الثلاثاء، 10 مايو 2016

مجلة السنونو ( العدد الحادي عشر ) - أصوات مهجرية - كاتب سوري - ألماني يحصد الجوائز العالمية

مجلة السنونو ( العدد الحادي عشر ) - أصوات مهجرية  
كاتب سوري - ألماني يحصد الجوائز العالمية ( بقلم : الياس جرجي خباز )

 

كاتب سوري ـــ ألماني يحصد الجوائز العالمية

 
                                                                            بقلم: الياس جرجي خباز
 
              لدى مراجعتي لإحدى دور النشر في أثينا تفاجأت بوجود اسم كاتب تسارعت نبضات قلبي لدى قراءته , وعند مطالعتي للسيرة الذاتية للكاتب لم أشعر إلا والدموع في عيوني , وأعدت القراءة للتأكد  مما أراه  , وحينئذ شعرت أن دمشق بجانبي وأن الشام بكاملها حولي , إذ أن اسم الكاتب الذي بهرني وأدهشني وجذبني  كان " رفيق شامي " الذي يعد " من أنجح الكتاب في ألمانيا وأشهرهم عالميا,وتفيض رواياته ومقالاته بالصور المعبرة والخيال الأخاذ وبأعماله أشاد جسرا بين الشرق والغرب , وكتاباته بالتعابير العربية والصور الشرقية كانت إثراء للأدب الألماني " ,  وهذا دعاني للبحث في أكبر دور النشر عن كافة كتبه المترجمة من الألمانية إلى اليونانية , لأفاجأ بعبير دمشق ورائحة ياسمينها  تفوح من خلال صفحاتها , وأحيائها كباب توما والعبارة وباب شرقي وشارع مدحت باشا تنبض ابتهاجا وحبورا.
             عند عودتي إلى أرض الوطن بدأت مسيرة البحث عن جذور هذا الكاتب المرتبطة - كما فهمت من كتبه – بمعلولا , وبعد أن أعياني البحث والسؤال أعارني أحد الأصدقاء عدة كتب للأستاذ الياس أنطون نصر الله ابن معلولا ومؤرخها , ووجدت في أحد كتبه من " سلسلة معلوليات" وبالتحديد في كتابـه الصـادر عـام /2003/  وتحـت عنوان " معلولا " ما أثار دهشتي وإعجابي , فالاسم الحقيقي للكاتب هو " سهيل إبراهيم فاضل " ابن معلولا المولود في دمشق عام 1946 والذي بدأ من ألمانيا بنشر إبداعاته الأدبية بما أثار إعجاب الألمان ودهشتهم وتقديرهم , وورد في الكتاب مقال للصحفي رزوق الغاوي منشور في جريدة الرأي الأردنية بتاريخ 31/8/ 1997 كتب فيه " إن معلولا التي يعتبرها البعض من أقدم القرى في العالم  ظهر اسمها مجددا في وسائل الإعلام الألمانية لأنها القرية التي ولد فيها الأديب الروائي رفيق الشامي , باعتباره أحد الأدباء العرب الذين يكتبون رواياتهم بالـلغة الألمانية , و رغم تلك الشهرة العالمية لرواياته فإن أيا منها لم يترجم إلى العربية حتى الآن ! ! "

           ويتابع الصحفي كلامه قائلا : " ولإلقاء الضوء على حياة الشامي قصدنا قرية معلولا ونزلنا في فندقها الشهير والوحيد هناك . وسألنا مديره عما يعرفه عن رفيق الشامي , وحين قلنا له أنه أديب من هذه القرية أصبح مشهورا في ألمانيا , أحالنا إلى وفد الجالية الألمانية في سورية , وانبرت عضوة الجالية السيدة فيلكا لتقول : رفيق الشامي كاتب شعبي معروف جدا في ألمانيا , عالمه عالم التراث التقليدي الجاهز , يصيغ حكاياته صياغة جديدة بأسلوب ساحر, بحيث يربط عناصر الأسطورة الشرقية مع عناصرها الغربية , ويمزجها بأحداث واقعية من الماضي والحاضر , وكما تتبدل المواقع في حكاياته تتبدل عنده الأزمنة أيضا . وتطوعت السيدة باولا عضو الوفد الألماني والمتخصصة بالدراسات الشرقية والمتتبعة لسيرة رفيق الشامي بإيراد كافة المعلومات عن ابن معلولا الذي شع أدبه في بلادها بحيث أصبح حديث الأوساط الأدبية الألمانية والعالمية ".

             وحسب قول الأديب رفيق شامي في سيرته الذاتية أنه من مواليد دمشق , والتحق بالمدرسة البطريركية للروم الكاثوليك في حارة الزيتون , ويذكر من أساتذته في اللغة العربية الأستاذ حسام الدين الخطيب وفي الرياضيات الأستاذ توفيق أبو شنب وفي الفيزياء الأستاذ أنطون مارين , وقد نال الشهادة الثانوية في عام 1965 وأنتسب إلى جامعة دمشق , كلية العلوم , وتخرج منها عام 1969 وهو يحمل إجازة في العلوم الفيزيائية والكيميائية , وكان يعمل مدرسا لمادة الكيمياء في قرية الشجرة التابعة لمحافظة درعا .

               حصل الأديب رفيق شامي أو بالأحرى سهيل فاضل على درجة الماجستير في الكيمياء  بتفوق في عام  1975 , ثم على الدكتوراه بدرجة جيد جدا في عام 1979 من جامعة هايدلبرغ في ألمانيا الاتحادية التي سافر إليها عام 1971 , وخلال سنوات دراسته تعرف على أعماق المجتمع الألماني أثناء عمله في مهن كثيرة كبائع وعامل مطعم وعامل بناء ليسدد نفقات دراسته , وقام بترجمة كتاب للعمل المخبري في الكيمياء العضوية , إلا أنه لم يجد من ينشره , وكذلك قام بتأليف كتاب مع صديق له عن الطاقة الشمسية وتطبيقاتها , وقد نشر في بيروت عام 1982 عن دار الحداثة .

إلا أنه وجد نفسه بعد تخرجه يلتفت نحو الأدب , الذي كان له دور في حياته في مرحلة الدراسة الثانوية ككتابة القصص الصغيرة والمسرحيات القصيرة الفكاهية ودفاتر مليئة برؤوس أفكار شكلت فيما بعد مصدرا غنيا لرواياته وحكاياته وقصصه للكبار والصغار , وبدأ بالنشر والعمل مع بعض المجلات ومع الإذاعة حيث كان يقدم مسرحيات إذاعية , وقرر إحياء تراث قديم ورائع ولكن بثوب جديد , وهو أسلوب إلقاء الرواية بدون قراءة , ولاقى هذا الأسلوب إقبالا وتأييدا منقطعي النظير لدى الجمهور الألماني .

هذا وقد ترجمت كتب رفيق شامي من الألمانية إلى اللغات التالية :

العربية , الباسكية , الصينية , الدانمركية , الفنلندية , الإنكليزية , الفرنسية , اليونانية , العبرية , الإيطالية ,اليابانية ,الكتانية , الكورية , الهولندية , السويدية , الإسبانية , التركية , الصربية , السلوفينية , الكرواتية , النرويجية , البولونية , والأوردو ( في باكستان ) .

وأما الجوائز الأدبية التي حصل عليها فهي كثيرة وتنوف عن عشرين جائزة في بلدان مختلفة:

1985 جائزة أدلبرت شاميسو التشجيعية للأدباء الأجانب ( ألمانيا )

1987 جائزة أفضل كتاب للشبيبة ( سويسرا )

1991 جائزة ميلدريد بيشلر للمكتبات ( أمريكا )

2003 جائزة الدولة للفن ( ألمانيا )

وأما الروايات والقصص وكتب الأطفال التي رفعت ابن معلولا ـ والذي تربطه فيها "علاقة رحم" ـ وابن دمشق ـ التي لم يتصور يوما انه سيعيش بعيدا عنها , " فدمشق كانت وما تزال جنتي " ـ وابن حي العبارة ـ " أنا ابن حي شعبي دمشقي يدعى العبارة وأنا خريج هذا الحي " ـ إلى مصاف كبار الكتاب المشهورين عالميا , فسروري كبير إذ تمكنت من ترجمة عناوينها وبمساعدة صديق من الألمانية إلى العربية , وفرحتي ستكون أكبر فيما إذا وصلت إلى دور النشر العربية عامة , والســــــورية خاصة لكي يطلعوا أبناء الضاد على نتاج أحد المثقفين السوريين بترجمة كتبه التي تتجاوز الثلاثين كتاباً, وإنني أذكر بعض منها هنا عسى أن يكون لنبي كرامة في وطنه .

1987 أساطير معلولا ( أساطير وقصص عجائبية )

1988 الحنين يسافر بدون بطاقة سفر ( قصص من المهجر )

1989 حكواتي الليل ( رواية طبعت 16 مرة وترجمت إلى 21 لغة )

1995 جبل الجليد الملتهب ( مقالات عن الحياة في المهجر )

1999 التقرير السري عن الشاعر غوته ( رواية مترجمة للعربية )

2009 سر الخطاط الدفين ( رواية ـ 464 صفحة )    

كذلك فإنه يقوم بإصدار كافة مؤلفاته من كتب ومسرحيات على اسطوانات مدمجة وكاسيتات , يروي فيها بصوته قصص رواياته بالإضافة إلى قيامه بإلقاء المحاضرات شبه اليومية متنقلا بين المدن الألمانية , بحيث يندر أن ترى في ألمانيا كلها محاضرا تغص قاعة محاضراته كما يحدث معه , مع العلم أن كل من يدخل للاستماع إلى محاضرته أو ندوته , عليه أن يدفع رسم دخول , وبالعودة إلى سيرته الذاتية نرى أن برنامجه مملوء حتى نهاية شهر أيار 2009 في رحلة عبر 100 مدينة ألمانية , وعلى من يرغب بالإطلاع على محطاتها الرجوع إلى الصفحة الخاصة التي أنشأتها دار النشر باسمه وهي :   www.rafik-schami.de  ويوجد له صور فيها .

وهو يتقن بالإضافة إلى العربية و الألمانية اللغة الفرنسية بشكل جيد جدا ويلم بالإنكليزية إلماما بسيطا , وكما كان لمعلولا الأثر الكبير في نفسه وتكوين شخصيته , كذلك أحب دمشق بشكل لايستطيع تفسيره حتى اليوم , وخير مايعرف به الكاتب عن نفسه في حب دمشق هو قوله في نهاية كتابه " الجانب المظلم للحب " وهو أحب عمل إلى قلبه " إنني أضع آخر حبة فسيفساء في قصتي هذه وسأنهض الآن لكي احتفل ... وغدا عندما أستيقظ سأفكر فقط في دمشق " . وكأن كتابه هذا لم يكن عن دمشق المتملكة على تفكيره ولا عن معلولا الرابضة في قلبه !

فهل يا دمشق تبادلين أبنائك حبهم ووفائهم وتتحفينا بما نفتقده من فكرهم وإنتاجهم الأدبي الذي تتهافت عليه دور النشر الأجنبية ؟

ختاما  ونقلا عن الأستاذ الياس نصر الله في أحد كتبه من " سلسلة معلوليات " , أن الشاعر الروماني " جوفنال " قال " إن نهر العاصي يصب مياهه منذ مدة طويلة في نهر التيبر حاملا معه لغته وتقاليده " وهو يؤكد بمثل هذا الكلام على الوجود والتأثير السوريين في روما , وأسمح لنفسي بمشاركته ـ  مع تحيتي الدمشقية وشكري ـ في إهدائه بمقدمة أحد كتبه  " إلى سهيل , الأديب والمفكر السوري / المعلولي , فعلى يديه لم يعد العاصي يصب في التيبر فحسب , بل صار يصب مياهه كذلك في الراين , وفي أنهار كثيرة , في أوروبا والعالم , بفضل إبداعاته في مجال الأدب والفكر ".

وإلى أديب من بلادي أقول : شكراً لك أيها المواطن العربي السوري , فقد حولت بكتبك دموع غربتي إلى فرح وافتخار ,شكراً باسم باب توما , شكراً باسم بردى , شكراً باسم دمشق .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اليان جرجس خباز: كاتب صحفي – دمشق ، يوناني من أصل سوري

 
 
 
WEBMASTER : AA-ALSAAD
This Web Site Programmed and Written By ABD ALMASSIH JAMIL ALSAAD ..... Copyright 2003 (C) SCOPNET  All Rights Reserved 

مجلة السنونو ( العدد الحادي عشر ) - نتذكرهم فيحيون - الأرشمندريت ميصائيل حجار ( بقلم : الأستاذ بهيج جبيلي )

مجلة السنونو ( العدد الحادي عشر ) - نتذكرهم فيحيون  
الأرشمندريت ميصائيل حجار ( بقلم : الأستاذ بهيج جبيلي )  




الأرشمندريت ميصائيل حجار
بقلم: الأستاذ بهيج جبيلي
 
"سعدْتُ بصداقته خمسة وثلاثين عاماً ،
إنساناً أميناً وصديقاً وفياً ً!  "
بهيج جبيلي
 
"إنه من هؤلاء الذين يموتون بشعور المظلوم الظامئ إلى شيء مسلوب يظنونه من صميم حقهم! هؤلاء الذين يخرجون صفر اليدين من معركة الدهر، سواء أكان موضوع العراك معهم أو عليهم!
ودعنا الأرشمندريت ميصائيل حجار عام 1979 .. من دون أن يخسر الحب.. (حب حمص).. وربحنا نحن الحزن، وكان جرحه نصره.. وما أقسى ألا يتحقق نصرنا إلا بجرحنا...."
 
نهاد شبوع
 
ولد الأرشمندريت ميصائيل حجار عام 1921 للأبوين عبده حجار وندى قرنفلي فأسمياه موسى.
عاش في كنف والده الذي عمل في مدينة طرابلس، وقد اعتاد، إذ حباه الله صوتاً جميلاً، أن يردد بعض الأغاني الشهيرة والصعبة الأداء.
أعجب المثلث الرحمات الكسندروس جحا مطران أبرشية طرابلس آنذاك بصوته الرخيم وبسرعة حفظه للألحان وقدرته على الأداء الصحيح، فطلب من والده أن يسمح له برعايته، فوافق الوالد.. وعاش موسى مذّاك في كنفه ابناً روحياً له..
وهناك، كما روى لي ذلك بنفسه، سمحت الظروف للفتى موسى أن تسمعه المطربة السيدة فتحية أحمد مغنيّاً لها دور (امتى الهوى) لكوكب الشرق أم كلثوم، فأبدت شديد إعجابها بصوته وتنبأت له بمستقبل عظيم وسألت  والده أن تأخذه معها لتدرّبه على أصول الغناء فكان جواب الوالد الرفض!
ومرّة سمعته كوكب الشرق أم كلثوم حين ردّت الزيارة للمطران جحا بعد أن زارها في فندق "كونتينتال" في طرابلس، كما استمع إليه المطرب الكبير محمد عبد الوهاب وأبدى إعجابه طالباً من والده أن يأخذه معه ليتبناه موسيقياً لكنّ الوالد رفض للمرة الثانية.. فاستمرّ موسى في سلك الكهنوت.
ومرت السنون.. واستقرّ موسى في أبرشية حمص مع صاحب السيادة المثلث الرحمات المطران ألكسندروس جحا، فعاش بهذا تحت ظلال هرم من أهرامات التقوى والمحبّة والتضحية، عادّاً إياه ابناً روحياً له، فتربى على خصال التفاني والغيرية  التي رافقت كل حياته. وقد تدرّج مع السنين في سلك الكهنوت إلى أن نال رتبة (أرشمندريت) بجدارة محققاً مركزاً مرموقاً في المجتمع الحمصي.
كان ولعه بالمطالعة مميزاً - فقد اعتاد أن يقرأ الكتب والمراجع الدينية والاجتماعية على اختلاف أنواعها، كما اقتنى أجود المؤلفات التي أسس بها مكتبة غنية أقامها في غرفته لا يبخل على احد بأي كتاب فيها أو مرجع يسأله إياه!
أما في مجال الموسيقى فقد كان فيضاً من الفن والحسّ الموسيقي المرهف حين نهل من معين الموسيقى البيزنطية (الكنسية) وأتقنها إذ أتاحت له خدمته الطويلة في سلك الكهنوت أن يتعلمها وأن يتفوق فيها. كما تشبّعت ملكته الفنية بأعمال وألحان عمالقة الموسيقى العربية في النصف الأول من القرن العشرين كأم كلثوم ومحمد عبد الوهاب، فكان ذلك عاملاً من عوامل نجاحه في المزج بين الموسيقى البيزنطية، والموسيقى العربية الأصيلة، والذي بدا جلياً في ادائه الرائع الذي كان يؤثر في المصلين أعمق التاثير.
ولعل المساحة الصوتية الكبيرة التي كان يمتلكها، ادّت به إلى أن يسمو، مبدعاً، بترتيله إلى أعلى الدرجات ثم ينخفض ليساير الطبقات الجهيرة في السلم الموسيقي متأثراً بنصائح صاحب السيادة المطران ألكسندروس جحا مما زاده صقلاً وكمالاً.
ومن الطريف أن المثلث الرحمات البطريرك الكسندروس طحان، والذي كان واحداً من المعجبين بصوته، اعتاد ان يهتف من دمشق ليطلب إليه أن يُسمعه - عبر الهاتف - التراتيل الكنسية ويستمر الترتيل ويطول إلى أن ينبهه المطران جحا باعتراض رقيق:
طالت المكالمة كثيراً .. الا يكفي؟
بالأمس القريب جمعتني جلسة هادئة بصديق لي عزيز هو الأستاذ الكبير صباح فخري، أشاد فيها بذائقة أهل حمص الموسيقية وبمحبتهم للفن والاداء الراقي.. وللحظة، ارتسم على وجهه ظل حزن وأسف وهو يقول: كان لي يوماً في حمص صديق حميم يتمتع بصوت رائع وبثقافة موسيقية عالية هو الأرشمندريت ميصائيل حجار.. كم أنا حزين لرحيله المبكر!
ولعل المصلّين يذكرون أداءه المميز في خدمة تراتيل الكنيسة كيوم (الثلاثاء العظيم) حين كان يرتل قطعة (المرأة الخاطئة).. أو يوم (خميس الأسرار) أو (الجمعة العظيمة) حيث كان الخشوع يمتلك جميع المصلين وهم يستمعون إليه مرتّلاً (اليوم علق على خشبة) وكذلك في صباح أيام الآحاد حينما كان يرتل (المجدلية الكبرى) المجد لك يا مظهر النور..
لقد تميز الأرشمندريت ميصائيل أثناء الترتيل بانتقاله، من لحن إلى آخر بليونة ورفق معتمداً على ثقافته الموسيقية الرفيعة، وعلى حنجرته المطواعة القوية.
يملؤني الآن الحزن وأنا أستعيد ذكرى هذا الصديق الذي نذر حياته للرب، وأعاني من جديد ألم فقده. لقد عاش حياته معطاء، مضحياً، محباً برغم مواجهته لقسوة الظروف من حوله، اخص بهذا، السنوات التي سبقت موته، فبعد وفاة المطران ألكسندروس جحا عُيّن معتمداً بطريركياً في حمص، فبقي وحيداً في المطرانية مواجهاً لتيارين متضادين، حاول أن يوفق بينهما بحنكته  وصبره وإرادته القوية، مما ترك أثراً على أسلوب حياته في محاولة التكيف مع واقع أليم وصعب، الأمر الذي ادّى به، بتقديري، إلى إصابته بالمرض.. (رغم بنيته القوية والصحة الجيدة التي كان عليها).. ذلك المرض الذي عجّل برحيله عن دنيانا مبكراً وكان هذا في شهر تموز عام 1979 حيث تم تشييعه بجنازة متواضعة هادئة ضمّت بعض المخلصين له ممّن علموا بوفاته متأخرين ورحل الفقيد تاركاً عَبرةً في العيون وحسرة في القلب!
 
 
 
WEBMASTER : AA-ALSAAD
This Web Site Programmed and Written By ABD ALMASSIH JAMIL ALSAAD ..... Copyright 2003 (C) SCOPNET  All Rights Reserved



مجلة السنونو ( العدد الحادي عشر ) - أدب وفن - الفن المعاصر ( بقلم : مصطفى بستنجي )

مجلة السنونو ( العدد الحادي عشر ) - أدب وفن  
الفن المعاصر ( بقلم : مصطفى بستنجي )

الفن المعاصر

 
بقلم: مصطفى بستنجي

 
الفن هو احد نشاطات تلك المادة العالية التنظيم "قشرة الدماغ البشري" كالذكاء والإرادة والذاكرة إلخ...
وهو مستقل بنوعيته ومرتبط ببقية نشاطات الدماغ ارتباطاً عضوياً وجدلياً.
يعمل الفن على ترجمة العمليات الحاصلة في دماغ الإنسان خاصة وفي كيانه عامة، هذه العمليات الحاصلة نتيجة تفاعل جبلة الإنسان أي مكوناته الوراثية من جهة ومع البيئة من جهة أخرى، وذلك عن طريق الحواس، مستخدماً المواد التي تؤثر في هذه الحواس كالشكل واللون بالنسبة لحاسة البصر، والصوت لحاسة السمع، وهذه المواد كالكلمة والصوت واللون والشكل ما هي إلارسول للفكر بين الناس.
علماً أن للفكر الإنساني مستويات ثلاث: التفكير التشخيصي ثم الشمولي وأخيراً التفكير التجريدي والعلاقة بين هذه المستويات هي علاقة جدلية.
أما التجريد موضوع بحثنا فهو: انتزاع صفة مشتركة بين مجموعة من الموجودات وتكوين صورة عنها في الذهن.
فالإنسانية هي صفة مشتركة بين جميع بني البشر والقيمة صفة مشتركة بين جميع السلع أي ان التفكير التجريدي هو تفكير بالصور المدركة المنتزعة من المشخصات المحيطة بنا. وفي حياتنا اليومية العديد من المجردات كالصور الذهنية المدركة عن: الرجولة. الأنوثة. الأمومة. الطفولة. النقاء الصفاء إلخ..
وقد وضع الإنسان التفكير التجريدي موضع الممارسة اليومية عندما استبدل بنظام المقايضة نظام النقد.
في الأعمال الفنية العادية منها والعظيمة لا تقيم بقدر مطابقتها للطبيعة وإنما لما تحمل في تكوينها وفي علاقاتها الشكلية واللونية من قيم معنوية مدركة أي تجريدية.
فاللوحة ما هي إلا سطح ذو بعدين موضع عليها مجموعة من البقع مكونة علاقات لونية وعلاقات شكلية وبالضرورة علاقات بين الألوان والأشكال.
هذه البقع قد تكون مستمدة من الطبيعة كأشكال النبات والحيوان والإنسان. إذا كانت هذه الأشكال منسوخة فقط نسخاً عن الطبيعة يكون عملنا هذا في مجال التفكير التشخيصي ويبقى ضمن مجال الملاحظة والتطبيق ولوحات كهذه لا تدخل مضمار الفن ما لم يسقط الرسام عليها قيماً معنوية مدركة.
وعبر تاريخ الفن كانت هناك ارهاصات للتخلص من الموضوع الادبي لكونه عائقاً كما رفض التعلق بضرورة إتمام جزئياته.
مثلاً كلمة ليوناردو دافنتشي "ينتهي العمل الفني عندما لا يشعر الفنان بضرورة متابعته" وحياته الفنية مليئة بأعمال غير كاملة من وجهة النظر الهامة الشائعة فقط.
ثم ميكائيل انجلو في أعماله الأخيرة، فقد تخلى عن الجانب الحرفي والتشريحي، وأخضع الشكل الإنساني للقيمة التشكيلية.
وبعده الرسام كرافاجيو وعبارته "باستطاعتنا إسقاط إحساس القدسية على تفاحة" أي أن لغة الشكل واللون في ذاتها هي التي تؤدي المضمون لا الموضوع الأدبي ولا المطابقة للطبيعة.
ومن منتصف القرن التاسع عشر وما بعد، بدأت تتسارع الحركات والمدارس الفنية الواحدة تلو الأخرى، لتؤكد هذا الفهم لموضوعه التصوير، وذلك بسبب تحرر الفنان من سلطة الكنيسة ومن السلطة المدنية اللتين جعلتا من الفن أداة لصنع وسائل إيضاح لمواضيعها المفروضة.
وحتى من سلطة الزبائن الذين يملكون المال لشراء اللوحات.
فبرزت اللغة التشكيلية الحديثة المعتمدة على البقعة في ذاتها شكلاً ولوناً، لما تعطيه من إمكانات أوسع في مجال التعبير من حيث إيقاع شكلها على سطح اللوحة ونغم لونها. واصبحت البقعة الحرة التي يضعها الفنان من تصميمه هو لا تشبيهاً للطبيعة هي التي تؤدي المضمون في العمل الفني، وكما استبعد الموضوع الادبي استبعدت أيضاً عناصر الإيهام والمنظور الخطي والهوائي.
كل هذا في سبيل الوصول إلى لغة تشكيلية بحتة تعتمد في أدائها على إمكانات فن التصوير فقط كاللون والشكل والملمس والخط.
ولو قارنا اللغة التشكيلية القديمة بالحديثة لوجدنا أن الفرق تماماً كالفرق بين اللغة الهيروغليفية الفرعونية وبين اللغة العربية الحالية.
ليس الواقع المحيط بنا هو الموجود في دماغنا بل صورته.
والواقع لا ينحصر في المرئيات فقط وإنما الواقع هو مجموع العلاقات القائمة بين الناس، ثم العلاقات بين هؤلاء الناس والطبيعة، وضمنها العلاقات والقوانين التي تحكمها مادياً وتاريخياً.
ونحن ننتزع باستمرار بواسطة تفكيرنا المدركات أي الشموليات والمجردات من هذا الواقع الديناميكي الدائم التغير، مكوناً انعكاساً وتراكماً لصور ذهنية في دماغنا يتسلسل ورودها وفق الزمان التجريبي، ولكن عندما تصبح هذه الصور الذهنية في خلايا دماغنا لا تبقى محافظة على تسلسل ورودها.
وإنما تدخل في الزمان النفسي للإنسان، ومن هذا ينشأ الإحساس بالماضي والحاضر والمستقبل.
وتتداخل مع بعضها، فقد تغطي صوره من الماضي الإحساس بالحاضر.
فعندما يحقق فنان عملاً على سطح اللوحة فإنما يعطيه من مختزناته السابقة الناتجة عن تفاعله مع البيئة، التي تتداعى بتوارد مختلف عن تسلسل ورودها إلى دماغه ومن أحاسيسه الآنية أثناء تأديته العمل كل هذا ضمن صيغة جمالية نابعة من قدرته الإبداعية ومشتركة مع إدراكه الحسي.
ولما كان الواقع يحمل لنا التأزم والتعقيد والصدمات فنحن لا نستطيع أن نتجاهل عالمنا الداخلي المشحون بمؤثرات الواقع الصلب المتفاعل بعنف. كما لم يعد الذهن البشري المعاصر ساذجاً لنسخ صورة زهرة.
فالفنان ليس من يحول قرص الشمس إلى بقعة صفراء والوردة النضرة إلى بقعة حمراء وإنما الفنان هو من يجعل البقعة الصفراء تتوهج كالشمس ويعطي البقعة الحمراء نضارة الوردة أو حرارة الدم.
وذلك من خلال العلاقات التي يبنيها على لوحته ليوصلنا إلى رؤيته أكثر شمولية.
كما ليس بإمكاننا اللامبالاة، او تصنع السذاجة لنركز اهتمامنا على باقة زهر لنشخصها. او نصنع مشاهد إيضاحية أو دعائية. ونكون أثناء تحقيقها. ننظر إلى اللوحة بعين واحدة والعين الأخرى على رغبات ومتطلبات من سنأمل منهم أن يدفعوا الثمن.
او نعمل على تكرار المرئيات لنثبت صورها في أطر، مهملين عالمنا الداخلي المتشابك بعمق عمق تاريخنا الإنساني، ومتشعب ومعقد مثل واقعنا الحالي مضافاً إليه حدة رغباتنا ومشاعرنا الفطرية وردود أفعالنا نحو الواقع وتطلعاتنا نحو المستقبل.
ولما كانت اللغة التشكيلية القديمة لا تعطي المجال الكافي للتعبير عن كل هذا، فلا بد من لغة تشكيلية حديثة تمكننا من البوح عن تحليلنا
 
للواقع وفهمه وانتزاع المدركات الجمالية منه حتى في أكثر الأوقات تأزماً، لنسجل تفاعلاً إنسانياً سليماً على مستوى الواقع الحالي للقرن العشرين مظهرين العالم الداخلي للإنسان بكل ما في فيه. حيث أن مهمة الفنان الحقيقية هي جعل المدركات غير المرئية مرئية عبر اللغة التشكيلية، بدون عوائق كالمواضيع الأدبية معتمدين المباشرة دون أ التوسل بالمواضيع المشخصة لنسقط عليها ما نريد وبالتالي تكون هذه المواضيع عائقاً بين المضمون الحقيقي والمشاهد.
قد يعتقد البعض أن هذا عمل ذاتي محض لشخص الفنان ومنفصم عن بيئته، ولكن يجب أن نتذكر أن لكل أمة شعورها الجمعي واللاشعور الجمعي. وتجربة الفنان ما هي الا نفس تجربة أفراد بيئة عامة، ومن يقفون معه على نفس العتبة الاقتصادية خاصة. ولكنها أكثر حدة وأكثر استشفاقاً.
أما كيف يمكن للجماهير أن تتذوق أعمالاً معاصرة، فهذا يتطلب إلغاء المواقف المسبقة الباحثة عن المتعة المسترخية، هذه المواقف التي ورثناها واعتدناها من فن متطور عن فن راسب قديم كان قد ولد وترعرع في أقفاص الحريم ولا يمكن الاستمرار به إذا أردنا بناء مجتمع حضاري، إذ أنه يلعب دور المخدر وهو فن متواطئ مع التخلف.
كما يجب أن لا نستغرب التعقيد في الفن المعاصر لأنه نابع من واقع معقد أكثر من ذي قبل.
إن الوظيفة الاجتماعية الأساسية للفن هي تنمية الإدراك الحسي لدى الجماهير وتصعيد حدته، وتحريض الحس الإبداعي وإيقاظ الأحاسيس الإيجابية التي تكبو تحت وطأة الحياة اليومية، ليعود للإنسان إحساسه بذاته كاملاً. والفن عنصر ثقافي يعمل ببطء كالتربية ويتطلب المران والمتابعة لذلك لا تدرك نتائجه إلا على المدى البعيد.
واخيراً..
إن من يعطي الجماهير ما تعرفه مسبقاً وتألفه، في الحقيقة لا يعطيها شيئاً ولا يطور رؤيتها، وإنما يتاجر معها بمفاهيمها.
1976
  
 
هل يُدان سقراط بحجة أن التزامه الثابت بالحقيقة وأبحاثه الفلسفية أدت إلى ما قام به العامة المضللة حين أجبروه على تجرّع السم؟
وهل يدان المسيح لأن ضميره الإلهي الفريد واستمراره في تكريس نفسه لمشيئة الرّب قد أدّيا إلى فعل الصلب الشرير ؟.
مارتن لوتركنغ  جونير
 
 
 
 
WEBMASTER : AA-ALSAAD
This Web Site Programmed and Written By ABD ALMASSIH JAMIL ALSAAD ..... Copyright 2003 (C) SCOPNET  All Rights Reserved 

مجلة السنونو ( العدد الحادي عشر ) - رابطيات - تكريم المربية الأديبة نهاد شبوع ( إعداد : ريما فتوح )

مجلة السنونو ( العدد الحادي عشر ) - رابطيات  
تكريم المربية الأديبة نهاد شبوع ( إعداد : ريما فتوح )  




تكريم المربية الأديبة  نهاد شبوع
مهرجان مار اليان الثقافي 2009
إعداد: ريما فتوح
* ولدت في حمص، وفي مدارسها الأرثوذكسية تلقت علومها الابتدائية والإعدادية والثانوية.
* انتسبت إلى جامعة دمشق، وكانت تجمع بين الدراسة والتدريس إلى أن تخرجت من الجامعة حاملة إجازة في اللغة العربية وآدابها.
* عملت في تدريس اللغة العربية في ثانويات حمص، وتسلمت إدارة عدد من مدارسها الثانوية.
* لها نفحات أدبية نشرت في عدد كبير من المجلات والصحف السورية والعربية والمهجرية، كما لها عدد من الدراسات المطبوعة في كتيّبات منها(الطبيعة في شعر إيليا أبو ماضي) أطروحتها التي خولتها التخرج و(ثورة الشكل في شعر بدر شاكر السيّاب) – (دراسة لكتاب الشعلة لنظير زيتون) – (أدب المهجر) – (رسائل إلى الأدباء) إلخ..
* انصرفت منذ سنوات لخدمة المغتربين العرب وقد أسست لهم (رابطة) هي "رابطة أصدقاء المغتربين" في مدينة حمص تضم ما ينوف على 125 متطوّعاً بينهم نخبة من مثقفي المدينة يتفانون معها في خدمة أهداف الرابطة في استقطاب الأجيال المتحدرة من أصل عربي في المهجر واعتبار المهجر امتداداً للوطن الأم.
* استطاعت بنشاطها وتضحياتها وتفانيها في خدمة فكرة الرابطة أن تبني بيتاً للمغترب في مدينة حمص تستقبل فيه كل مغترب يزور الوطن كرمز للبيت الأهلي الأول الذي درس أو غيرته الأيام.
* كان لها صفحة أسبوعية في جريدة "حمص"، خصصتها للخوض في موضوع " الاغتراب" ذلك المفصل الهام في حياة الأمم: وبثّت المغتربين فيها أشواق المقيمين ولهفتهم للالتقاء.
* نالت العديد من شهادات التقدير والشكر من الجاليات العربية في الخارج ومن يمثّلها، ومن حكومات بلدان الاغتراب، أهمّها: المرسوم الجمهوري الصادر عن رئيس الجمهورية البرازيلية القاضي بمنحها "وسام ريو برانكو" من رتبة فارس بتاريخ(31 أيار من عام 2002)، قلّدها الوسام سعادة السفير اوزمار شحفة أمين عام وزارة الخارجية البرازيلية في(1 تشرين الأول 2002).
* تم تكريمها في غرفة التجارة من بين النساء المميزات في(1تشرين الأول 2006 ) في يوم المرأة العالمي.
* آخر إنجازات نشاطها الذي لا يتعب " السنونو" وهي مجلة تصدر بالعربية مع بعض الترجمات إلى لغات أخرى، وتهدف إلى مد جسور التواصل المبدع ثقافياً وحضارياً بين الوطن المقيم والوطن المغترب وتحاول تجديد نطاق الخطاب وتوسيعه ليشمل المغتربين بأجيالهم المتعاقبة وقد صدر منها حتى الآن (10 أعداد).
            اجتاحت أسرةَ السنونو  و"بيت المغترب" جميعاً مشاعر الفخر والاعتزاز.. حين تلقت الرابطة خبر ترشيح المربية السيدة نهاد شبوع لتُكرَّم من قبل مطرانية الروم الأرثوذكس واللجنة الثقافية لمهرجان مار اليان الرابع ممثلين بحاضن هذا المهرجان وبركته سيادة المطران (جاورجيوس أبو زخم)..
وراح كل فرد من الأسرة يعتز بأنه يعرف هذه المربية عن قرب، ويود لو يحدث ويروي للجميع كم هي كبيرة في القدر، ومعطاءة بالروح.. تفهمنا نحن الصغار والمبتدئين في الأدب، وتأخذ بيدنا لتعطينا كل الزخم والقوة الكامنة لديها، فتكون أماً بكل معاني الأمومة، تساعد أطفالها الذين يحبون على الأرض ليبدؤوا بالنهوض والسير، و تمسك بيدهم وتمنحهم من روحها ومن تجاربها....
غصت القاعة بالأهل والأصدقاء والتلامذة والأحباء والمهتمين في يوم التكريم.
 وبدأت الفعاليات على الرغم من غمامة الحزن والفقدان التي كانت تلَف روح السيدة، لكنها وكما العادة تعالت على ألمها وكبرت على أحزانها وأتت لتشكر الذين جاؤوا على شرفها..
وابتدأ سيادة المطران جاورجيوس أبو زخم كلمة يحييّ فيها ابنة المدارس الأرثوذكسية، ليقول فيها:
" مساء الخير:
أود أن أتحدث قليلاً عن الإنسانة التي تعرفت بها.
كنت أعرفها سابقاً قبل أن آتي إلى حمص وقبل أن أكون مطراناً عليها، وكان ذلك من خلال كتاباتها بالدرجة الأولى، والتقيت بها لمرات قليلة، ولكنني لم أتعرف بشخصيتها، وعندما قدمت إلى حمص وأصبحت مطراناً عليها كانت المبادرة الأولى منها: هي التي  قدّمت نفسها وعرفتني بأنها من الجيل المؤسس للتعليم وخاصة تعليم اللغة العربية وأصولها وجمالاتها وكمالاتها كلها.
وهذا ليس بالشيء الغريب لأنها خريجة الجامعة السورية في دمشق منذ حوالي نصف قرن تقريباً، وتكاد تكون من أوائل خريجات جامعة دمشق، ثم دخلت حقل التعليم وكانت في هذا الحقل، كما عرفت منها شخصياً وكما عرفت من كل طالباتها وطلابها، أنها لم تكن فقط معلمة لغة عربية، بل كانت مربية بامتياز، محبة بامتياز، موجهة بامتياز أيضاً، وهذا ليس بغريب عنها لأنها نشأت في بيت ثقافي وتعبت على نفسها كثيراً.
إنها دائمة الالتصاق بالكتاب وبالثقافة عامة، لذلك توسّعت ثقافتها هذه وامتدّت لتصل إلى أبعد ما يمكن من المجالات الواسعة، إنها بالفعل محلقة في ما تكتب وفيما تقدّم، ولديها حس أدبي مرهف رائع جداً، أنا لا أستطيع أن أصف بالفعل ذلك الأسلوبَ الذي تكتب به وتلك الصورَ والمعانيَ التي تنقلها لنا، وهي على ثقة كبيرة بأنها تقوم بذلك بكل أمانة وصدق وإخلاص.
عملت في حقول التربية والتعليم وخرّجت أجيالاً وأجيالاً، ولم يثنها التعليم عن تجديد تأسيس أولى الرابطات في هذا الوطن (رابطة أصدقاء المغتربين) التي لا تزال تعمّق جذورها وتسقيها إيماناً وعزيمة قبل تقاعدها عن التدريس وبعده. هذه الرابطة كما تنعتها هي جسر العبور إلى المغتربات، أجل لقد أسست رابطة أصدقاء المغتربين هذه وترأستها، ولا تزال، منذ السبعينات حيث ابتدأت بهذا المشروع، وهي ما زالت على رأس هذا العمل بكل ما أعطيت من قوة، تسير بشكل دؤوب فيه، وقد أنشأت مع فعاليات الرابطة الثقافية مجلة فصلية جعلتها لسان حال يربط بين المغترَب والوطن، وأتاحت للمغتربين أن يكون لهم بالنتيجة ما يجعلهم يعودون بالقلم، أو بالأحرى بالكتابة، مع أنها تدعوهم أيضاً دعوة حقيقية، و" بيت المغترب" هنا - إنجاز رابطتها- معروف في حمص وله تاريخ في هذا المجال، وقد أسسته أيضاً مع زملائها العصاميين في الرابطة لكي تستقبل فيه المغتربين ولكي تستضيفهم وتقول لهم: "عندكم بيت صغير، هذا البيت يضمكم مجدداً إلى وطنكم الأم."
إنها دائماً وأبداً تؤكد على أن للإنسان نوعين من الأوطان" نوعاً مقيماً ونوعاً آخر طائراً محلّقاً يحطّ هنا أوهناك في العالم كله، وعندما تُحَدِّث المغتربين في البرازيل أو الأرجنتين أو أوستراليا أو أميريكا الشمالية أو حتى أوربا تقطف من لغتها الخاصة، وهذه اللغة تنتهجها وتتبِّعها وبالأحرى تعيشها وتستمدّها من تراث هذه المدينة العريق في الثقافة والفن والأدب وكل مجالات الحياة الثقافية المعروفة.
إنني إذا تحدّثت عنها بهذا الشكل فإنني أرى نفسي مقصّراً من حيث أنها بالفعل قدّمت للوطن.. قدّمت للمجتمع.. قدّمت للحياة وللعالم كله عصارة فكر أدبي رائع، وربّت أجيالاً وأجيالاً على ذلك وهي الآن إذ ترى نفسها بين كل أولادها وبناتها تجد أنها بالفعل عملت شيئاً بسيطاً جداً مما أعطاها الله أن تعمل به، إذ هي تعترف وتؤمن بفضل الله ونعمته عليها وتقدّر وتثمّن هذا العطاء.
إنني أشكرها على حضورها اليوم بشكل خاص رغم المناسبة المؤلمة التي هي فيها، وإذا قلت ذلك فليس لأجرح تواضعها ولكنني لأقول إنها فقدت منذ أيام شقيقة لها كانت رفيقة دربها، ومع ذلك فقد تغلّبت على جراحها وحضرت لأنها رغبت بألا تذهب هذه المناسبة من دون أن تشارك فيها فتتحفنا ببعض من كلماتها، ونحن نقدّم لها بالنتيجة ما يمكن أن يعبّر ولو تعبيراً بسيطاً عن شكرنا وامتناننا ومحبتنا لهذا العمل الذي قامت به ولشخصها  العزيز المكرّم.
 إنها بالفعل المربية الفاضلة والتي لها دور كبير جداً في الحياة الثقافية العامة والأدبية الآنسة نهاد شبوع فلتتفضّل مشكورة."
 
 وعندها نهضت المربية "نهاد" بكل وقارها، ووقفت لتشكر الذين كرموها، والذين جاؤوا إلى التكريم، وخاطبتهم قائلة:
 
" آبائي الأجلاء.. أيها الحضور الكريم
من هيكل الله أحييكم، وأشكركم، وأعزّزكم:
أشكر سيادة المطران جاورجيوس أبو زخم الذي غمرني بهذه الصفات التي أرجو أن أكون بها جديرة، وحسبي أن أقول لكم إنني من مدرسته تخرجت، وهو المعلم في مدرسة الله، ويكفيني فخراً أن أكون من مدرسة الله تلميذةً.
أيها الأعزاء:
كم كنت أتمنى أن أكون في نجوة من هذه الغيمة الرمادية التي اجتاحت بيتي الصغير وعصبي الضعيف لأشارككم وأفرح معكم أكثر وأكثر، ولأتأمل أعمق فأعمق في آلاء الحياة وامتيازها، ولأقف وقوفاً أطول أمام هذه الذكرى العريقة المعاني.. ذكرى تاريخ رمز من رموز حمص العظيمة القديس اليان، الحكيم، كما كانت تنعته أمي وكما كانت تستجير به كلما عضّها أسىً، وشدّ على قلبها نزف جروح.. ومنها ومثلها تعلمنا نحن أن نستجير به كلما شدّت على قلبنا جروح أسى، أو هصرت أغصانـَنا أوجاعُ أقدار..!
في غمرة هذه الذكرى المقدسة دُعيت لأتكرّم من قبل لجنة القديس اليان وتحت رعاية سيادة المطران جاورجيوس أبو زخم ومساعيه الحكيمة، وما كان أكرمها دعوة، وما كان أعظمها بادرة، إذ التكريم - بحد ذاته- هو للمآثر في حنايا الأوعية التي تضمها ومن خلالها.
حضارية مباركة كل مدينة تكرّم المآثر في أشخاص أبنائها لتجذّرها وتسقيها وتعزّزها وتنمّيها، ومشكورة معزَّزة مدينة مار اليان القديس الشفيع أبي المآثر مبلسم الآلام وجروح النفوس والأجساد متمثّلة اليوم بفعاليات مقتدية ناشطة ثقافية دينية ومدنية يرعاها ويباركها سيادة المطران جاورجيوس أبو زخم مع القائمين على نهضة المدينة.
أقول مشكورة ومعظمة مدينة مار اليان(حمص) ترى فيَّ قيمة تُكَرَّم، كم أرجو أن أستحقها، مأثرةً تدلني – اليوم – إليها وتكرمني من خلالها.. ربما لأعزّزها أكثر فأكثر.. ولأعاهد أمام الله بأن أجاهد الجهاد الأكبر كي أكون وكي أظل بتكريمها جديرة.
أيها الأعزّاء الناشطون القائمون على هذا المهرجان المقدّس الذاكر المذكّر:
اسمحوا لي أن أشكر وأُشرِك في هذا التكريم وطني وآبائي الروحيين وأهلي - أصولاً وفروعاً-  والأدباء الأصدقاء الذين سبروا فيَّ خلالاً مطوية فنشروها، ودلوني إليها بأحرف مكتوبة مذللين أمامي امتحانات الجدارة..! وأخص بالذكر الأستاذ الأديب كامل دعدوش.
أجل اسمحوا لي أن أشكر وأشرك في هذا التكريم الغالي رابطتي (رابطة أصدقاء المغتربين) وإخوتي العاملين معي في هذه الرابطة وكل من ساعدني وأتاح لي أن أترجم هذه المأثرة عملاً أجدى ويجدي الإنسان في كل مكان، ولو قليلاً، الإنسانَ الذي هو ملح الأرض ودم الحضارات لأنه المخلوق على صورة الله ومثاله..
دمتم جميعاً تعزّزون نماذج هذا الإنسان في مجالات العطاء والبناء والمحبة السلام والصلاة وشكراً مرة أخرى على هذه اللفتة الكريمة وعذراً إذا أوجزت فعندما يطفح القلب إلى هذا الحد ويكون لدينا الشيء الكثير لنقوله فإننا لا نقول شيئاً...!!"             ألا اسلموا
 
 نهاد
 
 نهاد شبوع في ميزان الآخرين:
نبدأ بتأشيرة ميزان الأستاذ الأديب كامل دعدوش الذي سلط الأضواء الصادقة على نهاد شبوع: كلاً لا يتجزأ في بحث كامل وزع على الجمهور سابراً أغوار أدبها روحاً.. وشخصاً.. سلوكاً وأسلوباً.. لُحمةً متماسكة لا تتجزأ..!!
نهاد شبّوع وجدان شعري متألق                                                  بقلم: كامل دعدوش
في آخر لقاء مع الأديبة نهاد شبّوع قالت: إنّها ليست أديبة وإنّما هي متذوقة للأدب. وقد تفهّمتُ تماماً دواعي ذلك القول وأسبابه!
ولعله – التصريح – يعطيني المبرر لأقول أيضاً:
لستُ ناقداً وإنّما أنا متذوق للنقد، وليس في مقدوري أن ألبس عباءة(شيخ الكار)، واضعاً أمامي الميزان النقدي الموضوعي الذي يعتمد على مناهج ومعايير يعرفها النقّاد.. بل في مقدوري عرض انطباعاتٍ نقدية تراكمت وتكاملت خلال ما يزيد على ثلاثين عاماً وهذه الانطباعات تتوزع على عناوين:
 نهاد الإنسان:
إذا أردت أن تختصر نهاد بكلمات تقول:
إنّها سيدةٌ تحكمها في سلوكها وعلاقاتها المثل الأخلاقية العليا، وتنساق وراء الخير وخدمة الآخرين بإرادة محكومةٍ بالعقل حيناً وبالعاطفة حيناً آخر.
وهي تدافع عما تؤمن به بشجاعة لا تقهر الخصم، بل تترك فسحةً للقاء، وتصبر على جراحها مستوحيةً صبر القديسين، وتتعالى على طعنات الغدر والجحود بشموخ النبلاء! أمّا الوفاء لأساتذتها ولمن رافقها في دروب الحياة فحدّث ولا حرج!
مارست نهاد التدريس فكانت نموذجاً يحتذى في الإخلاص والبراعة والتفاعل مع الطلاب وإنَّ أهم ما انطوت عليها مسيرتها في التدريس جعل الطلاب يحبون الأدب ويتذوقونه.
وقبل انتهاء عملها الوظيفي بسنوات ساهمت في إنشاء رابطة أصدقاء المغتربين، وأشرفت على صفحتها في جريدة حمص، ومن ثم ساهمت في تأسيس بيت المغترب، وإطلاق أجنحة " السنونو" في فضاءات الوطن ودنيا الاغتراب.
 
الأديبة:
كرّست أدبها لخدمة نشاطاتها الاجتماعية والإنسانية والاغترابية، ولم تتفرغ له، لتمارس فنونه وألوانه وتنشر على الملأ مقالاتٍ ورواياتٍ ودراساتٍ نقدية، وإنما مارست ألعابها الذاتية في ملاعب الآخرين فتفوقت عليهم وأحرجتهم!
وهي لا تنتمي إلى مدرسة أو مذهب معين في الأدب بل هي مع الإبداع والجمال حيثما كان وبأيّ شكل تجلّى،  تجلس معها فتأتيك  بشواهد تحبّها من الشعر الجاهلي ونزار والمتنبي وجبران. أمّا موضوعات أدبها فهي الترحيب بأوسع معانيه وتعدد أشكاله والتوديع أيضاً بأوسع معانيه وتعدد أشكاله.
أدبها.. الموضوع الواحد الذي لا يبلى ودائماً في حلّة جديدة!
وإذا استأثر الترحيب والرثاء والوداع بقلمها فإنّ أدبها لا يدخل في أدب المناسبات إلا من حيث المظهر والشكل، وغالباً ما ينسى القارئ أبطالَ تلك المناسبات لكنه لا ينسى أبداً الأثر الذي خلفته تلك الكتاباتُ في نفسه!
وبكلمةٍ.. إنّ أدب نهاد ليس أدب العناصر المبرمجة والمناهج المحضّرة إنما هو أدب الخاصرة.. أدب المعاناة!
 
الناقدة:
تجلّى نقدها في دراستين هامتين هما: ثورة الشكل عند السيّاب، والطبيعة في شعر أبي ماضي.. أضف إلى ذلك "أدب المهجر" ودراستها لكتاب الشعلة للمرحوم نظير زيتون وبعض المقدمات التقويمية لبعض الدواوين الشعرية "كعطش وجوع" للشاعر زكي قنصل، وتعليقات على أبحاث ومقالات وشخصيات في الأدب أو المجتمع.
وهي عندما تقوّم شاعراً فإنّما تقوّمه من خلال مدرسته التي ينتمي إليها لا من خلال تذوّقها للون من ألوان الشعر دون غيره، وفي هذا إنصاف ما بعده إنصاف للشاعر ونتاجه!
" وستجد نقدها مكتوباً بغير لغته المعهودة بل بلغة شعرية، هي من صنع كيمياء عواطفها وأعصابها وإحساساتها المرهفة، وقد يُخيل إليك أنّك بإزاء طائر يحوم فوق شاطئ البحر لينقضّ على فريسته بسرعة ومهارة، ولكنّ طائرنا، ههنا، ما إن يقترب من فريسته، فيلمسها حتى يبتعد ليناور بذكاء وخفة وكأنّه لا يريد الصيد وإنما يدلّ غيره عليه!"
كذلك عندما تنتقدُ(تقوّمُ) يغار منها أحياناً المنقود ولو كان على درجة مرموقة وحظٍ وافر من الأدب، لأنّها تخطف منه الأضواءَ ومع ذلك فهي تلبسه حللاً ربما لا يستحقها ولكنه الكرم بلا حساب! وإنّ أي حدث أو شخصية، أو قصيدة، لا تُفهم عندها بأبعادها الموضوعية الماثلة لعين القارئ العادي فقط بل تتفاعل معها إلى أقصى درجة، مضيفةً إليها من ذاتها وروحها الأمر الذي يجعلها شريكةً لصاحب الموضوع في الانفعال!
ومن آرائها النقدية قولها: إنّ الشاعر المبدع ليس هو الذي يكشف للقارئ كلّ معانيه وصوره ودلالاته بل هو الذي يحرّض ويؤثر فيه بشكل ينسجم مع مستواه الثقافي وتجاربه الحياتية...
وقد يخلق عنده قصيدة أخرى! وهذه المحصلة لا تكون نفسها عند قارئ آخر وكأنّ القصيدة، هنا، بمثابة رائز من روائز الشخصية في علم النفس! وقد كانت نهاد تجرب ذلك عملياً في أثناء تدريسها... فكانت تلقي على مسامع طالباتها قصيدةً حديثة يغلبُ عليها الطابعُ الرمزي، وتتعدد فيها المعاني والمقاصدُ.. وتحفل بالصور والرموز.. ثم تطلب من كل طالبة أنْ تسجّـل على ورقة خاصة ماذا فهمت من القصيدة..؟ وأية آثار خلفتها في نفسها؟ ثم تستعرض عدداً من الانطباعات لتبرهن على تفاوت واضح في التلقي والفهم والتأثّر!! وهذا يدل على فعالية القصيدة المبدعة وغناها..
بينما قصيدة (الأم مدرسة) للشاعر حافظ إبراهيم تعطي فهماً واحداً لمعانيها واستيعاباً متقارباًً لصورها ودلالاتها عند المدرسين والطلاب على حد سواء!!.
ومن آرائها أيضاً قولها: " إن الإبداعات الشعرية والفنية تتجاور وتتلاقى وتتقاطع.. ولكنْ لا شيء فيها ينفي الشيء الآخر أو يحلّ محله أو يعوّض عنه! وطالما ذكرت أمامي أنّ الأثر الفني يـُقوَّم بمقدار ما يخلق من متاعب للقارئ بعد قراءته!
وأتساءل: هل آثار نهاد الفنية تخلق المتاعب للقارئ؟ والجواب أتركه لقارئ نهاد..! ولكنني بكلمة واحدة أقول: إن النقد في أغلب الأحيان يأتي أدنى من النص الذي يتناوله إلا نقدها فإنّه يتجاوز النص ويرفعه إلى درجة لم تخطر في بال صاحبه!
 
أسلوبها:
إن أسلوب نهاد لا يتطابق ولا يلتقي مع مدارس النثر المعروفة في عصرنا! ولعلها تأثرت في بداياتها بأسلوب الإنجيل المقدس وأسلوب جبران.. ثم امتلكت أسلوبها الخاص الذي ليس له قريب أو مثيل!
خاطبتها مرة: " أسلوبك مدرسة مخبأة في عرائش الياسمين، تحتاج إلى أقلام نقّاد منصفين لتحتلّ واجهة مرموقة في المدارس الأدبية.
في بستانك أشجار مثمرة، دائمة الخضرة والعطاء، وعلى الرغم من أنه لا غراس جديدة ولا فسائل منتظرة إلا أنّ الطعم أبداً متميّز بزخم مشبوب"
وخاطبتها مرة أخرى: " جدل الفكرة تجلّى في شعر أبي تمّام وجدل اللفظ تجلى في أدب جبران إلا أنّهما معاً استراحا متألقين في أناملك"
إنّ قلم نهاد ليس قلم العقل البارد بل قلم العواطف والأحاسيس. وليس قلم الإقناع بل قلم التأثير. وهي لا تكتب الجملة السهلة التي يتلقفها القارئ العادي ويستريح بل تضطره إلى مراجعتها عدة مرات، لا ليفهم مقاصدها، بل ليقف ملياً عند آفاق خيالها وغزارة ألفاظها ومترادفاتها!.
 
خاتمة:
وبعدُ.. أتراني أنصفتُ نهاد فيما قدمت؟ وأقول صادقاً.
إنه ما زال أمامي وأمام غيري جهد كبير لنلبس نهاد ثوب الإنصاف ونضع على صدرها بطاقة: (رئيسة تشريفات في بلاط الأدب الراقي)!!
حمص – كامل دعدوش"
 
نهاد في مرايا أدباء آخرين أيضاً:
 
يعدّها الأدباء المفكرون، ممن يتابعون ثمار قلمها وقلبها، إحدى طلائع أديبات الوطن، ومن ذلك ما قاله الشاعر المهجري(جورج صيدح) في مجلة الأديب
" صفقت وهللت لمشروع الفرع الدمشقي لرابطة أصدقاء المغتربين تشبيهاً بحمص، المجال واسع، والأقلام متوافرة، رغم أنها لا تبلغ قلم(نهاد شبوع) الفريد، هذه الأديبة لا تكتب كلمات بل صوراً وألواناً كأنّها ابتكرت أبجدية جديدة خاصة بها.. ما أعظمها"
(مجلة الأديب س 34 آذار 1975 صفحة 47).
كما يخاطبها الأديب الصحفي(عبد اللطيف اليونس):
ثقي مرة أخرى أني لا أجاملك: إن كتاباتك ثروة أدبية من الحرام أن تضيع وهي في هذا المستوى الفكري الرائع المبدع."
(من رسالة مخطوطة أرسلها الدكتور عبد اللطيف اليونس
                                                      إلى نهاد شبوع بتاريخ4/3/2000)
وفيها يقول الأديب المصري وديع فلسطين:
" وترفع " نهاد شبّوع" في مجلّتها وفي رابطة أصدقاء المغتربين شعاراً موحياً هو "وطن مقيم مشوق، ووطن مغترب عائد أكثر شوقاً" وهي تخاطب قراءها بعبارة بليغة فتقول: " هل تستأهل رابطة أصدقاء المغتربين في حمص – بما نسجت وبما أنجزت – خلال الثلاثين أو ما قبل الثلاثين من الأعوام أن تظل حضوراً مشعاً ينفذ إلى ذاكرة أجيال المستقبل وإيمانهم؟ وهل من الهدى والحكمة أن نظل وإياهم على هذا الجسر عابرين"؟
أفلا تستحق نهاد شبّوع راعية هذا النشاط الأممي الموصول تشجيعاً من ذوي الشأن حتى تتمكن من مواصلة أداء رسالتها دون توقف أو تعثر؟ إن ثلاثين عاماً من البذل والعطاء والتضحيات ينبغي أن تحظى ولو بمباركة من المجتمع".
(مجلة الهلال المصرية شهر آب 2004)
وطريف المرايا ما جاء في رسالة من الشاعر المهجري زكي قنصل إليها:
" أرسلت نسخة من ديواني: (عطش وجوع) إلى الأخ (وديع فلسطين) في مصر وهو من أصدقائي الأثيرين، وقد كتب لي منذ أشهر – ولم يكن طبعاً قد اطّلع على مقدمتك الرائعة للديوان – يبدي إعجابه بقلمك، فما تراه يقول بعد أن يقرأ هذه القطعة الخالدة من البيان الساحر؟ جورج صيدح قال لي: إنها في مستوى مادة الديوان، وأنا أزيد أنها أنافت عليها كثيراً، ولولا واجب المجاملة لقالها هو كذلك، ولا ريب أنه قالها بينه وبين نفسه.."
زكي قنصل من رسالة مؤرخة إلى نهاد
                                                                                    في 15/7/1977
في مرآة الكاتب الباحث الأديب صاحب (تاريخ حمص الجزء الثاني) (الأستاذ منير عيسى الخوري أسعد) يقول فيها في إحدى رسائله للشاعر المرحوم عبد العليم صافي:
"حرسها الله، وأدامها ركناً للأدب، ولؤلؤة في تاج المغتربين جميعاً، إنها تقوم، بتصميم وشجاعة بأعباء جسام، غنها تحمل في يديها الناعمتين أكثر من كرة.. وفي عقلها أكثر من هدف.. وفي فؤادها أكثر من أمل.. وفي قلمها أكثر من رسالة..
 فرحة التكريم    مفيد نبزو:
"من يعمل بصمت ديدنه العطاء الصرف ،لا يمكن أن يفكر بثواب،
بل يعمل من أجل سعادة باطنية
قد لا يشعر بها إلا القلة من هؤلاء المصطفين لتأدية رسالة سامية،
ومن هؤلاء الأديبة الشاعرة نهاد شبوع التي وهبت عمرها هدية
للذين اغتربوا عن أرض الوطن
بأجسادهم فقط،وظلت جذورهم راسخة في أعماق هذه الأرض الطيبة المباركة.
نهاد شبوع حملت هذه الرسالة
رسالة السنونوالذي يفرح بلقاء المقيم بالمغترب والمغترب بالمقيم.
وكان بيت المغترب ثمرة من ثمار شجرتها المباركة، وكذلك مجلة السنونوالتي طارت بجناحين من نور
ومحبة ووفاء لمن يتلهفون بشوق وحنين للنور والمحبة والوفاء في وطن الخير والقمح والضوء والذكريات. 
نهاد شبوع مبروك لك مهرجان العطر والتكريم في مهرجان اليان الثقافي ، وهل لأمثالك لا ترفع القبعات؟! ،وأي تكريم يختزل مساحات الفعل الذي اقترن بالقول،
وكان مالم يكن، فسجل أيها التاريخ في مذكراتك اليوم أهدينا وردة لمن تستحق كل الورود، اليوم عرس السنونو، فيا طيور السماء رنمي
ترنيمة الفرح ،ورتلي ترتيلة البقاء من فوق ينبوع الأزلية."
 
نهاية أود أن أقول مرحى لمدينة حمص ولمطرانيتها ، وللجنة مار اليان الثقافية، لأنها عرفت قيمة ابنتها، وكرمتها وهي في وسطها، فـ "نهاد شبوع " هي وسام على صدر حمص، وهي من أمهر البنائين فيها، تبني كل ما هو جميل في روح من حولها.... ولن أنسى ما حييت تلك الابتسامة الرقيقة، والحنو الكبير اللذين لاقتني بهما في أول يوم دخلت فيه متعثرة بخطاي إلى "بيت المغترب"، بكل حبها وتفهمها حطمت بسرعة كل حواجز الخوف والارتباك لدي ...
 
وسيبقى الفرح والفخر يتناميان في صدري كلما فالت لي:" إنك ابنتي بالروح  تستطيعين أن تفهمي ما أود قوله مباشرة ".وأظن أن كل من أتى إلى " السنونو" يعيش نفس مشاعري لأن عطاءها ليس محدوداً، وقلبها وبيتها مفتوح للجميع.
ريما فتوح
 
 
 
 
WEBMASTER : AA-ALSAAD
This Web Site Programmed and Written By ABD ALMASSIH JAMIL ALSAAD ..... Copyright 2003 (C) SCOPNET  All Rights Reserved