الأحد، 1 نوفمبر 2015

مجلة السنونو ( العدد الثاني ) - قصة قصيرة - طقوس الغربة ( فواز السبسبي )

مجلة السنونو ( العدد الثاني ) - قصة قصيرة
طقوس الغربة  ( فواز السبسبي )
 

 قصـة

منذ أن وطأت قدمي هذه المدينة، شعرت بالاختناق والضيق، كانت الشمس تميل نحو الغرب مودعة عندما حملت حقيبتي مغادراً المطار إلى الطريق، الهواء يحمل رائحة كريهة، ثمة سيارات متوقفة لنقل المسافرين، ركبت سيارة صغيرة، انحشر بداخلها الركاب، انطلقت تنهب الطريق الإسفلتي كعفريت باتجاه المدينة التي تبعد عن المطار قرابة ثلث الساعة، أخذت البيوت ذات الطراز المعماري البديع تبدو متطاولة نحو السماء متحدية الجبال المحيطة بالمدينة كأسوار سجن قديم.
          السيارة مسرعة تشق طريقها المزدحم بالسيارات نحو المدينة، لم يخرجني من شرودي العدمي سوى صيحات السائق.. هيَّا تفضلوا وصلنا.. مددت يدي إلى جيبي، ناولته أجرته ومضيت..
 

 رسالـة 1

          استلمت اليوم رسالة من أبي، أنني أمقت الرسائل، ربما لأنها تهيج في النفس الأشواق، وتجعلني ارقد كالملهوف لمناجاة البعيد والعزيز على القلب، أتلمس الحروف لمواساة قلب أمي الحزين لفراقي الذي طال.
          هل أفلح أن أسطر حروفاً تخفف من مواجع صبرها الذي نفذ، وتكفكف الدموع التي لا تنقطع مع كل رسالة أبعثها..
 

حلـم

          غرفتي الصغيرة التي أقيم فيها تتسع وتتسع! مزهرية أنيقة من الكريستال تحتوي على باقة من الزهور الملونة، تربعت على الطاولة بشكل جميل.. ثمة كتب وصحف مبعثرة هنا وهناك.
         
لوحة غامضة معلقة على الحائط كنت أتاملها وأنا مسترخ فتحملني إلى عالم جميل.
          صوت من آلة التسجيل يبث موسيقى هادئة تبعث في النفس الارتياح والهدوء.. ألاَّ أن صوت جارتنا الفاجرة ذات الرائحة الكريهة، الذي كان يلعلع في الخارج، جعلني ارتد مذعوراً، في غرفتي الصغيرة التي أسكنها والتي تضيق وتتلاشى فيها الأشياء.
 

 رسالـة 2

          وصلتني رسالة من صديق قديم، مهووس بالحرف والكتابة حتى النخاع، وقعت رسالته على نفسي كالبلسم في غربتي الموحشة، هذه الرسالة المسربلة بالحزن والتشاؤم لم تخفِ مدى معاناتــه:
 " سنوات أمضيتها بين الورق والقلم والكتب لم تعوضني عن لحظة يأس واحدة أعيشها.
          مازال الزبد هو الذي يطفو ويسود حياتنا.. ويتصدر المتنطحون المنتديات والمنابر وأعمدة الصحف..".
          وحتى لا تثير هذه الرسالة في النفس المثقلة بالأحزان وجعاً، أردت أن أكون أكثر تفاؤلاً، لأن الزبد يذهب جُفاءً.

 
 
WEBMASTER : AA-ALSAAD
This Web Site Programmed and Written By ABD ALMASSIH JAMIL ALSAAD ..... Copyright 2003 (C) SCOPNET  All Rights Reserved 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق