة الشعرية . و الصناعة هي أقرب إلى المهنة .
         إن الشعر ليس تدفقا سليقيا تلقائيا بديهيا فقط , بل يجب أن يخضع لفكر شعري , لموقف مل و لفهم ما للوجود و العالم . فالجدلية بين المهنة والهواية ضرورية لسببين : لكي لا تتحول الصناعة إلى مهنة حرفية .. بمعنى الافتعال . ؟   نعم أي كما لو لدي مصنع خشب , فأصنع كرسيا كل يوم ! وهناك  شعراء لديهم هذه المهارة لانتاج كتب ليس من الضروري إنتاجها طالما أنهم صنعوا هذا الكرسي في كتب أخرى . و لأن لهم مهنة ويتقنون الصنعة الشعرية , فهم قادرون على الانتاج اليومي .
          والمهنة ضرورية أيضا لكبح كسل الهواية , و عدم تركها في انتظار ما يسمى
بالإلهام أو ما شابه ذلك . لذا على المهنة أن تراقب كهواية , وعلى الهواية أن تخضع لشروط المهنة . و بالتالي , فهناك علاقة جدلية بين بعد المهنة و بعد الهواية في الممارسة الشعرية .
          من جهتي , صرت أشعر في السنوات الأخيرة بأنني كنت هاويا أكثر مما ينبغي . لم أنتبه إلى نظام العمل , إذ مهما أعطينا للشعر من حرية التفجرات التلقائية و تشظياتها , ينبغي أن ننظم مراقبة الحالة التي ينادينا فيها الشعر . فقد يأتي الشعر و نحن مشغولون بفوضى غير منظمة , و قد يمر الشعر فلا ننتبه له . و بالتالي،  فأنا أدرب نفسي على الإصغاء لهذا الصوت الشعري .
 

            كيف تنظم هذا الإصغاء  إذا ؟


           انظمه بخلق عادات و تقاليد كتابية , إذ إنني دربت نفسي و بصعوبة على الانضباط في وقت الكتابة . علي أن أجلس إلى مكتبي في الصباح و أحاول الكتابة , و لكن من دون أن أرغم نفسي على الكتابة . ولا أعرف من قال إن الإلهام موجود , لكنه قد يمر ونحن لسنا في انتظاره ! بمعنى أن علينا أن ننتظر , أن نحاول قدح شرارة هذه العلاقة بين الإلهام و العمـــل . و ربما علينا أن نتساءل عن معنى الإلهام , ما هو الإلهام . أعتقد أن الإلهام هو اللحظة التي يجد فيها اللاوعي كلماته أو القدرة على التعبير عن نفسه . وقد تأتي هذه اللحظة أو قد لا تأتى , لكن علينا أن نسعى لانتظارها و اصطيادها في الوقت المناسب . ما اقصده هو إنني افهم هذه الجدلية و انتظر الإلهام , بل استحثه أحيانا على القدوم . إنني أذهب أحيانا إلى عملي الشعري , إن جاز التعبير , من دون شهية عالية , فافاجأ بأن الإلهام قد جاء , و أحيانا أذهب بحماسة لانتظار الإلهام و لكنه لا يأتي .
         إذا , هذا الشيطان الشعري , و هو فعلا شيطان و ليست له مواعيد وليست له إنذارات مسبقة . وبالتالي , علينا أن نلعب معه اللعبة الماكرة .
         حديثك عن جانب من أسرار الكتابة لديك , يحفزني على أن اندس قليلا في مختبر القصيدة التي تكتبها . و ما اعرفه شخصيا , وما أنا مقتنع به
بصدق , أنك شكلت عبر التجربة الطويلة وخبرة السنوات المتراكمة من الكتابة نوعا من المختبر في كتابة الشعر العربي الحديث و المعاصر . مختبر متميز لمعجم من الكلمات الخاصة . كيف تربي في الظل هذه الكلمات . كيف تحدب عليها . كيف تقيم العلاقة معها . كيف تؤثث فضاء الكتابة . ما نوع الأوراق والأقلام التي تستعملها . ما هو الزمن الملائم و الأثير لكتابة القصيدة ؟ .
         و باختصار , هل يمكننا أن نتعرف على المختبر السري للشاعر الكبير محمود درويش . وما هي مواصفاته و ملامحه الأساسية ؟ .
         إذا جاز أن لي مختبرا , فان مختبري نهاري . لست من كتاب الليل , وقد بذلت جهودا طائلة لكي أتعود على الكتابة في الليل , لأن الوقت في الليل أطول , و لكن لا أعرف الأسباب الغامضة . و إذن , مختبري مفضوح , مكشوف للضوء .
         صحيح أن الكتابة تعبير عن اللاوعي , إذ الكتابة هي اللاوعي عندما يتكلم . لكنها تحتاج إلى وعي شديد . وهذا هو الذي يربط بيتي وبين الضوء , فلا أكتب إلا في الضوء   ( الطبيعي) .
        من طقوسي .. أو بالأحرى من عاداتي الأخرى , إنني لا اكتب إلا على ورق ابيض غير مسطر , وأقطع كثيرا من الورق . كلما شطبت سطرا على صفحة , أعيد نسخ ما كتبت على صفحة أخرى . لا أحب المسودات المشوشة . كما أنني اكتب بقلم حبر السائل , باللون الأسود دائما . وأحيانا , عندما اعثر الكتابة.. أتطير من قلم ما فأغير الأقلام , معتبرا أن المشكلة في الأقلام . و إذا صدقت هذه الريبة فإنني أومن بالقلم الآخر .
        إنها أوهام صغيرة , لكنها لا تضر القارئ ولا تضر الشاعر , نوع من التطير من قلم معين والتفاؤل بقلم آخر .
        من عاداتي أيضا أنني لا أستطيع لا في الطائرات ولا في القطارات , ولا في الفنادق , ولا في مكان خارج المكان الذي توجد فيه  كتبي أو على الأقل مكتبتي الرئيسية . أحتاج دائما إلى مراجع . وقد تستغرب سي حسن , كلما كبرت في السن وفي التجربة الشعرية , تزداد شكوكي إزاء دقة الكلمات و صوابها , أتا لم أكن أفتح القاموس بهذا الشكل الذي افتحه الآن . فلا يمر يوم من دون أن افتح القاموس للتأكد من سلامة الكلمة و جذرها و مصدرها وتعدد معانيها . لذلك , لا أستطيع أن أكتب في مكان لا توجد فيه قواميس أو مراجع أو انسيكلوبيديا . في الكتابة الشعرية احتاج إلى مراجع كما لو إنني أقوم ببحث , بينما القصيدة في ظن الناس الذين لا يكتبون تبدو كما لو كانت خاطرة , لا , الشعر ليس خاطرة . انه عنل بحث شاق , يحتاج إلى التدقيق في المراجع والمرجعيات والعودة الدائمة إلى المكتبة . ان القصيدة بحث ...
             صعوبة اختيار العنوان
 
      محمود , عندما تنتهي من كتابة قصيدة , وتشعر بانها اكتملت و أصبحت قادرة على الخروج إلى قارئها , كيف تعثر لها على عنوان . ثم ما حكاية العناوين في تجربتك .هل يحدث أن قصيدة كتبتها سبقها عنوانها مثلا , أم أن العنوان لديك يأتي ليسمي القصيدة بعد ولادتها ؟ و أستطرد، هل مجموعاتك الشعرية , تسبقها عناوينها أم تأتي العناوين لاحقا ؟
        لم يسبق لي عبر كل تجربتي الشعرية , وهي طويلة , أن سبق أي عنوان أي قصيدة , أو سبق اسم معين لمجموعة شعرية المجموعة نفسها . و دائما , أجد صعوبة في اختيار العنوان . كما إنني بأصدقاء في أحيان كثيرة . وأحيانا أرسل المجموعة الشعرية إلى ناشر من دون أن اعثر لهــــا على عنوان , فأستعيـــــن بالناشـــر و أستعين بهيئة القراءة (في دار النشر)       
لكي يقترحوا علي مجموعة عناوين أختار من بينها العنوان الملائم . وقد حدث هذا مع مجموعتي الجديدة  ( لا تعتذر عما فعلت ) , إذ تم رقن النصوص وتصفيفها ولم نعثر لها على عنوان, و اقترح علي الناشر عشرة عناوين , اخترنا منها هذا العنوان . كذلك , حدث نفس الأمر مع مجموعتي الشعرية ( لماذا تركت الحصان وحيدا ) , التي تأخرت  في المطبعة أكثر من شهر في انتظار العثور على العنوان الملائم . وفي النهاية , توفق أحد الأصدقاء في اقتراح هذا العنوان .
 دائما كان العنوان يأتي في آخر العمل الشعري

        نفس الشيء حدث بالنسبة لمجموعتك الشعرية الأولى (عاشق فلسطين ) الذي اقترح الناشر عنوانها بعيدا عنك – كما أذكر – لكن عندما تتواطأ مع ناشرك على قبول عنوان معين , سواء أكان من اقتراحه هو أم اقترحه أحد الأصدقاء , كيف تؤسس علاقتك مع هذا العنوان ؟ كيف يصبح جزءا منك ومن تجربتك؟
 
        أولا عند الاختيار أراعي ألا يكون العنوان أحادي الدلالة . لما ؟ لأن عنوانا محدد الدلالة يقود القارئ إلى تأويل محدد للكتاب , فأحرص أن أتركه مفتوحا على عدة احتمالات و على عدة مستويات للقراءة . في البداية , أتعود على أن هذا العمل بهذا الاسم هو ابن لي و جزء مني , لكن من كثرة التداول , يصبح (شخصية مستقلة)،  فيعرف بذاته و باسمه و تصبح له كينونــة , و ثمة بعض من أعمالي الشعرية , تمنيت لو راجعت عناوينها , ولكن ذلك اصبح خارج الإرادة . 
        أيضا عندما تكتب الشعر .. هل تحتاج إلى تفضية موسيقية . هل من عادتك أن تهيئ فضاء موسيقيا معينا لكتابك . و بمعنى آخر , هل تنصت للموسيقى أثناء استيلاد قصيدتك أم تفضل أن تسمع الموسيقى خارج لحظات الكتابة ؟ و ما علاقتك أساسا بالمرجع الموسيقى؟
        أحيانا , أحتاج إلى نوع من الموسيقى لكي يخدم إيقاعي أو لكي أخذ من الموسيقى إيقاعا ما , مثلا , عندما أريد أن اكتب نصا خافتا استمع إلى شوبان , و عندما أريد أن اكتب مقطعا عالي النبرة و قويا و استمع إلى بيتهوفن .
       من جهة أخرى , استمع إلى الموسيقى لكي آخذ منها أفكارا . لماذا ؟ لأن الموسيقى لا تقول لك بالكلمات , ما هي موضوعاتها , وما هي طريقها , و ما هي رحلتها , فأنت تؤول و تترجم و من خلال تفاعلك مع الموسيقى هذه الأصوات التجريدية إلى كلمات ملموسة .
       إنني كثيرا ما استفــيـد مـــــن الموســـيقى و أستخدمها ليس فقط لتقوية  أو تخفيض النبرة أو الإيقاع , بل من أجل تحويلها إلى كلمات تعينني على أن أترجم الموسيقى إلى لغة .

       والموسيقى التقليدية , موسيقــى الشعـــــوب و بخاصة الموسيقى التقليدية الفلسطينية , ألا تهتم بها؟ .
       دعني أعطك مثالا على هذه العلاقة مع موسيقى الشعوب من خلال تجربتي الشعرية : عندما كنت أشتغل على نصي الشعري عن الهنود الحمر في سنة 1992 , قرأت كثيرا من أدبهم زمن خطبهم البليغة جدا , ومن شعرهم , ومما كتب عنهم . أيضا , اشتريت مجموعة من الاسطوانات و أشرطة موسيقاهم . و ذلك لكي أدخل إلى هذا العالم الغرائبي بالنسبة الي , ولكي أدخل في عمق الثقافة الروحية لهذا الشعب الذي تعرض لأكبر إبادة في التاريخ البشري الحديث .
       فعلا , أحتاج إلى موسيقى الشعوب . وحدث نفس الشيء , عندما كتبت عن الأندلس. فكل ما كتبته , كتب على إيقاع موسيقى الفلامينكو, وعلى أصوات القيثارات و الكمنجات الغجرية .
       استطرادا , و في نفس الأفق , كيف تقيم علاقة مع الفنون البصرية ومع الفن التشكيلي بالذات , إنني أبحث فيها عن الشاعرية , أنا منحاز إلى الفن التشكيلي التجريدي الذي لا يقدم لي صورة واضحة نهائية أو وجوها ذات ملامح محددة , افضل الفن المائي المفتوح على عدة قراءات,  و لذلك لا أصلح أن أكون ناقدا تشكيليا، لأنني لا ابحث في هذا الفن إلا عن حضور الشاعرية و تعبيريتها .

         صداقات شعرية و شخصية
 
       أخي محمود , أنت تكتب نصا شعريا عظيما له قيمة ملموسة في الشعرية الإنسانية , وله حضوره على مستوى الجغرافيات الشعرية الكونية المعاصرة
. بالطبع , لا أجامل و أنما أتحدث عن معرفة شخصية , وعن مواكبة للنص ذاته ولأصدائه الممتدة . و في نفس الآن , ألاحظ أنك تمد جسـورا و تربط وشائج مع عدد من الصداقات و القــراءات و المرجعيات الشعرية الإنسانية , و لك صداقات مع بعض الشعراء الكبار , أحيانا صداقات مباشـــرة , و أحيانا أخرى صداقات مع نصوصهم الشعرية المرجعية .
        كيف تشيد حوارك مع هذه الصداقات و هذه الجغرافيات والنصوص الكونية ( أفكر الآن في بانيس ريستوس مثلا , شاعر اليونان الكبير الذي تعرفت عليه  وكتب عنك ) ؟
 
         في الحقيقة , اغلب صداقاتي الشعرية تمت من خلال النص , و نادرا ما بذلت جهدا لتطوير علاقة شخصية . ذلك لأنني أعرف أن هؤلاء الشعراء الكبار في الغالب هم كبيرو الشأن و شديدو التهذيب , وبالتالي لا أفرض عليهم نوعا من تطفل الصداقة .
        ذكرت ريستوس , و قد أقمت معه نوع من الصداقة لأنني أقمت لفترة معينة قي بأثينا , و قدمني للجمهور أول مرة قائلا في حقي كلمات أخجلتني كثيرا , وتناولنا الغذاء معا , ثم زرته في بيته . لكننا لم نطور معا هذه العلاقة من خلال المراسلات أو تبادل المكالمات الهاتفية مثلا , و تقريبا انتهت فــــي فترتهـــــا الأولى , و ظلت في حدود المجاملة و الضيافة الشعرية , ضيف و مضيف . و كذلك نفس الشيء يمكنني أن أقوله  عن علائقي ببعض الشعراء الفرنسيين و بعض الشعراء العالميين الآخرين . لكن هناك علاقة صداقة عميقة مع ديريك والكوت رغم أننا لم تلتق . أبدا , لم نلتق و أنــا معجـــب بشعره , و أظن أنه يعرف مدى إعجابي بشعره .
       يمكنني أن استحضر هنا صداقتي مع برايتن برايتنباخ الجنوبي الإفريقي , و هي صداقة كانت قوية بحكم لقاءاتنا المستمرة عندما كنت في باريس حيث كنا نقيم معا , لكننا لم نكن نفترق , لا نلتقي و لا تظل هناك مواكبة يومية إلا من خلال العلاقة مع النص . وطبعا عندما نلتقي تتجدد هذه الصداقة .
        أذكر أيضا علاقات أخرى كانت قويـــــة و ثرية مع شعراء روس أمثال يفتشينكو , بريزينسكي و رسول حمزاتوف و غيرهم , ولا أنسى الصداقات مع بعض الكتاب الكبار ,
كالروائي البرتغالي العظيم ساراماغو الذي زارنا في رام الله , و الكاتب النيجيري الكبير وول سينيكا , و صديقي خوان غويتسولو الذي أعرفه كثيرا و الذي يسهل العلاقة و يبادر إلى الصداقة .
       و صداقاتك الشعرية العربية , ما هو رصيدك منها ؟
       بالنسبة لصداقاتي الشعرية على المستوى العربي , الأمر مختلف ... فنحن نعيش في بيئة واحدة و نلتقي كثيرا , و أنا أشكر الله أن ليس لي خصوم . كما لا أتوقف كثيرا عند من يبادرني العداء . وعلاقتي بالشعراء الكبار ممتازة . لقد كانت علاقتي مع الشاعر نزار قباني علاقة صداقة قوية ,علاقتي مع أدونيس علاقة صداقة طويلة و دائمة و وكذلك علاقتي مع سعدي يوسف علاقة صداقة راقية , ومع سليم بركات .. ومع الجيل الجديد من الشعراء الفلسطينييــــن , و في مصر مع أحمد عبد المعطي حجازي ومع محمد عفيفي مطر و  أيضا مع ممدوح عــدوان و نزيه أبو عفش  ( سورية ). و علاقة الصداقة في المغرب مع محمد بنيس .. ومع حسن نجمي..
        عفوا أنا تلميذ لك يا أخي ؟  
         الحمد لله علاقاتي صحيحــة و سليمـــــة و ليس بها لأي غبار , لأنني لا أؤمن بالحزبية الشعرية بتاتا . و أتحرك خارج اعتبارات بعض الظواهر السلبية التي تسود الحياة الثقافية العربية , كالتكتلات أو الحزبيات أو المافيات الصغيرة أحيانا . ذلك لأنني أعتقد أن الفضاء الشعري واسع ويتسع لكل الخيارات و التجارب , ولكل الأجيال أيضا .
        إن علاقتي بالأجيال علاقة سليمة , فأنا مجايل لأصغر الشعراء سنا , وأتعلم منهم وأصغي إلى حساسيتهم الجديدة , لأنهم هم المستقبل في آخر الأمر . و بالتالي , فنحن الأكبر سنا ينبغي أن ندقق في سلامة مجازنــــا و عالمنا الشعري . قد يكون هذا العالم دخل في طور كلاسيكية محافظة و نحن لا ندري . لذلك علينا دائما أن نصغي و أن نقرأ النتاج الجديد لكي نفهم بشكل أفضل الحساسية الشعرية الجديدة . سواء كنا نقبلها أو نرفضها . فقد نكون هرمنا دون أن ندري . و بالتالي على المرء أن يجدد
شبابه من خلال توطيد العلاقة مع شباب الشعر الحديث . 
 
       هيأت لي أفق السؤال عن مواكبتك للقصيدة الفلسطينية الجديدة . كيف تقرأ نتاج شعراء الجيل الجديد ؟ كيف تقيم مع هؤلاء الشعراء الجدد علاقة ؟ وكيف تحاورهم بوصفك مرجعية كبرى في الشعر الفلسطيني , وفي الشعر العربي ؟
       أعرف عدد من أصدقائي الشعراء الفلسطينيين الشباب , وكيف يحبونك و يواكبون أعمالك قـراءة و مواكبة نقدية , فكيف توا كبهم أنت من موقعك ؟ هل تحاورهم من موقع الأستاذ , المرجع أم من موقع الصديق   الذي يكتفي بالقراءة و الإنصات فقط ؟ هل توجه أم تنصح مثلا؟ 
 
       لم أتصرف أبدا, ولو مرة واحدة , من منطق أنني أكبر سنا أو أكثر تجربة شعرية , بالعكس , أحرص على أن أعطيهم إحساس بأنني أريد أن أتعلم , وبأنني أريد أن افهم المناخ الشعري الجديد من خلالهم . طبعا , إذا طلبوا مني النصيحة فإنني أقدمها بأقصى درجات الأناقة تواضعا , وأنصح بالخصوص عندما يكتب الشاعر قصيدته بالوزن , بألا يخطئ الوزن . إذا كتب بالفصحى , عليه ألا يخطئ في الصرف و النحو . هناك أدوات أولية علينا ألا نخطئ فيها . أنا أحترم خيــار قصيدة النثـــــر . و لكنك اذا كتبت وزنا فعليك الا تلعب بالوزن . عليك أن تتقن الوزن , و أن تطوعه لمتطلباتك لأن له قواعده و نظامه الزمني والإيقاعي .
       وأنصحهم بأكثر من ذلك : الا يكرروا تجربة الجيل الذي سبقهم . ذلك أن الجيل السابق قد قام بالواجبات الوطنية في الشعر , فوفر عليهم هذا الجهد . اذا عليهم أن ينتبهو إلى تطوير الجماليات و الذائقة الجديدة , و تطوير القصيدة , و الاهتمام بقضية الشعر أكثر من الاهتمام بشعر القضية .
       ان الموضوعات التي كانت تؤرق المجتمع الفلسطيني , قد قدم الجيل الشعري السابق كثيرا من الشهداء ( شهداء بالمعنى المجازي ) من أجل تثبيتها في المدونة أو في السجل الثقافي الفلسطيني . فهم إذا على ارض ممهدة لهم , وقد يكون جيلي أو بعض مجايلي هم سلاح الهندسة للكشف عن أرض الصراع . بمعنى أن أمامهم ظروفا أفضل لكي يطوروا جمالية القصيــــدة . و بالتالي , فان علاقتي معهم سليمة جدا ولا
أعطيهم أي إحساس بأنني أحاورهم أو أتحدث إليهم بوصفي مرجعية . و دائما أقول لهم تحرروا منا !
          أصل إلى سؤال ضروري , ولا أريد أن اثقل عليك أو ازعجك بالأسئلة التي لا تحب , لكن لا بأس أن أسألك : إلى أي حد ما زالت ( تضغط ) على قصيدتك وعلى يومك الشعري قضيتك الوطنية . كيف تصرف أمرك معها كشاعر أساسا ؟
    
        خير جواب على هذا السؤال هو لا ما أقوله عن القصيدة , بل ما تقوله  قصيدتي عنها. الشعر يقول أكثر مما يقال عنه . و لست من المتحمسين لإخضاع إبداعهم الشعري لنظريتهم النقدية . طبعا , لا بد لنا من أفكار عن الشعر , لكنني أومن أكثر بالمفاجأة الشعرية و النظرية , تكون دائما لاحقة بالإبداع ولا تسبقه , بالتالي , فان هذا الموضوع لا يطرح أي مشكلة . إن ضغط اللحظة الراهنة على نصي الشعري قد تم استيعابه بطريقة تدل عليه قصائدي الأخيرة . لم أعد أعاني من هذا المأزق , وأعرف كيف التدبر أمر اللحظة الراهنة على المتطلبات الجمالية , لكنني لا أعرف كيف أقول ذلك نظريا , بل أعرف كيف أعالجه إبداعيا .
        الشعر لا يستطيع تغيير العالم
 
        لكن بشكل عام , كيف يمكن للقصيدة أن تتحمل العبء الإنساني كثقل يومي , كانشغالات،  كقضايا وجودية . كيف يمكن النهوض بهذا العبء في تجربة محمود درويش تحديدا ؟
       بودي أن استعيد سؤال أدورنو: هل يمكن كتابة الشعر بعد ( أوشفيتز ) . آه .. ممكن . صحيح أننا في زمن وحشي جدا , في زمن استبداد كومي , في زمن مضاد للشعر , في زمن اللاشعر بالمعنى الشمولي . لكنني أعتقد أن الشعر لا يعرف إلا نقيضه . من فرط ما هوى العالم غير شعري , هناك ضرورة للشعر. لكن الشعر لا يحارب الحرب –على سبيل المثال-  بأسلحتها,  فهو أكثر مكرا , ويستطيع أن يستمد قوته من هشاشة الأشياء ومن هشاشته هو . الشعر بطبيعته هش , و إذا حملناه من الطاقات لحل مشاكل الكون نكسره .
        ما يستطيعه الشعر هو أن يتلصص على الضوء . يستطيع أن يتعلم من قوة العشب أكثر من قوة الطائرة . و يستطيع أن يجدد دهشة الإنسان و لان الكلمات في الشعر تبقى في حياتها الأولى .
        كيف نعود إلى طفولة الأشياء , و إلى طفولتنا داخل هذه الأشياء , ونجددها .. هذه أفضل طريقة للدفاع عن وجودنا الإنساني . إن الشعر لا يستطيع أن يغير العالم . ما يستطيعه هو أن يمنح الإنسان قيمة الإحساس بجدواه , بل ويعطيه إحساسا بمعنى ما لهذا الوجود .
        الشعر متواضع جدا , و يجب أن يكون متواضعا لكي لا ينكسر في مواجهة الأثقال التي قد يحملها لنفسه . انه التحلل من وهم القدرة على تغيير الواقع . انه صراع ضد الموت , الموت بكل الأسباب و الأشكال . وبهذا المعنى , يعيد للحياة الإنسانية شيئا من القها و معناها . انه يدافع عن الأناني بما هو يعادي الموت . 

          في مجموعاتك الشعرية الخيرة , خصوصا منذ ( الجدارية) أصبح لديك إحساس بالزمان أقوى من الإحساس بالمكان , الذي لربما كان يميز سيرورة خطابك الشعري في السابق . و أنت تعرف أن إحدى أهم المجموعات الشعرية لدى الشاعر الإيطالي اونغاريتي كان اسمها( الإحساس بالزمن ).  من أين ينبثق هذا الإحساس القوي الطارئ في عمق تجربتك الشعرية الأخيرة ؟
 
       إن الزمن هو الذي يجعلك تحس به . نحن لا نعرف هل ندخل في الزمن أم الزمن هو الذي  يدخل فينا! و لعله إحساس ينبثق من كون ما تبقى من العمر أصبح معروفا ومرئيا . البدايات ابتعدت و صارت النهاية اكثر وضوحا. وهذا يحرك أسئلة حول الموت , و حــول الوجـــــود و العدم, ويعطيك إحساسا بأنك في صراع مع الزمن .. هل تسبقه أم يسبقك . و أن عليك أن تسجل شهادة حضورك في العالم من خلال بلورة بلورية لنص شعري أقرب إلى الشعر الصافي . هذا الهم لم يكن موجودا في السابق بنفس الكثافة . ذلك أنني لا أملك الوقت الآن لأجدد و همي بتغيير العالم . أنا منشغل الآن بالعثور على معنى ما لهذا الوجود العبثي في محاولة لمقاومة العبث بعبث جمالي .          
 
 
WEBMASTER : AA-ALSAAD
This Web Site Programmed and Written By ABD ALMASSIH JAMIL ALSAAD ..... Copyright 2003 (C) SCOPNET  All Rights Reserved 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق