الثلاثاء، 10 مايو 2016

مجلة السنونو ( العدد الحادي عشر ) - دراسات - الشاعرة الإغريقية بيليتيس ( دراسة وترجمة : د . شاكر مطلق ) - قسم 2

مجلة السنونو ( العدد الحادي عشر ) - دراسات   
الشاعرة الإغريقية بيليتيس ( دراسة وترجمة : د . شاكر مطلق ) - قسم 2

 

الشّاعرةُ بـيليتيس
الأناشيد
 النصّوص
مناجاةُ أُمٍّ
تغسّلني أمي , في العَتمةِ
وتلبسني في وضحِ النَّهارِ
وتسرِّحني في النُّورِ
وإذا ما خرجتُ تحتَ نورِ القمرِ
تَشدُّ لي حِزامي وتعقُدهُ
عقدةً مضاعفةً , وتقولُ لي :
" سيأتيكِ أحدُهمْ -  ذاتَ مساءٍ-
كما للأخرياتِ
ليأخذكِ إلى وسطِ الحفلةِ الكبرى
حيثُ " تينبانون " الصاخبةُ
والمزاميرُ العاشقةُ "
في ذلكَ المساءْ عندما تذهبينَ
يا " بيليتو  - Bilito " ستتركينَ لي ثلاثةً
من "فرعِ المرارةِ " :
واحدةً للصباحِ
والأخرى للظهيرةِ
والثالثةِ – الأكثرِ مرارةً –
الثالثةِ لأيامِ العيدِ ...
========
اليَقَظة
الشمسُ وأدُ الضّحى
وكانَ عليَّ أنْ أستيقظَ ,
غيرَ أنَّ رُقادَ الصَّباحِ حلوٌ جداً
ودفءُ السَّريرِ يشدُّني إليهِ
أريدُ أنْ أبقى نائمةً...
بعدَ هنيهةٍ سأذهبُ إلى الزَّريبةِ...
وسأقدِّمُ للماعزِ العشبَ والزُّهورَ
وضرْعَ الماءِ الطَّريِّ, ماءُ البئرِ ...
حيثُ سأشربُ معها ,
وبعدَ ذلكَ سأشدُّها إلى الوتَدِ,
لكي أحلِبَ ضروعَها الرَّطبةَ الدافئةَِ ,
وإذا لمْ تكنْ الجِداءُ غيورةً
فسأمتصُّ معها الحُلَمَ اللَّيِّنةَ
أّوَلَمْ تغذِّ ( بها ) " أمالثيا - Amaltheia "
" زيود - Zeus  "  ؟ ! ...
سأذهبُ إذنْ , ولكنْ ليسَ الآنَ
فلقدْ استيقَظتْ الشمسُ قبلَ الوقتِ
وأمي لمْ تستيقظْ بعدُ
==========
المطرُ
بلَّلَ المطرُ النّاَعمُ كلَّ شيءٍ
بصمتٍ وعلى مهَلٍ
والسَّماءُ ما تزالُ تمطرُ قليلاً .
أريدُ أنْ أطوفَ تحت الأشجارِ
وقدمايَ عاريتانِ
 لئلا يتَسخ حذائي .
المطرُ عذبٌ في الربيعِ
والأغصانُ المبلَّلةُ المثقلةُ بالزهورِ
تبعث أريجاً يدهشني
وقشورُ الشجرِ الملساءِ تلمعُ في الشَّمسِ .
وا أسفاه ...
كمْ من الورودِ ( ملقاةً ) على الترابِ
فأشفقوا على الورودِ الساقطةِ
فلا يجوزُ أنْ تكنُسها ونلطِّخها بالوحولِ
فمنْ أجلِ النَّحلِ يجبُ أنْ نصونَها.
الجُعلانُ والحلازينُ
تجتازُ الدربَ عبر برَك المياهِ
ولا أريد أن أدوسَ عليها
ولا أريدُ أن أجفلَ هذا الحلزونَ المذهَّبَ
الذي يتمطى مغمضاً جفونه.
===========
قَلَقٌ
ارتميتُ في حِضنها باكيةً
وشعرتُ بدموعيَ الحارَّةِ
تسيلُ على كتفها
قبلَ أنْ يدَعني غمِّي
أبوحَ لها.
" واحسرتاهُ...
لستُ بعدُ إلا طفلةً
والشَّبابُ لا ينظرونَ إليَّ
فمتى يصيرُ لي مثلكِ
نهدا صبيةٍ
يتقبَّبُ بهما ثوبي
ويغريانِ بالقبلةِ ؟ . "
" ليسَ لأحدٍ عينينِ فضوليتينِ
حينَ ينزلقُ ردائي
ولا أحدَ يلتقطُ زهرةً
تسقطُ منْ شَعري
ولا أحدَ يهددني بالموتِ
إن أسلَمتُ فمي لآخرَ " ...
أجابتني بحنانٍ :
أيتها العذراءُ الصغيرةُ
- يا بيليتيس -
إنَّكِ تصرخينَ كهرَّةٍ في ضوءِ القمرِ
وتقلقينَ بلا سببٍ
فالبناتُ الأكثرُ قلقاَ
لسنَ الأسرعَ زواجاً.
=========
نهرُ الغابةِ
اغتسلتُ وحيدةً في نهرِ الغابةِ
على ما يبدو أنَّ عرائسَ الماءِ ( نجادن - Najaden )
قد خِفنَ مني
و بالكادِ كنتُ قد شعرتُ بهنَّ
منْ بعيدٍ جداً في المياهِ العاتمةِِ .
نادَيتُهنَّ...
 ولكي أتشبَّهَ بهنَّ
جدَلتُ وراءَ رقَبتي
السَّوسنَ الأسودَ ,كالشَّعرِ
وأضفتُ القَرنْفُـلَ الأصفرَ
وصنعتُ لنفسي زناراً أخضرَ
منَ العشبِ الطويلِ العائمِ.
ولكي أتمكَّنَ من رؤيتهِ
أطرقتُ رأسي وضغتُّ على نهديَّ.
نادَيتُهنَّ :
يا عرائسَ الماءِ
اِلعَبنَ معي
غيرَ أنَّ عرائسَ الماءِ
( شفافاتٌ )،لا جسدَ لهنَّ
وربما قمتُ ، دونَ عِلمي ،
بمداعبةِ أذرعهنَّ الرقيقةَ.
=================
فيتَّا - حوريةُ العسلِ
منذ أن تخفَّ حرارةُ الشمس
نمضي لنلهو على ضفافِ النَّهرِ
ونتنازعَ لأجلِ تمساحٍ صغيرٍ غضٍّ
ولأجلِ سوسنٍ مندَّى.
سنرقص في دائرةٍ
ونلهو في سلسلةٍ وراءَ بعضنا بعضاً ...
ممسكاتٍ بأيادينا و بأطرافِ ثيابنا .
يا " فيتا "
 يا حوريةَ العسلِ,
أعطنا العسلَ
" فيتا " يا " نَجاده" - عروسةَ الماءِ-
اِستحمِّي معنا .
يا " فيتا " يا حوريةَ الشجرةِ
هبي الظلَّ لأجسادِنا الحارَّةِ.
ونحن سنقدِّمُ  لكنَّ
-أيتها العرائسُ المعيناتُ -
 لا الخمرَ الرَّديئة
وإنما الزيتَ والحليبَ و الماعزِ
ذواتِ القرونِ المُعقوفةِ.
=============
الأطفالُ
النَّهرُ يكادُ ينضُبُ
والخَيزَرانُ الذّابلُ يموتُ في الوحلِ
الهواءُ يكوي
وفي البعيدِ , ينصبُّ جدولٌ نقيٌ
في أجرانِ ( الصّخرِ المجوَّفةِ )
ويجري فوقَ الحصى.
هناك يلعبُ الأطفالُ العراةُ
من الصباحِ حتى المساءْ
يستَحمُّونَ
والماءُ لا يكادُ يصلُ إلى ركابهمْ
 لهذا الحدِّ صارَ النَّهرُ ضحلاً
ولكنَّهم ( برغمِ ذلكَ ) يسيرونَ في التّيارِ
ويتزحلقونَ أحياناً على الحصى
ثمَّ يرشُّ الأولادُ البناتَ الضاحكاتِ بالماءِ
وعندما تمرُّ جماعةٌ من التجارِ
وهم يقودونَ الثيرانَ الضّخمةَ البيضاءَ
ليورِدوها الماءَ
يقفُ الأطفالُ
واضعينَ أياديهمْ على ظهورهمْ
يتأملونَ الحيواناتِ الكبيرةِ
=============
الحكاياتْ
الأطفالُ يحبُّونني
وعندما يلمحونني
يتسارعونَ إليَّ ويتعلقونَ بثوبي
ويحتضنونَ ساقايَ بأذرعهم الصغيرةِ
وإذا ما كانوا قدْ جمعوا الأزاهيرَ
كانوا يهدونني إياها كُلَّها
وإنْ أمسكوا جُعَلاً
يضعونَهُ في يدي
وإنْ لم يكن لديهم ما يهدونَهُ ( لي )
يقومونَ بمداعبَتي
ويجبرونَني على الجلوسِ معهم
 
عندها يقبِّلونَني على خدَّيَّ
ويسندونَ رؤوسَهمْ على نهديَّ
متوسِّلينَ إليَّ بنظراتِهمْ
وأنا أعرفُ تماماً ماذا يريدونَ منِّي
مُعبَّرَاً عنْ نظراتِهمْ بالكلماتِ
فذاكَ يعني :
يا " بليتيس "الحبيبةُ
اِحكي لنا مرةً أخرى
لأننا مهذّبونَ قصةَ
البطل بيرسويْس- Perseus
وموت " هيلِّهْ " الصغيرة
===============
القمرُ ذو العيونِ الزّرقاءِ
في اللَّيلِ تتشابكُ شعورُ النِّساءِ
مع أغصانِ الصِّفصافِ
كنتُ أسيرُ بمحاذاةِ الماءِ
(عندما ) سمعتُ فجأةً غناءً
وحينئذٍ فقط
عرفتُ أنَّ صبايا ذهبنَ إلى هناكَ
سألتُهنَّ:
"ماذا تغنينَ ؟ "
فأجَبنَ :
نحن نُغنّي للعائدين
وكانت إحداهنَّ تنتظر أباها
والأخرى أخاها
والتي كانت تنتظرُ  خطيبَها
كانتْ الأقلَّ صبراً
كُنَّ يَجدلْنَ لأجلهمْ تيجاناً
وأكاليلَ منْ سعفِ النَّخيلِ
 ومن " لوتُسِ " الماءِ
ويُلقينَ أذرعهنَّ على أعناقَ بعضَهنَّ بعضاً
 ويُنْشدنَ الواحدةَ تلو الأخرى
مضيتُ على طولِ النَّهرِ حزينةً وحيدةً
ولكنَّني وأنا أجولُ ببصري
شعرتُ خلفَ الأشجارِ الباسقةِ
بالقمرَ ذو العينينِ الزَّرقاوينِ
يُنيرُ طريقَ عودَتي .
===========
أغنية
- " آهٍ ... أيتها الغابةُ الظليلةُ,
- التي ستأتي إليها -
قولي لي أين حبيبتي  " ؟
-"  أيها الوادي
إلى أ ينَ ذهبتْ حبيبتي " ؟
- " لقدْ سارَتْ على ضفافِ النّهرِ "
- " أيُّها النَّهرُ الجميلُ
- يا منْ رأيتها تمرُّ -
قلْ لي أهيَ قريبةٌ منْ هنا"  ؟
- " لقد انعطَفَتْ على الطريقِ "
- أيها الطريقُ, هلْ ما زلتَ تراها ؟ ...
- " لقدْ انعطَفَتْ على الطريقِ الرِّيفيّ "
- تركتني إلى الشَّارعِ
" آهٍ , أيها الشارعُ الأبيضُ ,
الشارعُ المفضي إلى المدينةِ
إلى أين رأيتها تذهبُ " ؟ ...
" إلى الشارع الذهبي المفضي إلى سردينيا "
" آهٍ , أيها شارع المليء بالضياءِ
" هلْ لامسَتكَ  قدماها العاريتان" ؟
"  لقد دخلتْ قصرَ الملكِ. "
"  أيها القصرُ , يا رونقَ الأرضِ أعدها إليَّ  "
- تأملْ ! عقودُها تتدلى حتى نهديها
وفي شعرها تحملُ الشّراريبَ
-  و مئةُ لؤلؤةٍ  تتدلى على ساقيها
وذراعيها ، وحولَ خصرها .
=========
 ليكاس
تعالوا ... دعونا نمضي إلى الحقولِ
وتحتَ أدغالِ شجيراتِ الشّربـين
دعونا نأكلُ العسلَ منَ الخلايا
ونصنعُ , منْ سيقانِ ( نباتِ )البرواقِ ,
فخاخاً (أقفاصاً )  للجنادبِ.
 تعالوا ...سنزورُ " ليكاس - Lykas  "
الذي يرعى قطعانَ ماشيةِ أبيهِ
على منحدراتِ ( جبالِ ) طوروس
 المغطاةِ بالغاباتِ .
وسيقدِّمُ لنا بالتأكيدِ حليباً .
إنني أسمعُ لحنَ مزمارهِ .
إنهُ عازفٌ ماهرٌ .
هاهي كلابهُ وخرفانهُ
وها هو شخصياً
متكئٌ على شجرةٍ .
أوَليسَ هو جميلٌ مثلَ " أدونيس - Adonis
أعطِنا حليباً يا " ليكاس "
وإليكَ تيناً منْ شجراتِ تيننا .
سنبقى معكِ أيتها المواعزُ
ذواتِ اللحى
لا تقفزي كثيراً
خوفَ أنْ تثيري التُّيوسَ .
==============
 أُضحيةٌ للرَّبَّةِ (*)
ليسَ منْ أجلِ " أرتِميس - Artemis " ( * )
- التي يتعبَّدها النَّاسُ في " بيرغا - Perga " -
طاقةُ الورودِ هذهِ
التي جدَلتُها بيدَيَّ
على الرَّغمِ من أنَّْ " أرْتِميس " ربةٌ طيبةٌ
حمَتْني إبَّانَ الولاداتِ المؤلمةِ .
وليستْ منْ أجلِ الربةِ"  أثينا- Athene "
- التي يتعبَّدُها النَّاسُ في" سيده - Side" -
المَصوغُ ( تمثالُها ) من الذَّهبِ والعاجِ
حاملةً بكفِّها ثمرةَ الرُّمانِ
التي تُغري حتى الطُّيور .
إنَّها ( طاقةُ الورودِ ) منْ أجلِ " أفروديت "
التي أتعبَّدُها بحرارةٍ
لأنَّها وحدَها ستُعطيني ,
ما لا تستطيعُ نطقَهُ شفَتايَ
- عندما أُعَلِّقُ على الشَّجرةِ المقدَّسةِ -
حبليَ المَجدولِ منِ الورودِ .
============
 زهورٌ في الليلِ
ما أنْ يصعدَ الليلُ إلى السَّماءِ
إلا ويصبحُ العالَمُ ملكاً لنا وللآلهة .
نمضي من الحقولِ إلى اليَنبوعِ
من الغابةِ العاتمةِ إلى المروجِ
وإلى حيثُ تقودُنا أقدامنا العاريةُ .
منْ أجلِ ظلالٍ صغيرةٍ مثلَنا
يكفي لمعانُ النجومِ الصغيرةِ
أحياناً نجدُ تحتَ الأغصانِ المنخفضةِ
غزالاتٍ نائماتٍ.
أجملُ منْ كلِّ شيءٍ في الليلِ
ثمةَ مكانٌ لا يعرفهُ سوانا
ويغرينا لدخولِ الغابةِ :
إنهُ دغلٌ مليءٌ بالورودِ الغامضةِ.
لا شيءَ أكثرَ قدسيَّةً على الأرضِ
منْ عبيرِ الورودِ الليليةِ
لماذا إذن لمْ يسكرْني ( العبيرُ )
عندما كنتُ وحدي هناكَ ؟ ! ...


 
WEBMASTER : AA-ALSAAD
This Web Site Programmed and Written By ABD ALMASSIH JAMIL ALSAAD ..... Copyright 2003 (C) SCOPNET  All Rights Reserved

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق