الثلاثاء، 10 مايو 2016

مجلة السنونو ( العدد الحادي عشر ) - حمصيات عتيقة - المثقفون ( بقلم : معتصم دالاتي )

مجلة السنونو ( العدد الحادي عشر ) - حمصيات عتيقة   
المثقفون ( بقلم : معتصم دالاتي )

المثقفون
بقلم: معتصم دالاتي
جرت العادة بين بعض شلل الذين يتعاطون الثقافة ويطلقون على أنفسهم لقب مثقفين، أن أحدهم حين يخطب أو يتزوج فتاة ما، فإن أفراد شلته المثقفة يهتمون بذوقه واختياره شريكة حياته المقبلة. فيسألون عن التي تعرّف بها إن كانت جميلة أم لا فإنْ كانت جميلة فإن هذا الصديق يخبرهم أن صديقهم على درجة عالية من الذوق وحُسن الاختيار. وإن كانت نصف جميلة أو أقل من ذلك، فإن التعبير الدارج هو أن يقول لهم: إنها مثقفة. وهنا يفهم الأصدقاء قصد صديقهم المثقف بذوق صديقهم المثقف الآخر، الذي يدخل أو دخل الحياة الزوجية وقد أعمى الله بصره أو بصيرته. وهذا لا يعني أن كل  مثقفة هي غير جميلة وليست كل جميلة هي غير مثقفة، ولكن هذا هو المصطلح الملطّف والمهذب في وصف الفتيات غير الجميلات لتبرير اختيار الصديق شريكة المستقبل القادم.
وقد تصادف أن شلة من الأصدقاء المثقفين وقد تجاوز معظمهم سن الشباب، ممن اعتادوا أن يلتقوا كل مساءٍ في كافتريا (طليطلة) بحمص التي أصبح اسمها الآن (سيتي كافيه).. تصادف أن أخذوا مكانهم المعتاد على الرصيف في ذاك المكان في يوم من  أيام الصيف. وكان بينهم من يتعاطى الشعر، ومن يمارس الفن التشكيلي، ومن أدركته حرفة الأدب أو من يعاقر الثقافة بشكل عام. وتدور الأحاديث بينهم مختلفة كطبق السلطة أو صينية الكواج. وبما أن الوقت كان بين المغرب والمساء، والمكان شارع رئيسي في منتصف المدينة، والشباب والصبايا – في هذا الوقت – كما أسلفنا –  يمرون من هذا المكان بكثافة تلفت نظر شلة هؤلاء المثقفين الذين اتخذوا أماكنهم على رصيف الكافتريا فإن الحديث عن الفتيات كان الأكثر أهمية إذ تبدأ التعليقات التي منها الساخر ومنها الرصين أو الذكي أو المفعم بالحسرة:
"هذه الفتاة الوديعة تشبه سلمى بطلة جبران في الأجنحة المنكسرة. وهذه نظرتها كنظرة البوهيمية الحسناء من لوحة فرانس هالس. وهذه حزينة مثل نساء لوحات لؤي كيالي. وتلك لها ابتسامة الجوكندا الغامضة. وهذه هاربة من مسرخية شكسبير (ترويض النمرة).. انظروا يا شباب إلى هذين الخطيبين، كيف الشاب متأربط بذراع خطيبته وهي متأربطة بقبوع البوظة الذي تأكله. بربكم يا شباب أليست هذه اللابسة الجينز هي نسخة عن لوليتا فلادميرنا بوكوف؟"
وفي لحظة من لحظات هذه النشوة تساءل أحد الحاضرين من شلتنا المثقفة مشدوهاً:
"وَلــْكــُم يا جماعة شو القصة؟ كل الصبايا والنساء الذين يمرون من هنا جميلات.. ترى ألا يوجد في البلد قبيحات؟!"
وهنا رد عليه مثقف آخر من الشلة إياها:
"بلى يوجد."
لكننا نحن تزوجناهم ومنعناهم من مغادرة المنزل أو التمشور في الطريق..!!"
 
 
 
WEBMASTER : AA-ALSAAD
This Web Site Programmed and Written By ABD ALMASSIH JAMIL ALSAAD ..... Copyright 2003 (C) SCOPNET  All Rights Reserved 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق