مجلة السنونو (
العدد الحادي عشر ) -
خاطرة
|
|
أمي
سنديانتي ( بقلم : ماري خاشوق
)
|
|
أمي
سنديانتي
بقلم:
ماري خاشوق
* السنديان.. شجر كبير.. أغصانه
متفرعة هنا وهناك... وجذوره متغلغلة منتشرة في جوف الأرض... متمسكة بكل قوة
بالتراب...
* السنديان... عظيم من عظمة الله...
مقدس مبارك صامد لا يعرف الخوف ويهزأ بكل العواصف العاتية والرياح الهوجاء.. ما
دامت قممه الشامخة تلامس صدر السماء وتسمع وشوشة الملائكة...
* السنديان.. جبار حنون.. عنيد رحوم..
ولصفاته الكثيرة هذه صار السنديان رمزاً للأب في الأسرة...
* * * * *
وأنا؟!... " أمي هي سنديانتي..."
- عرفتها شابةً صغيرة... حكم عليها
الزمن أن تكون لي أماً وأباً.
أماً حنونة تغمرني ببحر حبها وحنانها
وتخاف عليّ من النسيم العليل وتنفّذ لي كلّ طلباتي حتى قبل أن أطلبها. وفي نفس
الوقت يتراءى لي وجهها الآخر – وجه الأب الشرقي – يملي علي لائحة الممنوعات ويرسم
لي كل خطوةٍ سأخطوها ويحيطني بسياج من الرعاية والعناية. ولسان حالها دائماً يقول
لي:
" لا تتركي ألسنة الناس تلتهمني...
ولا تجعليني لقمةً سائغة في أفواههم"
- عيناها المتقلبتان حكتا لي أشياء
وأشياء.. عن رحلة عمرها.. عذابها.. كل ما فيها تكلم.. أما فمها فلا... كذلك كنت
أشعر بدموعها تتسرب من مسام جلدها بصمت وهدوء أما عيناها فلا..
* * * * *
* أمي هذه... بستانية ماهرة... زرعت
في نفسي الأخلاق الحميدة الفاضلة.. أرضعتني حب العلم مع حليبها ولبنها.. ورحنا
نتقاسم الدرب معاً خطوةً خطوة...
-
تسهر معي وتدرس.. تنجح وترسب... نصعد معاً
إلى قمم الجبال العالية ثم نهوي إلى الثمالة... ثم يومض الأمل طفلاً ويشع نور
النجاح... وفجأة تنتصب سنديانتي شامخةً إلى جانبي لنتابع رحلة الحياة من جديد...
-
كانت تحوّل قوتي ضعفاً... وفشلي نجاحاً..
تنتشلني من أمواج الحياة العاتية... وتكون لي رباناً ماهراً لنصل معاً على مرفأ
الأمان والنجاة...
-
مرت الأيام وكبرنا معاً... ومن صمودها تعلمت
التحدي.. وأنّ خير ما نغسل به فشلنا ونداوي به جراحنا ونخرس شوقنا إلى ما كنا نحب
أن نكون ويكون: " هو العلم".
-
من حنانه تعلمت العطاء دون مقابل وان خير ما
نعطيه من حياتنا وأيامنا دون خوف من نكران الجميل: " هو العلم".
-
لذلك أنا ماضية في رحلة العلم هذا وبسرعة –
وإن كانت سنواتها طويلة وكثيرة – سأمضي وأنا أعاهدك:
* أن أكون النور والضوء الذي سيبدد
الظلمة ويزيل العتمة من زوايا حياتك وأجعلها مضاءة مشرقة.
* أن أكون سنديانة صغيرة صمودها من
حبك... وعزتها من كبريائك.. وشموخها من تواضعك...
رحلتنا لا زالت مستمرة... وزورقنا
تتلاطمه الأمواج... لكن من كان الله معه وفي قلبه لن يعرف الخوف ولا اليأس....
* * * * *
سنوات على طولها ستمر... كوني واثقة
مطمئنة.. سنصل ونلتقي في الميناء.. عندها سألوّح لك بقلبي قبل يدي صارخة فرحة باكية
سعيدة:
" أماه! لقد تحقق حلمنا.. ونجحت
وأصبحت.. كما تريدين ورفعت اسمك عالياً..
وأضم السنديانة بكل قوة وحنان.. وماذا
يهمني من الدنيا كلها؟ ما دامت السنديانة (أمي) معي وأنا بين أحضانها.
|
|
WEBMASTER : AA-ALSAAD
|
This Web Site Programmed and
Written By ABD ALMASSIH JAMIL ALSAAD
..... Copyright 2003 (C) SCOPNET All
Rights Reserved
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق