السبت، 28 نوفمبر 2015

مجلة السنونو ( العدد التاسع ) - قصص قصيرة صيرورة ( د. رانية كاسوحة )

مجلة السنونو ( العدد التاسع ) - قصص قصيرة
صيرورة ( د. رانية كاسوحة )

صيرورة
د. رانية كاسوحة
 
وقفت أمام المرآة ترتب ثيابها ...سرحت شعرها الذهبي ...ثم انطلقت نحو الكنيسة القديمة التي تتوسط بلدتهاالجبلية الصغيرة ..
كانت وهي التي لم تتجاوز السابعة عشرة من عمرها ..تشعر أن العالم ملك لها ...أوأنها ملكة للعالم
ستقف اليوم أمام الهيكل ..لتشارك في القداس ..ولترتل بصوتعا الموسيقا البيزنطية الدافئة ...
"قدوس الله   قدوسٌ القوي قدوسٌٌ الذي لا يموت ارحمنا .."
لم تكن تعرف الموت .. بل كانت الحياة تغمرها بالفرح ..والحب
دخل القرويون إلى الكنيسة ..لم يكن عددهم كبيراً ..أربعة رجال ..وستة نسوة وبعضٌ من الأولاد..
 
وقف كل منهم في مكانه .. ليشكلوا
 مع حجارة الكنيسة نسيجاً واحداً..وكأنهم لم يتغيروا منذ ألف عام.. الوجوه نفسها الهموم عينها الأحلام ذاتها ..
حتى الكاهن الذي غطت وجهه لحبةً بيضاء طويلة .. كان يشعر أنه يعود بالزمان إلى الوراء .. إلى ذلك الزمان القديم الذي أحبا فيه الكهنة الأوائل القداس الإلهي ..لأنه وفي هذه القرى الصغيرة المتناثرة على رؤوس الجبال..لا زمات يمر ..
إنهم ينتظرون الطبيعة .. وإيقاعات الأرض والسماء .. ليدركوا أن هناك متغيراً
 ما في حياتهم .. وحدهما الولادة ..والموت .. كانا يشعرانهم أحداثاً كبرى ..بامكانها أن تقطع انسياب زمانهم العبثي ..
من بين المصلين .. دخل رجل كبير في السن ..جلس على مقعد عالٍ محاذٍ للجدار ..رمق الحاضرين بنظرة حزينة حادة .. ثم سرح بفكره بعيداً .. إلى زمن الشباب .. حيث كان يشعر أنه ملك حقيقي .. لكن الآن وبعد مرور الوقت وظهور علامات الشيخوخة عليه.. أدرك أنه ملك وهمي .. وأن عليه أن يسلم ملكه لابنه من بعده.. لكن ابنه آثر أن يترك قريته الصغيرة الغالية .. لينطلق نحو حلمه .. إلى بلد غريب بعيد .. تاركاً وراءه أبوه وأمه وحيدين .. منسيين ..
تنهد بأسىً ..ثم أحس بحركة حوله ..وإذا بالحضور يقفون ثم يصطفون في رتلٍ صغيرٍ ..ليتناولوا القربان المقدس ..وقف بدوره خلف الفتاة الجميلة .. جسد ودم ربنا وسيدنا يسوع المسيح ..تناولت ..ثم خرجت فرحة منطلقة نحو الحياة .. بخطىً متسارعة.. 
جسد ودم ربنا وسيدنا يسوع المسيح ..تناول ..ثم خرج لمصيره .. بخطىً متباطئة.. 

 
 
 
WEBMASTER : AA-ALSAAD
This Web Site Programmed and Written By ABD ALMASSIH JAMIL ALSAAD ..... Copyright 2003 (C) SCOPNET  All Rights Reserved 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق