* قطار الحياة راح ينهب المسافات ويطوي المحطات بسرعةٍ فائقة..
وقديماً قيل: " الذكي من يكون أحد الركاب داخله.. لا من يركض
خلفه..
لأن القطار لا يعرف التوقف.. ولا يعترف بالحزن والفشل
والمرارة..
* ركابه كثيرون ومتنوعون منهم الشباب الذين لم يشبعوا من
الحياة.. والشيوخ الذي زادتهم الأيام حكمة وتجربة.. والأطفال الذين ملؤوا قاطراته
فرحاً وسعادة..
* قطار حنون ظالم حين يصدر حكمه بنزول أحد الركاب لا يقبل وساطة
ولا تضرعاً ولا فدية.. تاركاً إياه تحت رحمة عجلاته الحنونة..
1-
أول النازلين:
راكبتان شقيقتان صديقتان رفيقتان.. لكن المرض تغلغل وبسرعة إلى
الشقيقة الأولى:
فكتوريا شبوع وحكم عليها بالنزول
بتاريخ 10/2/2009
وراحت
الشقيقة الثانية بيرتا شبوع
تعاني من ألم الفراق وألم المرض وعز عليها فراق أختها.. وراحت ترنو إلى أختها
(نهاد) بعين العاجز المحب، أرادت أن تشرح لها حبها بالبقاء إلى جانبها ومشاندتها
لكن الحكم كان أسرع وصدر
بتاريخ
26/4/2009
نزلت بعد أن خلّفت جرحاً كبيراً في قلب شقيقتها (نهاد) لأنها كانت الأخت والصديقة
ورفيقة الدرب ومنارة الطريق بعد أن غادرتها (فكتوريا) الأخت الأم والصدر الحنون.
- تعازينا الحارة للصديقة (نهاد)ونحن واثقون أن من كانت السبب
الأساسي لحياة (السنونو) لن تترك الحزن يطفئ أنوار الأمل والتفاؤل ومن زينت حياتها
بالعطاء الخالص والتضحية لن تسمح لليأس بالتغلغل وإخماد جذوة الفرح والعطاء.. وندعو
لها بالعمر المديد المعطاء.
ونورد في هذا المجال ثلاث كلمات من القلب..
- الأولى لصديق الرابطة ولبيت المغترب الأديب الأستاذ (عبد
الخالق حموي)
"الصديقة الراحلة بيرته
كنت أراها قادمة إلى بيت
المغترب، تمشي ببطء، جزدانها الأسود يتدلى من كتفها الأيسر، ودوماً على الرصيف
الأيسر المؤدي إلى بيت الدفء الثاني بعد الأول الذي يحتضن فيكتوريا ونهاد وبيرته.
ولأني أحب هذه الإنسانة
"صديقة للجميع"، فإني ودون أن تدري، أعاود طريقي إلى بيت المغترب، لأسمع قرار صوتها
المحبب إن تكلمت:
كيفك.. شلون العيال، كيف
الصحة؟
وتقوم بعدها بطبخ القهوة،
تقدم لي فنجاناً بلا سكر، بعدها تخرج من جزدانها الذي بقربها علبة سجائر "فايسروي"،
تقدم لي واحدة، تشعلها لي، وتأخذ أخرى، تشعلها، وتُدْخِل إلى دماغها دخان الاحتراق،
فيستريح، وأرى المتعة على محيّاها الطيّب.
"بيرته" الراحلة كانت
صديقة الصمت أيضاً، وهذا فنّ محادثة لدى الأنقياء، تنظر للبعض، تسمع للبعض الآخر.
وجميلة تلك الجملة التي كانت ترد بها على أحد الأسئلة من قبل البعض:
أنا لا ادري، لا يهمني
هذا الأمر!..
زارها المرض، دعاها
لزيارة الأطباء، أو زيارتهم لها...
لم أعد أراها في بيت
المغترب "ربما زياراتي القليلة هي السبب"
عادت العافية بجسدها
وفكرها، وعادت لتبعث دفئاً إضافياً لبيت الدفء.
سُعدت بإطلالتها، كانت
تبتسم للحاضرين، وسؤالها المحبب:
كيفك.. كيف العيلة، كيف
الصحة؟
وقدمت لي فنجان قهوة،
ولكن هذه المرة بلا سيجارة، فقد دعاها المنطق إلى وداع هذه الصديقة التي كانت تُسعد
بالتلاشي بين شفتيها الرقيقتين المكسوتين بأحمر شفاه خجول.
المرة الأخيرة التي
رأيتها كانت في عزاء الشقيقة "فكتوريا"، وكانت تجلس إلى جانب العزيزة نهاد..
وسؤالها بعد المصافحة: كيفك.. الله يسلمك..
بعدها تكلمت مع العزيزة
نهاد على الهاتف: كيف بيرته؟
قالت: الله الموفق..
وحالها يدعو بعض الشيء للقلق.
ورحلت "بيرته" إلى حيث
الرقاد الأبدي، وربما صحبة التراب أرحم من المعاناة مع البعض.
قالت لي نهاد في لحظات
العزاء:
رحلت صديقتكم "بيرته"..
نعم يا عزيزة نهاد، كانت
صديقة الجميع، وكنتِ الأخت والصديقة والحبيبة لها..
الرحمة للغالية "بيرته"،
والأرض أم رحوم، وعادت وعادت إلى رحمها للهناء الأبدي.
والبيت الدافئ أيضاً في
أنحائه بعض البرودة، تعالي لتبعثي دفأك من جديد عزيزة نهاد.
الحياة ستستمر رغم
الأحزان الزائرة بين الحين والآخر، وهي تدعوك للقاء الأحبة في بيتك الأول، وأيضاً
في بيتك الثاني."
- والثانية والثالثة للشاب الطفل الصغير الكبير (غسان شبوع)
الذي بكاها مع إخوته كثيراً كثيراً.
* "إلى عمتي فكتوريا:
- يقولون لي خفف عنك
أحزانك فقد عاشت سنين لا بأس بها..
وهم لا يعلمون أن تعلقنا
بأحبابنا ومحبتنا لهم يزيدان بازدياد سنوات العمر التي نقضيها معهم..
- هم ما علموا كم رعتني
يداك الطاهرتان، ورعت بصمت جميع أفراد العائلة بدون تردد ولا كلل.. ولا منٍّ كأمٍ
للجميع.. كبيرة..!!
اليوم أقف من بعيد لأقول
لك: وداعاً يا عمتي الحبيبة..
وداعاً لباقات الياسمين
التي كنت تحملينها لنا في صباحاتنا الصيفية الهانئة.. من بيتنا العتيق..!!
وداعاً لرائحة البابونج
والمليسة المنبعثة من مطبخك في صباحات الشتاء..!!
وداعاً لدفء عينيك..
ونقاء صحبتك..!
لقد رسمتِ لي إشارة
الصليب وأحطتِني بدعائك في آخر مرة رأيتك فيها قبل سفري..
وأنا اليوم بدوري، ومن
بعيد أيضاً، أرسم لك إشارة الصليب ليحفظ روحك ببركته..
ولتتغمدك رحمة الله
وليجعل مثواك الأخير في فردوسه.."
* "وإلى عمتي بيرتا، وبعد
قليل.. قليل.. دمعة أخرى ما كانت بالحسبان..
أعلم أنك اشتقتِ لها و لم
تحتملي رحيلها, أعلم أنك لا تريدين أن تتركيها وحدها.
ولكن.. لماذا رحلت أنت
أيضاً ونار القلب لم تنطفئ بعد, و دموع العين لم تجف؟؟.
كيف نودعك اليوم يا عمتي
الحبيبة , كيف و نحن لا زلنا نشعر بوجودك بيننا ونشم رائحة قهوتك.
كيف نودعك و نحن لا نزال
نسمع صوتك وضحكاتك و نشعر بخفة ظلك بيننا؟؟.
كيف نودعك و نودع الحنان
و الرعاية اللذين أحطت بهما كافة أفراد العائلة كأمٍ لهم جميعاً.
كيف نودعك و أطفال
العائلة لا يزالون يرددون اسمك, يسألون أين ذهبت و يبحثون
عنك في كل زاوية
في المنزل ...
و أنا أيضا؟؟ أتساءل
اليوم أين دعاؤك و صلاتك لي قبل سفري هذه المرة...؟ أين شموعك و بخورك أمام أيقونة
العذراء...
الآن أنا آخذ دورك؟ لأصلي
لك ليرحمك الله بواسع رحمته، و يسكنك فسيح جناته.."
2- هند نعمة تقلا: 28/6/2009 :
امرأة فاضلة، ربة بيت معطاءة ملأت حياتها محبة.. وتركت أولاداً
وحفدة بررة، بهم زهو الوطن والأهل، طاب ذكراك وثراك.. أيتها الأم الكبيرة.
3- عايدة أمين عودة سمين 20/1/2009:
الأم الطيبة وسيدة المحبة والإيمان والمبادئ القيمة، صديقة كل
المؤسسات الخيرية في حمص، المتحمّسة الداعمة لمساراتها وأهدافها معنوياً ومادياً،
نخص بالذكر (جمعية عضد الفقراء) التي لم تكن فيها جندياً مجهولاً – وإن كانت فيها
الجندي الصامت.. ناهيك عن عضويتها الشرفية في "رابطة أصدقاء المغتربين" التي طالما
آمنت بمراميها.. وطالما مدت لها يد العون وأغدقت عليها حوافز التشجيع وسديد الآراء.
نضب زيت مصباحها الوضاء فانطفأ.. من غير أن يلملم أشعته التي
بقيت لنا.. ولدروب مفارقيها من البنين والحفدة والأهل والأصدقاء ذكرى طيبة محببة
وصلاة حارة.. ووهج عاطفة صادقة ستظل تشعرنا بمرارة مَن فارقنا وفداحة خسارتهم..!!
4- أنطوانيت حموي20/7/2009:
زرعت طيباً.. وحصدت تذكراً وأسفاً.. ودموعاً.. عليها الرحمة
ولشقيقها الأديب عبد الخالق ولآلها صديق الرابطة الصبر والسلوان.
5-
القاضي سليمان سركيس15/آب/2009:
قامة ثقافية سامقة ورمز آدمية حكيمة، لم يمالئ ظلماً، ولم يهادن
سوءاً وزيفاً.. صديق حميم لـ"رابطة أصدقاء المغتربين" وقارئ مبدع لسنونوها..
فلطالما حصّنه بالتوجيه البنّاء المثمر.. زارعاً بين جناحيه ريشات من الخوافي
والقوادم.. توصله إلى أعالي سماوات الحق والمعرفة والصدق..
فقدانك أيها القاضي خسارة للعدالة والاستقامة والحق..
وطعنة نجلاء في قلب العلم والثقافة والكمال.. ولنموذج أخلاقي
في مجتمعنا الحمصي يكاد ينقرض – واأسفاه – لولا قلة لا تزال به تؤمن وتتمسك..!
6- فيوليت كباش17/1/2009:
الرابطية العتيقة المؤسسة الحاضنة بحق وإيمان، وبكل ذرة من
كيانها ومشاعرها "رابطة أصدقاء المغتربين".
فلقد أرضعتها المحبة، وأطعمتها الإخلاص والوفاء، ولطالما أشرعت
أبواب قلبها وبيتها لشؤونها وشجونها ومشاوراتها ونشاطاتها، مع أخيها المرحوم سيمون
كباش، الساعد الأيمن والعامل الأصدق في صفوف الرابطة، كانت المثل الأعلى في الآدمية
واللباقة واللطف وحسن الضيافة، انتزعت من قلوب محبين كثر مخلفة الذكرى الدامعة
والأمنية المنكسرة في أن يكون لها ولأمثالها أعمار كثيرة يعيشونها وينعشون بها، لا
عمر واحد مبتور مهدّم.
مع السلامة – يا غالية – التي تترائين أبداً على صفحات قلوبنا،
وتمثلين أمام نواظرنا – نحن الرابطيين المفجوعين بك وبأخواتن مثلك: اللائبين على
براءة صادقة كبراءتك.. ونقاء طاهر كنقائك.. وحماسة حيية كحماستك.. ثقي أننا لك
ولرفاقك في الرحلة المرة، أفسحنا في القلب مراقد ومطارح.. وفي البال صور وذكريات لا
تنال منها يد نسيان.. أو تعوضها مرور أيام..!!
إلى صوت ابنك – ابن أخيك – ولا فرق - حبيبك المفجوع بفراقك،
نضم صوتنا وبدموعه عليك نمزج دمعتنا، ومعه نتذكر ونتذاكر.. ونشتاق كثيراً.. ونعطش
إليك..
يا أكثر من أم وأخت للمغترب والمقيم.. غمرتك الرحمة والنعمة..
وأمرعَ قبرُك، الأرضي والسماوي، بألف بنفسجة متواضعة مثلك،.. تؤنسك وتحييك، وتعطر
ذكرك.. معوّضة عن عيّ كلماتنا الغاصة في حناجرنا المجرحة بأشواك البعد والفراق!!
بطهــارةٍ وسمــاحةٍ وبــراءةٍ
غفـتِ
العيـونُ بلا لقـاءٍ ثانــي
يـا ليتَ صمتَ الحزن ينطقُ صارخاً
ويقـولُ
للأكـوان ِ كيـف أعانـي؟
يـا عمّـتي: الله يـرحـمُ روحَـكِ
وعزاؤُنـا
في رحمـةِ الـرحمـن ِ
وفي أربعينها:
يا روحَ إدمونَ الحبيبِ
تهللي
سيمونُ إستقبلْ رفيقة َ دربِكَ
فلتهنئي يا عمّتي بنعيمِكِ
ولتلتق ِ الأخوين ِ بعد تشوُّقٍ
ولتخبريهم أننا بطريقهم
إنَّ الدّموعَ بعيننا لن تنتهي
|
|
إنَّ السماءَ تُضاءُ
بالأنوارِ
بعد النّوى وقساوةِ الأقدارِ
بعد انتظارٍ حارقٍ قهَّارِ
ولتنعموا في جنَّةِ الأبرارِ
لا لن نحيدَ بقوَّةِ الجبَّارِ
مادامَ في الشريان ِ نبضٌ جاري
|
7- هند عبد الكريم خوري 4/6/2009:
عضو في الرابطة ومشاركة فعالة في كل مناشطها ولقاءاتها انطلاقاً
من إيمانها بأهدافها، أحبت الحياة والفرح والعمل.. صارعت المرض طويلاً وودعت الحياة
مرغمةً منكسرة في معركتها الصعبة مع المرض والآلام.
8-
ألفريد خزام 10/6/2009:
رب عائلة تقي، فلح عميقاً وحصد ذكراً طيباً.. وأسرة بارة..
أسكنه الرب فسيح جناته وأسبغ عليه الرحمة..
9- كامل عماري 16/2/2009:
شقيق الأستاذ سليم عماري صديق الرابطة الذي أحس بفقدانه أن
شطراً من قلبه قد غاب تشاركه الرابطة أحزانه ودموعه على الفقيد العزيز متوجهة إليه
وإلى الأسرة والأحباب المفجوعين به، بأحر قطرات العزاء وأدعية الصبر والسلوان..
10- وداد مشرقي خلف31/7/2009:
غادرت الدنيا سريعاً بعد معاناة مع المرض تاركة الدموع في عيون
زوجها الصديق الزميل نعيم خلف وولديها سامر وباسم.. إليهم تتوجه الرابطة بالعزاء..
11- سمير خزام14/شباط/2009:
صديق الرابطة الحميم الذي كان يسبغ على لقاءاتها الحياة
والفرح.. أسفنا عليك كبير يا أبا سمهر.. حضنتك الملائكة، وأُفسِحَتْ أمامك جنات
الخلود والعزاء كل العزاء لأسرتك الطيبة.
12-
ضيا نورية21/حزيران/2009:
وقف القلب عن الخفقان ولم يعد يجدي كل علاج له، وأغمض أبو خالدٍ
العينين مسلماً روحه إلى بارئها، تاركاً أسرة مفجوعة به، بعد أن جاهد الجهاد الأكبر
في تنشئتها ورعايتها.. وتزيدها بقويم التربية وعاطر الأخلاق.
"رابطة أصدقاء المغتربين في حمص" تشارك أسرته ألمها على الفقيد
راجية له الرحمة ولآله، في الوطن وفي المهجر، طول البقاء وطيب العزاء..
13- نبيه نقرور 19/3/2009:
الشاعر – بالفطرة – الموهوب الذي شعت حروفه في ديوان مجموع اسمه
(حصاد السنين وصور من حياة)، ديوان تحدّى به الموت وظل بيننا حياً.. لا بشعره فحسب،
بل بطيب فعاله، وحسن خصاله..
14-المهندس مروان منير طرابلسي12/1/2010:
ربُّ أسرة كريمة منحها حبه وعطفه وحنانه ورعايته التامة.. رحيله
قبل الأوان أدمى قلوب أسرته (وزوجته الدكتورة ظبية مسوح وابنتاه ) وجميع أقاربه
وأصدقائه..
نسأل الله أن يفسح له مكاناً في الجنة وأن يسكب على قلوبنا
المفجوعة به بلسم الصبر و السلوان.
وشباب في عمر الورود لا بل أجمل.. وضعوا خططاً ومشاريعَ
لحياتهم وحين بدؤوا بالتنفيذ كان الموت أسرع فخطفهم وقطف زهرة حياتهم.
1-
كاتيا طرابلسي ساره 18/5/2009:
شاية ممتلئة بالحيوية والنشاط خطفها الموت من قلب أسرتها..
واولادها.. فراقها خلف جرحاً كبيراً لا يندمل في قلب الوالدة (إيلين أخرس) والوالد
(فؤاد طرابلسي) عماد الرابطة الصديقين المخلصين.. لك الرحمة والنعمة والذكرى يا
غالية.. وإلى جنان الخلود وسكنى القديسين..
2- هالة عبد المسيح حشوة 28/5/2009:
زهرة فواحة معطاءة.. أحبها الموت فخطفها سريعاً.. صبراً وعزاءً
لأمها الرابطية ثناء جبيلي ولأطفالها الملتاعين وزوجها (ماهر حشوة) وكل المفجوعين
بها من الأهل والأصدقاء.
3- منجد نقرور 4/4/2009:
قدر قاس ٍ.. قرر مصيره الفاجع.. وظلم أرعن ساق شبابه الغض إلى
حتفه مخلفاً الحسرة في قلب الأم والزوج والولد والأهل..
ملحق ...
.. وجع يتمدد في وجع و يتمادى..!
فهل كان يخطر على بال، وقد أوشكنا أن نطويَ ملفَ الغياب..، أن
يجرف الغياب في لجته العاثبة منْ أسهم بتدبيج ملفه الحزين، فنثر الطيب و الرحمة
والدمع الثخين على الغائبين الأحبةَ ممن أضحوا في عداد الأشواق و الذكريات .. ليصير
هو – وفي رمشة عين – مثلهم في عداد الذكريات ؟!.. من كان يخطر على باله و يصدق أن
الأخ الرفيق الودود الخلوق
(عبد الخالق
الحموي )
لن يراه
الرفاق – بعد اليوم – "في بيت المغترب "يناقش.. و يخطط الدروب ويضيئها لمسيرته و "
لسنونوه " الزاجل .. حاملاً إليه مؤونة الفكر النير والقلب المترع بالحق والحب
والحكمة دافعاً بالمؤونة الطيبة إلى النهمين لالتهام مانسجت حروفُهُ من عميق
المعاني.. وجميل المباني وطريف السرد والقصص . . وبديع الحداثة وعفويّة الرمز؟
أجل (عبد الخالق حموي) نفسه نفسه الذي أنصت إلى وصية" عمر بن
الخطاب" ، فركب قلمه الحق وخاض إليه الغمرات ،(عبد الخالق) نفسه.. نفسه الذي رثى
رفاقه في الرابطة الراحلين ، في هذا الملف الحزين .. (عبد الخالق) نفسه الذي أترع
دواته دمعاً و دماً و غمس قلمه ليسكب على الورق أسفه ونثار قلبه المفتت .. ووجعه
عليهم.. و ذكرياته معهم .. وموداته لهم..وقواسمه المشتركة معهم.. في هذا البيت
الدفيء الأليف، ملاذ قلمه المبدع وأدبه الفريد:" بيت المغترب" حيث غالبْنا معه
الغربة و البعاد بالكلمة الحرة الحنون الصادقة.. في مناخات من التناغم الفكري و بين
وجوه حبيبة وقامات متفاوتة.. ومشارب شتى تتمحور بكليتها حول( الإنسان ) وجمع شتاته
في القارات .. ومناصرة ريادته و أحلامه وآماله.. وتعبيد دروبه إلى الوطن الحضن.!!و
الحؤول دون غربته في هذا الوطن..!!
أسفاه ..
مَنْ يرثيك أنت الآن يا أبا شعلان ؟ مَنْ يبكيك وقد ذبلت عيوننا
و شحت أضواؤنا وانكسرت أقلامنا رفضاً و حزناً على كوكبة أحبابنا أحبابك الذين
ودعونا تترى في مثل تحية العجلان - مثلك تماماً – وفي أقل من عام ..!؟؟
من يرثيك يا(عبد الخالق) و أنت النهر والدفق و المنبع؟ .. من
يرثيك و الأجنحة مهيضة واهنة عاجزة عن بلوغ مناهلك، نستقي منها ونسقي ولا نشبع
..!!؟
من يرثيك غير لسان قلبك الذي خانك في لحظات وسد عليك منافذ
الهواء والحياة و كنت لا تود منه من أحلام صغيرة متواضعة .. أبعد ما تكون عن
المستحيل : إنجاب كلمات محفّزة ، أسفاه أن تجهض في منتصف دروب الولادة ،.. إشعال
نجوم أمنيات جدّ عادية لفلذ أكباد نوابغ يا خسارة أن تتناثر شظايا متحطمة محطمة
تحترقُ وتُحرق.. ثم تنطفئ .. إبعاد فكرة الحظ العاثر التي طالما هزمها نورُ تطلّعك
وتطلع رفيقة عمرك إلى "شعلان" و"شدن" و"نغم" أولادك و إلى كتبك الستةِ التي هي
بمثابة أولادك ،كتبك المطبوعة وغير المطبوعة ولتنتصب- بعدها- منتصراً راضياً عالي
الجبين .. ملكاً على السعادة و على كلِّ مال الدنيا وبهارجها..!!؟
عرفَتْ الدكتورة (لين غرير حجار) الراثي الجدير، فدلتْ إلى قلبك
الذاوي الفتيل ، و استنطقته ..، وهو يُصارع عبثاً نسمة الحياة ، فنطق بإحساسها و
إحساسنا ..وبفضلة ألمها و آلامنا عليك.
لين.. سلام عليك.. عندما اخترت الراثي و أحسنْت
الاختيار.!! وعندما ،بدفع من وجع الغياب وجروحه، غرفْتِ من قلبه الذي أحبنا جميعاً
.. و أحب لنا الأمل و الحياة ..فرحت تكتبين عنك وعنا، وعن كل محبيه- وما أكثرهم –
وكنتِ من الصادقين ..!!
بكل الأسى وطيب الذكر..والرحمة..
رابطة أصدقاء المغتربين الحزينة..
عنها نهاد شبوع
"كلمة الدكتورة لين"
*إلى روحك.. عبد الخالق الحموي (أبو شعلان)
في ثوانٍ فقط انحسر عني ثوب الحياة..
في ثوانٍ قليلة تهاوت روحي بعيداً عن جسدي..
إذاً أنا أموت.
جسدي مُلقى على السرير, والنفس الزافر من صدري لا يعود شهيقاً,
يجاهد الهواء كي يدخل في أعماقي.. لكن قلبي أعلن الصمت الأبدي..
إذاً أنا أموت.
الدنيا التي عاركتها وعاركتني.. تودعني الآن عبر لحظات من
الذكريات.
كانت غريبة دنياي حقاً, دائماً كان شعوري أنني من الحلم أتيت,
كأن حياتي سلسلة من وقوفٍ وسقوط, فرحٌ قصير المدى يتبعه حزنٌ مديد.
فنجان قهوتي التي تعلوها(الغتوة) سيبكيني.. أوراقي.. أقلامي..
وكتبي الخمسة..أراها وقد ارتدت الأسود والأبيض حداداً عليّ.
وذاك اليتيم.. كتابي السادس الذي مازال في رحم المطبعة لم
يولد بعد, أعلم أنه سيرى النور ليحكي كم كنت سعيداً يوم كتبت كلماته, وصففتها
حروفاً متجاورة لتنبع منها السطور.
كتابي الأخير سيخبركم أنني أحببت الحياة أكثر يوم أعلنتُ ثورة
القلم بين أصابعي.. يوم تناولتُ الورق الأبيض وطبعتُ عليه بصماتي.
بصماتي لن يمحوها الموت..
كلماتي ستشهد دائماً أنني مازلت أعيش ..
بين دفتي كتابٍ أحيّا..
إذاً..
حلّقي بسلامٍ يا روحي.. فقد آن لكِ أن ترتاحي.
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق