مجلة السنونو (
العدد الحادي عشر ) -
أصوات مهجرية
|
|
كاتب سوري
- ألماني يحصد الجوائز العالمية ( بقلم :
الياس جرجي خباز
)
|
|
كاتب سوري ـــ ألماني يحصد الجوائز العالمية
بقلم: الياس جرجي
خباز
لدى مراجعتي لإحدى دور النشر في أثينا تفاجأت بوجود اسم كاتب تسارعت نبضات قلبي لدى
قراءته , وعند مطالعتي للسيرة الذاتية للكاتب لم أشعر إلا والدموع في عيوني , وأعدت
القراءة للتأكد مما أراه , وحينئذ شعرت أن دمشق بجانبي وأن الشام بكاملها حولي ,
إذ أن اسم الكاتب الذي بهرني وأدهشني وجذبني كان " رفيق شامي " الذي يعد " من أنجح
الكتاب في ألمانيا وأشهرهم عالميا,وتفيض رواياته ومقالاته بالصور المعبرة والخيال
الأخاذ وبأعماله أشاد جسرا بين الشرق والغرب , وكتاباته بالتعابير العربية والصور
الشرقية كانت إثراء للأدب الألماني " , وهذا دعاني للبحث في أكبر دور النشر عن
كافة كتبه المترجمة من الألمانية إلى اليونانية , لأفاجأ بعبير دمشق ورائحة
ياسمينها تفوح من خلال صفحاتها , وأحيائها كباب توما والعبارة وباب شرقي وشارع
مدحت باشا تنبض ابتهاجا وحبورا.
عند عودتي إلى أرض الوطن بدأت مسيرة البحث عن جذور
هذا الكاتب المرتبطة - كما فهمت من كتبه – بمعلولا , وبعد أن أعياني البحث والسؤال
أعارني أحد الأصدقاء عدة كتب للأستاذ الياس أنطون نصر الله ابن معلولا ومؤرخها ,
ووجدت في أحد كتبه من " سلسلة معلوليات" وبالتحديد في كتابـه الصـادر عـام /2003/
وتحـت عنوان " معلولا " ما أثار دهشتي وإعجابي , فالاسم الحقيقي للكاتب هو " سهيل
إبراهيم فاضل " ابن معلولا المولود في دمشق عام 1946 والذي بدأ من ألمانيا بنشر
إبداعاته الأدبية بما أثار إعجاب الألمان ودهشتهم وتقديرهم , وورد في الكتاب مقال
للصحفي رزوق الغاوي منشور في جريدة الرأي الأردنية بتاريخ 31/8/ 1997 كتب فيه " إن
معلولا التي يعتبرها البعض من أقدم القرى في العالم ظهر اسمها مجددا في وسائل
الإعلام الألمانية لأنها القرية التي ولد فيها الأديب الروائي رفيق الشامي ,
باعتباره أحد الأدباء العرب الذين يكتبون رواياتهم بالـلغة الألمانية , و رغم تلك
الشهرة العالمية لرواياته فإن أيا منها لم يترجم إلى العربية حتى الآن ! ! "
ويتابع الصحفي كلامه قائلا : " ولإلقاء الضوء على حياة الشامي قصدنا قرية معلولا ونزلنا في فندقها الشهير والوحيد هناك . وسألنا مديره عما يعرفه عن رفيق الشامي , وحين قلنا له أنه أديب من هذه القرية أصبح مشهورا في ألمانيا , أحالنا إلى وفد الجالية الألمانية في سورية , وانبرت عضوة الجالية السيدة فيلكا لتقول : رفيق الشامي كاتب شعبي معروف جدا في ألمانيا , عالمه عالم التراث التقليدي الجاهز , يصيغ حكاياته صياغة جديدة بأسلوب ساحر, بحيث يربط عناصر الأسطورة الشرقية مع عناصرها الغربية , ويمزجها بأحداث واقعية من الماضي والحاضر , وكما تتبدل المواقع في حكاياته تتبدل عنده الأزمنة أيضا . وتطوعت السيدة باولا عضو الوفد الألماني والمتخصصة بالدراسات الشرقية والمتتبعة لسيرة رفيق الشامي بإيراد كافة المعلومات عن ابن معلولا الذي شع أدبه في بلادها بحيث أصبح حديث الأوساط الأدبية الألمانية والعالمية ".وحسب قول الأديب رفيق شامي في سيرته الذاتية أنه من مواليد دمشق , والتحق بالمدرسة البطريركية للروم الكاثوليك في حارة الزيتون , ويذكر من أساتذته في اللغة العربية الأستاذ حسام الدين الخطيب وفي الرياضيات الأستاذ توفيق أبو شنب وفي الفيزياء الأستاذ أنطون مارين , وقد نال الشهادة الثانوية في عام 1965 وأنتسب إلى جامعة دمشق , كلية العلوم , وتخرج منها عام 1969 وهو يحمل إجازة في العلوم الفيزيائية والكيميائية , وكان يعمل مدرسا لمادة الكيمياء في قرية الشجرة التابعة لمحافظة درعا .حصل الأديب رفيق شامي أو بالأحرى سهيل فاضل على درجة الماجستير في الكيمياء بتفوق في عام 1975 , ثم على الدكتوراه بدرجة جيد جدا في عام 1979 من جامعة هايدلبرغ في ألمانيا الاتحادية التي سافر إليها عام 1971 , وخلال سنوات دراسته تعرف على أعماق المجتمع الألماني أثناء عمله في مهن كثيرة كبائع وعامل مطعم وعامل بناء ليسدد نفقات دراسته , وقام بترجمة كتاب للعمل المخبري في الكيمياء العضوية , إلا أنه لم يجد من ينشره , وكذلك قام بتأليف كتاب مع صديق له عن الطاقة الشمسية وتطبيقاتها , وقد نشر في بيروت عام 1982 عن دار الحداثة .إلا أنه وجد نفسه بعد تخرجه يلتفت نحو الأدب , الذي كان له دور في حياته في مرحلة الدراسة الثانوية ككتابة القصص الصغيرة والمسرحيات القصيرة الفكاهية ودفاتر مليئة برؤوس أفكار شكلت فيما بعد مصدرا غنيا لرواياته وحكاياته وقصصه للكبار والصغار , وبدأ بالنشر والعمل مع بعض المجلات ومع الإذاعة حيث كان يقدم مسرحيات إذاعية , وقرر إحياء تراث قديم ورائع ولكن بثوب جديد , وهو أسلوب إلقاء الرواية بدون قراءة , ولاقى هذا الأسلوب إقبالا وتأييدا منقطعي النظير لدى الجمهور الألماني .هذا وقد ترجمت كتب رفيق شامي من الألمانية إلى اللغات التالية :العربية , الباسكية , الصينية , الدانمركية , الفنلندية , الإنكليزية , الفرنسية , اليونانية , العبرية , الإيطالية ,اليابانية ,الكتانية , الكورية , الهولندية , السويدية , الإسبانية , التركية , الصربية , السلوفينية , الكرواتية , النرويجية , البولونية , والأوردو ( في باكستان ) .وأما الجوائز الأدبية التي حصل عليها فهي كثيرة وتنوف عن عشرين جائزة في بلدان مختلفة:1985 جائزة أدلبرت شاميسو التشجيعية للأدباء الأجانب ( ألمانيا )1987 جائزة أفضل كتاب للشبيبة ( سويسرا )1991 جائزة ميلدريد بيشلر للمكتبات ( أمريكا )2003 جائزة الدولة للفن ( ألمانيا )وأما الروايات والقصص وكتب الأطفال التي رفعت ابن معلولا ـ والذي تربطه فيها "علاقة رحم" ـ وابن دمشق ـ التي لم يتصور يوما انه سيعيش بعيدا عنها , " فدمشق كانت وما تزال جنتي " ـ وابن حي العبارة ـ " أنا ابن حي شعبي دمشقي يدعى العبارة وأنا خريج هذا الحي " ـ إلى مصاف كبار الكتاب المشهورين عالميا , فسروري كبير إذ تمكنت من ترجمة عناوينها وبمساعدة صديق من الألمانية إلى العربية , وفرحتي ستكون أكبر فيما إذا وصلت إلى دور النشر العربية عامة , والســــــورية خاصة لكي يطلعوا أبناء الضاد على نتاج أحد المثقفين السوريين بترجمة كتبه التي تتجاوز الثلاثين كتاباً, وإنني أذكر بعض منها هنا عسى أن يكون لنبي كرامة في وطنه .1987 أساطير معلولا ( أساطير وقصص عجائبية )1988 الحنين يسافر بدون بطاقة سفر ( قصص من المهجر )1989 حكواتي الليل ( رواية طبعت 16 مرة وترجمت إلى 21 لغة )1995 جبل الجليد الملتهب ( مقالات عن الحياة في المهجر )1999 التقرير السري عن الشاعر غوته ( رواية مترجمة للعربية )2009 سر الخطاط الدفين ( رواية ـ 464 صفحة )كذلك فإنه يقوم بإصدار كافة مؤلفاته من كتب ومسرحيات على اسطوانات مدمجة وكاسيتات , يروي فيها بصوته قصص رواياته بالإضافة إلى قيامه بإلقاء المحاضرات شبه اليومية متنقلا بين المدن الألمانية , بحيث يندر أن ترى في ألمانيا كلها محاضرا تغص قاعة محاضراته كما يحدث معه , مع العلم أن كل من يدخل للاستماع إلى محاضرته أو ندوته , عليه أن يدفع رسم دخول , وبالعودة إلى سيرته الذاتية نرى أن برنامجه مملوء حتى نهاية شهر أيار 2009 في رحلة عبر 100 مدينة ألمانية , وعلى من يرغب بالإطلاع على محطاتها الرجوع إلى الصفحة الخاصة التي أنشأتها دار النشر باسمه وهي : www.rafik-schami.de ويوجد له صور فيها .وهو يتقن بالإضافة إلى العربية و الألمانية اللغة الفرنسية بشكل جيد جدا ويلم بالإنكليزية إلماما بسيطا , وكما كان لمعلولا الأثر الكبير في نفسه وتكوين شخصيته , كذلك أحب دمشق بشكل لايستطيع تفسيره حتى اليوم , وخير مايعرف به الكاتب عن نفسه في حب دمشق هو قوله في نهاية كتابه " الجانب المظلم للحب " وهو أحب عمل إلى قلبه " إنني أضع آخر حبة فسيفساء في قصتي هذه وسأنهض الآن لكي احتفل ... وغدا عندما أستيقظ سأفكر فقط في دمشق " . وكأن كتابه هذا لم يكن عن دمشق المتملكة على تفكيره ولا عن معلولا الرابضة في قلبه !فهل يا دمشق تبادلين أبنائك حبهم ووفائهم وتتحفينا بما نفتقده من فكرهم وإنتاجهم الأدبي الذي تتهافت عليه دور النشر الأجنبية ؟ختاما ونقلا عن الأستاذ الياس نصر الله في أحد كتبه من " سلسلة معلوليات " , أن الشاعر الروماني " جوفنال " قال " إن نهر العاصي يصب مياهه منذ مدة طويلة في نهر التيبر حاملا معه لغته وتقاليده " وهو يؤكد بمثل هذا الكلام على الوجود والتأثير السوريين في روما , وأسمح لنفسي بمشاركته ـ مع تحيتي الدمشقية وشكري ـ في إهدائه بمقدمة أحد كتبه " إلى سهيل , الأديب والمفكر السوري / المعلولي , فعلى يديه لم يعد العاصي يصب في التيبر فحسب , بل صار يصب مياهه كذلك في الراين , وفي أنهار كثيرة , في أوروبا والعالم , بفضل إبداعاته في مجال الأدب والفكر ".وإلى أديب من بلادي أقول : شكراً لك أيها المواطن العربي السوري , فقد حولت بكتبك دموع غربتي إلى فرح وافتخار ,شكراً باسم باب توما , شكراً باسم بردى , شكراً باسم دمشق .ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اليان جرجس خباز: كاتب صحفي – دمشق ، يوناني من أصل سوري
|
|
WEBMASTER : AA-ALSAAD
|
This Web Site Programmed and
Written By ABD ALMASSIH JAMIL ALSAAD
..... Copyright 2003 (C) SCOPNET All
Rights Reserved
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق