مجلة السنونو (
العدد السابع ) -
وجها لوجه
|
محمود
درويش ( الشعر حرفة وهواية ) حوار : حسن نجمي
|
لعل محمود
درويش أن يكون الشاعر العربي الوحيد بين شعراء الحداثة العربية , الذي له علاقة
خاصة بالجمهور , ولعله الوحيد , أيضا , القادر على أخذ جمهور عريض , ليس متابعا
بالضرورة لسيرورة الشعر العربي الحديث , إلي اقتراحاته الأسلوبية والجمالية من دون
جهد يذكر .
إنها علاقة
يمكن أن توصف ب "السحرية " تلك التي تربط محمود درويش بجمهوره . شاعر يقف أمام
الجمهور فيسحره . يأخذه من حالة التوقع المسبق , أو لنقل الذائقة الجاهزة , إلى
انزياحاته وانتقالاته الفنية والمضمونية .
ومن دون أن
نقلل من أهمية فلسطين في شعر محمود درويش , وفي وجدان جمهوره فان الذين يذهبون إلى
أمسية درويش ل يذهبون لهذا السبب فقط . انهم , بدءا , يذهبون إلى الشعر , إلى محمود
درويش نفسه . هذا الشاعر – الحالة الخاصة .
على هامش
أمسيته الحاشدة في الرباط كان معه هذا الحوار :
الأخ محمود , جئت إلى المغرب مرة أخرى لتجدد اللقاء مع الجمهور
المغربي , ترى , ألا يزعجك هذا الزخم من الحضور , ومن الإنصات و الانتباه لقصيدتك ,
و لتميز إنشادك لهذه القصيدة ؟ ألا تتضايق قليلا أو كثيرا من هذا الفيض الواضح من
المحبة , زمن الدفق الرائع من حولك ؟ ألا تشعر , في لحظة من اللحظات , بالحاجة إلى
تخفيض الجمهور في جسدك , والحد من عدد القراء بداخلك حفاظا على صمت القصيدة وعلى
هيبتها ؟
أعتقد أن هذا
السؤال كثير الترف . فليس من حق الشاعر أن يشكو إلا من شيء واحد : من عزلته . أعني
بعزلته أن تكون هناك مسافة بينه وبين القارئ , وليس من حقه أن يشكو من حضور القارئ
الكثيف في المساحة التي يوفرها النص للالتقاء بالقارئ .
في المغرب ,
وخصوصا في الرباط , وبخاصة في مسرح محمد الخامس , أسبح في مائي . إن هذا المسرح من
أجمل الأمكنة التي أقرأ فيها شعري , حتى ولو كانت خالية من السكان . وبالتالي لا
أستطيع أن أقول أن الناس في هذه القاعة هم جمهور . انهم مؤلفون مشاركون في عملية
تحويل العلاقة بين القصيدة و القارئ إلى طقس .
ما يحدث معي
دائما في هذه القاعة هو نـــــوع الاحتفالية . أنا احتفـــــي بالجمهــــور, و
الجمهور يحتفي بي . وبالتالي , يساعدني الجمهور على أن أؤلف القصيدة تأليفا مختلفا
عن كتابتها .
إذا عندما
ألتقي بجمهور مسرح محمد الخامس , لا أشعر بأتي اقرأ نصا شعريا مكتوبا، بل أشعر
بأنني – أنا والناس – نعيد إنتـــــــاج و كتابة هذا النص بشكل احتفالي أو مسرحي إن
شئت .
أفهم من سؤالك
المعنى الثقافي الذي تعنيه، وهو أن كثرة الجمهور تحمل في سياقها مطالب جمالية
محددة تثقل على الشاعر . هذا يتوقف على مدى انصياع الشاعر للحظة الحماسة التي
يريدها الجمهور .
هناك جمهور
يقود الشاعر . هناك شاعر يقود الجمهور . و هناك قيادة مشتركة بين الشاعر و الجمهور
, و هذا ما يحدث في علاقتي .
أعرف أيضا من
سؤالك ألأنك تريد أن تقول : إن متطلبات الجمهور لا تحمل دائما شروطا جمالية . لكن
هذا يتوقف عليَّ . كيف ؟ ... كيف أتصرف مع هذه الهدية , ومع هذه المطالب . هل أصدق
ضغط اللحظة , أم أحور هذه اللحظة في اتجاه آخر , يلتقي فيها الشعر مع محتواه
الإنساني و المشترك بين النص الشعري و الواقع الذي أنتج هذا النص ؟
محمود , بخبرتك الشعرية . و
أنت تترك أثناء كتابتك للقصيدة جملة من البياضات أو الفجوات في النص كي تشرك معك
قارئك في بناء المعنى الشعري وفي استكمال المستلزمات الجمالية و المعرفية لقصيدتك ,
ألا تراهن أيضا على توقعات الإنشاد . ؟
أرجو أن
تصدقني إذا قلت لــــــك إننـي لا أفكر بتاتا في أي قارئ في لحظة الكتابة . عندما
أكتب , أعطى لنفسي حق التعبير الذاتي بشكل مطلق لا رقابة عليه من أي اعتبار غير
اعتبارات الكتابة المحضة . ولا أفكر في القارئ إلا عندما أريد أن انشر القصيدة , أي
عندما تكتمل هذه القصيدة و أرضى عن مهندستهــــــا و بنائها و إيقاعها , و أشعر
أنها تحمل مشتركا ما بين كاتبها و متلقيها , فإنني أنشرها عندئذ , ولا تصبح ملكا لي
, بل تصبــــح ملكا للمتلقـــي. و أنظر إليها من هذا المنظار كما لو أن شاعرا آخر
هو الذي كتب هذا النص . وهذا أحد مقاييس حكمي على قصائدي , إذ أكتب و أضع في الدرج
, و بعد فترة , أعيد قراءة ما كتب . فإذا لاحظت أن هذا النص يشبهني كثيرا , أعرف
أنني كررت نفسي , وأعرف أنني أنا من كتب النص . لكن عندما أشعر بأن شاعرا آخر قد
كتب النص , أي أن هناك دهشة ما , و غرابة ما و جديدا ما .. ساعتها أظن أن النص قد
استوفى بعض المتطلبات و الشروط التي احلم بها .
أما موضوع
الإنشاد , فلا أخطط لـه .. لا أثناء كتابتي الأولى , ولا أثناء الكتابة النهائية
للقصيدة . إن الإنشاد موجود بحكم خياري الشعري الموسيقي . وأنت تعرف أنني من
الشعراء شديدي الانحياز إلى الإيقاع , سواء أكان هذا الإيقاع خارجيا أم داخليا ,
وقد عبرت أكثر من مرة عن أنني لا أستطيع أن أحقق شعريتي إلا إيقاعيا . و بالتالي ,
عناصر الإنشاد متوفرة , لكنني لا أخطط لها مسبقا .
وفي القراءات الشعرية ؟
في قراءاتي الشعرية , نعم , أراعى هذا الموضوع أثناء اختياراتي
لقراءاتي الشعرية , فهناك قصائد قد لا تتوفر فيها شروط الإيصال الإيقاعي , لا
أقرأها مع لنني أغامر أحيانا بقراءة تجريبية , وقد فعلت ذلك أكثر من مرة . لكن
الإلقاء أو الإنشاد فن آخر مستقل عن الكتابة الشعرية . فهو ينتمي أكثر إلى المسرح
أو إلى الرقص أو إلى ما شئت من الفنون الأخرى , ولذلك و فهو فن ثالث غير مرتبـط
بالقصيـــــدة و الإنشاد هو نوع من الغنائية بصــــوت عال , و نوع من المسرحة .
وكما قلت لك في
البداية , ثروتي الإيقاعية – ولا أخجل من هذا التعبير – توفر لنصي الشعري شرطا
إنشاديا .
إلى جانب ثروتك الإيقاعية ,
هناك ثروتك اللغوية . وقد قلت في قصيدة لك : أنا لغتي , وذلك بالمعنى العميق النبيل
, المعنى الجمالي المعرفي والفلسفي , لهذا التماهي بمادة الكتابة الذي يذكرني بما
قاله الرسام الشهير بول كلي : أنا اللون , أي اللحظة التي يتحد فيها جسد المبدع
بمادة الإبداع . ؟
إن الإيقاع هو أحد نقاط القوة
في تجربتك الشعرية . لكن اللغة أيضا هي أحد المرتكزات الأساسية التي تنهض عليها
قصيدتك . فكيف تقيم هذا الجوار الخاص , الحميمي المعرفي مع اللغة , لغة الكتابة
الشعرية ؟
أعتقد أن اللغة هي هوية , لا بالمعنى الوطني أو القومي
, و إنما هي هوية إنسانية , إننا لا نستطيع أن نعرف الوجود إلا إذا عثرنا على اللغة
. إن اللغة تشير إلى الموجود , وحيث تكون اللغة يكون هناك تاريخ كما يقول هايدغر .
هذا من ناحية
معرفية عامة . أما من حيث الناحية الشعرية الخاصة , فان الشعر هو الذي يعيد الحياة
إلى اللغة , عندما تستهلك وتصبح مجرد لغة يومية , مبتذلة دارجة . الشعر هو الذي
يحيي اللغة , وهو الذي يطورها , وهو الذي يعرف الإنسان بوجوده من خلالها .
صحيح أن اللغة
هي أصل الشعر , لكن الشعر هو أيضا يشكل أصلا آخر للغة , أصلا للسلالة اللغوية , و
أعتقد أن لغتي الشعرية ليسن ثرية , بل اعتقد أن لغتي الشعرية إلى حد ما هي لغة
متقشفة . وقد صرت في الفترة الأخيرة أسعى إلى تقشف لغوي ما . ولا أعرف ما إذا كان
تعبيري هنا دقيقا , فربما كان تقشفي بلاغيا أكثر منه لغويا , ولأنني لا أعتقد أن
اللغة هي فقط وسيلة تعبير أو إيصال رسالة , و إنما هي أكثر من ذلك ... أو كما يقول
الشاعر والمفكر الكبير أوكتافيوباث أن الفرق بين النثر والشعر هو أن الكلمة في
النثر تريد أن تخبر . أن تبلغ عن شيء ما , بينما وظيفة الكلمة في القصيدة هي أن
تكون . أي أن لها دورا كينونيا في بناء القصيدة .
من ناحية أخرى , أنا فاقد كل شيء ... كمواطن و ككائن إنساني , في شروطي
التاريخية المحددة ,
أنا فاقد كل شيء , و لذلك، أسعى لأن أحقق وجودي ووطني من خلال التأسيس داخل اللغة
, تعويضا عن خسائري المحيطة بي . فأنا أؤسس كينونتي ووجودي ووطني و بيتي من داخل
اللغة كتعويض عما فقدته وخسرته , ليس فقط كفلسطيني و إنما أيضا كشاعر , فالشاعر غير
راض من علاقته بالواقع , غير راض عن علاقته بشرطه التاريخي . وبالتالي , فهو دائما
يسعى , لكي يؤسس من خلال الواقع العيني واقعا استعاريا أو جماليا , فيجعل الواقع
اللغوي في تعارض مع الواقع العيني .
مهنة الشعر
محمود , أنت تعرف أن الشاعر بابلو
نيرودا تحدث في مذكراته الشهيرة عن(مهنة الشاعر) . بالطبع , قد لا يستسيغ المرء مثل
هذا التعبير , وقد لا يقبل أن تكون ممارسة الشعر
( مهنة ) . لكن عندما يقول بذلك شاعر
إنساني كبير وعميق مثل نيرودا , فإننا نقبل به ولو على سبيل الوصف الإجرائي .؟
أنت , أخي محمود ... كيف
تعيش(مهنتك) كشاعر؟ كيف تؤثث هذه الهوية الإنسانية العميقة بوصفها صيغة وجود أو
تعبيرا عن وجود؟
وأيضا ,كيف تمارس(هذه المهنة ) كطقس
كتابة ؟
دعنا نناقش في البداية موضوع المهنة . لا شك في أن الشعر هواية
ومهنة معا . لا يستطيع الشاعر أن يبقى هاويا , بل عليه خلال عمر تجربة شعرية معينة
أن ينتبه إلى الصناعة الشعرية . و الصناعة هي أقرب إلى المهنة .
إن الشعر ليس
تدفقا سليقيا تلقائيا بديهيا فقط , بل يجب أن يخضع لفكر شعري , لموقف مل و لفهم ما
للوجود و العالم . فالجدلية بين المهنة والهواية ضرورية لسببين : لكي لا تتحول
الصناعة إلى مهنة حرفية .. بمعنى الافتعال . ؟ نعم أي كما لو لدي مصنع خشب ,
فأصنع كرسيا كل يوم ! وهناك شعراء لديهم هذه المهارة لانتاج كتب ليس من الضروري
إنتاجها طالما أنهم صنعوا هذا الكرسي في كتب أخرى . و لأن لهم مهنة ويتقنون الصنعة
الشعرية , فهم قادرون على الانتاج اليومي .
والمهنة ضرورية أيضا لكبح كسل الهواية , و عدم تركها في انتظار ما يسمى
بالإلهام أو ما شابه
ذلك . لذا على المهنة أن تراقب كهواية , وعلى الهواية أن تخضع لشروط المهنة . و
بالتالي , فهناك علاقة جدلية بين بعد المهنة و بعد الهواية في الممارسة الشعرية .
من جهتي ,
صرت أشعر في السنوات الأخيرة بأنني كنت هاويا أكثر مما ينبغي . لم أنتبه إلى نظام
العمل , إذ مهما أعطينا للشعر من حرية التفجرات التلقائية و تشظياتها , ينبغي أن
ننظم مراقبة الحالة التي ينادينا فيها الشعر . فقد يأتي الشعر و نحن مشغولون بفوضى
غير منظمة , و قد يمر الشعر فلا ننتبه له . و بالتالي، فأنا أدرب نفسي على الإصغاء
لهذا الصوت الشعري .
كيف تنظم هذا الإصغاء إذا ؟
انظمه بخلق
عادات و تقاليد كتابية , إذ إنني دربت نفسي و بصعوبة على الانضباط في وقت الكتابة .
علي أن أجلس إلى مكتبي في الصباح و أحاول الكتابة , و لكن من دون أن أرغم نفسي على
الكتابة . ولا أعرف من قال إن الإلهام موجود , لكنه قد يمر ونحن لسنا في انتظاره !
بمعنى أن علينا أن ننتظر , أن نحاول قدح شرارة هذه العلاقة بين الإلهام و العمـــل
. و ربما علينا أن نتساءل عن معنى الإلهام , ما هو الإلهام . أعتقد أن الإلهام هو
اللحظة التي يجد فيها اللاوعي كلماته أو القدرة على التعبير عن نفسه . وقد تأتي هذه
اللحظة أو قد لا تأتى , لكن علينا أن نسعى لانتظارها و اصطيادها في الوقت المناسب .
ما اقصده هو إنني افهم هذه الجدلية و انتظر الإلهام , بل استحثه أحيانا على القدوم
. إنني أذهب أحيانا إلى عملي الشعري , إن جاز التعبير , من دون شهية عالية , فافاجأ
بأن الإلهام قد جاء , و أحيانا أذهب بحماسة لانتظار الإلهام و لكنه لا يأتي .
إذا , هذا
الشيطان الشعري , و هو فعلا شيطان و ليست له مواعيد وليست له إنذارات مسبقة .
وبالتالي , علينا أن نلعب معه اللعبة الماكرة .
حديثك عن جانب من أسرار الكتابة لديك , يحفزني على أن اندس قليلا في مختبر
القصيدة التي تكتبها . و ما اعرفه شخصيا , وما أنا مقتنع به
بصدق , أنك شكلت عبر التجربة الطويلة
وخبرة السنوات المتراكمة من الكتابة نوعا من المختبر في كتابة الشعر العربي الحديث
و المعاصر . مختبر متميز لمعجم من الكلمات الخاصة . كيف تربي في الظل هذه الكلمات .
كيف تحدب عليها . كيف تقيم العلاقة معها . كيف تؤثث فضاء الكتابة . ما نوع الأوراق
والأقلام التي تستعملها . ما هو الزمن الملائم و الأثير لكتابة القصيدة ؟ .
و باختصار , هل يمكننا أن
نتعرف على المختبر السري للشاعر الكبير محمود درويش . وما هي مواصفاته و ملامحه
الأساسية ؟ .
إذا جاز أن لي
مختبرا , فان مختبري نهاري . لست من كتاب الليل , وقد بذلت جهودا طائلة لكي أتعود
على الكتابة في الليل , لأن الوقت في الليل أطول , و لكن لا أعرف الأسباب الغامضة .
و إذن , مختبري مفضوح , مكشوف للضوء .
صحيح أن
الكتابة تعبير عن اللاوعي , إذ الكتابة هي اللاوعي عندما يتكلم . لكنها تحتاج إلى
وعي شديد . وهذا هو الذي يربط بيتي وبين الضوء , فلا أكتب إلا في الضوء (
الطبيعي) .
من طقوسي .. أو
بالأحرى من عاداتي الأخرى , إنني لا اكتب إلا على ورق ابيض غير مسطر , وأقطع كثيرا
من الورق . كلما شطبت سطرا على صفحة , أعيد نسخ ما كتبت على صفحة أخرى . لا أحب
المسودات المشوشة . كما أنني اكتب بقلم حبر السائل , باللون الأسود دائما . وأحيانا
, عندما اعثر الكتابة.. أتطير من قلم ما فأغير الأقلام , معتبرا أن المشكلة في
الأقلام . و إذا صدقت هذه الريبة فإنني أومن بالقلم الآخر .
إنها أوهام
صغيرة , لكنها لا تضر القارئ ولا تضر الشاعر , نوع من التطير من قلم معين والتفاؤل
بقلم آخر .
من عاداتي أيضا أنني لا أستطيع لا في الطائرات ولا في القطارات , ولا في
الفنادق , ولا في مكان خارج المكان الذي توجد فيه كتبي أو على الأقل مكتبتي
الرئيسية . أحتاج دائما إلى مراجع . وقد تستغرب سي حسن , كلما كبرت في السن وفي
التجربة الشعرية , تزداد شكوكي إزاء دقة الكلمات و صوابها , أتا لم أكن أفتح
القاموس بهذا الشكل الذي افتحه الآن . فلا يمر يوم من دون أن افتح القاموس للتأكد
من سلامة الكلمة و جذرها و مصدرها وتعدد معانيها . لذلك
, لا أستطيع أن أكتب في مكان لا توجد فيه قواميس أو مراجع أو انسيكلوبيديا . في
الكتابة الشعرية احتاج إلى مراجع كما لو إنني أقوم ببحث , بينما القصيدة في ظن
الناس الذين لا يكتبون تبدو كما لو كانت خاطرة , لا , الشعر ليس خاطرة . انه عنل
بحث شاق , يحتاج إلى التدقيق في المراجع والمرجعيات والعودة الدائمة إلى المكتبة .
ان القصيدة بحث ...
صعوبة اختيار العنوان
محمود , عندما تنتهي من كتابة
قصيدة , وتشعر بانها اكتملت و أصبحت قادرة على الخروج إلى قارئها , كيف تعثر لها
على عنوان . ثم ما حكاية العناوين في تجربتك .هل يحدث أن قصيدة كتبتها سبقها
عنوانها مثلا , أم أن العنوان لديك يأتي ليسمي القصيدة بعد ولادتها ؟ و أستطرد، هل
مجموعاتك الشعرية , تسبقها عناوينها أم تأتي العناوين لاحقا ؟
لم يسبق لي عبر كل تجربتي الشعرية , وهي طويلة , أن سبق أي
عنوان أي قصيدة , أو سبق اسم معين لمجموعة شعرية المجموعة نفسها . و دائما , أجد
صعوبة في اختيار العنوان . كما إنني بأصدقاء في أحيان كثيرة . وأحيانا أرسل
المجموعة الشعرية إلى ناشر من دون أن اعثر لهــــا على عنوان , فأستعيـــــن
بالناشـــر و أستعين بهيئة القراءة (في دار النشر)
لكي يقترحوا علي مجموعة
عناوين أختار من بينها العنوان الملائم . وقد حدث هذا مع مجموعتي الجديدة ( لا
تعتذر عما فعلت ) , إذ تم رقن النصوص وتصفيفها ولم نعثر لها على عنوان, و اقترح علي
الناشر عشرة عناوين , اخترنا منها هذا العنوان . كذلك , حدث نفس الأمر مع مجموعتي
الشعرية ( لماذا تركت الحصان وحيدا ) , التي تأخرت في المطبعة أكثر من شهر في
انتظار العثور على العنوان الملائم . وفي النهاية , توفق أحد الأصدقاء في اقتراح
هذا العنوان .
دائما كان العنوان
يأتي في آخر العمل الشعري
نفس الشيء حدث بالنسبة
لمجموعتك الشعرية الأولى (عاشق فلسطين ) الذي اقترح الناشر عنوانها بعيدا عنك – كما
أذكر – لكن عندما تتواطأ مع ناشرك على قبول عنوان معين , سواء أكان من اقتراحه هو
أم اقترحه أحد الأصدقاء , كيف تؤسس علاقتك مع هذا العنوان ؟ كيف يصبح جزءا منك ومن
تجربتك؟
أولا عند الاختيار أراعي ألا يكون العنوان أحادي الدلالة . لما
؟ لأن عنوانا محدد الدلالة يقود القارئ إلى تأويل محدد للكتاب , فأحرص أن أتركه
مفتوحا على عدة احتمالات و على عدة مستويات للقراءة . في البداية , أتعود على أن
هذا العمل بهذا الاسم هو ابن لي و جزء مني , لكن من كثرة التداول , يصبح (شخصية
مستقلة)، فيعرف بذاته و باسمه و تصبح له كينونــة , و ثمة بعض من أعمالي الشعرية ,
تمنيت لو راجعت عناوينها , ولكن ذلك اصبح خارج الإرادة .
أيضا عندما تكتب الشعر .. هل تحتاج
إلى تفضية موسيقية . هل من عادتك أن تهيئ فضاء موسيقيا معينا لكتابك . و بمعنى آخر
, هل تنصت للموسيقى أثناء استيلاد قصيدتك أم تفضل أن تسمع الموسيقى خارج لحظات
الكتابة ؟ و ما علاقتك أساسا بالمرجع الموسيقى؟
أحيانا , أحتاج
إلى نوع من الموسيقى لكي يخدم إيقاعي أو لكي أخذ من الموسيقى إيقاعا ما , مثلا ,
عندما أريد أن اكتب نصا خافتا استمع إلى شوبان , و عندما أريد أن اكتب مقطعا عالي
النبرة و قويا و استمع إلى بيتهوفن .
من جهة أخرى ,
استمع إلى الموسيقى لكي آخذ منها أفكارا . لماذا ؟ لأن الموسيقى لا تقول لك
بالكلمات , ما هي موضوعاتها , وما هي طريقها , و ما هي رحلتها , فأنت تؤول و تترجم
و من خلال تفاعلك مع الموسيقى هذه الأصوات التجريدية إلى كلمات ملموسة .
إنني كثيرا ما
استفــيـد مـــــن الموســـيقى و أستخدمها ليس فقط لتقوية أو تخفيض النبرة أو
الإيقاع , بل من أجل تحويلها إلى كلمات تعينني على أن أترجم الموسيقى إلى لغة .
والموسيقى التقليدية , موسيقــى الشعـــــوب و بخاصة
الموسيقى التقليدية الفلسطينية , ألا تهتم بها؟ .
دعني أعطك مثالا
على هذه العلاقة مع موسيقى الشعوب من خلال تجربتي الشعرية : عندما كنت أشتغل على
نصي الشعري عن الهنود الحمر في سنة 1992 , قرأت كثيرا من أدبهم زمن خطبهم البليغة
جدا , ومن شعرهم , ومما كتب عنهم . أيضا , اشتريت مجموعة من الاسطوانات و أشرطة
موسيقاهم . و ذلك لكي أدخل إلى هذا العالم الغرائبي بالنسبة الي , ولكي أدخل في عمق
الثقافة الروحية لهذا الشعب الذي تعرض لأكبر إبادة في التاريخ البشري الحديث .
فعلا , أحتاج
إلى موسيقى الشعوب . وحدث نفس الشيء , عندما كتبت عن الأندلس. فكل ما كتبته , كتب
على إيقاع موسيقى الفلامينكو, وعلى أصوات القيثارات و الكمنجات الغجرية .
استطرادا , و في
نفس الأفق , كيف تقيم علاقة مع الفنون البصرية ومع الفن التشكيلي بالذات , إنني
أبحث فيها عن الشاعرية , أنا منحاز إلى الفن التشكيلي التجريدي الذي لا يقدم لي
صورة واضحة نهائية أو وجوها ذات ملامح محددة , افضل الفن المائي المفتوح على عدة
قراءات, و لذلك لا أصلح أن أكون ناقدا تشكيليا، لأنني لا ابحث في هذا الفن إلا عن
حضور الشاعرية و تعبيريتها .
صداقات شعرية و شخصية
. بالطبع , لا أجامل و أنما أتحدث عن معرفة شخصية , وعن مواكبة للنص ذاته
ولأصدائه الممتدة . و في نفس الآن , ألاحظ أنك تمد جسـورا و تربط وشائج مع عدد من
الصداقات و القــراءات و المرجعيات الشعرية الإنسانية , و لك صداقات مع بعض الشعراء
الكبار , أحيانا صداقات مباشـــرة , و أحيانا أخرى صداقات مع نصوصهم الشعرية
المرجعية .
كيف تشيد حوارك مع هذه
الصداقات و هذه الجغرافيات والنصوص الكونية ( أفكر الآن في بانيس ريستوس مثلا ,
شاعر اليونان الكبير الذي تعرفت عليه وكتب عنك ) ؟
في الحقيقة , اغلب صداقاتي الشعرية تمت من خلال النص ,
و نادرا ما بذلت جهدا لتطوير علاقة شخصية . ذلك لأنني أعرف أن هؤلاء الشعراء الكبار
في الغالب هم كبيرو الشأن و شديدو التهذيب , وبالتالي لا أفرض عليهم نوعا من تطفل
الصداقة .
ذكرت ريستوس ,
و قد أقمت معه نوع من الصداقة لأنني أقمت لفترة معينة قي بأثينا , و قدمني للجمهور
أول مرة قائلا في حقي كلمات أخجلتني كثيرا , وتناولنا الغذاء معا , ثم زرته في بيته
. لكننا لم نطور معا هذه العلاقة من خلال المراسلات أو تبادل المكالمات الهاتفية
مثلا , و تقريبا انتهت فــــي فترتهـــــا الأولى , و ظلت في حدود المجاملة و
الضيافة الشعرية , ضيف و مضيف . و كذلك نفس الشيء يمكنني أن أقوله عن علائقي ببعض
الشعراء الفرنسيين و بعض الشعراء العالميين الآخرين . لكن هناك علاقة صداقة عميقة
مع ديريك والكوت رغم أننا لم تلتق . أبدا , لم نلتق و أنــا معجـــب بشعره , و أظن
أنه يعرف مدى إعجابي بشعره .
يمكنني أن
استحضر هنا صداقتي مع برايتن برايتنباخ الجنوبي الإفريقي , و هي صداقة كانت قوية
بحكم لقاءاتنا المستمرة عندما كنت في باريس حيث كنا نقيم معا , لكننا لم نكن نفترق
, لا نلتقي و لا تظل هناك مواكبة يومية إلا من خلال العلاقة مع النص . وطبعا عندما
نلتقي تتجدد هذه الصداقة .
أذكر أيضا علاقات أخرى كانت قويـــــة و ثرية مع شعراء روس أمثال يفتشينكو
, بريزينسكي و رسول حمزاتوف و غيرهم , ولا أنسى الصداقات مع بعض الكتاب الكبار ,
كالروائي البرتغالي
العظيم ساراماغو الذي زارنا في رام الله , و الكاتب النيجيري الكبير وول سينيكا , و
صديقي خوان غويتسولو الذي أعرفه كثيرا و الذي يسهل العلاقة و يبادر إلى الصداقة .
و صداقاتك الشعرية العربية , ما هو
رصيدك منها ؟
بالنسبة
لصداقاتي الشعرية على المستوى العربي , الأمر مختلف ... فنحن نعيش في بيئة واحدة و
نلتقي كثيرا , و أنا أشكر الله أن ليس لي خصوم . كما لا أتوقف كثيرا عند من يبادرني
العداء . وعلاقتي بالشعراء الكبار ممتازة . لقد كانت علاقتي مع الشاعر نزار قباني
علاقة صداقة قوية ,علاقتي مع أدونيس علاقة صداقة طويلة و دائمة و وكذلك علاقتي مع
سعدي يوسف علاقة صداقة راقية , ومع سليم بركات .. ومع الجيل الجديد من الشعراء
الفلسطينييــــن , و في مصر مع أحمد عبد المعطي حجازي ومع محمد عفيفي مطر و أيضا
مع ممدوح عــدوان و نزيه أبو عفش ( سورية ). و علاقة الصداقة في المغرب مع محمد
بنيس .. ومع حسن نجمي..
عفوا أنا تلميذ لك يا أخي ؟
الحمد لله علاقاتي صحيحــة و سليمـــــة و ليس بها لأي غبار ,
لأنني لا أؤمن بالحزبية الشعرية بتاتا . و أتحرك خارج اعتبارات بعض الظواهر السلبية
التي تسود الحياة الثقافية العربية , كالتكتلات أو الحزبيات أو المافيات الصغيرة
أحيانا . ذلك لأنني أعتقد أن الفضاء الشعري واسع ويتسع لكل الخيارات و التجارب ,
ولكل الأجيال أيضا .
إن علاقتي بالأجيال علاقة سليمة , فأنا مجايل لأصغر الشعراء سنا , وأتعلم
منهم وأصغي إلى حساسيتهم الجديدة , لأنهم هم المستقبل في آخر الأمر . و بالتالي ,
فنحن الأكبر سنا ينبغي أن ندقق في سلامة مجازنــــا و عالمنا الشعري . قد يكون هذا
العالم دخل في طور كلاسيكية محافظة و نحن لا ندري . لذلك علينا دائما أن نصغي و أن
نقرأ النتاج الجديد لكي نفهم بشكل أفضل الحساسية الشعرية الجديدة . سواء كنا نقبلها
أو نرفضها . فقد نكون هرمنا دون أن ندري . و بالتالي على المرء أن يجدد
شبابه من خلال توطيد
العلاقة مع شباب الشعر الحديث .
هيأت لي أفق السؤال عن مواكبتك
للقصيدة الفلسطينية الجديدة . كيف تقرأ نتاج شعراء الجيل الجديد ؟ كيف تقيم مع
هؤلاء الشعراء الجدد علاقة ؟ وكيف تحاورهم بوصفك مرجعية كبرى في الشعر الفلسطيني ,
وفي الشعر العربي ؟
أعرف عدد من أصدقائي الشعراء
الفلسطينيين الشباب , وكيف يحبونك و يواكبون أعمالك قـراءة و مواكبة نقدية , فكيف
توا كبهم أنت من موقعك ؟ هل تحاورهم من موقع الأستاذ , المرجع أم من موقع الصديق
الذي يكتفي بالقراءة و الإنصات فقط ؟ هل توجه أم تنصح مثلا؟
لم أتصرف أبدا, ولو مرة واحدة , من منطق أنني أكبر سنا أو أكثر
تجربة شعرية , بالعكس , أحرص على أن أعطيهم إحساس بأنني أريد أن أتعلم , وبأنني
أريد أن افهم المناخ الشعري الجديد من خلالهم . طبعا , إذا طلبوا مني النصيحة فإنني
أقدمها بأقصى درجات الأناقة تواضعا , وأنصح بالخصوص عندما يكتب الشاعر قصيدته
بالوزن , بألا يخطئ الوزن . إذا كتب بالفصحى , عليه ألا يخطئ في الصرف و النحو .
هناك أدوات أولية علينا ألا نخطئ فيها . أنا أحترم خيــار قصيدة النثـــــر . و
لكنك اذا كتبت وزنا فعليك الا تلعب بالوزن . عليك أن تتقن الوزن , و أن تطوعه
لمتطلباتك لأن له قواعده و نظامه الزمني والإيقاعي .
وأنصحهم بأكثر
من ذلك : الا يكرروا تجربة الجيل الذي سبقهم . ذلك أن الجيل السابق قد قام
بالواجبات الوطنية في الشعر , فوفر عليهم هذا الجهد . اذا عليهم أن ينتبهو إلى
تطوير الجماليات و الذائقة الجديدة , و تطوير القصيدة , و الاهتمام بقضية الشعر
أكثر من الاهتمام بشعر القضية .
ان الموضوعات التي كانت تؤرق المجتمع الفلسطيني , قد قدم الجيل الشعري
السابق كثيرا من الشهداء ( شهداء بالمعنى المجازي ) من أجل تثبيتها في المدونة أو
في السجل الثقافي الفلسطيني . فهم إذا على ارض ممهدة لهم , وقد يكون جيلي أو بعض
مجايلي هم سلاح الهندسة للكشف عن أرض الصراع . بمعنى أن أمامهم ظروفا أفضل لكي
يطوروا جمالية القصيــــدة . و بالتالي , فان علاقتي معهم سليمة جدا ولا
أعطيهم أي إحساس بأنني
أحاورهم أو أتحدث إليهم بوصفي مرجعية . و دائما أقول لهم تحرروا منا !
أصل إلى سؤال ضروري , ولا
أريد أن اثقل عليك أو ازعجك بالأسئلة التي لا تحب , لكن لا بأس أن أسألك : إلى أي
حد ما زالت ( تضغط ) على قصيدتك وعلى يومك الشعري قضيتك الوطنية . كيف تصرف أمرك
معها كشاعر أساسا ؟
خير جواب على
هذا السؤال هو لا ما أقوله عن القصيدة , بل ما تقوله قصيدتي عنها. الشعر يقول أكثر
مما يقال عنه . و لست من المتحمسين لإخضاع إبداعهم الشعري لنظريتهم النقدية . طبعا
, لا بد لنا من أفكار عن الشعر , لكنني أومن أكثر بالمفاجأة الشعرية و النظرية ,
تكون دائما لاحقة بالإبداع ولا تسبقه , بالتالي , فان هذا الموضوع لا يطرح أي مشكلة
. إن ضغط اللحظة الراهنة على نصي الشعري قد تم استيعابه بطريقة تدل عليه قصائدي
الأخيرة . لم أعد أعاني من هذا المأزق , وأعرف كيف التدبر أمر اللحظة الراهنة على
المتطلبات الجمالية , لكنني لا أعرف كيف أقول ذلك نظريا , بل أعرف كيف أعالجه
إبداعيا .
الشعر
لا يستطيع تغيير العالم
لكن بشكل عام , كيف يمكن للقصيدة أن تتحمل العبء الإنساني كثقل
يومي , كانشغالات، كقضايا وجودية . كيف يمكن النهوض بهذا العبء في تجربة محمود
درويش تحديدا ؟
بودي أن استعيد
سؤال أدورنو: هل يمكن كتابة الشعر بعد ( أوشفيتز ) . آه .. ممكن . صحيح أننا في زمن
وحشي جدا , في زمن استبداد كومي , في زمن مضاد للشعر , في زمن اللاشعر بالمعنى
الشمولي . لكنني أعتقد أن الشعر لا يعرف إلا نقيضه . من فرط ما هوى العالم غير شعري
, هناك ضرورة للشعر. لكن الشعر لا يحارب الحرب –على سبيل المثال- بأسلحتها, فهو
أكثر مكرا , ويستطيع أن يستمد قوته من هشاشة الأشياء ومن هشاشته هو . الشعر بطبيعته
هش , و إذا حملناه من الطاقات لحل مشاكل الكون نكسره .
ما يستطيعه
الشعر هو أن يتلصص على الضوء . يستطيع أن يتعلم من قوة العشب أكثر من قوة الطائرة .
و يستطيع أن يجدد دهشة الإنسان و لان الكلمات في الشعر تبقى في حياتها الأولى .
كيف نعود إلى
طفولة الأشياء , و إلى طفولتنا داخل هذه الأشياء , ونجددها .. هذه أفضل طريقة
للدفاع عن وجودنا الإنساني . إن الشعر لا يستطيع أن يغير العالم . ما يستطيعه هو أن
يمنح الإنسان قيمة الإحساس بجدواه , بل ويعطيه إحساسا بمعنى ما لهذا الوجود .
الشعر متواضع
جدا , و يجب أن يكون متواضعا لكي لا ينكسر في مواجهة الأثقال التي قد يحملها لنفسه
. انه التحلل من وهم القدرة على تغيير الواقع . انه صراع ضد الموت , الموت بكل
الأسباب و الأشكال . وبهذا المعنى , يعيد للحياة الإنسانية شيئا من القها و معناها
. انه يدافع عن الأناني بما هو يعادي الموت .
في مجموعاتك الشعرية الخيرة , خصوصا
منذ ( الجدارية) أصبح لديك إحساس بالزمان أقوى من الإحساس بالمكان , الذي لربما كان
يميز سيرورة خطابك الشعري في السابق . و أنت تعرف أن إحدى أهم المجموعات الشعرية
لدى الشاعر الإيطالي اونغاريتي كان اسمها( الإحساس بالزمن ). من أين ينبثق هذا
الإحساس القوي الطارئ في عمق تجربتك الشعرية الأخيرة ؟
إن الزمن هو
الذي يجعلك تحس به . نحن لا نعرف هل ندخل في الزمن أم الزمن هو الذي يدخل فينا! و
لعله إحساس ينبثق من كون ما تبقى من العمر أصبح معروفا ومرئيا . البدايات ابتعدت و
صارت النهاية اكثر وضوحا. وهذا يحرك أسئلة حول الموت , و حــول الوجـــــود و
العدم, ويعطيك إحساسا بأنك في صراع مع الزمن .. هل تسبقه أم يسبقك . و أن عليك أن
تسجل شهادة حضورك في العالم من خلال بلورة بلورية لنص شعري أقرب إلى الشعر الصافي .
هذا الهم لم يكن موجودا في السابق بنفس الكثافة . ذلك أنني لا أملك الوقت الآن
لأجدد و همي بتغيير العالم . أنا منشغل الآن بالعثور على معنى ما لهذا الوجود
العبثي في محاولة لمقاومة العبث بعبث جمالي .
|
WEBMASTER : AA-ALSAAD
|
This Web Site Programmed and
Written By ABD ALMASSIH JAMIL ALSAAD
..... Copyright 2003 (C) SCOPNET All
Rights Reserved
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق